• - الموافق2024/04/20م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الحرب الأمريكية على (الإرهاب) خسائر بدون جدوى

الحرب الأمريكية على (الإرهاب) خسائر بدون جدوى

 

إن الحروب الانتقامية التي شنَّتها الولايات المتحـــــدة عقــــــــب هجمـــــــــات 11 أيلول/سبتمبر 2001م تحت شعار «مكافحة الإرهاب» كلفت الولايات المتحدة خسائر هائلة بالأرواح والأموال؛ فهل حققت هذه الحروب أهدافها وأغراضها في استئصال شأفة الإرهاب؟

من المؤكد أن العكس تماماً هو الذي حصل.

ويبقى السؤال: هل الخسائر التي تكبَّدتها أمريكا وغيرها من دول العالم في الأرواح وفي الأموال تستحق هذا الثمن؟ وهل أصبح العالم اليوم بفضل (تضحيات) أمريكا أفضل أمنيّاً مما كان عليه قبل هجمات سبتمبر 2001؟ 

 بالتأكيد لا، والكلام ليس من عندنا بل هو ما أظهرته دراسة نشرتها جامعة براون الأميركية مؤخراً تبيِّن أن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر 2001م أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن  225 ألف قتيل وبلغت كلفتها المادية 3700 مليار دولار على الأقل.

الدراسة المذكورة أنجزها باحثون في الجامعة، بإشراف البروفيسورين (بيتا كراوفورد، وكاثرين لوتز)، تضمنت أرقام حربَي أمريكا على أفغانستان والعراق إضافة إلى حملة مكافحة الإرهاب التي تشنها الولايات المتحدة في باكستان؛ ولا سيما بواسطة طائرات من دون طيار.

وجاء في الدراسة أن «حصيلة الضحايا المباشَرين لهذه الحروب تقدَّر في هذه المرحلة وبمنتهى الحذر بـ 255 ألف قتيل وحوالي 365 ألف جريح». أما عن توزيع هؤلاء القتلى فأظهرت الدراسة أن بينهم حوالي 6000 جندي أمريكي، و1200 من القوات الحليفة، و 10000 جندي عراقي، و 8800 جندي أفغاني، و 3500 جندي باكستاني، و 2300 من موظفي الشركات الأمنية الخاصة (المرتزقة). ولكن الفاتورة الأكبر هي التي دفعها المدنيون خلال تلك الحروب؛ حيث أزهقت الحروب الأمريكية أرواح 125 ألف قتيل مدني عـراقي جراء العمليـات الحـربية، و 35 ألف قتيل باكستاني و 12 ألف قتيل أفغاني. وبالمقابل فإن عدد (المتمردين أو الإرهابيين) حسب وصف الإدارة الأمريكية الذين قُتلوا في الحرب على الإرهاب المزعوم يتراوح حسب تقديرات الباحثين بين 20 و 51 ألفاً.   

ويبدو أن الباحثين ركزوا على الخسائر العسكرية والمدنية خلال الأعمال الحربية، ولم يشملوا بها الخسائر بالأرواح في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان التي تجاوزت المليوني ضحية من القتلى وأربعة ملايين من الجرحى والمعاقين، وتخريب البنية التحتية للبلدين.

ليس هذا فحسب - حسب الدراسة المشار إليها - بل إن الحرب الأمريكية أودت بحياة 186 صحافياً و 266 موظف إغاثة إنسانية في العراق وأفغانستان والباكستان.

وأما المهاجرون من اللاجئين والنازحين هرباً من أتون الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان فقد بلغ عدد هؤلاء النازحين أكثر من 8 ملايين شخص غالبيتهم من العراق وأفغانستان.

أما الكلفة المالية لهذه الحروب فكانت خيالية ومفجعة بحسب الدراسة؛ فقد بلغت الخسائر 3700 مليار دولار (أي حوالي ربع الدَّين العام الأمريكي) وتتضمن الميزانيات التي رصدها البنتاغون للعمليات والنفقات الإضافية لإدارة الأمن الداخلي وتلك الناجمة عن مكافحة الإرهاب.

تُرى أليس من حقنا ومن حق كل البشرية أن نتساءل: ماذا لو تم إنفاق هذه المليارات من الدولارات لمساعدة الفقراء والدول الفقيرة في العالم؟ هل كان هناك فقير في العالم؟ ولو قُدِّمت هذه الأموال ابتداء لمشاريع لاحتواء العاطلين، هل كان هناك بطالة تبقى في العالم؟

والأدهى من كل ذلك أن الإرهاب باعتراف أمريكا والدول الحليفة لها لم يتم القضاء عليه، بل قويت شوكته وانتشر وامتد إلى مواقعَ وساحات لم يكن يصلها من قَبْل.

ثم يبقى السؤال: هل العالم اليـوم بات بفضـل الحروب الأمريكية في وضع أمني أحسن مما كان عليه قبل عام 2001م؟ بالتأكيد: لا، وألف لا.

لقد شن جورج بوش الابن (الرئيس الأمريكي السابق) حروبه على العراق وأفغانستان للانتقام من هجمات 11 سبتمبر بادعاء أنه كانت للنظام العراقي صِلاتٌ بالقاعدة وقد ثبت بما لا يقبل الشك للحظة واحدة كذب هذه الادِّعاءات. كما ادَّعى بوش أنه شن الحرب على العراق لكون النظام العراقي يُشكِّل تهديداً للأمن القومي الأمريكي (وهي أكذوبة مضحكة يضحك منها الطفل الصغير). كما ادعى بوش وإدارته أنها للخلاص من أسلحة العراق للدمار الشامل وثبت عدم وجود هذه الأسلحة ولا أي أثر لها. وثبت كذب التهم والأسانيد التي ساقتها الإدارة الأمريكية المتغطرسة لشن الحرب العدوانية على العراق.

بعد 10 أعوام من شن الولايات المتحدة لحروبها على الإرهاب انتقاماً وثأراً من أحداث سبتمبر 2001م المشبوهة، أو تلبية لنداء رباني تلقَّاه (المؤمن جداً) جورج بوش حسب ادعائه في إحدى خطبه من أن الربَّ أمَرَه بغزو أفغانستان والعراق. وبعد كل هذه الخسائر في الأموال والأرواح وتخريب المدن وإنهاك الاقتصاد العالمي، وإنعاش كلٍّ من تجارة السلاح، وتجارة المخدرات التي انتعشت بفضل الحروب الأمريكية، هل ستبقى إدارة الشر الأمريكية بعيدة عن متناول يد العدالة الجنائية الدولية، ومتى يحاكَم جورج بوش عما اقترفه من جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنسانية وجرائمَ إبادة جماعية؟

لقد افتضحت مزاعم الحرب على الإرهاب التي لم تقضِ على الإرهاب ولم تجعل العالم أكثر أماناً، ولم تحقق رفاهاً ولا عدلاً ولا ديمقراطية، ولا أمناً ولا سلاماً؛ بل أنهكت الاقتصاد وأضاعت المليارات هباء بين حروب فاشلة وصفقات فاسدة وأعمال فساد منظم مارسه المحتلون وعملاؤهم، وأزهقت أرواح الملايين؛ فمتى يعاقَب المجرمون الذين أزهقوا الأرواح ودمروا الممتلكات وبعثروا المليارات في مغامرات غير محسوبة العواقب؟

أعلى