• - الموافق2024/05/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
فرسان مالطا التنظيم الدولة

بعد أن تم طردهم من فلسطين ثم من بلاد الشام من بعد الحملات الصليبيّة عليها انتقل مقراتهم إلى رودس لكونها جزيرة محصنة، فاستخدموا قوتهم وتحصيناتهم في الإغارة على سفن المسلمين المتوجهة للحجاز


الفرسان هم محاربون متدربون على القتال من فوق ظهور الخيل يتميزون بسرعة الحركة والقتال في المعارك المفتوحة والأرض المكشوفة. ومالطا هي دولة أوروبية تقع في البحر الأبيض المتوسط، وهي واحدة من أصغر دول العالم وأكثرها من حيث الكثافة السكانية. عاصمتها هي فاليتا، وتتكون دولة مالطا من ثلاث جزر صغيرة في البحر الأبيض المتوسط المساحة: 316 كيلومترًا مربعًا.

أما فرسان مالطا: فلم يكونوا فرسانًا بالمعنى الحرفي فقد اعتمدوا في غالب حروبهم هي أساليب حرب العصابات، والعمل السري الذي نجحوا فيه على مرِّ قرون أن يبقى طيَّ صدور زعماء الفرسان وداخل حدود أسوار مقراتهم.

مالطا: لم تكن محل نشأتهم الأولى أما مقرهم الرئيس الحالي، فهو يقع في روما عاصمة إيطاليا، ويديرون شؤونهم من ذلك المقر.

وهم مع ذلك دولة معترف بها ولها سفارات رسمية في أكثر من 110 دولة منها 26 دولة عربية وإسلامية، ورغم أنها من دون أرض أو حدود، أو شعب إلا أنها لها علم ورئيس يعامل في كافة زيارته الخارجية كرئيس دولة وعملة خاصة وتصدر جوازات سفر لمواطنيها.

من أين أتى الاسم؟

عام 1524 عرض الإمبراطور الروماني المقدس شارلكان أو كارلوس الخامس[1] مالطا على التنظيم بصفته ملكاً على صقلية (كانت مالطا من أملاكها). لم يقبل التنظيم في البداية لأنها عنت خضوعهم للإمبراطور، ولكن بعد مفاوضاتٍ طويلةٍ وافقوا عليها بالإضافة لطرابلس الغرب (كانت تتبع صقلية منذ 1511) على أن يكون لهم استقلالهم وسيادتهم على أرخبيل مالطا (316 كم²)، وأن توفر له الإمدادات الضرورية من صقلية. كان ذلك في 24 مارس 1530، وصادق البابا كليمنت السابع على ذلك في 25 أبريل 1530، وفي 26 أكتوبر 1530 أعلن التنظيم تغيير اسمه إلى "منظمة فرسان مالطا ذات السيادة للعسكريين" أو اختصاراً "النظام السيادي لفرسان مالطا"، ومنها استمدوا اسمهم "فرسان مالطة". ظل هذا التنظيم يحكم مالطا حتى أتى نابليون عام1789م وأجالهم منها، بعدها بعامين، قام البريطانيون باستعادة الجزيرة، لكن لم يسمح لفرسان المعبد بالعودة إليها كحكام لها. فتفرقوا إلى أن استقروا في روما وتحت رعاية البابا.

الدستور الجديد

حديثا ومنذ أيام طفى اسم فرسان مالطا على السطح إثر إعلان بابا الفاتيكان إنهاء قيادة فرسان مالطا في صياغة خادعة، إذ الحقيقة أن بابا الفاتيكان فرانسيس بصدد إعادة تأسيس جديد للتنظيم والاستفادة من قدراته وليس إنهاء وجوده كما زعم.

منذ خمس سنوات والعمل جار على مستويات شتى بهدف إصدار دستور جديد لهذه المنظمة الدولة والهدف هو إعطاؤها مزيدا من الحيوية.

يتضمن الدستور الجديد الذي أعده البابا عدة مبادئ أهمها الغاء ما يعرف بمبدأ "النسب النبيل " حيث يلقب رئيس تنظيم فرسان مالطا بـ"الأستاذ العظيم أو الكبير" ولا يتولى هذا المنصب إلا أوروبيًا لأن غير الأوروبي لا يمكن أن يكون نسبه نبيلاً.

في الدستور الجديد تم تحديد فترة رئاسة "الأستاذ العظيم" بعشر سنوات تجدد مرة واحدة بعد أن كانت مدى الحياة كذلك في الدستور الجديد لا يسمح بالاستمرار في منصب" الأستاذ العظيم "لمن تجاوز 85 عامًا، ولا يشترط أن يكون نبيلا.

ووفقًا لتصريح الكاردينال سلفانو توماسي - المندوب البابوي الخاص لدى فرسان مالطا

فإن الدستور الجديد يهدف إلى ضخ دماء جديدة وتعزيز وجود فرسان مالطا عالميًا وتسهيل عملهم بشكل يتواءم مع التطور الهائل والمتسارع للأحداث في السنوات الأخيرة.

وقال موفد البابا: إن الدستور الجديد للتنظيم لن يضعف سيادته الدولية.

يشار أن آخر أستاذ كبير لهذا التنظيم  هو الإيطالي جياكومو دالا توري.

 تاريخ من الوحشية والدماء:

مثل فرسان مالطا طليعة للجيوش الصليبية القادمة من الغرب وهم بمثابة جنود وجواسيس في نفس الوقت بحكم إقامتهم بين ظهراني المسلمين، وهم من أشاروا على قادة الحملات الصليبية بعد حطين بضرورة إخضاع مصر بعدما أدرك قادتهم أن السيطرة النهائية على الشرق لن تتحقق إلا باحتلال القاهرة فكانت الحملة الصليبية السابعة فكانوا طليعتها وارتكبوا من الجرائم ما تشيب له الرؤوس عند احتلالهم دمياط وكذلك ما فعلوه عند دخولهم بعض قرى المنصورة في مصر.

نكل بهم المماليك وعلى رأسهم الظاهر بيبرس وكانوا موضع اهتمام لكل سلاطين المماليك إلى أن أنهوا عمليًا الوجود الصليبي في الشام. لكن قدراتهم المالية والدعم المقدم لهم كان يمكنهم من العودة كل مرة لممارسة جرائمهم.

وبعد أن تم طردهم من فلسطين ثم من بلاد الشام من بعد الحملات الصليبيّة عليها انتقل مقراتهم إلى رودس لكونها جزيرة محصنة، فاستخدموا قوتهم وتحصيناتهم في الإغارة على سفن المسلمين المتوجهة للحجاز فيقتلون الحجيج ويحرقون سفن المسلمين، وينهبون الأموال، وقاموا بالعديد من الأعمال العدوانية لخطوط المواصلات البحرية العثمانية، وإزاء تلك الأفعال البشعة قام السلطان سليمان القانوني بفتح جزيرة رودس وتخليصها من أيديهم، والأمر الذي دفعهم بالقبول بجزيرة مالطا بعد طردهم من جزيرة رودس وهناك استمروا في أعمالهم العدوانية تجاه المسلمين، وقتل الحجيج والاستيلاء على سفن المسلمين وأموالهم وانتهاك أعراضهم. ولم تنجح المحاولات العديدة لطردهم منها، بسبب الدعم الصليبي لهم، إلى أن أجالهم عنها نابليون بونابرت أثناء ذهابه إلى مصر 1789م.

أدوراهم الجديدة

ميزانية التنظيم تتجاوز ملاين الدولارات "كميزانية معلنة " وبعدد أعضاء يقدر بحوالي 13 ألف عضو وما يزيد عن93 متطوعًا وحوالي 52 ألف عناصر خدمات طبية تعمل في معسكرات اللاجئين ومراكز علاج الإدمان وبرامج الإغاثة لحالات الكوارث والعيادات المنتشرة حول العالم.

يمكن القول إن التنظيم بدأ ظهوره بقوة في العصر الحديث عقب انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي، وبرز في مؤسسات الفكر الغربي وقتها أن العدو الاستراتيجي بعد سقوط الشيوعية هو الإسلام والمسلمون حيث يمثلون الخطر الأكبر على الحضارة الغربية. وفي أوائل ديسمبر 1990م عقدت منظمات الفرسان الصليبية اجتماعًا في جزيرة مالطا، هو الأول من نوعه، منذ أخرجهم نابليون بونابرت منها، وبلغ عدد الحاضرين حوالي خمسمائة معظمهم من القساوسة، خرج الاجتماع بالاتفاق على ضرورة وجود كيان قوي لهم يكون له دور في كثير من مناطق النازع وأن يكون المدخل لهذا التدخل هو المجال الإنساني التطوعي.

ولذلك فإن نلحظ وجودهم في مناطق مثل جنوب السودان حيث النزاع له بعد طائفي وديني وحيث يجري التنصر هناك على قدم وساق، ويمكننا القول إن تلك المنظمة هي داعم قوي لحركات التمرد وتغذي بشكل مباشر النزاعات الطائفية والعرقية فعل سبيل المثال كان لهم دور كبير في انفصال جزيرة “تيمور الشرقية” عن “إندونيسيا الإسلامية”. وبرزت الاتهامات لهم بشكل مباشر في دولة العراق ومصر وغيرهما إبان أوقات الفوضى وانعدام الأمن.

ففي العراق: حينما جلبت الولايات المتحدة الأمريكية شركات الأمن الخاصة ومنها شركة “بلاك ووتر”، بعد سقوط بغداد، كشفت العديد من التقرير الإعلامية وقتها مدى الارتباط بين الشركات الأمنية في العراق و"سفارة فرسان مالطا" التي أعطت لهم الغطاء السياسي والقانوني لارتكاب مجازرهم في حق الشعب العراقي. ووصف تقرير لموقع "aftermathnews" الأمريكي فرسان مالطا بأنهم مليشيا البابا، ويقسمون على الطاعة التامة له.

وفي مصر تم إغلاق "سفارة فرسان مالطا" ووضعها تحت الحراسة لخطرها على الأمن كما نص على ذلك قرار النائب العام في مصر وقتها، إبان ثورة 25 يناير 2011، وظلت السفارة مغلقة حتى العام 2014م. وقد أدلى قائد الحرس الجمهوري السابق “أيمن فهيم”، بشهادته أمام القضاء، مشيرًا إلى أن السيارتين الدبلوماسيتين المسروقتين، اللتين تم رصدهما تقومان بدهس المتظاهرين في محيط ميدان التحرير، كانت بقيادة أعضاء من “سفارة فرسان مالطا”.

إن الأدوار المشبوهة التي تقوم به هذه المنظمة واستمراراها في أهدافها منذ أكثر من ألف عام مع تغير الوسائل والأدوات تجعلنا في حاجة ماسة لفهم طبيعتها، فهي كاشفة عن مدى عنصرية الغرب الذي سمح لمنظمة من غير أرض ولا شعب بممارسة مهما في عمليات التنظير وإثارة النعرات وزعزعة الاستقرار تحت غطاء العمل الخيري وحيث تحظى الاعتراف الدولي كدولة، في حين الشعب الفلسطيني المقيم فوق أرضه ينكل به كل يوم من محتل غاصب، ويجابه بغض الطرف من الغرب الذي ما زال يؤكد على صليبيته كل يوم، ونبعد نحن كل يوم عن إسلامنا.


 


[1] جدير بالذكر أن شارل هذا هو صاحب أكبر عملية تنصير للمسلمين في تاريخ شبه جزيرة إيبريا (إسبانيا والبرتغال) حاليًا، حيث طلب من البابا كلمنت السابع في الفترة من 1523 إلى 1524 أن يحلله من يمينه التي أقسمها عام 1518 بأن لا يطرد عربيًا أو يُنصِّر مسلمًا فوافق البابا وجاء في رسالة البابا: إن البابا يشعر بحزن عميق عندما علم بأن من رعايا شارل جماعات كثيرة من العرب والمسلمين في بلنسية وقطالونيا وارغون لا يستطيع المؤمنون المسيحيون التعامل معهم دون خطر. وهكذا أعلن البابا عن إحلال شارل إحلالاً تامًا من قسمه عام 1518 وإعفائه من جميع الآثام والملامات المترتبة على ذلك بموجب صلاحيات البابا.

 

أعلى