• - الموافق2024/05/20م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أسماء يوم القيامة ومعانيها

يوم القيامة يوم عظيم طويل، فيه أحداث عظيمة، وأحوال كثيرة. أنذر الله تعالى به المؤمنين في كثير من الآيات، وأمرهم بالعمل الصالح للنجاة فيه، ومن اللافت في القرآن كثرة أسماء ذلك اليوم، وغزارة معانيها


الحمد لله الخلاق العليم؛ خلق الخلق ودبرهم، وإليه مآبهم ومرجعهم، وعليه حسابهم وجزاؤهم، نحمده حمدا كثيرا، ونشكره شكرا مزيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أقام حجته على العالمين، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله؛ خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعملوا في دنياكم ما تجدونه في أخراكم؛ فإن الموعد قريب، وإن الحساب عسير، وإن الجزاء خلد في النعيم أو في الجحيم ﴿فَمَنْ ‌زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].

أيها الناس: يوم القيامة يوم عظيم طويل، فيه أحداث عظيمة، وأحوال كثيرة. أنذر الله تعالى به المؤمنين في كثير من الآيات، وأمرهم بالعمل الصالح للنجاة فيه، ومن اللافت في القرآن كثرة أسماء ذلك اليوم، وغزارة معانيها:

فمن أسمائه: يوم القيامة: وهو أشهر أسمائه، وكرر ذكره في القرآن سبعين مرة، وسميت به إحدى سوره، بدئت بالقسم به ﴿لَا ‌أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: 1]. وسمي بذلك لأن الناس يقومون من قبورهم للحساب والجزاء، ومنه قول الله تعالى ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: 6].

ومن أسمائه: اليوم الآخر؛ لأنه لا يوم بعده، ومنه قول الله تعالى ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ ‌الْآخِرِ﴾ [آل عمران: 114]، ويسمى بالآخرة؛ كقول الله تعالى ﴿‌وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: 4]، أو بالدار الآخرة، أي: التي لا دار بعدها، ومنه قول الله تعالى ﴿وَالدَّارُ ‌الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 169]، وكرر في القرآن في أكثر من مئة وثلاثين موضعا.

ومن أسمائه: الساعة، ومنه قول الله تعالى ﴿إِنَّ ‌زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: 1]، «سُمِّيَتْ سَاعَةً لِأَنَّهَا ‌تَفْجَأُ ‌النَّاسَ ‌فِي ‌سَاعَةٍ فَيَمُوتُ الْخَلْقُ بِصَيْحَةٍ»، وكرر في القرآن خمسة وثلاثين مرة.

ومن أسمائه: الآزفة؛ كما قال تعالى ﴿أَزِفَتِ ‌الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ [النجم: 57-58]، وقال تعالى ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ‌الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ [غافر: 18] سميت آزفة «‌لِدُنُوِّهَا ‌مِنَ ‌النَّاسِ ‌وَقُرْبِهَا مِنْهُمْ؛ لِيَسْتَعِدُّوا لَهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ».

ومن أسمائه: الواقعة؛ وسميت به سورة الواقعة؛ كما قال تعالى ﴿إِذَا وَقَعَتِ ‌الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ [الواقعة: 1-2]. «وَسميت وَاقعَة؛ لِأَنَّهُ لَا بُد من وُقُوعهَا؛ ‌ولِكَثْرَة ‌مَا ‌يَقع ‌فِيهَا من الشدَّة. ولِأَنَّهَا تقع على غَفلَة من النَّاس».

ومن أسمائه: الحاقة؛ وسميت به سورة الحاقة ﴿‌الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: 1-3]، وسميت حاقة «لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور».

ومن أسمائه: الطامة الكبرى؛ كما قال تعالى ﴿فَإِذَا جَاءَتِ ‌الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى﴾ [النازعات: 34-35]، «سميت بذلك؛ لأنها تطم على كل شيء، فتعم ما سواها؛ لعظم هولها، أي: تقلبه...والطامة عند العرب: الداهية التي لا تستطاع».

ومن أسمائه: الصاخة؛ كما قال تعالى ﴿فَإِذَا جَاءَتِ ‌الصَّاخَّةُ﴾ [عبس: 33]. «يعني: صيحة القيامة، سميت بذلك؛ لأنها تصخ الأسماع، أي: تبالغ في الأسماع حتى تكاد تصمها».

ومن أسمائه: الغاشية؛ كما قال تعالى ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ‌الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: 1]. «أي: القيامة التي تغشى الخلائق بأهوالها وأفزاعها».  

ومن أسمائه: القارعة؛ وسميت به سورة القارعة ﴿‌الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: 1-3]. «وذلك لأنها تقرع الخلائق بأهوالها وأفزاعها...تقول العرب: قرعتهم القارعة، وفقرتهم الفاقرة؛ إذا وقع بهم أمر فظيع».

وثمة أسماء أخرى ليوم القيامة، أضيف فيها الاسم لليوم، ومنها:

يوم البعث؛ لأن الناس يبعثون من قبورهم، ومنه قول الله تعالى ﴿لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ ‌الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ ‌الْبَعْثِ﴾ [الروم: 56].

ومثله يوم الخروج؛ لأن الناس في ذلك اليوم يخرجون من قبورهم ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ‌الْخُرُوجِ﴾ [ق: 42].

ومن أسمائه: يوم الفصل؛ لأن فصل القضاء بين الخلق يكون فيه، ومنه قول الله تعالى ﴿إِنَّ يَوْمَ ‌الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان: 40].

ومن أسمائه: يوم الحساب؛ لأن العباد يحاسبون فيه على أعمالهم، ومنه قول الله تعالى ﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ ‌لِيَوْمِ ‌الْحِسَابِ﴾ [ص: 53].

ومن أسمائه: يوم الجمع؛ كما قال تعالى ﴿وَتُنْذِرَ ‌يَوْمَ ‌الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [الشورى: 7]، سمي بذلك لأن الله تعالى «يَجْمَعُ الْأَوَّلِينَ والآخرين وأهل السموات وَأَهْلَ الْأَرْضِينَ».

ومن أسمائه: يوم الوعيد؛ قال تعالى ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ ‌يَوْمُ ‌الْوَعِيدِ﴾ [ق: 20]، «أي: اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله تعالى به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب».

ومن أسمائه: يوم الدين؛ وكرر في القرآن ثلاث عشرة مرة، منها قوله تعالى ﴿مَالِكِ ‌يَوْمِ ‌الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4]، أي: يوم الحساب والجزاء، قال الخليل بن أحمد: «والدِّينُ: الجَزاءُ... كقولِكَ: دانَ اللهُ العِبادَ يَدينهم يومَ القيامة، أي: يَجزيهمِ».

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ووالدينا وأهلنا وذرياتنا وأحبابنا والمؤمنين جميعا من الناجين الفائزين في ذلك اليوم العظيم، إنه سميع مجيب.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم....

 

 

 

الخطبة الثانية

  الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا ‌تُرْجَعُونَ ‌فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].

ومن أسماء يوم القيامة: يوم التلاق؛ لقول الله تعالى ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ ‌التَّلَاقِ﴾ [غافر: 15]، وسمي يوم التلاق «لأنه يلتقي فيه الخالق والمخلوق، والمخلوقون بعضهم مع بعض، والعاملون وأعمالهم وجزاؤهم».

ومن أسمائه: يوم التناد؛ لقول الله تعالى ﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ‌التَّنَادِ﴾ [غافر: 32]، وسمي بذلك لكثرة التنادي فيه، «فيُدْعَى كُلُّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ، وَيُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيُنَادِي أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ، وَأَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ، وَيُنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ، وَيُنَادَى بِالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ».

ومن أسمائه: يوم الحسرة؛ ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ‌الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم: 39]، وسمي بذلك لشدة تحسر الناس فيه؛ فالمؤمنون يتحسرون على أنهم لم يزدادوا من العمل الصالح، والكفار يتحسرون على كفرهم.

ومن أسمائه: يوم التغابن؛ لقول الله تعالى ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ‌التَّغَابُنِ﴾ [التغابن: 9]، «فَيَظْهَرُ يَوْمَئِذٍ غَبْنُ كُلِّ كَافِرٍ بِتَرْكِهِ الْإِيمَانَ، وَغَبْنُ كُلِّ مُؤْمِنٍ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْإِحْسَانِ».

ومن أسمائه: يوم الخلود؛ كما قال تعالى ﴿ذَلِكَ يَوْمُ ‌الْخُلُودِ﴾ [ق: 34]، وسمي بذلك؛ لأن الناس يخلدون فيه؛ فأهل الجنة مخلدون فيها، وأهل النار مخلدون فيها؛ كما ورد أن الموت يذبح بين الجنة والنار، ويقال: «يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ‌خُلُودٌ ‌فَلَا ‌مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ ‌خُلُودٌ ‌فَلَا ‌مَوْتَ» رواه الشيخان. وللقيامة أوصاف كثيرة جدا، وفيه أهوال عظيمة؛ ولذا كثرت أسماؤه «وكل ما عظم شأنه؛ تعددت صفاته، ‌وكثرت ‌أسماؤه... فالقيامة لما عظم أمرها، وكثرت أهوالها؛ سماها الله تعالى في كتابه بأسماء عديدة، ووصفها بأوصاف كثيرة». فحري بالمؤمن أن يتأهب لذلك اليوم العظيم، ويعد العدة له؛ وذلك بتقوية الإيمان؛ وكثرة العمل الصالح، ومجانبة المحرمات؛ ليكون من الناجين الفائزين.

وصلوا وسلموا على نبيكم....

‌‌


‌‌


  

أعلى