الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى مقدمة لحدث أكبر!

الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى مقدمة لحدث أكبر!


تواصل مؤسسات الكيان الصهيوني إجراءاتها الاستفزازية في حق المسجد الأقصى، من خلال الاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون ووزراء صهاينة، وهو ما يسلط الضوء على الخطوات التي تقوم بها الحكومة الصهيونية في الآونة الأخيرة.

فقد تم الكشف عن قيام سلطات الاحتلال بحفريات جديدة تحت المسجد الأقصى تستهدف البحث عن طرق يُزعم أنها كانت تشكل قبل نحو ألفي عام مدخلًا رئيسًا للهيكل الثاني، تلت ذلك احتفالات بمولد بقرة حمراء كمؤشر على بناء الهيكل المزعوم، بجانب السماح لليهود بالصلاة في المسجد، ومنع إعماره، حيث ما زالت الحكومة الصهيونية حتى اليوم تمنع إدخال أية مواد إعمار وإصلاح للمسجد الأقصى برغم حاجته الضرورية لذلك.

ويواصل الكيان تنظيم المؤتمرات الصهيونية بمشاركة شخصيات حكومية، بجانب القيام بنشاطات يهودية لبناء الهيكل، حيث قدّمت جمعيات استيطانية يهودية طلبًا للحكومة لتحويل المدرسة العمرية الواقعة في الزاوية الشمالية الغربية للمسجد الأقصى التابعة لبلدية القدس لكنيس يهودي، أو السماح لليهود بأداء صلاتهم في هذه المدرسة، وإعلان محافل يمينية يهودية عن بدئها إطلاق حملة دعائية واسعة تستهدف حشد وتأييد المتطرفين لإعادة بناء الهيكل المزعوم، فيما بدأت هذه الحملة بمشاركة جماعات يمينية متطرفة تسعى لفرض السيطرة اليهودية على الحرم القدسي، تمهيدًا لإعادة إقامة وإحياء الهيكل.

الجدير بالذكر أن التقارير التي تقدمها مخابرات الكيان الصهيوني للحكومة تؤكد أن هناك مجموعات يهودية وضعت مخططات عملية لتدمير المسجد الأقصى، وبعض السيناريوهات تشير لإمكانية التسلل إليه وتفجيره عبر استخدام تقنيات متقدمة، كما تجري عناصر المنظمات اليهودية اتصالات مع أنصارها داخل الولايات المتحدة للحصول على معدات تسمح بالحفر تحت جدرانه، وينوون الانطلاق في عمليات الحفر من عقارات فلسطينية متاخمة تمامًا للمسجد، استطاعت المنظمات اليهودية شراءها خلال الأعوام الماضية.

وتحذر التقارير الأمنية من مخطط أكثر خطورة تعكف عليه عناصر المنظمات اليهودية المتطرفة، من أن يقوم عناصرها ممّن يعملون ضباطًا في سلاح الطيران بقصف المسجد من الجو، وما يزيد إمكانية حدوث السيناريو حقيقة أن العديد منهم ضباط في سلاح الجو، ومنهم من يخدم في وحدات مختارة في الجيش وبإمكانهم أن يحصلوا على المواد المتفجرة من مخازنه، بجانب تخطيط عناصر المنظمات اليهودية المتطرفة لقذف مواد مشعة ذات فاعلية كبيرة جدًا تؤدي لقتل المصلين.

واتفقت محافل يمينية يهودية على تكثيف جهودها وتحضيراتها الرامية لإعادة بناء «الهيكل المقدس» لليهود في القدس المحتلة، وقامت حركات يمينية تنشط في نطاق المحاولات والمساعي الهادفة إلى فرض السيطرة اليهودية على الحرم بتأسيس صندوق خاص بـ«خزينة الهيكل المقدس»، وتم تسجيله رسميًّا كجمعية وقفية يهودية لدى مسجل الأملاك الوقفية في وزارة القضاء.

بات من الواضح أن تعيين موقع الهيكل المزعوم ينطوي على أهمية حاسمة من وجهة نظر محافل اليهود، إذ إنه في حالة التأكد وتقرير شيء في شأن موقعه فإن ذلك سيتيح لكبار الحاخامات إعطاء إذن وسماح بدخول اليهود إلى مناطق داخل الحرم القدسي، كما بحثت لجنة منبثقة من مجلس الحاخامات عددًا من الاقتراحات لإقامة كنيس في الحرم القدسي في مواقع مختلفة هي: باب الرحمة، ومبنى المحكمة، والمدرسة العمرية في الزاوية الجنوبية الشرقية من الحرم، ومنطقة المصلى المرواني.

وتحدث الإعلام العبري بكل صراحة عن مجموعة يهودية تقدّمت للجنة التنظيم في القدس لأخذ مصادقتها على خريطة بناء كنيس يهودي داخل المسجد، وبعلم تام من مكتب رئيس الحكومة، كما قامت بعض شركات التطوير بمشاركة دائرة الآثار ببناء مدرجات ضخمة جنوب الحرم من الخارج، وأصبحت ملاصقة لبواباته التي كانت مفتوحة قبل مئات السنوات وتم إغلاقها على عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي.

ومن الخطوات الميدانية التي تجري على قدم وساق للتسريع بهذا الإجراء توزيع ملصقات انطباعية على طلاب المدارس والجامعات تجسد الهيكل، والقيام بالبث الإذاعي من إذاعات ليهود يعملون لهدم الأقصى، كإذاعة «عزة صهيون» التابعة لحركة «كاخ» التي تدعو علنًا الشباب اليهودي إلى العمل على إقامة المعبد على أنقاض الهيكل، وتذيع فتاوى لعدد من كبار الحاخامات تدعو لإعادة الهيكل، وكذلك قيام مجموعة هندسية يهودية بتشييد هيكل جديد في منطقة وادي عربة مشابه للهيكل القديم، صممه مهندسون من الولايات المتحدة، على يد مستشارين من يهود أمريكا، ووضعه تحت تصرف الحكومة.

كما تم إعداد فريق متكامل من عمال البناء في انتظار ساعة الصفر للبدء في العمل، بانتظـار اللحظـة المناسبة لنقله وتثبيت أركانه على أنقاض المسجد، وأصبحت مواد البناء جاهزة وموجودة في مكان سري، وتتكون من الأحجار الكريمة ورقائق الذهب والفضة والتحف الفنية، وبات جمع الأحجار المقدسة عملًا تعبديًّا للكثير من المستعجلين ببناء الهيكل، لاستخدامها في بنائه، وسيحتاج المشروع إلى ما لا يقل عن ستة ملايين حجر، تم استقدامها من مدينة «بئر السبع» جنوب فلسطين المحتلة عام 1948م.

وبالتزامن مع الخطوات الميدانية اليهودية في القدس المحتلة، فقد نشطت الرحلات الدينية من فلسطين المحتلة ودول العالم إلى القدس لربطهم بها، وزيارة المجسمات التي أعدت لتكون نموذجًا للهيكل المزمع إقامته على أنقاض المسجد الأقصى، واتفاق الجماعات الساعية لهدم الأقصى وبناء الهيكل على توحيد جهودها، واستغلال طاقاتها، وتنويع نشاطاتها، بحيث تجعل من بناء الهيكل قضية تهم كل بيت يهودي على أرض فلسطين.

وزاد اليهود من توزيع منشورات تدعو لطرد المسلمين من المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، والقيام بالتجوال في ساحاته، وقراءة الكتب اليهودية، والقيام بأعمال شاذة تسيء لقدسيته، والإرشاد والترجمة للزائرين والسائحين في ساحاته على أنه مكان لليهود فقط ويجب هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، بجانب التجمع في باحاته في الفترات التي تكون أعيادًا دينية لهم، مثل ذكرى خراب الهيكل المزعوم، وبداية السنة العبرية، وغيرها من المناسبات.

وقد دأب اليهود على حمل السلاح داخل ساحات المسجد الأقصى في بعض الأحيان من المستوطنين والشباب اليهودي، ودخوله بملابس الصلاة الخاصة بهم، والجلوس على المصاطب والمرافق داخل أسواره، وأكد الثقات من حراسه أنهم يجدون آثار سيارات أمن صهيونية تدخل ساحاته ليلًا وتتجول فيها، بجانب التفوه بالكلمات البذيئة بحق المصلين والعاملين فيه، ومحاولات التخفي المتكررة لاقتحام المسجد، ومحاولات تنفيذ هجمات مسلحة فيه، وإدخال الخمور والمسكرات إلى ساحاته أكثر من مرة في محاولة لتدنيسه، وتوزيع ملصقات ورسومات على طلاب المدارس والجامعات اليهودية لتجسيد قضية الهيكل المزعوم في وجدانهم، كما قامت إحدى المنظمات اليهودية بتوزيع ملصق عبارة عن مشهد طائرات عسكرية تقوم بقصف المسجد ومن ثَمَّ تدميره، وكتب عليه: «سيأتي هذا اليوم قريبًا».

:: مجلة البيان العدد  341 مـحـرّم  1437هـ، أكتوبر - نوفمبر  2015م.

أعلى