نصائح زهير بن أبي سُلمى للأمة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين

نصائح زهير بن أبي سُلمى للأمة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين


مشاهدُ عزٍّ بين أهل التقدمِ

أمِن أمة الإسلام عند التكلّمِ

وما هي عنها بالحديث المرجّم[1]

فقد كانت الأمجادُ هَطْلَ سحابِها

أنيقاً لعين الناظر المتوسِّم

وكانت رياضاً للقلوب ومنظراً

عليها هناءُ الصالح المُتنعِّم

ودوْحاتِ سعد يبتسمن بروضة

وأنوارُها تبدو على كل مَعلَم

وظلّت هي الشمسَ المضيئة في السما

وتُسلِم آفاقَ السماء لأظلم

فما لي أراها اليوم تدنو وتختفي

من الدهر في أفْق مُنيف مكرّم

وقفتُ على أحوالها بعد حقبة

فلأياً تَبيْن الشمسُ بعد تَوهم[2]

فألفيتُها في الناس يُرثى لحالها

ألا انعم عتيقاً أيها الوجه واسلم

فلما عرفت الشمس قلت لوجهها

لدى أمة الإسلام بعد التهدم

تبصّرْ خليلي هل ترى العز باقياً

وطاف به جمعاْ مُحلٍّ ومحرِم

فأقسمت بالله الذي عزَّ بيتُه

أضاعت لها دين العلا والتسنّم

يميناً لقد ضلّت عن المجد أمة

وتفخر في سُوح المذلة بالدم

تُخَلِّي عِداها ثم تقتل بعضها

وتزهو بإتيان العظيم المحرّم

تفرِّقُ ما كان منها ململَماً

على أرضها والله لم تتثلّم

ولو أنها أرست دعائم دينها

مغلغلةً تُتلى على كل مسلم[3]

ألا أبلغنْها من زهير رسالة

وتخشون يوماً من ورود جهنم

ألا تتقون الله حين لقائه

وحادوا عن الدرب المنير المقوَّم

وقد بانَ سعي الأكثرين عن التقى

تَقضَّى بأمر السلم قبل التندم

وسالت دماهم بينهم في مآرب

وما هو عنها بالحديث المرجم

فما الحرب إلا ما علمتمْ وذقتمُ

وإن أُضرمت بالسعي منكم تَضرَّم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمة

وتوردكم هلكى إلى أم قشعم[4]

فتعرككم عرك الرحى بثِفالها

إلى كلأ مستوبل متوخم[5]

تقضّت أماني الطائشين فأصدروا

نُهى الحُرِّ يوم الجهل لم يتقدم

حروباً أقاموها ولو كان حاضراً

أخا الجرم يوماً لا أبا لك يندم[6]

سيندم أحلاس الفساد ومن يعش

تروح وتغدو لم تَرّيث وتسأم

رأيت المنايا بينكم في تزاحم

وعزكم في الذل لم يتجمجم[7]

ويمسي عِداكم آمرين عليكمُ

تلوذ برب العالمين وتحتمي

تسود على هام البرية أمةٌ

وتأبى خضوع النفس للمتهكم

وتبني على المجد الأشم حياتها

ومن يسمع النُّصاح يعقل ويفهم

بذلت لكم نصحي ودُرَّاتِ حكمتي

:: مجلة البيان العدد  330 صفر  1436هـ، نوفمبر  2014م.


[1] الحديث المرجم: الذي يُرجم فيه بالظنون.

[2] اللأي: البطء وقيل المشقة، والمعنى: لم تبن إلا بعد جهد؛ لتغير حالها ودروس أعلامها.

[3] الرِسالَة المُغَلْغَلَة: المَحْمُولَة من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ.

[ 4] أم قَشْعَم: كنية الموت.

[5] استوبلت الشيء: وجدته وبيلاً، واستوخمته وتوخمته: وجدته وخيماً. والوبيل والوخيم: الذي لا يُستمرأ.

[6] الحلس: كساء على ظهر البعير، وإنما قيل له حلس للزومه الظهر، والعرب تقول: فلان حلس بيته إذا كان يلزم بيته.

[7] التجمجم: عدم الإبانة في الكلام.

أعلى