الإصلاح الديني في المغرب القرن التاسع عشر

الإصلاح الديني في المغرب القرن التاسع عشر


يعد القرن التاسع عشر، قرن الاصطدام بأوربا وقرن الاستيقاظ، ففيه سقطت أجزاء عامة من العالم العربي في يد الاستعمار، ليكشف حجم الهوة بين الغرب والشرق، وعن حجم تقدم الآخر وحجم تأخرنا، وكيف استطاعت أوربا القفز بخطوات كبيرة عن باقي العالم ومنه العالم الإسلامي بفضل التحولات الكبرى التي عرفها تاريخها منذ القرون الوسطى وبداية عصر الأنوار، وما نتج عنها من تفكك نمط الإنتاج الإقطاعي، وانهيار طبقة النبلاء المهيمنة اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، وظهور طبقة جديدة هي البرجوازية، وظهور الثورات الثلاث التي ساعدت على تحويل أوربا القروسطية إلى أوربا الرأسمالية الحديثة، والتي لخصها محمد حبيدة أستاذ التاريخ بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في:

- الثورة الاجتماعية، كالثورتين: الإنجليزية عام 1689م، والفرنسية عام 1789م، وما أفرزتا من قيم سياسية جديدة، قائمة على سيادة القانون وحرية الرأي وفصل السلطات.

- الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، التي تمثلت في الاختراعات التقنية، والتي جعلت من الآلة أساس الاقتصاد والمحرك الرئيسي لمجموع مظاهر الحياة اليومية.

- الثورة الفكرية، والتي أصبح فيها العقل هو المحدد الرئيسي لكل الإنتاج البشري المادي منه والأدبي، فهو المقياس الذي سار وما زال يسير عليه الغرب[1].

امتدت هذه الثورات على مدى ثمانية قرون أو أكثر، ورافقتها تضحيات جسام ومآسٍ جماعية كاضطهاد دعاة الإصلاح الديني من طرف الكنيسة الكاثوليكية، والحروب الدينية والاستبداد السياسي، تمكنت خلالها النخبة الأوربية من انتقاد الكنيسة والأنظمة السياسية والأنساق الاقتصادية وطرح بدائل التجديد والتغيير، ما يفسر أن سبب قوة الآخر الغربي هو الأفكار، والأفكار لها تاريخ ومن ورائها رجال وأحداث.

أما العالم العربي ومنه المغرب، فقد شكل لقاء الآخر واكتشاف تفوقه، مهمازاً وحافزاً للوعي العربي الإسلامي على الاستفسار والتساؤل واليقظة. وبالتالي ضرورة البحث عن البدائل والإجابات، لتجديد مؤسسات الدولة في محاولة لدخول العصر الحديث، والخروج من حالتي التأخر والضعف. وتبلورت هذه الإجابات في شكل محاولات إصلاحية دينية، انطلقت من الأستانة، لتصل رياحها إلى مصر وتونس والمغرب.

انقسم خلالها دعاة الإصلاح الديني إلى فريقين، ذهب كل منهما مذهبه: موقف محافظ تقليدي، يرى العلاج في تطبيق الأنظمة الإسلامية الأصيلة، معادٍ للانفتاح على أوربا ورافض لاستلهام حداثتها، ولم يكن يرى في إدخال المستحدثات التقنية والعسكرية والمدنية إلا عاملاً مدمراً للبنيات المجتمعية التقليدية، التي كان يستفيد منها، ويرى أن لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها، متجهين بفكرهم إلى محاربة البدع في الدين والسلوك والتنديد بظلم الولاة والحكام، وعدم التزامهم بالشرع.

أما الاتجاه الثاني، فهو الليبرالي الذي يرى أن الإصلاح يستلزم اقتباس النظم الأوربية واستلهامها، ولا يرى غضاضة في الاستعانة بالأوربيين والتعلم في مدارسهم. وأصحاب هذا الاتجاه تدفعهم جاذبية تستشعر درس العصر وقوة التنبيه الخارجي، وخطورة التحدي وتدعو لضرورة التجديد في مختلف مناحي الحياة.

فظهور فكرة الإصلاح الديني خلال القرن التاسع عشر جاء ردة فعل ضد الصدمة الحضارية التي خلفها اكتشاف تفوق الآخر وتأخرنا فهو في جوهره بحث عن كيفية إيجاد السبل لغرس قيم الحداثة في مجتمع يعتنق الإسلام ويعد النص الديني أساس الحياة في مختلف المجالات وامتحاناً لمدى قابليته للتحديث ومدى توافقه مع قيم ومنجزات الحداثة ومن تم ظهرت دعوات الإصلاح الديني في شكله التوفيقي على يد مصلحين كمحمد عبده وعبد الرحمان الكواكبي وابن باديس والطاهر بن عاشور والحجوي وغيرهم.

ما سبق يجعلنا نتساءل عن ماهية الإصلاح الديني؟ وما الذي أنتجته الحداثة الأوربية ويستدعي القيام بإصلاح ديني؟ وما هي ملامح الإصلاح في مغرب القرن 19؟ وكيف ساهم غياب إصلاح ديني حقيقي في فشل محاولات الإصلاح خلال هذه الفترة الزمنية؟

الإصلاح والإصلاح الديني بمغرب القرن التاسع عشر:

 اختلفت معاني الإصلاح الدلالية، بحسب الحقول والميادين المعرفية واستعمالاته الكثيرة والمتعددة فهو قديم قدم الفساد، وستظل صعوبة ضبط وتحديد مفهومه مستمرة، والكلام حوله مفتوحاً وثرياً ما دام هناك حاجة إلى إصلاح.

عرف  ابن منظور الإصلاح بأنه نقيض الإفساد، والمصلحة الصلاح والمصلحة واحدة المصالح، والاستصلاح نقيض الاستفساد، وأصلح الشيء بعد فساده أقامه.

وقد ورد فعل أصلح وحده، دون فعل صلح في القرآن الكريم في اثني عشر موضعاً، منها قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إنْ أُرِيدُ إلَّا الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: ٨٨].

فالإصلاح من منظور الفكر الإسلامي، هو العودة إلى الإسلام الصحيح وينابيعه الصافية (القرآن والسنة). فاستمرارية الإسلام تاريخياً وتطور أمته ارتبطا بفكرة الإصلاح وما تخفيه من معانٍ مادية ودينية.

فالسؤال الذي يطرح نفسه، هل استعمل مصطلح الإصلاح خلال القرن التاسع عشر بالمفهوم الذي حددناه سلفاً أم كانت له دلالة أخرى؟

عرفت كلمة «إصلاح» تطوراً خلال القرن التاسع عشر، من حيث دلالتها المفاهيمية، حيث أصبحت تطلق على الاتجاهات الفكرية والحركة السياسية والاجتماعية التي ظهرت في العالم الإسلامي، بهدف تغيير الأحوال السياسية والاجتماعية، تغييراً لا يصل إلى درجة الانقلاب[2].

فهو لم يعد مجرد حركة دينية ترمي إلى حماية الإسلام، بل صار أيضاً نداء من أجل التقدم والبحث عن مستقبل أفضل. وجاءت هذه الرغبة نتيجة الوعي بالتأخر أو بالأزمة، والفعل الإصلاحي يهدف لإلغاء وتقليص المسافة والفارق ما بين الواقع الذاتي القائم وذلك القياس النموذجي[3].

أما الإصلاح الديني، فهو لفظ ظهر في أوربا ويطلق على الحركات الإصلاحية الدينية التي شهدتها أوربا خلال القرنين 15و 16 وتزعمها دينيون، تأثروا بأفكار الحركة الإنسية، فوجهوا عدة انتقادات للكنيسة الكاثوليكية، وطالبوا بإصلاح ديني يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كتمهيد طبيعي لولوج أزمنة الحداثة، وهو ما كان له نتائج إيجابية على مستقبل أوربا في مختلف الأصعدة.

وطفا المصطلح على السطح في المشرق العربي مع الصدمة الحضارية التي أحدثتها الحملة الفرنسية على مصر، وبالتالي ظهور حركات إصلاحية تتلمس سبل غرس قيم الحداثة الأوربية في مجتمع يشكل فيه الدين منهج حياة.

أما في المغرب، فمفهوم الإصلاح الديني مختلف تماماً عن أوربا وعما عرفه المشرق العربي، فهو لم يستطع إنتاج حركة إصلاحية دينية مغربية محضة بل هي مجرد محاولات فردية قادها سلاطين وبعض رجالات النخبة المخزنية في مجتمع يمتاز بالجمود الفكري والجمود الديني، وغير مؤهل لقراءة جديدة للدين، وبالتالي فأفكار الإصلاح الديني الشمولي كانت مرفوضة اجتماعياً، وهو ما كان معيقاً لنجاح باقي الإصلاحات الأخرى. ما يجعلنا نتساءل عن ماهية التجربة الإصلاحية المغربية خلال القرن التاسع عشر ومراحلها؟ وما هي أهم المجالات التي شملتها؟ وكيف أسهم غياب إصلاح ديني حقيقي في إفشال وعرقلة هذه التجربة الإصلاحية؟

إصلاحات مغرب القرن التاسع عشر:

قبل الحديث عن التجربة الإصلاحية في مغرب القرن التاسع عشر، لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم الإصلاح في المغرب خلال هذه الفترة الزمنية يمتاز بنوع من الضبابية، وتلجأ إليه الدولة كلما دعت إلى ذلك الظروف السياسية للبلاد لضمان مقومات الاستمرار.

وقد مرت التجربة الإصلاحية المغربية خلال القرن التاسع عشر بمرحلتين:

أ - المرحلة الأولى من 1830 إلى 1860م:

تمت في عهد السلطان عبد الرحمن العلوي، حاول خلالها إحياء الأسطول وتقويته، وتوسيع مشاريع الاقتصاد، وتنشيط الحركة العلمية، غير أن الاقتصاد الأوربي بدأ يغزو المغرب، فتعرضت المنتجات الصناعية والحرفية للمنافسة، وفقدت العُمْلة المغرية المتداولة أكثر من 90% من قيمتها الحقيقية في أواسط القرن.

 وتميزت الحركة الإصلاحية في هذه المرحلة بالدعوة إلى تقوية الجانب العسكري، واعتباره جوهر كل إصلاح، وأساس كل ازدهار أمني واقتصادي. وكان شعار المصلحين هو الجهاد لمواجهة المد الأوربي، بل إقرار إجبارية الجهاد.

ب - المرحلة الثانية من 1860 إلى 1890م:

  حكم المغرب خلال هذه المرحلة كل من محمد بن عبد الرحمن (1859 - 1873م) الذي لقبه العروي بمهندس المغرب الحديث، لكونه قام بتغيير سياسة البلاد المالية إلى الاعتماد على التجارة البحرية بدل تجارة القوافل الصحراوية، والحسن الأول (1873 - 1894م)، الذي كان عرشه فوق سرجه لكثرة تنقلاته في البلاد. ففي عهدهم، وضعت اللبنات الأولى للإصلاح، برغم ازدياد الضغوط الأوربية على المغرب، إلا إن المغرب بدأ يدخل غمار العالم الحديث. 

ففي هذا الطور تمثلت مظاهر الإصلاح في الجوانب الآتية:

- تنظيم الجهاز الحكومي بخلق وزارات وتنظيم الدواوين وإحداث قنصليات.

- تطوير علاقات المغرب مع الدولة العثمانية، كتبادل المراسلات والبعثات.

- إصلاح الجيش بتغيير طريقة التجنيد، حيث شكل جيش حديث مكون من المشاة والخيالة والمدفعية والقوات العمومية، وقام بإرسال المتدربين إلى أوربا، واستقدام بعض المدربين الأجانب، مع شراء الأسلحة الحديثة.

وقد اعترضت عملية اقتناء الأسلحة عدة مشاكل، كالتكاليف المالية التي ترتبت عنها، وانعكاساتها على بيت المال المغربي، وكذلك ما يطرحه تنوع الأسلحة من مشاكل تقنية مرتبطة بالاستعمال والصيانة والمحافظة، فضلاً عن كون اقتناء العدة لم يكن يواكبه النهوض بقطاعات أخرى كوسائل النقل والطرق وبناء مخازن الأسلحة، كما تحولت عملية التسليح إلى قضية تجارية ابتز خلالها المخزن، إذ لم تبع له سوى أسلحة متجاوزة، وأحياناً مستعملة ولم تعد قابلة للاستعمال[4].

- إحياء الأسطول، فقد أسس الحسن الأول قوة بحرية وخلق نواة بحرية حربية (التركي والحسني) وعمل على تقوية الموانئ وبناء الأبراج في بعض المدن الساحلية.

- بناء المعامل الحربية: مصنع البارود بمراكش أنشئ قرب ساحة السجينة قرب جامع الفنا من طرف محمد الرابع مباشرة بعد حرب تطوان، لكنه أغلق بسبب منافسة البارود الأجنبي وجودته مقارنة بالمحلي، وفي عهد الحسن الأول تم بناء فبريكة السلاح بفاس[5].

- تطوير بعض الصناعات: إنشاء معمل للسكر بمدينة مراكش ومعمل للقطن.

- وضع عُمْلة مغربية جديدة لا تتأثر بتقلبات العملة الأجنبية.

اهتم السلطانان محمد الرابع والمولى الحسن الأول في مبادراتهم الإصلاحية بالمجال التعليمي[6] حيث ركّزا على النقاط الآتية:

 - الاهتمام بإدخال تدريس بعض العلوم من رياضيات وفلك وهندسة، بفاس وطنجة ومراكش ومكناس.

- إحداث مؤسسات تعليمية حديثة، كمدرسة المهندسين بفاس ومدرسة الألسن بطنجة.

غياب إصلاح ديني حقيقي ودوره في فشل إصلاحات القرن الـ 19:

تبقى التجربة الإصلاحية المغربية خلال القرن التاسع عشر محدودة من حيث نتائجها، مقارنة بالتجربتين المصرية والتونسية وتجارب عالمية أخرى استطاعت أن تدخل عالم الحداثة من بابه الواسع كالتجربة اليابانية، ومن الفرص الضائعة في تاريخ المغرب التي كانت ستسهم في دخوله الحداثة بشكل مبكر، لكن بفعل أسباب داخلية وخارجية لم تحقق أهدافها، ليس المجال لإعادة سردها لكوني تناولتها في دراسات سابقة، كما تحدث عنها مؤرخون مغاربة وعرب.

ولكن سأركز على الإصلاح الديني كأساس للمنظومة الإصلاحية ودوره في فشل المحاولات الإصلاحية لمغرب القرن 19.

فالإصلاح الديني ليس فقط إصلاحاً للعقائد والأفكار والشعائر، بل يمتد لما هو أعمق وأشمل، تمتد تأثراته لما هو سياسي واقتصادي واجتماعي، وهو ما حصل بأوربا مع الإصلاح الديني خلال القرن السادس عشر، ولم تتوفر ظروفه بالمغرب خلال القرن الـ 19، حيث ساهم غياب إصلاح ديني حقيقي في عرقلة الإصلاحات، لكونه لم يمهد لتقبلها مجتمعياً، كما أن البنية الفقهية بكل مكوناتها من زاويا وعلماء وسلطة رسمية، ساهمت في بقاء الوضع على ما هو عليه، من تخلف حيث كانت تتأرجح البنية الفكرية تجاه التحديث بين ثنائيات: القبول/ الرفض، والانغلاق/ الانفتاح، والقطيعة/ التقارب، والنقل/ العقل، والتقيد/ التحرر، والتقليد/ التجديد، والقوة الروحية/ القوة المادية.

وشكل علماء الدين عنصراً معيقاً لهذه الإصلاحات العسكرية والاقتصادية والتعليمية، فلم ينخرطوا فيها وهو ما عبر عنه محمد الأمين البزاز بقوله: «غير أن العلماء وقفوا عند مستوى الرفض [للإصلاحات]، ولم يقدموا أي بديل موضوعي وبالتالي لم يشهد المغرب ذلك الفوران الفكري الذي يشهده الشرق العربي في نفس الفترة، ولم يظهر فيه مصلحون ذوو نزعة تجديدية.. لتفتيح الأذهان، لا لإحداث ثورة على التقاليد، وإنما للتوفيق بين القديم والحديث». وهذا الرفض شمل حتى المثقف المخزني، فها هو الناصري يرد على اقتراح بعض الدول الأوربية إصلاح وسائل المواصلات بالمغرب بقوله: «وإنما النصارى أجربوا سائر البلاد، فأرادوا أن يجربوا هذا القطر الذي طهره الله من دنسهم»[7].

فالإصلاح لم يكن نابعاً من حركة مجتمعية يقودها مثقفون وعلماء اقتصاد وفئات الشعب العريضة، بل هو إصلاح فوقي صادر عن السلطة السياسية ورجالاتها، لتأثيث ما هو كائن والحفاظ على ديمومته واستمرارية بقائه، وكان نابعاً من الشعور بالضعف أمام قوة الآخر الغربي، إضافة لكون الإصلاحات المغربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية خلال القرن التاسع عشر، لم تكن محكومة بصيرورة تطور ذاتي داخلي بل هي رد فعل فجائي عند اكتشاف تقدم الآخر وتأخرنا، وتحت ضغط دوي المدافع.

وأرى أن إصلاح القرن الـ 19 كان أولى أن ينطلق بإصلاح ديني شامل، ينير العقول قائم على التجديد والإبداع والاكتشاف والاستفادة من الماضي مع تجاوزه نحو آفاق مستقبلية رحبة، أساسها العمل واستغلال الطبيعة والتحكم فيها واستخدام العقل والفكر، إصلاح ديني يمهد للدخول للتحديث والتغيير في المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك كان كفيلاً بتجنيب المغرب ضياع هذه المحاولات الإصلاحية وتيسير دخوله الحداثة في وقت مبكر، لكن عدم جعل حدوث إصلاح ديني بمفهومه الشمولي ساهم في فشل الإصلاح في المجالات الأخرى، وجعلنا ننكفأ نحو سلفية تجذرت مع الحركة الوطنية خلال الاستعمار مع محمد بن بلعربي العلوي، وأبو شعيب الدكالي، وعلال الفاسي، وعبد الله كنون، والمكي الناصري، لنبقى إلى الآن نجتر نفس الأسئلة المقلقة التي طرحت في منتصف القرن التاسع عشر، وهي الإصلاح الديني وأسئلة النهضة من هوية وديمقراطية وحداثة.


 


[1] محمد حبيدة، تاريخ أوربا من الفيودالية إلى الأنوار، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2010م، ص6.

[2] أحمد عبد السلام، مواقف إصلاحية في تونس قبل الحماية، الشركة التونسية للتوزيع  تونس، 1987م، ص120.

[3] أحمد الحارتي، الإصلاح في المغرب ما بين الدعوة والتاريخ ضمن الإصلاح في المغرب، مجلة نوافذ، العدد الثاني عشر، أبريل 2001م، ص10.

[4] بهيجة سيمو، الإصلاحات العسكرية بالمغرب 1844-1912م، منشورات اللجنة المغربية للتاريخ العسكري، المطبعة الملكية، الرباط، 2000م، ص20.

[5] بهيجة سيمو، مرجع سابق، ص249.

[6] راجع أحمد سوالم، الإصلاح التعليمي بالمغرب خلال القرن التاسع عشر، مؤمنون بلا حدود للدراسات ، بتاريخ 19 يوليو 2016م، انظر الرابط:

http://www.mominoun.com/articles/-4113

[7] محمد المنوني، نماذج من تفتح مغرب القرن التاسع عشر، ضمن ندوة  الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب بالرباط، 1986م، ص201.

أعلى