الجنرال الأحمر... رجل اليمن القوي

الجنرال الأحمر... رجل اليمن القوي


عاد اللواء علي محسن الأحمر مساء الأحد إلى مقدمة المشهد اليمني بعد قراراتٍ جمهوريةٍ أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، قضت بتعيين رئيسٍ جديدٍ للحكومة، وتعيين اللواء الأحمر نائباً لرئيس الجمهورية بعد شهر واحد من تعيينه نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن وترقيته إلى رتبه فريق.

ويأتي تعيين الأحمر في مثل هذا المنصب بتوقيت استثنائي، وهو ما يعكس رسائل سياسية وعسكرية عدة، خصوصاً في ظل الحديث عن مباحثات جديدة بين الحكومة والانقلابيين الحوثيين في الكويت في الـ 10 من أبريل الجاري، وهو ما قد يغير من مسار تلك المحادثات بعد أن قلب هادي الطاولة على الحوثيين وعين الأحمر نائباً له.

ويُعرَف الأحمر بأنه العدو اللدود لجماعة الحوثي؛ فقد حاربهم مدة خمس سنوات في حروب صعدة الست الشهيرة عندما كان قائداً للفرقة الأولى مدرعات، ويعرف بأنه يمثل الذراع العسكرية لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي الذي يمثل حجر عثرة أمام جماعة الحوثي سياسياً وفكرياً.

وبعد هذا القرار أصبح الفريق علي محسن الأحمر الرجل الثاني في الدولة اليمنية الحالية بعد الرئيس هادي، وقد ظل طيلة فترة حكم الرئيس علي عبدالله صالح يوصف بأنه الرجل الثاني لصالح والأخ غير الشقيق، وعرف عنه بأنه رجل المهمات الصعبة و "مطفئ الحرائق"، فقد كان له دور كبير في حرب 1994م ضد الحزب الاشتراكي في الجنوب، وقبلها في حروب المناطق الوسطى، ثم جاءت حروب صعدة الست فكان قائداً لها، كما عمل على إفشال الانقلاب العسكري للحزب الناصري في اليمن بقيادة عيسى محمد سيف قبل أن تمضي 100 يوم على تولي صالح منصب الرئاسة، وحال دون استيلاء الانقلابيين على صنعاء حين كان الرئيس في زيارة لمدينة الحديدة. وفي كل مرحلة صعبة كان علي عبد الله صالح يوكلها إلى الأحمر نظراً لقدرة الرجل على صناعة اختراقات كبيرة داخل القبائل والأحزاب السياسية نظراً لحجم العلاقات التي وثقها مع الجميع.

وبدأت علاقة الجنرال الأحمر مع صالح تتوتر بعد أن عمد صالح إلى تشكيل قيادة جديدة للجيش موازيةٍ للقيادة التقليدية السابقة التي كان يقودها علي محسن الأحمر، وربط الجيش الجديد الذي سمي بـ "الحرس الجمهوري" بأولاده وأولاد أخيه وأقرب أقربائه، وبدأ يتخلص من قيادة الجيش السابق إلا أن محسن الأحمر نظراً لحجم علاقاته وخبرته العسكرية والسياسية صمد أمام هذا الأسلوب الإقصائي إلى أن جاءت الفرصة التي أعلن فيها فصل الشراكة بين العليين، وقصم ظهر صالح.

وتحدثت كثير من المصادر السياسية والإعلامية عن أن صالح خلال الحروب الست في صعدة كان يحاول أن يتخلص من اللواء الأحمر فكان يمد الحوثيين بالسلاح والمال والمعلومات حتى لا ينتصر الأحمر عليهم، وفي إحدى المواقف أرسل إحداثيات للطيران السعودي كانت مقراً لقيادة الجيش الذي يرأسه علي محسن الأحمر وتفادى الطيران السعودي قصف المكان بعد أن تبينت له الخدعة الكبيرة.

ويُعرَف من المقربين من الأحمر أنه كان يحارب الحوثيين نظراً للخلاف العقائدي بينه وبينهم؛ فهو يميل إلى تيار الإخوان المسلمين وكان يدعم كل الأنشطة الدينية والإعلامية التي تحذر من الفكر الحوثي، على عكس علي عبد الله صالح الذي كان يحاربهم بسبب خلافات إدارية لكنه لم يختلف معهم فكرياً وعقائدياً وهو الأمر الذي انتهى به إلى التحالف معهم في نهاية الأمر ضد الرئيس هادي وضد اللواء الأحمر.

في عام 2011 وفي صبيحة 21 مارس تلقَّى علي عبد الله صالح أقوى ضربة قاصمة أنهت مشواره في الحكم بعد أن أعلن اللواء علي محسن الأحمر وعددٌ من قادة الجيش اليمني انضمامه إلى الثورة الشبابية السلمية وتعهدوا بحماية الشباب في الساحات بعد ثلاثة أيام من مجزرة جمعة الكرامة الشهيرة.

بقي اللواء الأحمر في مقر الفرقة الأولى مدرع يدير الجيش الموالي له ويحمي الثورة ويحمي مقر الرئيس هادي إلى أن تطورت الأحداث. ومع التسوية السياسية الجديدة تم عزل محسن من منصبه وتعيينه مستشاراً للرئيس هادي في منصب فخري، لكنه التزم بقرارات الرئيس وظل رقماً قوياً يدلف إلى مكتبه القاصي والداني، ثم تطورت الأحداث وتوغل الحوثيون في المدن اليمنية وكان هدفهم اللواء الأحمر قبل الرئيس هادي، ويقال بأنه حاول إقناع الرئيس بمواجهة الحوثي إلا أن هادي كان يرى عدم المواجهة، فغادر الأحمر عبر طائرة خاصة إلى السعودية وظن الجميع أن مشواره السياسي والعسكري انتهى وإلى الأبد.

ومع بداية عاصفة الحزم في 26مارس 2015 برز نجم الأحمر مجدداً؛ حيث اعتمدت عليه قوات التحالف العربي في كثير من المهام وفي غرفة العمليات القتالية، وظل الجميع يرقب عودة الجنرال القوي ليعود بعد أشهر طويلة من الحرب نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، ولم يمضِ شهر واحد حتى أعلن قراراً آخرً بتعيينه نائباً لرئيس الجمهورية، وهنا أسقط في يد صالح والحوثي؛ فقد أصبح الأحمر الرجل الثاني في الدولة، وقد يكون الأول في الأيام القادمة حسب كثير من التحليلات السياسية وَفْقاً لعدد من الدلالات السياسية والدستورية ليس المجال هنا لذكرها.

وبشكل مجمل فإن الجنرال الأحمر كان يمثل صمام أمان لليمن أمام مشروع المد الصفوي الحوثي؛ فقد كان حجرة عثرة أمام هذا المشروع، وعندما تم الاستغناء عنه توغلت إيران في اليمن عبر حلفائها الحوثيين وصالح وكادوا أن يقضموا اليمن بأكملها لولا تدخُّل عاصفة الحزم.

ومن عرف الجنرال الأحمر عن قرب يدرك أن الرجل كان رقماً صعباً؛ فقد كان مكتبه يزدحم بالزوار من كل مكان ومن كل الأطياف السياسية، وكان يعمل بهدوء وصمت ولم يُعرَف عنه يوماً أنه رفض قرارات رئاسية سواء كانت تخصه أو تخص أحداً من المقربين إليه.

ولعل التهمة التي لا زالت تلاحقه أين ما ذهب، هو سر علاقته بالإسلاميين سواء كانوا من تيار الإخوان أو التيار السلفي، لكنه لا ينكر ذلك ولطالما سخَّر كلَّ إمكانياته في دعم هذا التيار وعُرِف عنه الإشادة به في أكثر من موقف.

 

 

 

أعلى