• - الموافق2024/04/20م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الاستخبارات الصهيونية: «أيام سوداء» عقب فوز الإسلاميين في مصر

الاستخبارات الصهيونية: «أيام سوداء» عقب فوز الإسلاميين في مصر



أكدت أوساط سياسية صهيونية أن حالةً من التوتر والقلق الشديد تسود الكيان الصهيوني في ظل تحقيق الإسلاميين المصريين فوزاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية؛ حيث تعمل أجهزة الأمن وَفْق «حالة طوارئ» غير معلَنة، في ظل التقارير التي ترسلها السفارة في القاهرة، عما وصفته بـ «الاستعدادات المهولة والضغط الإعلامي الكبير والتنظيم الجيد لإدارة الحملة الانتخابية التي نفَّذوها».

وقد دفع ذلك الأجهزة الأمنية الصهيونية لإعداد ورقة عمل تحذِّر من «أيام سوداء» ستواجهها «إسرائيل»، مع احتمال انهيار معاهدة السلام مع مصر، وتطورات الأوضاع في شبه جزيرة سيناء، على الرغم من التأكيدات التي تسلَّمتها واشنطن من الإخوان باحترام اتفاقية «كامب ديفيد» في حال فوزها؛ إلا أن تل أبيب تنظر بعين الريبة والشك.

من جهة أخرى أشار الكاتب الصهيوني (شلومو تسيزنا) إلى أن «إسرائيل» تنتظر أن ترى أي نظام سيتشكل بعد الانتخابات في مصر «الممزقة»، وتستعد لكل سيناريو إسلامي محتمَل. بينما أعرب الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست ووزير المالية الحالي «يوفال شتاينيتس» عن شعوره بالخوف من القادم من جهة مصر، مطالباً بالتفكير بصورة مختلفة، ومحذِّراً من مفاجأة في الجبهة الجنوبية؛ لأنه قد ينشأ ذات يوم تهديد أمني من قِبَل مصر.

وينقل عما يتحدثون به في غرف مغلقة داخل تل أبيب عن «الأمد القصير والبعيد»، ويقلقهم الأمد البعيد في تقديرات الوضع؛ فقد كان ممكناً في مصر طوال سنين مهاجمة «إسرائيل» في الإعلام والثقافة والمساجد وكل حديث عام، لكن الفرق بين حماسة الماضي والحاضر كما يُبينون في تقديرات الوضع، أنه كان في مصر ذات مرة مَنْ حافظ على ارتفاع لهب التحريض؛ فهل تخرج النار المنخفضة اللهب عن السيطرة؟

ولذلك يثور خوف من سيناريو مواجهة في قطاع غزة إذا جُرَّت «إسرائيل» أو بادرت لحرب مع حماس؛ فهل ستظل الجبهة الجنوبية في هذه الحال هادئة؟ وهو ما دفع بقادة الجيش لأن يسارعوا لتهدئة النفوس بأن جميع تقديرات الوضع تُسمَع في كل نقاش، لكن حينما يوجد ارتفاع لاحتمال التهديد توجد زيادة للاستعداد.

وفي سياق متصل، اعتبر مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الصهيوني أن العلاقات مع مصر كنز إستراتيجي للدولتين، وهناك رغبة في إزالة التوتر، وقد برهنت صفقتا التبادل على أن العلاقات معها ذخر، ونحن في تنسيق معهم بشأن سيناء، بينما طالب المحلل السياسي البارز «يوئيل ماركوس» صنَّاع القرار الصهيوني بالحذر من الإساءة لمصر في الأيام التالية مهما تكن نتائج الانتخابات، وأياً كان حاكمها القادم؛ لأن للدولتين أسباباً كثيرةً للاستمرار في العلاقة؛ سواء أكانت باردة أو متوترة، ناقلاً عن «شلومو غازيت» رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية «أمان» الأسبق، الذي ينظر بإيجابية إلى إمكانية أن يقوى الإخوان المسلمون؛ لأنه سيكون نظاماً قوياً ومستقراً، وهذا جيد للمصريين، وإن كان السلام معنا سيكون أكثر برودة.

 صراع الأيديولوجية والسياسة:

ومع ذلك، يُقدِّر أن المصريين سيمتنعون عن مواجهة عسكرية مع «إسرائيل»؛ فالواقع السياسي سيوجب على كل من يُنتخَب حصر اهتمامه قبل كل شيء بتوطيد الوضع الداخلي للحفاظ على المساعدة الأمريكية، وكل حكومة ستنشأ في مصر - حتى الإسلاميين -  ستطمح قبل كل شيء لتحسين الوضع الاقتصادي، وحركة السياحة ومرور السفن في السويس، ولا يعني هذا أنهم لن يُحرقوا أعلام «إسرائيل» هنا وهناك.

الصهاينة في هذا السياق يطرحون جملة من الخطوات السياسية العاجلة من قِبَل تل أبيب تجاه القاهرة على النحو التالي:

ألا تتهجم على مصر مهما كان حاكمها.

أن تُظهِر حساسية وحذراً في ردودها؛ فليس كل شيء لا يوافق هوانا ضدنا بالضرورة.

علينا أن ننظر حولنا، وأن نفحص بسبع أعين ما يحدث، وأن نحذر في تصريحاتنا.

ولهذا قدَّر الخبير الصهيوني في الشؤون العربية، «تسفي بارئيل» أن يفوز الإسلاميون في مصر بنصيب كبير من أصوات الناخبين، وهو ما يجعل «إسرائيل» تُعِد عدتها لنفي مصر وإقصائها؛ بزعم أنها ستسيطر عليها قوى إسلامية متطرفة، ومن ثَمَّ فهي تفضل سلاماً بارداً يحفظ لها مصالحها مقابل التقدم المتزايد للإسلاميين في المنطقة، بدءاً بمصر ومروراً بتونس، وانتهاءً بالمغرب، وكل ذلك يجعل «إسرائيل» تخشى كثيراً «السيطرة الإسلامية» على الشرق الأوسط، وتخشى أن ينهار اتفاق السلام مع مصر.

ومن جهة أخرى وضعت المراسلة الصحفية الصهيونية في القاهرة «سمدار بيري» سؤالاً كبيراً يشغل صناع القرار في تل أبيب على النحو التالي: إما أن يكون الجيش المصري يتآمر لإبقاء المفاتيح في يديه، أو أن الحركات الإسلامية نجحت في سرقة الثورة؛ لأنه - حقيقة - لا أحد يعرف ماذا يريد طنطاوي الذي احتل مكان مبارك: هل يسير الرجل حسب خطة عمل مرتبة، أم أنه ارتكب سلسلة أخطاء إدارية؛ لا سيما أن أوراق أجهزة الاستخبارات الغربية تتوقع أن الحركة الإسلامية ستحصل على 30 %؟ وحسب المخاوف في تل أبيب - التي تعاظمت مع تعزز مكانة الإسلاميين ودورهم في المغرب - فإن هذا يعني أن الحركات الدينية من شأنها أن تحتل البرلمان مع نصف المقاعد؛ فَهُم الجهة المرتبة ولديهم التمويل، وحرصوا على عدم إثارة غضب المجلس العسكري.

ومع ذلك فقد توقعت المحافل نفسها أن إجمالي الحركات الإسلامية، سيحظون بنحو 30 - ٪40 من الأصوات، وإذا كان هذا التقدير سليماً - حتى لو قررت توحيد صفوفها - فسيبقى الإخوان بحاجة لشركاء ائتلافيين، وسيتعين عليهم أن يساوموا على الأيديولوجية في صالح القوة السياسية. لكن المشكلة الأساسية لهم ليست متعلقة بحشد القوة السياسية؛ بل في إدارة الدولة وصياغة الدستور، ولاحقاً عليهم أن يقرروا لمن يمنحوا تأييدهم كمرشح للرئاسة، رغم أنهم أوضحوا عدم توفُّر نية لديهم تقديم مرشح خاص بهم، وعلى كل الأحوال فإن معدل انتصارهم في الانتخابات سيقرر نصيبهم في الحكومة، وحجم المسؤولية عن حل المصاعب الهائلة التي يقفون أمامها.

لكنِ الكاتبان الصهيونيان المتخصصان في الشؤون الإقليمية «إيلي فودة وليمور لافي» توقعا للمعسكر الإسلامي إنجازات مدهشة مقابل المعسكر العَلماني واليساري المنقسم على نفسه، وليس له قاسم مشترَك، وأكثر أحزابه ذات برامج عمل مدنية، وبلا خبرة وتمويل وقيادة قوية الحضور، وهو ما يعني أن يحظى الإسلاميون بنصيب لا يقل عن نظرائهم في تونس، بل ربما يكون أكبر كثيراً، وهو ما سيمكِّن هذه المرة العناصر الإسلامية من أن تدفع للأمام برامج عملها، ومع نهاية الانتخابات ستستعد القوى لانتخاب الرئيس، وكل ذلك يؤكد أن الصراع على صورة مصر بعيد عن النهاية.

وأوصيا صناع القرار في تل أبيب بالنظر للأحداث في مصر باهتمام وقلق، لكن بلا ذعر؛ فإلغاء اتفاق السلام ليس في برنامج العمل الآن، وبرنامج عمل الإسلاميين يتحدث عن «نظر من جديد» في اتفاقات وقَّعت عليها مصر، وهذه الصياغة الغامضة تُمكِّن من مداورة في المواقف بشأن السلام مع «إسرائيل»، وهو ما يعني أنه سيكون من الواجب على كل من يدير السلطة في مصر، أن يأخذ في حسابه مصالحها السياسية والاقتصادية؛ فإلغاء السلام قد يجر فقدان المساعدة الأمريكية التي تبلغ أكثر من ملياري دولار كل سنة، وفقدان إيرادات السياحة والاستثمارات نتيجة تدهور الوضع الأمني.


أعلى