• - الموافق2024/05/16م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
فلسطين الناشئة.. أين وصل الخيال السياسي الأمريكي بشأن غزة؟!

في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز كشفت أن المعارك المتواصلة في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الصهيوني حفز صانع القرار الأمريكي

البيان/صحف: في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز كشفت أن المعارك المتواصلة في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الصهيوني حفز صانع القرار الأمريكي لصنع توليفة جديدة من النخب لتدارس مستقبل الملف الفلسطيني وإتباع مسار "التنمية الاقتصادية" كأحد الحلول لإحتواء حالة المقاومة في القطاع.

الاجتماع الذي عقد في لندن، ضم مسؤولين كبارا من وكالات التنمية الاقتصادية الأميركية والأوروبية، ومديرين تنفيذيين من شركات التمويل والبناء في الشرق الأوسط وشريكين من مؤسسة الاستشارات الدولية "ماكينزي آند كومباني".وحضر جميع الأطراف كأفراد فقط، وليس كممثلين لمؤسساتهم، تلفت الصحيفة الأميركية.

والخطة التي قدمها المجتمعون "بعيدة كل البعد عن الواقع المرير الذي يواجه غزة اليوم"، يؤكد تقرير الصحيفة الذي نشر، الأحد.يؤكد المشاركون في الاجتماع، وفق ما ذكرت الصحيفة، أن مجرد ممارسة رسم مستقبل أكثر ازدهارا لغزة، يحمل قيمة لأنه يمكن أن يمهد الطريق للمشاريع بمجرد أن تصبح الظروف مناسبة، وهي الفكرة التي قادت مناطق صراع  سابقة مثل الكويت بعد غزو العراق وأوكرانيا.

وقال كريس تشوا، مؤسس ومدير شركة "أوتكوميست"، وهي شركة لندنية تصمم مشاريع تنمية حضرية واسعة النطاق، وأحد الدعاة الأوائل للمجموعة "إننا نقترح ربط غزة بالعالم على المدى الطويل" واصفا القطاع بـ"فلسطين الناشئة".

كان من بين المشاركين هاشم الشوا، رئيس مجلس إدارة بنك فلسطين، وهو بنك تجاري؛ وسامر خوري، الرئيس التنفيذي لشركة اتحاد المقاولين الدولية، وهي شركة تعمل في مشاريع كبرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ ومحمد أبو خيزران، عضو مجلس إدارة مجموعة المستشفيات العربية، وهي شركة تقدم الخدمات الطبية في الضفة الغربية. ومن المحتمل أن يكون للجميع دور في أعمال إعادة البناء النهائية.

" التركيز الأساسي لخطتهم ينصب على إعادة البناء التي ستتكشف على مدى العقود التالية".وقال أبو خيزران "يجب أن تنتهي حرب غزة على الفور، وسيكون هناك جهد إنساني مذهل وفوري"، ثم استدرك "لكننا بحاجة أيضًا إلى التفكير على المدى الطويل بشأن بناء مستقبل أفضل للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".

وقال مسؤول كبير بالوكالة تحدث دون الكشف عن هويته، إن هذه المبادرة، وهي واحدة من عدة مبادرات قيد المناقشة، حظيت باهتمام ومشورة منظمات التمويل الدولية الكبرى بما في ذلك البنك الدولي. وينظر البنك إلى الخطة باعتبارها مساهمة مفيدة نحو استراتيجية يمكن أن تولد فرص عمل في غزة من خلال دمج القطاع في الاقتصاد العالمي.

وقال مسؤول أميركي رفيع، تحدث أيضًا بشرط عدم الكشف عن هويته، إن ممثلين عن الوكالات الحكومية الأميركية حضروا ورش عمل "فلسطين الناشئة" وقدموا المشورة بشأن تفاصيل الخطة. وأضاف المسؤول أن المشاركة الأميركية في المبادرة كانت مدفوعة بافتراض أن زيادة الفرص الاقتصادية في غزة ضرورية لتقويض الدعم الشعبي لحماس.

تركز الخطة على سلسلة من المشاريع الكبرى، بما في ذلك ميناء، ومحطة تحلية المياه لتوفير مياه الشرب، وخدمة الرعاية الصحية عبر الإنترنت، وممر نقل يربط غزة بالضفة الغربية. وسيشرف صندوق لإعادة الإعمار والتنمية على هذه المشاريع المستقبلية.

تتضمن الخطة أيضا عناصر أكثر تطلعاً إلى المستقبل، مثل خفض الحواجز الجمركية أمام التجارة وإدخال عملة جديدة بدلاً من الشيكل الصهيوني، وتفترض إنشاء الحكم الذاتي الفلسطيني في نهاية المطاف، وهي الخطوة التي تعهد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو بمقاومتها. كما أنه نحى جانباً احتمال أن يتضمن الحكم المستقبلي في غزة دوراً للسلطة الفلسطينية، الشريك المحتمل الأكثر وضوحاً لمبادرة إعادة الإعمار.

 

يشكل السعر الباهظ لأي عملية إعادة بناء عائقاً آخر. وقد وصلت قيمة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة إلى 18.5 مليار دولار، وفقا لتقدير حديث للبنك الدولي والأمم المتحدة. ونصف السكان على حافة المجاعة، وأكثر من مليون شخص يفتقرون إلى المنازل.

ومن بين أكبر التساؤلات المطروحة "من يمكنه تقديم مثل هذا التمويل؟". توخت خطة تنمية سابقة للأراضي الفلسطينية قدمتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب في عام 2019 استثمارات كبيرة من دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وقال تشوا إن المبادرة الجديدة لم تتفاعل بعد مع دول الخليج.

وفي حين أن رؤى أنظمة النقل الحديثة قد تبدو الآن عرضية لاحتياجات غزة الأساسية، فإن الخطة محكومة بافتراض مفاده أنه حتى الهياكل المؤقتة مثل الإسكان في حالات الطوارئ ومرافق الرعاية الصحية يجب أن يتم وضعها بشكل مدروس لتجنب إهدار الإمكانيات المستقبلية.وقال تشوا في الصدد إن "المؤقت يميل  في كثير من الأحيان  إلى أن يصبح دائمًا بسرعة كبيرة".

ثم تابع "قد يقول أحدهم سنقيم هذا المخيم للاجئين هنا، ولكن هذا قد يكون بالضبط المكان الذي تريد إنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي أو خط عبور فيه في المستقبل".وقضى تشوا، البالغ من العمر 64 عامًا، معظم حياته المهنية في مجال الهندسة المعمارية الدولية.

وبعد الهجمات على مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001، شارك في لجنة مكلفة برسم مستقبل منطقة مانهاتن السفلى. وعاش لاحقًا وعمل في الصين، حيث أشرف على المخططات الرئيسية في المناطق الحضرية الكبرى.

وبعد انتقاله إلى لندن عام 2006، واصل هذا العمل في أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط.وتعامل الرجل مع خطة سابقة لغزة في عام 2015 من خلال العمل الذي كلفته المصالح التجارية الفلسطينية.

وقاد عدة بعثات إلى غزة، واجتمع مع السلطة الفلسطينية وذراع الجيش الصهيوني الذي يدير المنطقة.وفي أعقاب الحرب ضم محاولته إلى حراك يقوم به بارون فرانكال، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "بورتلاند ترست"، وهي منظمة مقرها لندن تسعى لنفس الغرض.وفي أعقاب اجتماع ديسمبر في لندن، اجتمعت مجموعة موسعة مكونة من 58 عضواً في واشنطن في أوائل مارس الماضي. وقد عقد مؤخرا اجتماع في مدينة رام الله بالضفة الغربية، ومن المقرر عقد اجتماع آخر في تل أبيب في أوائل يونيو.

وقال ستيفن بايرز، السكرتير السابق لمجلس الوزراء البريطاني في حكومة توني بلير، والذي حضر اجتماع لندن "إذا ظلت حماس لاعباً، فلن يستثمر الناس عشرات المليارات من الدولارات".وتمتد الأفكار التي انبثقت من ورش العمل إلى ربع القرن القادم.

تشمل هذه المشاريع إنشاء ملعب كرة قدم متطور ورفع فريق كرة القدم الحالي إلى مستوى أكثر قدرة على المنافسة دولياً، ووضع استراتيجية لتشجيع صناعة السينما الفلسطينية.وفي حين تتطلب المشاريع الكبرى الوضوح بشأن الإدارة السياسية المستقبلية لغزة، فإن المبادرات الأخرى، مثل تلك التي تهدف إلى تشجيع الشركات الصغيرة، يمكن أن تبدأ بمجرد توقف الأنشطة العسكرية.

وقال جيم بيك، الرئيس التنفيذي لمبادرة الاستثمار في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية تمول مشاريع التنمية: أريد التركيز على كيفية فتح متجر الخبز، وكيف نجعل المصانع تعمل، كل شاحنة ستقوم بإزالة الأنقاض هي في حد ذاتها شركة صغيرة تعيل أسرة".

وتأتي هذه المخططات التي تنسجها عقول غربية مرتبطة بالإدارة الأمريكية وتل أبيب متوافقة تماما مع تصريحات جاريد كوشنر المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي طالب خلال الحرب بــــ"تطهير" غزة من سكانها وتحويلها لمساحة استثمار سياحي، لكن المعضلة التي تواجه الخيال السياسي الأمريكي تصطدم بجدار صلب هو المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية التي ترفض التعاطي مع هذه المقترحات. 

أعلى