ثمن التوحید في جغرافیة ما تسمی بإیران
علی ما یبدو فإنًّ آمال الموحدین بالحریة والأمان في جغرافیة ما تسمی بإیران تأبی إلا أن تتحطم تحت أقدام مشاریع وسیاسات النظام الإیراني الجائر، فبعد مرور 36 سنة من الثورة الخمینية التي طالما تغنت بالعدالة والمساوات لم یزل أهل السنة في إیران یعانون أنواع الاضطهاد والتمییز، فاستهداف علماء أهل السنة واعتقال النشطاء وهدم المساجد وغیرها من الجرائم التي لا تعد ولا تحصی، کلها تشیر إلی داء دفین وجرح قدیم ورغبة بالانتقام من رسالة أخمدت نار أجدادهم ومن أناس }وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{ [البروج: 8].
إن أهل السنة والجماعة الذین یشكلون أكثر من ربع سكان إیران - وذلك استناداً لما نشرته جریدة "اطلاعات" الإیرانیة سنة 1978م، وكانت تلك آخر إحصائیة رسمیة حول عدد أهل السنة في إیران - یُمنعون من أبسط حقوقهم كإقامة صلاة الجماعة، فتُهدم مساجدهم وتغلَق مدارسهم الدینیة بحجج مختلفة ولعل جامع "شیخ فیض" في مدینة مشهد الذي تم هدمه في سنة 1992م، والذي تحول إلی منتزه في ما بعد كان من أوائل خطوات هذا المشروع، وذلك رغم مقاومة الناس أياماً أمام جرافات البلدیة المحصنة بقوات الشرطة، كما تم إغلاق مدرسة "العلوم الدینیة" في المدینة نفسها.
وفي طهران تم تخریب مصلی "نبي رحمت" الواقع في حي بونك التي لجأ إلیها أهل السنة لعدم وجود أي جامع لهم في العاصمة، فقد ذكر موقع مشرق نیوز الإیراني أنه في صباح یوم 29 یولیو/ تموز عام 2015م قامت بلدیة طهران مدعومة من قوات الشرطة الإیرانیة بهدم مصلی "نبي رحمت" بحجة التغییر في خریطة البناء دون إبلاغ البلدیة، وأقدمت الشرطة علی اعتقال العشرات من المستنكرین لهذا الفعل الشنیع.
کما تم إغلاق جامع "الشافعي" الجامع الوحید لأهل السنة في الأحواز والذي شید سنة 1921م واعتقال إمامه الشیخ عبد الحمید الدوسري والحكم علیه بالسجن سبع سنوات ونفیه إلی مدینة کنعان، وفي مدینة تربت جام تم إغلاق مدرسة "حفظ القرآن" واعتقال طلابها.
أما "مكتب قران" في كردستان فقد تعرض لمداهمة من قبل قوات المخابرات التي اعتقلت عدداً من الطلاب وصادرت الكثیر من الكتب والممتلكات الموجودة فیه، وذلك حسب تصریح السید "إبراهیم الأحراري" الناشط في مجال الدفاع عن حقوق أهل السنة في إیران.
ویستمر مسلسل التضیق علی أهل السنة باعتقالات یومیة تقوم بها المخابرات الإیرانیة بحق المهتدین الأحوازیین وفق ما ینشره موقع المقاومة الوطنیة الأحوازیة "أحوازنا"، الذي یقوم بتوثیق هذه الانتهاكات بشكل مستمر .
إن علماء أهل السنة والجماعة لا یملكون حق السفر إلی خارج إیران وإن كان لتأدیة مناسك الحج؛ فقد منع الشیخ "مولوي عبد الحمید" عضو هیئة كبار علماء المسلمین من تأدیة مناسك الحج في عام 2012م، كما منع من السفر إلی مكة المكرمة للمشاركة في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي، وفي عام 2015م حال النظام الإیراني دون مشاركة الشیخ "عبد الحمید إسماعیل زهي" رئیس المدرسة الإسلامیة في مدینة زاهدان في مؤتمر "الإسلام والإرهاب" المنعقد بتاریخ 22 فبرایر/ شباط 2015م في المملكة العربیة السعودیة.
إن الجوع والحرمان والخصاصة قد أصبحت من سمات أهل السنة ومدنهم؛ ففي كل عام تحصل هذه المدن علی المراتب الأولی من حیث البطالة والفقر، وتشیر دارسة نشرتها مجلة "اقتصاد" الإیرانیة في عام 2010م إلی أن محافظات "بلوشستان " "كرمانشاه" و"الأحواز" تعاني من ارتفاع شدید في معدل البطالة وتفشي الفقر وتردي الأوضاع المعیشیة، في ظل مثل هذه الظروف وطمعاً في الحصول علی ما يبقيه علی قید الحیاة یخاطر الشاب السني بنفسه فیحمل بعض البضائع علی أكتافه لعشرات الكیلومترات بغیة بیعها في قری الدول المجاورة، لكن لبنادق الاحتلال رأي آخر؛ فقد قتل النظام الإیراني العشرات ممن حاولوا توفیر قوت أبنائهم وبقيت دموع الأیتام والأرامل لتكمل روایة الجور والطغیان.
وأما الفصل الأکثر ترویعاً في جرائم النظام الإیراني هو إعدام المئات من أبناء السنة والجماعة بتهم واهیة كمحاربة الله ورسوله وترویج الوهابیة، ومن ذلك الحکم بالإعدام بحق 34 من النشطاء الإسلامیین الکرد، ونُفِّذَ الحکم بحق أربعة منهم فجر یوم الجمعة 3 أبریل/ نیسان 2015م بتهمة محاربة الله ورسوله في سجن رجائي شهر.