واقع القومية الكردية

واقع القومية الكردية

أولاً: نشأة القومية الكردية:

يجمع الأكراد في مختلف الدول لغتهم ومجموعة من العادات والتقاليد والاحتفالات الدينية وغيرها، تتفرع الأمة الكردية إلى أربع طوائف وهي: كرمانج وكوران ولور وكلهر، وهم من أقدم الشعوب الآرية التي أقامت المدنية وأنشأت حضارة بارزة في هضبة إيران والبلاد المحيطة بها، وفرضت سيطرتها على القبائل الآرية وفرضت لغتها الكردية، وقد أطلق على اللغة الكردية لغة البهلوان أي لغة الأبطال أو المحاربين، وتؤكد المعاجم الفارسية أن كلمة كرد تعني في الفارسية البطل أو المحارب أو الشجاع.

يعود انتشار الإسلام في كردستان إلى زمن خالد بن الوليد وعياض بن غنم رضي الله عنهما، وبحسب كلام بعض المؤرخين فإن سنة 18هـ شهدت أول اتصال بين الفاتحين المسلمين والكرد أي بعد فتح حلوان وتكريت، وإن كان هناك من الصحابة من كان ينتمي إلى القومية الكردية منهم جابان الكردي وابنه كان يدعى ميمون وقد روى عن أبيه بعض الأحاديث.

ومع بزوغ الفجر الإسلامي شهدت المناطق الكردية تطورات اجتماعية ثقافية كما قام الأكراد بدور فعال ومؤثر في العهود الإسلامية المختلفة وقدموا خدمات جليلة وبرز فيهم علماء كبار وأئمة أمثال ابن الجزري إمام القراءات، وأبناء الأثير الثلاثة الذين كانوا أئمة في التفسير والحديث والفقه واللغة، وعلماء دينور الذين تبحروا في كل العلوم، والإمام المحدث ابن الصلاح الشهرزوري صاحب أشهر كتب المصطلح، والقائد صلاح الدين الأيوبي الذي لا يخفى على المسلمين خدماته للإسلام وقد عاد بيت المقدس بفضل الله ثم بجهوده وجهاده إلى حاضنة المسلمين وما أحوجها هذه الأيام إلى أمثال ذلك القائد.. وجمع كثير من العلماء والقادة ولا يتسع المقال لذكرهم.

ثانياً: أماكن انتشار القومية الكردية جغرافياً والعدد السكاني:

كردستان منطقة جغرافية كبيرة ممتدة في عدة دول تضم الكرد، وهي الآن أربع مناطق رئيسية في أربع دول هي: تركيا، وإيران، والعراق، وسوريا، بالإضافة إلى مناطق صغيرة على حدود أرمينيا.

تعترف إيران والعراق بمنطقة تابعة للأكراد على أراضيهما، أما سوريا وتركيا فلا تعترفان بها، وتشكل كردستان الكبرى من حيث المساحة ما يقارب مساحة العراق الحديثة.

كما أسلفنا منطقة كردستان منقسمة بين أربع دول: الجزء الأكبر منها مساحة وسكاناً يقع في غرب وجنوب تركيا، ثم ما يقع منها غرب وشمال غرب إيران، ثم منطقة كردستان العراق وهي تقع شمالي العراق التي تسمى حالياً إقليم كردستان، وأخيراً ما يقع منها شمال سوريا.

العدد السكاني الذي يعيش في منطقة كردستان المقسمة في أربع دول قرابة 45 إلى 50 مليون من الشعب الكردي، يتوزعون على النحو التالي:

- 50% في تركيا أي ما يعادل 25 مليون نسمة.

- 25% في إيران ما يعادل 12 مليون نسمة.

- 12% في العراق ما يعادل 6 ملايين نسمة.

- 8% في سوريا ما يعادل 3.5 مليون نسمة تقريباً.

واستوطن ما يقارب 5 ملايين نسمة الدول العربية والغربية فراراً بدينهم ودنياهم من تلك الأنظمة الجائرة الظالمة.

وهنا نركز على القومية الكردية في إيران:

الأكراد في إيران يمثلون 15% تقريباً من مجموع ما يقارب 80 مليون إيراني، يعيش معظمهم في محافظة أذربيجان الغربية، وهم الأغلبية في هذه المحافظة، ومحافظة كردستان وعاصمتها سنندج وهي أكبر مدن المحافظة، ومحافظة كرمانشاه وعاصمتها مدينة كرمانشاه وهي أكبر مدنها، ومحافظة إيلام، ومحافظة همدان، ومحافظة لورستان، ومحافظة بختياري، ومحافظة خراسان الشمالي، ومحافظة طهران، ومحافظة فارس، ومحافظة البرز، علماً أن الأكراد في إيران يمثلون نصف أهل السنة هناك.

هذا الشعب عانى مختلف ألوان الظلم والاضطهاد من الحكومات والأنظمة للدول الأربع، وما زال يعاني الكثير في بعض تلك الدول ومنها الحكومة الصفوية العنصرية الفارسية التي مارست وتمارس شتى أنواع الظلم كي تبعد الناس عن دينهم وغالباً تستغل من كانوا بعيدين عن العلم والحضارة في إلقاء الشبه عليهم وإغرائهم بالشهوات كي تصطادهم وتزج بهم في سراديب التشيع والرفض.

أما الإعلام الكردي فهو إعلام علماني وله دور كبير في التأثير على عامة الناس، وهو إعلام نشيط بمعنى الكلمة ونستطيع أن نقول لا يوجد إعلام لشعب بدون دعم حكومي كالإعلام الكردي حيث توجد لهم قرابة 50 قناة فضائية وأكثر من 100 محطة إذاعية والمئات من الصحف والمجلات.

وغالب هذه القنوات والمحطات والصحف علمانية إلا عدد قليل منها، هما قناتان تابعتان للأحزاب الإسلامية في كردستان العراق على سبيل التحديد: قناة «سبيدة» التابعة لحزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني التابع للإخوان المسلمين وقناة «بيام» التابعة لحزب الجماعة الإسلامية. ومع الأسف الشديد يغلب على القناتين طابع الحزبية ولا تخدمان العقيدة السنية بياناً وإيضاحاً بل جل اهتمامهما يصب في ما يخص سياستهما ومصالحهما الحزبية بل أحياناً تعمل تلك القنوات على نهج الترضي للحكومة الرافضية العنصرية الفارسية الإيرانية، والله المستعان.

أما الإعلام في الداخل الإيراني فسهم من سهام الحكومة الإيرانية في محاربة أهل السنة، فقد مارست أنواع الظلم والاضطهاد وشتى أنواع العنصرية تجاه السنة عموماً والأكراد خصوصاً فجلبت من أغرتهم بالمال والشهوات من أبناء السنة إلى القنوات سواء كانت بالفارسية أو الكردية لتشوش عليهم دينهم واعتقادهم، كما منع أبناء السنة من إظهار الشعائر الدينية في المجتمع الكردي ونشر العقيدة الصافية والدعوة إليها.

وأصبح نشر العقيدة السنية والدعوة إليها لدى تلك الحكومة صنفاً من أصناف الإرهاب بل تعتبر الحكومة من يمارس الدعوة إرهابياً يستحق الإعدام، وزجت بكثير من الشباب إلى السجون بل وأعدم الكثير منهم.

وهنا تظهر الحاجة الماسة لإنشاء قناة إسلامية تجمع بين التأصيل العلمي والوسطية المنبثقة من الأدلة الصحيحة، وتقوم بتفعيل الدعوة إلى الله باللغة الكردية وتخاطب الشعب الكردي بمختلف أطيافه، لاسيما الشعب الكردي المقهور بداخل إيران الذي لطالما انقطع عما يدور من حوله، ولتعمل على أن يواكب الشعب الكردي الصحوة الإسلامية ويتحرر من ظلمات الجهل وأغلال الشرك والخرافة والبدعة، ولتعود بالشعب الكردي إلى ما كان عليه من الازدهار والنشاط العلمي والثقافي، وتغطي الثغر الإعلامي الذي غفل عنه أهل السنة واحتله أعداء الدين والملة.

:: مجلة البيان العدد  345 جمادى الأولى  1437هـ، فـبـرايـر  2016م.

googleplayappstore

أعلى