معركة الحديدة.. الأهمية وأسباب التأخير

معركة الحديدة.. الأهمية وأسباب التأخير


تكتسب مدينة الحديدة الساحلية أهميتها الاستراتيجية كونها أحد المنافذ الرئيسية لليمن على البحر الأحمر، وأصبحت الملاحة الدولية في خطر بعد أن تم استخدام الميناء من قبل المليشيات الحوثية لشن هجمات ضد الملاحة الدولية وكذلك خطوط لتهريب السلاح.

بعد أن سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 كانت أعينهم نحو مدينة الحديدة فهي مصدر المال والثروة وبلاد البسطاء.

تحرير ميناء الحديدة من سيطرة الحوثي سيعزز من حضور الدولة في الميناء وبالتالي يتم ضبط وصول المساعدات الإنسانية والقوافل الإغاثية والتجارية، ومنع نهب الحوثي لجزء كبير من المساعدات الإنسانية، والإثقال على التجار بضرائب وجمارك باهظة يعود تأثيرها على المواطن البسيط.

ويعد ميناء الحديدة الممر الأول إلى كافة الجزر اليمنية ذات العمق الاستراتيجي وأهمها جزيرة حنيش الكبرى والصغرى، وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر.

مدينة الحديدة من المدن اليمنية التي تتميز بثكل سكاني كبير، وتمتاز بأراض زراعية شاسعة تزرع كافة أنواع الأطعمة من الخضروات والفواكه والتمور، ويطلق عليها سلة اليمن، ويتواجد فيها ساحل كبير ومساحات كبيرة لصيد الأسماك، وتعد من المدن اليمنية الأكثر حركة في السوق التجاري ومراكز المنشآت الصناعية.

معركة تحرير الحديدة

مع بداية شهر يونيو 2018 اطلقت قوات التحالف العربي معركة "النصر الذهبي"، والتي تهدف إلى استكمال السيطرة على الساحل الغربي في الجمهورية اليمنية وصولاً إلى محافظة الحديدة، والسيطرة على ميناء ومطار الحديدة وامتداد السيطرة حتى ميدي ومدينة حرض القريبة من الحدود السعودية حيث تبعد 6 كيلو متر عن خط الحدود.

استطاعت قوات الجيش اليمني بدعم وإسناد من التحالف العربي وبغطاء جوي مكثف، أن تقطع عشرات الكيلو مترات في أرض مفتوحة لكنها مليئة بالألغام والعديد من الصعوبات التي وضعها الحوثي في الطريق استعداداً للمواجهة الكبرى في ميناء ومطار الحديدة، وهي آخر المواقع الاستراتيجية التي قدم الحوثي للدفاع عنها حتى الآن مئات القتلى والجرحى.

خلال أيام وجيزة وفي معركة خاطفة تم السيطرة على مطار الحديدة ومواقع عسكرية قريبة من المطار، ومنصة العروض التي كان الحوثي يستعرض بمقاتليه فيها، وعندما تم بدء التحرك نحو السيطرة على الميناء جاءت الضغوط والتدخلات الدولية.

بعد أيام من الانتصارات التي حققتها القوات اليمنية في مدينة الحديدة، تحرك المبعوث الأممي مارتن جريفيت وبنشاط غير معهود من أجل إيقاف المواجهات في الحديدة تحت ذرائع مختلفة ظاهرها الحفاظ على المدنيين واستمرار وصول السفن الإغاثية والتجارية إلى الميناء، وباطنها دعم الحوثيين وتمكينهم من البقاء في الميناء الذي يدر عليهم شهرياً حسب خبراء اقتصاديون قرابة 9 مليار ريال يمني، يتم استخدامه في تمويل الحرب ضد اليمنيين ودول الجوار، فضلاً عن استخدام الميناء في تهريب السلاح من الخارج خصوصاً من إيران، فقد حصلوا على سلاح كبير وتقنيات جديدة تم استخدامها في الحرب الجارية ولم تكن موجودة من قبل.

هذا التدليل الناعم للمليشيات الحوثية من قبل المنظمة الدولية، وبعض الجهات الغربية ليس حديث عهد بل قديم منذ نشوء هذه البذرة الخبيثة في اليمن، فقد جندت الكثير من المنظمات الدولية للدفاع عن هذه المليشيات التي انقلبت على الدولة بقوة السلاح وبدأت بالتهديد العملي لدول الجوار، ومارست التنكيل بحق الشعب اليمني، وفرضت عليهم أفكاراً طائفية مستوردة من إيران.

واقعياً فقد بدأت العمليات العسكرية في تراجع خفيف نظراً لعدة أسباب، أبزرها الضغط الدولي القوي على دول التحالف لإيقاف المعركة ومنع السيطرة على ميناء الحديدة، ومن ضمن الأسباب تأمين المناطق التي تم تحريرها، ونزع الآلاف من الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي في كل مكان، فضلاً عن الحسابات الأخلاقية بعدم تدمير مدينة الحديدة والإضرار بالسكان في ظل تمترس حوثي واضح في الأحياء السكنية وحفر الأنفاق في الشوارع العامة، وتوزيع القناصين على أسطح مباني السكان بالقوة، ونزوح الكثير من الأسر في مناطق المواجهات.

تقف الآن قوات الجيش الوطني والمقاومة على أبواب مدينة الحديدة من ثلاثة اتجاهات وبعض تلك القوات تقدمت للأمام وأصبحت في عمق المدينة باتجاه مطار الحديدة، والعيون متوجهة نحو الميناء للسيطرة عليه وإنهاء نهب إيراداته الكبيرة وسحب آخر ميناء بحري من المليشيات الحوثية.

جدير بالذكر أن معركة الحديدة استبقتها عدة حوارات سياسية وتفاهمات وضغوطات على جماعة الحوثي من أجل تسليم المدينة إلى الأمم المتحدة بدون قتال، لكن طمع الجماعة وحرصها على ثروات المدينة دفعها لرفض كل تلك المطالب، وأعلنت أنها لن تسلم المدينة وحشدت المقاتلين من كل مكان للدفاع عنها، وبدأت بحفر الأنفاق داخل المدينة من أجل تحويل المواجهات إلى حرب شوارع طويلة الأمد.

أعلى