لن ندفع!

لن ندفع!


ما كانت تمارسه الدول الاستعمارية لسنوات طويلة من الابتزاز، والتهديد، ونهب ثروات البلدان سراً ومن وراء الأبواب المغلقة، أو على الأكثر يعلن بصورة دبلوماسية راقية على شكل تحالف أو تعاون؛ كل ذلك أصبح يمارس علناً وبأسلوب سوقي، وما كنا نسمعه عن منطقتنا من دفع ثمن حماية لم يطلبها أحد فقد افتضح أمر تلك السياسة، فمن ادعى دعم العراق في حربه ضد إيران لم يحمِ العراق المخدوع، فعندما فشلت إيران في الحرب وسلمت بالهزيمة تولت أمريكا المهمة ودمرت العراق وسلمته لإيران، وعندما ندقق في أسباب تدمير المقاومة العراقية وتراجع الثورة السورية، بل ونشأة الحشد الشيعي وقوات حماية الشعب الكردية، وتدمير أكبر الحواضر السنية؛ نجد أن العامل المشترك بينها هو كيانات مستنبتة استعملت بكل قسوة في إبادة القوى السنية المقاومة وتخويف الأقليات، وأصبح وجودها مبرراً لوجودهم وابتزازهم وارتفعت نبرة: ادفعوا أو نترككم لمصيركم أمام داعش وإيران!

 وهنا نتساءل: ما الحل؟ وهل يمكن أن يكون المخرج الكوري مناسباً لنا؟

كانت كوريا محتلة من اليابان وتم تقاسمها بين الحلفاء،  فهي من غنائم الحرب، وكان شعار توحيد شبه الجزيرة سبباً في حرب طاحنة أدت لبقاء التقسيم كما كان، وأصبحت كوريا الجنوبية تحت الحماية الأمريكية، والشمالية تحت الرعاية الصينية، ومع الوقت تضاعفت القوة العسكرية للشمالية وأصبحت نووية، وازدهرت الجنوبية وأصبحت قوة صناعية واقتصادية عالمية، وكان التوتر أساساً لبقاء أمريكا العسكري في المنطقة وامتصاص ما يمكن من ثروة كوريا الجنوبية، ووفقاً للأسلوب الحالي فقد تم تسخين عالي المستوى مع الشمالية وصل للتهديد بحرب نووية، وكل ذلك من أجل حلب الجنوبية! وبدأ الكوريون الجنوبيون يسمعون: يجب أن تدفعوا وإلا نشعلها حرباً لا تبقي منكم ولا تذر!

كان الرد صاعقاً فقد توجه مسؤول كبير إلى الصين وكوريا الشمالية حيث تم إقناع زعيم كوريا الشمالية بإعلان استعداده للقاء ترمب وبحث كل النقاط حتى القوة النووية، وأسقط في يد وزير الخارجية الأمريكي الذي ابتلع الطعم ورتب لقاء للزعيمين، وكان ذلك سبباً لعزله، ولكن المسار لم يتوقف ونشأ تقارب سريع، بدأ بنشاط رياضي مشترك وانتهى بلقاء مباشر بين زعيمي الشطرين، واتفاق واضح أن الهدف منه سلام وتعاون بحضور وضمان صيني، وأما أمريكا فهي مجرد متفرج، فمن حضر هو وزير مقترح.

وفي النهاية قالت كوريا الجنوبية بلسان الحال: لن ندفع، لن ندفع، لن ندفع! والأخطر أن الوجود العسكري في تلك المنطقة لم يعد له ما يبرره.

أعلى