• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
رمضان حزين لمسلمي نيوزيلندا

رمضان حزين لمسلمي نيوزيلندا


يبدو  أن المتطرف المسيحي، برينتون تارانت، الذي قتل 50 مسلماً وهم يؤدون صلاة الجمعة في مسجد النور بمدينة كريست تشرش النيوزيلندية فتح صفحة جديدة من تاريخ الإسلام في نيوزيلندا التي يعيش فيها قرابة 50 ألف مسلم وفقاً لإحصاءات حكومية.

تلك الجريمة البشعة حولت المسلمين من مجرد أقلية على هامش أولويات الحكومة النيوزيلندية إلى أحد أبرز مسؤولياتها لاسيما في ظل تضخم حالة العداء تجاه المسلمين هناك، وذلك ليس بدافع الشفقة والتعاطف ومنح المزيد من الحقوق بقدر ما هو هرب من حالة تصادم قد يجني تبعاتها المجتمع النيوزيلندي بأكمله.

بالإضافة إلى عدد من المسلمين الجدد من أصول أوربية فإن نيوزيلندا هي من أوائل الدول التي هاجر إليها المسلمون من الهند وباكستان وسريلانكا وألبانيا وتركيا ويوغسلافيا وأندونيسيا ومناطق الشرق الأوسط هرباً من الصراعات في تلك المناطق، أو لإكمال التحصيل العلمي، أو ضمن برامج الهجرة التي تتيحها الحكومة النيوزيلندية. ويعيش المسلمون في مدينة أوكلاند وكريست تشرش وويلنغنتون وبلمرستون، ولديهم عدد من المساجد ومركز إسلامي وجمعيات إسلامية تقوم جميعها بالإشراف على أنشطة دعوية وخيرية تضمن جمع كلمة المسلمين وإحياء علوم الشريعة الإسلامية فيما بينهم. وتواجه الجالية المسلمة في نيوزيلندا مشاكل عدة لاسيما مع قدوم شهر رمضان المبارك الذي يعد أكثر أشهر العام تفاعلاً مع الأنشطة الدعوية بالنسبة للمسلمين، وأبرز هذه المشاكل الأزمة الأمنية التي أججتها جريمة «مسجد النور» وجعلت الأنشطة الدعوية والمراكز الإسلامية وجهة استهداف من قبل اليمين المسيحي في نيوزيلندا، ودفعت المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والجمعيات الخيرية إلى تعيين واستقدام عناصر أمنية مسلمة لحمايتها خلال الاجتماعات الخاصة بالجالية ودورات تحفيظ القرآن الكريم والصلوات. كذلك تعاني الجالية المسلمة من نقص المعلمين وقلة المدارس الإسلامية، والحاجة إلى دعاة يجيدون اللغة الإنجليزية لتعليم أبناء المسلمين بنيوزيلندا قواعد الإسلام، مع الحاجة للكتب الإسلامية المترجمة.

يعتبر المركز الإسلامي في ويلينغتون أكبر المراكز الإسلامية في نيوزيلندا ويرأسه الشيخ محمد حسين زوادة، بالإضافة إلى مركزين آخرين أحدهما تابع لرابطة العالم الإسلامي، وهو الذي تعرض للهجوم. الأزمة الأخرى التي يعيشها المسلمون في نيوزيلندا وفقاً لتقرير لصحيفة New Zealand Herald ما يتعلق بــ«العنصرية» في مجال الحصول على عمل، فبرغم أن الكثيرين منهم لديه تأهيل مهني وأكاديمي إلا أن فرصهم أقل من البوذيين والهندوس وغيرهم من أبناء الأقليات الدينية الأخرى. وفي دراسة لجامعة فيكتوريا النيوزيلندية كشفت أن المهاجرين من دول مسلمة كباكستان وإندونيسيا يتعرضون للرفض من السكان الأصليين، أكثر من الصينيين أو الفلبينيين.

ما يميز نيوزيلندا عن بلدان العالم الأخرى بالنسبة للمسلمين في رمضان أنهم يصومون أقل من غيرهم من المسلمين حيث تصل ساعات الصيام إلى 11 ساعة مقارنة بغيرهم في الشرق الأوسط الذين تصل ساعات الصيام عندهم إلى 15 ساعة. خلال أيام الشهر الفضيل يحافظ المسلمون في هذا البلد على سنة السحور ويعتاد الكثير منهم على وجبات تقليدية منها الحليب والأجبان. وتجمع الصلوات شمل المسلمين سواء في صلاة الجمعة أو التراويح حيث تمتلئ المساجد، وتنظم المؤسسات الإسلامية المحاضرات الدعوية ودورات العلم الشرعي وحلقات تحفيظ القرآن الكريم والتي تعتمد في أغلبها على زيارة بعض العلماء والدعاة الوافدين من بلاد الحرمين الشريفين ومصر وغيرهما من بلاد الإسلام.

صلاة التراويح أحد أبرز الشعائر الرمضانية التي يعظمها المسلمون هناك، وتشهد إقبالاً مشهوداً، وحضوراً مكثفاً؛ فبعد تناول طعام الإفطار يُهرع الأطفال والشباب والنساء والرجال إلى الجوامع والمساجد لأداء صلاة العشاء، ومن بعدها يستعد الجميع لأداء صلاة التراويح؛ حيث يصلي المسلمون في تلك البلاد النائية صلاة التراويح عشرين ركعة في أغلب المساجد، يقرأ فيها الإمام جزءاً كاملاً من القرآن الكريم. وعادة يتخلل صلاة التراويح درس ديني أو كلمة وعظ يلقيها بعض العلماء الموفدين خصيصاً لهذه المناسبة.

ويحافظ المسلمون على عادات حث عليها الإسلام خلال الشهر الفضيل ومنها التزاور والالتقاء وإحياء الليالي الفضيلة بالتهجد وقراءة القرآن الكريم لاسيما في العشر الأواخر من رمضان.

واعتاد الكثير من أبناء الأقلية المسلمة في نيوزيلندا على التفرغ للطاعة والاعتكاف، ولكون وجبة الإفطار وجبة جامعة لها نكهتها الخاصة تحرص المراكز الإسلامية على تنظيم وجبات إفطار جماعي ليلتقي الجميع على مائدة واحدة لإبعاد ألم الاغتراب عنهم والتعريف ببعضهم البعض وإحياء الأجواء الإسلامية في أذهان الكبار والصغار.

تقوم الجمعيات الإسلامية باستئجار قاعات خاصة لترتيب وتنظيم الإفطارات الجماعية طوال شهر رمضان وتحرص على حث المسلمين على المشاركة فيها وتقوم الكثير من الأسر بإحضار ما تيسر لها من الطعام أو الحلويات للمشاركة والتعارف والتقارب. وتخفض بعض المحلات التجارية الإسلامية قيمة بعض المواد التي تستخدم في صنع الحلوى لرمضان والعيد إكراماً لهذا الشهر الكريم.

كما تنظم بعض الجمعيات سوقاً خيرية خلال شهر رمضان، يعرض فيها المسلمون بضائعهم، وتمثل تلك السوق فرصة مناسبة للمسلمين للتسوق في سوق إسلامية، تحوي الكثير من متطلبات المسلمين من الملابس والمأكولات، وغير ذلك من الحاجات.

ومن اللفتات الجميلة التي يشهدها شهر رمضان في نيوزيلندا السوق الخيرية التي تنظم لعرض المنتجات الإسلامية سواء الملابس والأطعمة الحلال وغيرها من المنتجات التي يزيد عليها الطلب في الشهر الفضيل. ويختتم الشهر الفضيل بصلاة عيد الفطر المبارك التي تشهد أكبر احتفالية إسلامية في نيوزيلندا حيث تسمع تكبيرات العيد في مصلى العيد ويتم إحياء سنة العيد بالاحتفالات وتناول الحلويات وتنظيم المسابقات للأطفال وتوزيع الهدايا والألعاب المجانية، في سنة حسنة غايتها تأليف القلوب وجمع الصف وتخفيف أحزان المغربين عن أوطانهم من أبناء الجالية المسلمة.

 


أعلى