مجلة البيان - ألبانيا الكبرى هل تنقذ كوسوفو؟!

 ألبانيا الكبرى هل تنقذ كوسوفو؟!
ألبانيا الكبرى هل تنقذ كوسوفو؟!


أظهرت نتائج أولية للانتخابات في كوسوفو اكتساح المعارضة للمشهد السياسي في بريشتينا للفترة الانتخابية المقبلة، وبذلك تنتهي حقبة أمراء المرحلة السياسية التي شهدت الصراع بين صربيا وجمهورية كوسوفو لصالح حزبي المعارضة، الاستقلال ("فيتيفيندوسي" يساري قومي) و"رابطة كوسوفو الديموقراطية" (يمين الوسط) اللذان حصلا على التوالي على 25,9% و25,33% من الأصوات، متقدّمين بفارق كبير على الحزبين الرئيسيين في الائتلاف الحاكم.

وحاز حزب كوسوفو الديموقراطي بزعامة الرئيس هاشم تاجي على 21,35% بينما حصل حزب "التحالف من أجل مستقبل كوسوفو" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته راموش هاراديناي على 11,7%.

ولم يتأخّر قدري فيسيلي زعيم "حزب كوسوفو الديموقراطي" في الاعتراف بهزيمة الحزب الحاكم، وقال "نقبل حكم الشعب. حزب كوسوفو الديموقراطي ينتقل إلى المعارضة".

وترجح النخب السياسية المحلية أن تلجئ المعارضة إلى تشكيل تحالف داخل البرلمان لتشكيل الحكومة وبالفعل فقد استبق الحزبان الانتخابات بمفاوضات حول إمكانية تشكيل تحالف حكومي على الرّغم من الاختلاف الإيديولوجي الكبير الذي يباعد بينهما.

وينصّ دستور كوسوفو على تكليف الحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات مهمة تشكيل الحكومة الجديدة. وفي حال أكّدت النتائج النهائية فوز حزب الاستقلال فإنّ زعيمه ألبين كورتي (44 عاماً) سيكون رئيس الوزراء المقبل. وكورتي هو ناشط قيادي وزعيم منظمة تقرير المصير ونائب في برلمان كوسوفو، وله سجل حافل في دعم استقلال بلاده عن صربيا ورفض التواطئ الأممي ضد شعبه، بالإضافة إلى تعرضه للسجن بسبب نشاطه ضد يوغسلافيا السابقة.

ويقول أستاذ العلوم السياسية نجم الدين سباهي، إن "مسألة الحوار ستكون حاسمة في تشكيل الحكومة المقبلة"، لأن "الأسرة الدولية لن تعطي موافقتها على حكومة لا تجعل منها أولوية".

 

 

وأقصت الانتخابات الأخيرة، هاشم تاجي، رئيس الوزراء السابق والزعيم المخضرم في حرب تحرير كوسوفو إبان الحرب بين عامي 1998 و 1999. وسبق لتاجي أن تولى رئاسة الوزراء ومنصب نائب الوزير، ووزير الخارجية. وكان تاجي أحد القادة السياسيين لجيش تحرير كوسوفو، إبان حرب كوسوفو بين عامي 1998 و1999، واختير بعد نهاية الحرب، كأول رئيس لوزراء كوسوفو.

وتجرى الانتخابات التي شارك فيها 1.9 مليون ناخب بعد مرور عقدين من استقلال كوسوفو وتفكك يوغوسلافيا، ولا تزال صربيا ترفض الإعتراف بإستقلال كوسوفو الإقليم الذي يشكل سكانه أغلبية ألبانية مسلمة.

وأدلى الناخبون بأصواتهم على وقع تراكمات كبيرة من الفساد والفقر والبطالة بالإضافة إلى ضغوط تتعرض إليها بريشتينا من قبل أوروبا لتسوية الصراع مع بلغراد التي تعد أحد أبرز بؤر الإضطراب الكبرى في أوروبا بسبب الطبيعة الأيديولوجية للصراع بأبعاده التاريخية.

وقفت صربيا بدعم من روسيا والصين ومؤازرة غربية حجر عثرة أمام طموح كوسوفو للحصول على مقعد في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تعطيل إنضمامها للاتحاد الأوروبي غير أن تلك الخطوات ورغم أهميتها السياسية إلا أنها لا تشكل أولوية بنظر أغلبية السكان في كوسوفو.

وقبل الانتخابات الأخيرة أرسلت الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي رسائل واضحة إلى القيادة السياسية في كوسوفو ملخصها أنه يجب التوصل لإتفاق سياسي مع صربيا للحصول على دعم أمريكي أوروبي في المرحلة المقبلة.

وكان الغربيون نددوا بقرار رئيس الوزراء السابق، راموش هاراديناي فرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة على البضائع المستوردة من صربيا، وتشترط بلغراد إلغاء هذه الرسوم لاستئناف المفاوضات المتعثرة منذ نحو عامين.

وبالإضافة إلى أزمة الرسوم تواجه الحكومة الجديدة مشكلة تنظيم التوزيع الديمغرافي للصرب في كوسوفو والذين يبلغ عددهم نحو 40 ألفاً في الشمال، و80 ألفاً في نحو 10 جيوب، وهم سينتخبون 10 نواب. وفرضت عليهم بريشتينا، لأول مرة، إبراز وثائق من كوسوفو، ما أثار توترات سياسية. كما حظر دخول مسؤولين من صربيا إلى كوسوفو خلال فترة الحملة الانتخابية.

وفي خطوات فسرتها بلغراد على أنها جزء من سياسة بريشتينا للسعي لإستقلالها بالكامل، أعلن برلمان جمهورية كوسوفا في ديسمبر 2018 تشكيل جيش وطني قوامه 5000 جندي، وذلك رداً على تهديدات لصربيا بالتدخل عسكرياً لحسم الصراع السياسي مع كوسوفو.  ورغم إشادة الولايات المتحدة بالخطوة في حينه إلا أن حلف شمال الأطلسي " الناتو" رفض الخطوة واعتبر أنها تساهم في زيادة التوتر.  

تسعى كوسفو عوضاً عن فشل محاولاتها للحصول على إعتراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي اللجوء إلى إحياء فكرة مشروع "ألبانيا الكبرى"، وقام رئيس الوزراء المنتهية ولايته راموش هاراديناي، بتوقيع إتفاق مع نظيره الألباني، إيدي راما، يقضي بإزالة الحدود بين البلدين في مارس 2019.  وخلال اجتماعات بين الطرفين تم إنشاء صندوق مشترك لوضع خطط سياسية بإتجاه عملية دمج كامل بين البلدين بما في ذلك رئاسة واحدة وجيش واحد وتمثيل دبلوماسي واحد. وتعتقد بعض النخب السياسية في كوسوفو أن حل جميع مشكلات البلاد قد يكون بالإنضمام على ألبانيا الكبرى أول دولة مسلمة تنضم إلى الاتحاد الأوروبي.

وكان قد تحدث في 15 شباط-فبراير 2019، على شاشة التلفزيون المحلي عن اندماج الدولتين، مؤكداً أنه الحل لجميع مشكلات كوسوفو، رغم تعارض هذا القرار مع قرار مجلس الأمن. وهكذا ستكون ألبانيا الكبرى أول دولة مسلمة قد تنضم إلى الاتحاد الأوروبي. ويطالب السكان الألبان في الجبل الأسود، ومقدونيا، واليونان الانضمام لألبانيا الكبرى. فيما طلبت الأقلية اليونانية، الموجودة في جنوب ألبانيا، على الفور، إذا ما تحقق هذا المشروع، ألا تنضم إلى ألبانيا الكبرى، بل أن تًلحق باليونان. ويلعب الإرث الأيديولوجي دوراً كبيراً في الصراع السياسي في تلك المنطقة الجغرافية إذ أن أغلبية السكان الالبان من المسلمين بخلاف الصرب الذين ينتمون إلى المسيحية الأرثوذكسية.