الصهاينة يؤججون نار الحرب الدينية

الصهاينة يؤججون نار الحرب الدينية


شرعت النخب الصهيونية في تطبيق تكتيك دعائي جديد في محاولاتها استعداء العالم على الإسلام مستغلة هجمات باريس؛ حيث تسعى بكل ما أوتيت من قوة لاستثارة إرث الصراع التاريخي بين العالم الإسلامي وأوروبا من خلال الدعوة لحرب دينية يهودية نصرانية ضد الإسلام.

ومن أجل استثارة الأوروبيين فقد عاد عدد كبير من الكتاب الصهاينة - سيما من ذوي التوجهات اليمينية - لتذكير الأوروبيين بالانتصار الذي حققه النصارى بقيادة كارل مارتل على المسلمين بقيادة عبد الرحمن الأول في المعركة التي وقعت في بلدة" بواتيه"، التي تقع 300 كلم إلى الجنوب من باريس، وذلك في العاشر من أكتوبر  732.

وقد اعتبر الكاتب الصهيوني اليميني أرئيل شنبال أنه كما أوقف انتصار مارتل تقدُّم المسلمين في أوروبا، فإن أوروبا تحتاج إلى مارتل جديد ليوقف تقدُّم الإسلام ويمنع انتصاره على الغرب ومن ثَمَّ السيطرة على العالم.

ودعا شنبال في مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية في عددها الصادر اليوم الإثنين القادةَ الأوروبيين إلى اقتفاء آثار مارتل وتطبيق نظريته في التعامل مع المسلمين؛ حيث رفض السماح لهم بالاندماج في أوروبا ولم يسمح بتدشين أي مسجد علاوة على رفضه منحَهم حرية العبادة وأصر إلى إعادة ما تبقى من المسلمين إلى مناطق وجودهم الطبيعي في إفريقيا وآسيا.

كما دعا شنبال إلى استخدام "المطرقة" نفسها التي استخدمها مارتل في حربه على المسلمين، وهي "المطرقة" التي صفَّت "الخطر الإسلامي"، مدعياً أن انتصار مارتل هو الذي "حمى" أوروبا من الإسلام مدة 1200 عام.

وزعم شنبال أنه لولا انتصار مارتل على المسلمين في عام 732م لكان الطلاب في جامعة "أوكسفورد" يتعلمون حالياً القرآن، مدعياً أن هتلر كان يتمنى لو أن الدين السائد في أوروبا هو الإسلام "لأنه يبعث الحماس على حمل السلاح والقتال".

ودعا شنبال إلى اقتفاء آثار مارتل عبر تدخُّل بري داخل بلاد المسلمين "لاستئصال جذور الحركات الإسلامية، جميعها وبدون استثناء من أجل تأمين أوروبا"، على حد تعبيره.

من ناحية أخرى دعا الكاتب اليمين يئير شيلغ إلى "الاستفادة من عبر التاريخ وضرب الحركات الإسلامية بشكل مبكر وبأسرع وقت ممكن"، مدعياً أنه كلما تأخر ضرب هذه الحركات زادت كلفة الحرب ضدها".

وهاجم شيلغ في مقال نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر أمسِ الأحد الغرب لأنه يسارع لاستغلال الفرصة التي منحتها إياه هجمات باريس ويسدد ضربة قوية للمسلمين في عقر دارهم، معتبراً أن الخطأ الذي وقع فيه قادة الغرب يشبه خطأهم "عندما صبروا وتحملوا حكم النازيين في ألمانيا حتى بكوا دماً على هذا الخطأ".

وحذر شيلغ من خطورة تركيز الجهود الحربية على ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" فقط، مشدداً على ضرورة توجيه الضربات لكل التنظيمات الجهادية، معتبراً أن إسرائيل تقوم بدورها من خلال ضرب الحركات الجهادية العاملة في فلسطين، وعلى رأسها حركة حماس.

وفي السياق، هناك من الكتاب الصهاينة من صب جام غضبه على حرص أوروبا على منح مواطنيها المسلمين حقوق المواطنة كما تمتع بها المواطنون الآخرون، معتبراً أن مثل هذا التعاطي يسمح بتعاظم "الإسلام المتطرف".

وشدد الكاتب أرئيل سيغل على وجوب حرمان المسلمين في أوروبا من حقوق الثقافية والدينية والسياسية على اعتبار تمتعهم بهذه الحقوق يوفر الأرضية لولادة "الخلايا الإرهابية".

ووجه سيغل انتقادات حادة لوزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي لأنها نفت أن تكون هناك صلة بين هجمات باريس والإسلام، معتبراً أن هذا التصريح "لا يعدو كونه استجداء أوروبي للمسلمين".

وأصر سيغل على وجوب أن توجَّه الحرب ضد الإسلام كله كدين وليس ضد الجماعات والحركات الإسلامية فقط، زاعماً أن طابع الدين الإسلامي هو الذي يدفع بالضرورة لهجمات باريس وما شاكلها من عمليات.

وفي مقابل هؤلاء، فأن الصحافية اليهودية موزال موعالم تحذر أوروبا من مغبة الوقوع ضحية التحريض "الأرعن" لليمين الصهيوني، مشيرة إلى أن الاستماع إلى هؤلاء وتطبيق ما يطالبون به يضمن فقط المزيد "من التعاسة لأوروبا وقاطنيها".

وفي مقال نشره الأحد الماضي موقع "إسرائيل بلاس" حذرت موعالم أوروبا من أن قادة اليمين في تل أبيب معنيون بتوريط هذه القارة في صراع طويل مع الإسلام، مشيرة إلى أن النخب الصهيونية تحاول التغطية على دورها في تأجيج الحرب الدينية من خلال الإصرار على احتلال الأراضي الفلسطينية.

وشددت موعالم على أن التحيز الأوروبي الأعمى لصالح الكيان الصهيوني يعلب دوراً مهماً في التأثير سلباً على دفع المسلمين لاستهداف أوروبا، حاثةً القادة الأوروبيين على تغيير سلوكهم.

ولفتت موعالم أنظار القادة الأوروبيين إلى أن القادة الصهاينة يريدون أن تشن أوروبا حرباً بالوكالة نيابة عن الكيان الصهيوني ضد الإسلام والحركات الإسلامية للتغطية على فشلها في مواجهة المقاومة الفلسطينية "المشروعة ضد الاحتلال".

وعلى ما يبدو، فأن هناك ما يدلل على أن أوروبا هي من وقعت ضحية التحريض الصهيوني من خلال قرارها توسيع التعاون مع الاستخبارات الصهيونية في الحرب ضد الحركات الجهادية.

فقد كشفت مصادر رسمية في تل أبيب النقاب عن أن التعاون بين الأجهزة الاستخبارية الصهيونية والاستخبارات الفرنسية بات غير مسبوق، مشيرة إلى أن الاستخبارات الصهيونية تساعد نظيراتها في الدول الأوروبية على التعرف على هوية وتحركات الشبان الأوروبيين الذين يتجندون لصالح الجماعات "الجهادية".

 ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" في عددها الصادر أمسِ الأحد عن المصادر قولها إن جهاز الموساد يحرص على تقديم معلومات حول أشخاص يُحتمل أن يعملوا على تشكيل خلايا "إرهابية" بعد عودتهم لأوروبا.

ونوهت المصادر إلى أن الكيان الصهيوني أبلغ  الأوروبيين أنه سيكون من الصعب مواصلة رصد تحركات عناصر التنظيمات الجهادية الذين يعودون لأوروبا بفعل حرية الحركة وانعدام القيود عند التنقل داخل أوروبا.

من ناحية ثانية كشفت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر أمسِ الأحد النقابَ عن أن جهاز المخابرات الفرنسية " DGSE" يجري في هذه الأثناء اتصالات مكثفة مع جهاز الموساد بشأن سبل مواجهة موجة العمليات التي يفترض أن تنظيم "الدولة" يخطط لتنفيذها.

ونوهت الصحيفة إلى أن عملاء " DGSE" يوجدون في السفارة الفرنسية تحت غطاء دبلوماسي ويقيمون اتصالات مكثفة مع جهاز الموساد حول كل معلومة تتعلق بالجهاديين الأوروبيين.

وأشارت الصحيفة إلى أن عملاء " DGSE" يحافظون على اتصالات حثيثة مع قادة وحدة التجسس الإلكتروني التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التي يطلَق عليها "وحدة 8200"، منوهة إلى أن " DGSE" معني بالحصول على نصوص لمكالمات تليفونية تعترضها "وحدة 8200" بين منتسبي الحركات الجهادية.

وأوضحت الصحيفة أن " DGSE" معني أيضاً بالاستعانة بخبرات "وحدة 8200" في فك تشفيرات التواصل بين عناصر الحركات الجهادية، بصفتها المسؤولة أيضاً عن هذه المهمة في الاستخبارات الصهيونية.

أعلى