منتدى القرّاء

منتدى القرّاء

فخ بين أغصان الزيتون

تزايدت التصريحات الواهية في المنطقة عن تنوع المنابر ما بين عالمية وإقليمية، خاصة بعد زيارة أوباما لمصر وخطابه الشهير من جامعة القاهرة. ويبدو أن أسلوب الرئيس الأمريكي ولهجته نالتا إعجاب الكثيرين ووجدتا قَبولاً لدى أطراف عديدة.

وأخذ نتنياهو بركوب الموجة؛ فمرحلة الخطابات قد بدأت وها هي تجني تصريحات التأييد؛ فإذا به  يتحدث عن احتمال قيام دولة فلسطينية ولكن مع الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة؛ غيرَ عابئ  بهزالية الضغط الغربي)المصطنع(، ولكنه رغم كل تزيينه وتجميله زاد مسماراً آخر في نعش التسوية المتعفنة على قاعدة )غربان تقلِّد هديل الحمام، فأنَّى لها أن تنجح؟(.

لطالما قلَّدت غربانٌ هديل الحمام ومنَّى كثيرون أنفسهم؛ ولو بنيل جزء يسير من الـمرام، وتباكوا كثيراًعلى ما يسمونه )الفرص الضائعة(؛ بل من شدة ما جلدوا أنفسهم  وذواتهم أُطلِق عليهم )مثقفو الذريعة(لِـما وفَّروا للمعتدين وللاحتلال من ذرائعَ ومبررات، وقولهم لو لم نفعل كذا لما حدث كذا وكذا، على قاعدة )تنجح الغربان بالهديل، إن صفق المستمعون(.

فلماذا ينخدع كثيرون بصوت النعيق ويغرُّهم على قبحه وبشاعته، وهنا يبرز تساؤل: أين وجه الجمال في الدعوة البنيامينية إلى يهودية الدولة؟ وأين الحُسْن في إلغاء حق عودة اللاجئين؟ وأين الوداعة والروعة في حرمان شعب فلسطين من عروس عروبته وتاريخ مجده مدينة القدس المباركة؟

لماذا نقنع أنفسنا - والضمير عائد على المخدوعين بالبريق، والمهرولين إلى الفخاخ بين أغصان الزيتون - أننا نطرب بسماع الدعوة لتجميد الاستيطان في الوقت الذي تحذِّر فيه الهيئة )الإسلامية المسيحية( في القدس من أن الإعلانات والمصادقات الحكومية بدأت في الشروع ببناء 5800 وحدة استيطانية في عدد من مستوطنات القدس، تقدَّر طاقتها بأكثر من 50 ألف مستوطن .

لقد فهم المتشددون الصهاينة نعيق نتنياهو وخطاب أوباما فلم يُظِهروا أي ردِّ فعلٍ قوي يناهض الدعوة  لتجميد الاستيطان؛ فنتنياهو قبل يومين كان مناهضاً لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة وما زال - على حدَّ قوله - ملتزماً بمواقفه الجوهرية.

لكن عزاءنا أن في شعبنا وأمتنا من فهم قول الشاعر:

لا تخدعنَّك غربانٌ وإن نعقتْ

بين الزهورِ؛ فصوتُ الشرِّ مفضوح ُ

فلا تعجلْ وكن رجلَ الهـدى؛

فإن الفـخِّ في الزيتــون مطروحُ

فلم يخدعهم النعيق وأعينهـم دائمـاً علـى الفـخ؛ لئـلا يصيبهـم ما أصـاب القـوم، بل يتمسـكون بالثوابت ولا يغريهم التلاعب بالكلمات وتوظيف الأحاديث والآيات.

م. محمود سمير

كاتب من غزة

 

الشباب المفترى عليه

أرى أن الشباب هو الطاقة العظمى المهدرة في أي أمة؛ حينما لا يحسن استغلالها الاستغلال الأمثل، والشباب هو قدم الأمة ويدها، وهو الصانع لحَراك أي مجتمع.

وقبل أن نطالب شباب أيِّ أمة بالانتماء إليها - وهو لا شك القاعدة التي يمكن أن يقام عليها صرح نهضتها - أقول: قبل ذلك يجب علينا الأخذ بيده من السقوط في مستنقع يأسه واستسلامه.

لذا أرى أن البطالة هي المساحة المعتمة في سماء الحلم؛ إذ كيف يفكر الشباب وهو يائس، بل كيف ندعوه إلى الانتماء ونحن لا نوفر له الحد الأدنى من الحياة الكريمة؟

حينما نرى قِطاعاً عريضاً من الشباب يقوم بتعطيل عقله فلننظـر إليهم: مـاذا يصنع هؤلاء؟ ما هي وظائفهم؟ وهل تسهم دخولهم في إعادة الثقة المفقودة في أحلامهم، أم أنها تضغط على الرمق الأخير من آمالهم حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة؟

إن الطامة الكبرى: أن يجد الطالب نفسه بعد حصاد أعوامه الكثيرة الشاقة أنه كان واهماً وأن الحلم قد تبخر ثم يصبح هذا المفترى عليه نموذجاً لمن يأتي بعده من إخوانه من الشباب الواعد الأصغر سنّاً الذي سوف ينظر بعين الاعتبار إلى نموذجه وهو على هذا القدر من اليأس والشعور بالإحباط.

إن المجتمع الشبابي في بلادنا يحتاج إلى إعادة صياغة منظومته واكتشاف هويته من جديد ولن يتم له ذلك وهو عاطل أبداً.

فعلينا إذاً قبل أن نمنحه كتاباً يقرؤه أو نجود عليه بنصائح إرشادية، أن نشاركه قضيته الأم )البطالة(، ذلك المارد القابع في أحلامه والماثل دائماً في فكره ووجدانه.

محمد محمد على جنيدي
 
m_mohamed_genedy@yahoo.com

 

تربية المسلم لنفسه

إن تربية المسلم لنفسه، إنما هي وقاية له من عذاب الله وناره. ووقاية النفـس من عـذاب الله، كما قال: ابن سعدي - رحمه الله - تكون: )بإلزامها أمر الله امتثالاً، ونهيه اجتناباً والتوبة عما يسخط الله ويوجب العذاب(.

وتتجلى في هذا المعنى تربية النفس التي هي مقدَّمة على وقاية الأنفس الأخرى على أكمل وجه.

قال - تعالى  }:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْـحِجَارَةُ {التحريم6.

ومن الذي يربي الإنسان عندما يبلغ سن العشرين أو الثلاثين أو أكثر من ذلك؛ وذلك لاعتقادٍ أبويٍّ خاصة والناس عامة: أنه أصبح كبيراً في السن، وهو أعرف بمصلحة نفسه، أو لأنهم مشغولون عنه بأمور ديناهم، وهو ما يضيِّع عليه فرص الطاعات ومناسبات الخير. ويمضي العمر وهو لم يتدارك النقص أو التقصير الذي وقع فيه، فيتحسر عند ساعة الموت؛ حيث لا ينفع الندم.

والحساب يوم القيامة من الله لعباده سيكون حساباً فردياً، مهما أدَّعى الإنسان أن الآخرين كانوا سبباً في  إضلاله وانحرافه وإهماله. قال تعالى}: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا { مريم95.

وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:  »ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليست بينه وبينه ترجمان. «

ولا يخلو أي إنسان من عيوب ونقائص، ومن الوقوع في شيء مـن التقصيـر والمعاصي، قلَّ ذلـك أو كَثُر، فالأنبياء هم المعصومون فقط؛ لذلك فإن المسلم بحاجة إلى إصلاح تلك الجوانب قبل أن تستفحل، ولا يستطيع أن يصحح ما لديه من أخطاء بالمستوى الشامل المستمر؛ إلا عندما يقوم بهذه المهمة عن طريق تربية النفس؛ لأنه أعرف بنفسه، وأدرى بدخائلها وأسرارها، وهو بذلك أقدر على ضبطها على منهج فاضل وخُلُق كريم؛ لأنها السبب الأول بعد هداية الله - تعالى - في ثبات المسلم على طريق الإيمان والهداية.

كما أنها خط الدفاع الأول لمواجهة الفتن والمغريات التي أصبحت تحيط بالمسلم في هذا العصر.

    هويدا على الأمين

أعلى