• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
   النظام السوري ومخطط التقسيم كملاذ أخير

النظام السوري ومخطط التقسيم كملاذ أخير

   

في الوقت الذي ينهار فيه حكم تلك الأقلية العلوية  في الشام والتي وجدت نفسها على شفا جرف هار بعد أن حكمت سوريا دهرا بالحديد والنار، نجد أنها تصر على أن تتشبث قبل الغرق بآخر قشة بقيت لها ألا وهي تقسيم سوريا.

تلك الطائفة  التي لا تمثل سوى ٨٪ من السوريين والتي تسلقت قلعة الحكم لتأخذ بزمام القيادة فيه بعد أن قاد الجنرال العلوي حافظ الأسد انقلابا عسكريا على الرئيس نورالدين الأتاسي ووزير دفاعه وأودعهما السجن مع عدد من كبار القادة والمسؤولين، ثم انضم بعد ذلك تحت لواء الفرس بعد أن كان رافعا لواء الوحدة العربية وشعارات حزب البعث ليخدع بها القوميين العرب حتى صعد على أكتافهم.

 ومنذ تاريخ ذلك الانقلاب جَنَّد حافظ  نفسه وجُنده لحفظ أمن اسرائيل وحماية أمنها القومي, وناصب المسلمين  والعرب العداء, وقلد أبناء تلك الطائفة العلوية مناصب الدولة العليا ومواقع القيادة في الجيش والأجهزة الأمنية فمارسوا الطائفية في أبشع صورها وارتكبوا المجازر بحق الشعب السوري, وشردوا بالكثير من أبنائه في بقاع الأرض.

وبعد أن ثار الشعب  بعد أربعين سنة لينفض عنه الظلم والجبروت وليتحد مع المسلمين كي يُخرج ذلك الطاغوت وزمرته الأقلية الحاكمة  شعرت حينها إسرائيل بالرعب فقد خسرت جنديا مخلصا من أهم جنودها, وذلك النظام البعثي الذي كان جدارا عازلا يحمي حدودها ها هو يوشك أن يتهاوى.

عندها أجلب اليهود بخيلهم ورجلهم؛ فهم يعلمون جيدا أنهم لن يسودوا إلا بعد أن يفرقوا. وقد اعتمدوا في تأسيس  مخططاتهم الإمبريالية على استراتيجية تفكيك الدول الإسلامية إلى دويلات وأحزاب متنافرة، كما صرح به رئيس وزرائها الأقدم ديفيد بن غوريون بقوله : "إن إسرائيل لا يمكنها أن تعيش بأمان وسط هذا المحيط العربي الإسلامي إلا إذا قسمت المنطقة برمتها إلى دول تحكمها الطوائف" .

إسرائيل التي تسيّر المجتمع الدولي بحسب أهوائها ليس لقوتها العسكرية ولا الاقتصادية فقط؛ بل لأن من يقود الدول الكبرى هي قيادات يهودية؛ ففي أمريكا نجد أن اللوبي الصهيوني هو من يحركها وفي الاتحاد الأوربي نجد أن ثلة من اليهود تمسك بزمام الأمور هناك وفي روسيا نجد أن لليهود أيدٍ طولى تحرك سياساتها الخارجية.

لذا فإن تلك المؤامرة التي تحاك أمام أعيننا والتي يقودها المجتمع الدولي ضد الشام في محاولة منه لرسم سوريا جديدة إنما تهدف لتدمير بنيتها التحتية وإضعافها اقتصاديا وعسكريا ومن ثم تقسيمها دينيا وعرقيا كي يصعب عليها أن تستعيد قوتها إلا بعد أمد طويل مما سيصب بالدرجة الأولى لصالح اسرائيل وأمنها القومي.

وكما قسموا فلسطين وفرقوا العراق وعاثوا فسادا في لبنان ثم تقاسموا كعكة السودان، ها هم أتو مرة أخرى  ليتحدثوا ببساطة عن مؤشرات لتقسيم سوريا  وها هو أحد الضباط الإسرائيليين يخبرنا -وكأن ألأمر لا يعنينا- أن سوريا ستقسم إلى أربع كانتونات، هي: إقليم كردي في الشمال، إقليم علوي في منطقة الساحل يشمل مدينتي طرطوس واللاذقية، وإقليم سني، وإقليم درزي في جبل الدروز".

فهل ترى سنظل نقف مكتوفي الأيدي ونلتزم الصمت ليستمر مسلسل التقسيم الذي لن يتوقف حتى يصل إلى مكة!

تلك السياسات الغربية - الصهيونية التي أبرمت اتفاقيات سايكس بيكو وفككت العالم العربي، ها هي تجد في سوريا فرصة جديدة وجيدة لتقوم بتقسيمها وتفكيكها، فهي تعلم أن حركات الانفصال في أي دولة هي بمثابة انتحار سياسي يقضي على كيانها، وأن الطريق لتفتيت أي دولة هو تقسيمها إلى دويلات يسيطر عليها صراع الوجود.

ولن تفتأ تلك السياسات الغربية تذكي التوتر في ما بين تلك الطوائف كي تعيد تكوين المشهد الإقليمي الواسع لصالحها ولتسخر الساحة السياسية في ظل تلك التوترات لتحقيق بعض مآربها ولتحصل من خلالها على أهداف أكبر.

ولطالما أصبح الحديث عن مشروع تقسيم سوريا بين روسيا وأمريكا من أوائل اهتمامات هذين البلدين؛ فتقاسم كعكة سوريا يعني لهما الكثير؛ فالروس أغرتهم فكرة دولة علوية تدور في فلكهم، تضم طرطوس (إطلالتهم على البحر المتوسط)، مع ما يتردد عن وجود غاز ونفط هناك، والغرب يرغب بأن تكون له موضع قدم في سوريا ليتمكن من السيطرة على الوضع هناك ليمكنه ذلك من مد أنابيب نفط وغاز من بعض الدول النفطية عبر سوريا إلى المتوسط للتخلص من تحكم روسيا بإمدادات الغاز والنفط إلى أوروبا.

وحين نلقي نظرة على واقع سوريا نجد أن المنطقة الشمالية فيها ذات طابع سني تشمل محافظات عدة خارج سيطرة النظام، وهي التي تتعرض لأشد وأعنف الحملات العسكرية، ومنطقة كردية على حدود تركيا قد تركها النظام تدير نفسها تمهيدا لانقسامها مبدئيا ليمهد بذلك استقلال الدولة العلوية.

ومناطق في جنوب سوريا فيها تجمعات درزية وأيضا مسيحية يشوبها الحذر والتوجس والتردد أيضا.

ومنطقة ساحلية  فيها بعض التجمعات العلوية وبالطبع لم ولن يتعرض لها النظام العلوي لكونها المنطقة التي يخطط لإقامة دويلته العلوية فيها.

لذا نجد أن النظام يحاول تدمير المدن السنية التي تقع في هذه المنطقة بداية من حمص التي تعتبر المدخل البري السني إلى الساحل، يلي ذلك إخراج السنة من اللاذقية، وتدمير كل القرى السنية حول جبال العلويين تلك المنطقة المجاورة للإسكندرون في تركيا، حيث يعيش فيها الأقلية النصيرية.

وحين يقيم تلك الدولة العلوية لن يقف الأمر عند هذا الحد وتنتهي الأزمة في سوريا  بل إن مناطق السنة ستكون محاصرة من كل مكان وهذا ما يسهل التمدد العلوي الذي يستقوي بإيران ليندمج مع مشروع إكمال هلالها الشيعي الذي سيزحف نحو الدول السنية ليكملوا بذلك طموحهم الذي كما صرحوا بأنه لن يقف حتى يصل إلى مكة.

كل هذا المد الصفوي الصهيوني الذي ما فتئ يحاول أن يمدد أذرعه كأخطبوط  يمكن إيقافه بعدة أمور:

1- التفاف الدول السنية حول بعضها وتشكيل حلف إسلامي سني يقف في وجه المستعمرون الجدد.

2-  ضرورة  دعم المجاهدين الذين هم في الواقع درع حديدي وسد أمام هذا المد. 

٣- حث المجتمع الدولي على توفير غطاء جوي لهم أو إعطائهم مضاد للطائرات , وإمدادهم بالأسلحة النوعية التي تمكنهم من حسم المعركة لا إطالتها .

-  إسناد قادة المعارضة ودعمهم ماديا ومعنويا حتى يتمكنوا من تشكيل حكومة انتقالية في أسرع وقت .

5- التفاف اهل السنة في المنطقة بما فيهم الأكراد السنه الذين يشكلون 6% من الشعب السوري وتوحدهم في صف واحد مع العرب السنة الذين يشكلون الأغلبية؛ فالتضامن ضرورة ملحة لمجابهة و دفع الخطر المجوسي الذي سيطالهم إن لم يتداركوه قبل فوات الأوان؛ فقوة السنة الأكراد حين تجتمع مع قوة السنة العرب فستشكل وحدة إسلامية سنية تقهر كل من تسول له نفسه استضعافهم فالغرب على قوته لم يستطع ان يستعمر العالم الإسلامي إلا بعد أن أثار بين المسلمين النعرات القومية وجعلهم أحزابا متنافرة  وقسمهم إلى عرب وترك وكرد. ولن يستطيع العالم الاسلامي استعادة هيبته وقوته عالميا إلا بعد أن يتوحد دينيا وليس عرقيا.

لا يفوتني هنا أن أُذكّر الأكراد بألا يثقوا في النظام السوري البعثي الذي ظل طيلة عقود يرتكب جرائم غير إنسانية في حقهم باسم النعرة القومية وقد حاول طمس هويتهم الكردية بشتى الوسائل واستخدم معهم السياسات الديكتاتورية الممنهجة  لدرجة أنه عزلهم جغرافيا عن الأكراد خارج سوريا حينما نفذ مشروع الحزام العربي وذلك بتفريغ الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا بعمق 10 إلى 15 كيلو متر من سكانه الأكراد، وقام بتوطين عرب بدلاً منهم. وها هو يأتي الآن ليستخدمهم ككرت يتلاعب به محاولا إيهامهم بأن هذه هي فرصتهم لإقامة دولة كردية لهم , مستغلا النزعة الانفصالية لدى بعض الأحزاب الكردية السورية وإغرائهم  بإقامة حكم ذاتي مستقل لهم في شمال سوريا، وهو في حقيقة الأمر إنما يريد أن يجعل من استقلالهم طريقا ممهدا لاستقلال دولته العلوية ثم يبدأ في استخدام الكرد كسلاح ضد تركيا والزج بهم في معركة سيكون الأكراد فيها هم الخاسر الأول.

لذا ينبغي على القائمين على الثورة السورية المجيدة أن يعطوا قضية الكرد أهمية كبيرة وأن تسعى لاحتضانهم تحت لواء المعارضة وطمأنتهم بأنهم سينالون حقوقهم التي سلبها منهم الحكم الأسدي البعثي  في الزمان الغابر وذلك كي تسحب البساط من تحت النظام لئلا يتلاعب بهم ويستخدمهم سلاحا له يعبث به ثم يرميه متى شاء.

العلويون الذين جعل لهم الاستعمار الفرنسي اللاذقية مركزا لهم وغير اسمهم من النصيرية إلى العلوية تمويها لحقيقتهم على عموم المسلمين ، ها هم ينكمشون مجددا ليلوذوا بقرداحتهم ولينطلقوا منها مرة أخرى.

فمخطط الدولة العلوية كان جاهزا منذ  أيام الاستعمار الفرنسي ولا ينقصه إلا تطبيقه على الأرض فقط, فهو معد ليكون مخطط طوارئ تلجأ له العصابة الأسدية متى وجدت أنها لا يمكنها حكم سوريا كاملة .

وما تلك المجازر التي حدثت في القرى المتاخمة لخريطة الدولة العلوية وما نقل العصابة لكميات هائلة ومتنوعه من السلاح إلى القرى والمدن الساحلية إلا لإعداد الأرض لتكون جاهزة لتطبيق تلك الخريطة.

هذا هو ما يجري على قدم وساق , فهل هناك من صناع القرار في العالم الإسلامي من يفقه مدى خطورة دولة كهذه وأنها ستكون حصان طراودة الذي تحاك من خلاله المؤامرات  المجوسية والصهيونية على كل أهل السنة .

كلنا أمل بجيش سوريا الحر وأنه يعي ذلك تماما ويعي جيدا ما تخطط له عصابة النظام وكلنا ثقة بأنه سيفشلها بعون الله ومشيئته .أما الصامتون من ولاة أمر المسلمين فليس بوسعنا إلا أن نذكرهم بأن خيبة صمتهم ستجر عليهم الويلات, ولينتظروا حتى يقسمهم عدوهم إلى دويلات.

:: "البيان" تنشر ملف شامل ومواكب لأحداث الثورة السورية..

أعلى