• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
قراءة أمنية استخبارية في تصريحات رئيس الموساد الصهيوني

مائير داغان

 

في أجواء وداعية "ساخنة"، أعلن رئيس جهاز "الموساد" الصهيوني المنتهية ولايته، "مائير داغان" عن عدد من التقديرات الأمنية والإستخبارية الخاصة بوضع "إسرائيل" الإستراتيجي، محلياً وإقليمياً ودولياً، من خلال إطلاله على عدد من الملفات الحيوية والساخنة، التي تشكل قلقاً لصانع القرار "الإسرائيلي" في "تل أبيب"، في ضوء ولايته الأطوال في تاريخ "الموساد"، التي استمرت 100 شهر، أي 8 سنوات و3 أشهر.

جاءت تصريحات "داغان" الوداعية، ضمن مراسم التسليم والتسلم مع خلفه "تامير باردو" في مقر قيادة "الموساد" شمالي "تل أبيب"، برعاية رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" ووزير الحرب "إيهود باراك"، بعد أنْ اصطحبه في رحلات خارج "إسرائيل"، لعقد لقاءات تعارف له مع نظرائه رؤساء أجهزة المخابرات الخارجية في أنحاء العالم، وقد استقطبت اهتماماً بالغاً.

وهكذا انتهت عملياً حقبة تاريخية في "الموساد"، وترك "داغان" وراءه شخصيات مؤيده له بشدة، لكن حفنة ليست بسيطة من الأعداء ممن كانوا موظفين تحت قيادته، ومع ذلك، فلا يختلفون على أن "الموساد" كان خلال ولايته، شاهداً على إنجازات تنفيذية كانت قبل ثمانية أعوام "مجرد حلم".

وأعرب عدد من الحضور خلال المراسم، عن اعتقادهم بأن نشاطات الموساد تحت رئاسة "داغان" ساهمت إلى حد ما في المشاكل التي تعترض البرنامج النووي الإيراني، حيث اتّسمت فترته بتكثيف العمليات التي قام بها الموساد في الخارج واضعاً على رأس سلم اهتماماته ذلك البرنامج.

المشروع النووي الإيراني

فقد رجّح "داغان" عدم استطاعة إيران امتلاك قنبلة نووية قبل منتصف العقد الحالي، أي عام 2015، في ظل أن طهران تواجه معوقات وصعوبات تقنية في تطبيق برنامجها النووي، ولولا الخلاف الشديد لدى القيادة الإيرانية حول استمرار تطوير البرنامج، لكانت إيران حققت هذا الهدف منذ فترة طويلة، ومع ذلك فإن الدافعية الإيرانية نحو تطوير السلاح النووي ما زالت قائمة، بحسب تقديراته.

وتشير هذه التقديرات إلى أنَّه يتوجب على "إسرائيل" أن تبقي جميع الخيارات مطروحة لاحتواء التهديد الإيراني الوجودي، مشددة على أن حكام إيران لن يتورعوا عن ضرب إسرائيل بالسلاح النووي في حال سنحت الفرصة لهم للقيام بذلك، لاسيما وأن نشاطات "الموساد" تحت رئاسته ساهمت إلى حد ما في المشاكل التي باتت تعترض البرنامج النووي الإيراني.

"داغان" الذي أنهى سنوات ولايته تحت قيادة ثلاثة رؤساء للحكومة، قال في الماضي إنَّه على "إسرائيل" استخدام خيار مهاجمة إيران عسكرياً، حين تتعرض فقط لهجوم، أو حين يوجه "السيف" نحو رقبتها.

فيما التقديرات الحالية تشير إلى أنَّ مهاجمة إسرائيل لإيران حالياً، ستوحد الشعب الإيراني حول قيادته، والاعتقاد السائد أن إسرائيل في ضوء تقديرات "الموساد" ستعمل على المستويين السياسي والعسكري، لاسيما وأن الهجوم "الإسرائيلي" سيمنح إيران المبرر للخروج علناً ببرنامجها النووي العسكري، مع العلم بأن التقديرات في أجهزة الإستخبارات "الإسرائيلية" ترجح أن السلاح النووي في إيران سيؤثر على المحور المعتدل في الدول العربية، والذي قد ينتقل باتجاه محور الشر.

القراءة الأمنية في إسرائيل لتقديرات "داغان" حول إيران، تشير إلى أنه سيكون على "باردو" أن يقدم برنامجاً خاصاً به، أو أن يتبنى البرنامج الذي عمل الموساد طبقاً له حتى الآن، وتشمل سلسلة من الأدوات التي ينبغي استخدامها في المقابل:

- جهود دولية لفرض عقوبات لمنع تخصيب اليورانيوم.

      - تعطيل شراء المواد التي يتطلبها تركيب القنبلة.

     - محاولة زعزعة النظام الإيراني عبر استغلال المشاكل القائمة بين المجموعات العرقية هناك، حيث تعاني إيران من توترات طائفية داخلية، وتوصية "داغان" تقضي باستغلال التوتر بين هذه المجموعات.

          تعاظم المقاومة اللبنانية

وقال "داغان" ان قوة المنظمات اللبنانية قد تعاظمت، وأن القذائف الصاروخية والقوة النارية التي تملكها تعتبر أضخم مما يملكه 90% من جيوش العالم، في ضوء النجاح في تشكيل جبهتين معاديتين لإسرائيل إحداهما في جنوب لبنان، والأخرى على شاكلة حماس في قطاع غزة.

وتقول تقديرات "داغان" إنّه من الناحية العسكرية، من المتوقع أن إيران سترد على أي هجوم ضدها عبر أتباعها في المنطقة، حزب الله وحماس، حيث سيطلق الحزب نيرانه من داخل الأراضي السورية، وبالتالي فلا يمكن إبقاء سوريا خارج دائرة التهديدات، ما يعني أن النتيجة المتوقعة لأي هجوم إسرائيلي ستكون حرب إقليمية شاملة ضدها، حيث ستشن إيران وسوريا وحزب الله وحماس هجمات صاروخية ضد إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى، وسيضربون الجبهة الداخلية ضربات بالغة.

ولذلك، فإن قدرات هاتين المنظمتين، لضرب الجبهة الداخلية لإسرائيل، واستطاعتهما العملياتية على تنفيذ عمليات مسلحة، أمور تقلق الاستخبارات الصهيونية، ربما أكثر من القوة العسكرية السورية.

وبلا شك، ووفقاً لتقديرات جهات مقربة من "داغان"، فقد أدى اغتيال عماد مغنية إلى مساس خطير بالقدرات التنفيذية لحزب الله، وحتى اليوم لم يعثروا على بديل مناسب له، لذا، فقد توزعت صلاحياته بين أربعة شخصيات مختلفة.

كما عارض "داغان" إبرام صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله الأخيرة، لأنه كان من الواضح أن الأمر سيتم بصيغة إطلاق سراح مسلحين مقابل جثامين الجنديين الإسرائيليين.

معارضة صفقة حماس

يسجل لـ"داغان" أنَّه أقنع "نتنياهو" بمعارضة القيام بتنفيذ صفقة "شاليط" بصيغتها الحالية التي تنص على إطلاق سراح 450 مسلحاً إلى الضفة الغربية، لأن من أطلق سراحهم بعد صفقة أحمد جبريل 1985م، قتلوا مئات "الإسرائيليين" في عمليات نفذت بشكل مباشر أو غير مباشر.

أما اغتيال المبحوح، وفقاً لذات المحافل المقربة من "الموساد"، فقد رافقته عاصفة إعلامية دولية، ونسب "لإسرائيل" أنها سرقت جوازات سفر، مما أشعل أزمات دبلوماسية مع عدد من حلفاء "إسرائيل" المقريين، ولكن اليوم، وبنظرة إلى الوراء، يبدو أن الضرر السياسي الذي تلقته إسرائيل كان الحد الأدنى، وهو يتلاشى، وإن قدرات الموساد في التعاون مع أجهزة الاستخبارات الغربية لم تتضرر.

إخفاقات مؤسفة

من ناحية أخرى، أقر "داغان" بإخفاق "الموساد" في بعض المسائل الأمنية، مبدياً أسفه على ذلك، ومنها عدم الحصول على معلومات عن ملاح الجو المفقود "رون اراد"، بالرغم من المحاولات المبذولة لذلك، مع العلم أنه كان بالإمكان نظرياً عقد صفقة للإفراج عنه خلال العام الأول لأسره.

كما أن عدم إعادة رفات الجاسوس "إيلي كوهين" الذي أعدم في سوريا لدفنه في إسرائيل يبعث على الأسف، فضلاً عن الإخفاق في الحصول على معلومات للإفراج عن الجندي الأسير في غزة، "غلعاد شاليط"، والجنود المفقودين منذ معركة سلطان يعقوب في لبنان عام 1982م.

وفيما يتعلق بسوريا، جاءت تقديرات رئيس "الموساد" ثابتة طيلة فترة ولايته بالكامل، فقد اقترح على رؤساء الحكومة الثلاثة الذين عاصرهم: "شارون- أولمرت-نتيناهو"، أنَّه في الوقت الذي سيضعون فيه شروطاً للانسحاب من هضبة الجولان، فإنهم بذلك يضعون شروطاً لنزع سلاح المقاومة اللبنانية، ومنع علاقة دمشق مع طهران، لكي يتسنى التأكد من أن الأخيرة لن تأتي لتقف على الحدود "الإسرائيلية".

وفي ذات الوقت، يعتقد "داغان" أنه ينبغي الامتناع قدر الإمكان عن السماح بحدوث حرب مع سوريا، ومع ذلك، فلا يجب على إسرائيل أن تتخلى عن مصالحها الحيوية، خاصة تلك التي تتعلق بالتهديد الذي يقف أمامها جراء ما تسميه محور الشر القائم في المنطقة.

أعلى