مجلة البيان - الوجه المشرق في أفغانستان

 الوجه المشرق في أفغانستان
الوجه المشرق في أفغانستان


تريد الولايات المتحدة دائماً سرقة الهوية الوطنية للشعوب أينما حلت، ففي كوريا الجنوبية أوجدت بيئة خصبة للمسيحية على حساب الأديان الشامانية وفي العراق أظهرت وجهاً بشعاً للديمقراطية أكدته الفوضى الأمنية التي تحولت إلى هوية دينية مثلتها المليشيات الشيعية، وفي أفغانستان أعطت واشنطن مساحة كبيرة للفوضى الدينية وقمعت الهوية المسلمة للشعب الأفغاني بدعوى الحرب على الإرهاب، لكن لا يزال هناك مجموعة من الأطفال الصغار يجلسون في حلقات تحفيظ القرآن الكريم بأحد مساجد مدينة كونار  القديمة يصرون على بناء بلدهم بالطريقة التي يريدونها.. يقول فاضل حق ذو الــ14 ربيعاً وصاحب العيون الخضراء" كنت أقرأ النص العربي دون فهم، لكن كان لمدرسينا الفضل بالإجابة عن أسئلتنا، الله سيحبني  عندما أدرس القرآن".

توفر تلك المدرسة التعليم المجاني للطلاب في إقليم كونار شرق أفغانستان، لكنها تربك شركاء أمريكا الأمنيين كونها أحد عشرات المدارس التي تنشر التعليم الإسلامي بدعم من رجال الأعمال والمحسنين فأيادي الخير كثيرة التي تريد الحفاظ على الهوية الإسلامية للشعب الأفغاني الذي يرز تحت الفوضى الأمريكية منذ 17 عاماً.

الحكومة الأفغانية تحاول السيطرة على المساجد والمدارس الدينية لكنها لا تجد مساحة لتمويل مثل هذه المدارس فيأخذ السكان المبادرة في توفير بدائل جيدة لأبنائهم، وبحسب إحصائية رسمية لوزارة الحج والشؤون الدينية فهناك عشرات الآلاف من المدارس الإسلامية لكن الوزارة تبسط سيطرتها على 7000مدرسة فقط.

يقول فضل محمد الحسيني وهو متحدث باسم الوزارة،"إن تلك الظاهرة تعد مشكلة لأنها تغيب سيطرة الحكومة على المساجد والخطاب الديني في مناطق شاسعة في أفغانستان".

لا شك أن هذه الموارد البشرية الكبيرة التي تمثل حاصنة للهوية الدينية لأفغانستان تشعر الولايات المتحدة بالقلق سواء نجحت في عقد اتفاق سلام مع حركة طالبان أو فشلت في ذلك، ففي كلا الحالتين هناك جيل جديد يحمل هوية إسلامية صافية نقية يساهم في التأثير على الوجود الأمريكي في بلاده.

يقول أحد المدرسين إنه يدرس 90 طالباً، غالبيتهم يأتون من جميع أنحاء الإقليم ويضطرون للإقامة في مساكن الطلبة بنفس المدرسة. تلك المدرسة شيدتها قبل أربع سنوات مؤسسة غير ربحية اسمها "نجاة" وهي بالعربية تعني " إنقاذ" وهي ممولة من الكويت ومكتبها الرئيسي في جلال آباد. يطغى على سكان كونار التوجه المنهجي السلفي فقد تأثر الكثير من أبنائهم بالمدارس الباكستانية المجاورة وكذلك الدعم المقدم من دول الخليج العربي.  يقول مسؤول أمني أفغاني لمجلة "فورين بوليسي" لا يجب السماح لهم بالنمو فهذه المنطقة لها موقع استراتيجي مع طرق إمداد جيدة بالإضافة على قربها من الحدود الباكستانية والعاصمة كابول، فهو يرى أنها مهئية لأن تكون مقراً لعملية إنقلاب على الدولة الأفغانية المدعومة أمريكياً.

يقول مولاي كاري حنيف الله إنه عاش في بيشاور الباكستانية ودرس وتعلم في المملكة العربية السعودية، والآن يدرس 180 طالباًن، ولا ينكر محفظ القرآن في قرية شراكاي في كونار وجود إختلاف بين طالبان التي تنتهج المذهب الحنفي وبين المدارس السلفية الحنبلية، فهذا يبرئ ساحة الأخيرة من التحالف مع طالبان.