• - الموافق2024/04/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
فرصة سانحة للدعاة

فرصة سانحة للدعاة

يعتني أهل التجارة بمواسم تدر عليهم ما لا تدره غيرها ؛ ولذا تشكل هذه المواسم مصدراً مهماً من مصادر التجارة ، بل إن كثيراً من تجار  المسلمين يحصلون في موسم الحج ورمضان أضعاف ما يحصلونه في غيرهما ، وبوّب البخاري رحمه الله في صحيحه (باب : التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية) .

وإذا كان التاجر قد يضحي بفرص كثيرة حاشا فرص المواسم ؛ فالدعاة إلى الله تبارك وتعالى أوْلى وأحرى بأن يحرصوا على استثمار المواسم واغتنامها في نشر دعوتهم ، وألا يفرطوا فيها ؛ وها هو الداعية الأول -صلى الله عليه وسلم- يستثمر فرصة اجتماع الناس في الحج ليعرض عليهم دعوته ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس في الموسم فيقول : (ألا رجل يحملني إلى قومه ؛ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي) [1] .

وعن ربيعة بن عباد الديلي قال : رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف على الناس بمنى في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة يقول : (يا أيها الناس ! إن الله عز وجل يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً) قال : ووراءه رجل يقول : هذا يأمركم أن تَدَعوا دين آبائكم ، فسألت : مَنْ هذا الرجل ؟ فقيل : هذا أبو لهب [2] .

وثمة جوانب ومجالات عدة تفتح أمام الدعاة في رمضان لا تفتح أمامهم في غيره ؛ فالقلوب تصبح أقل قساوة وأكثر قرباً إلى الله تبارك وتعالى منها في غير رمضان ، ولذا نرى الرجل الفاسق المعرض ، المسارع في الكبائر تتغير أحواله في رمضان .

 وفي رمضان يكثر مرتادو المساجد أكثر مما في غيره .

وفي رمضان يصبح الناس أكثر إصغاءاً وإقبالاً على الموعظة منهم في غيره .

وفي رمضان يكثر توافد الناس على بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة ، مما   يتيح فرصة للخير لأهل البلد الحرام والوافدين عليه ، بل يتيح فرصة لكافة الدعاة في استثمار هذا الجانب ومرافقة من يريدون دعوته لأداء العمرة ؛ فيتيح السفر لهم ما لا يتيحه غيره .

وفي رمضان يقبل الناس على إخراج الزكوات والصدقات فيكون ذلك فرصة الدعاة في حث الناس وتوجيه الأموال للمصارف المجدية المفيدة ، وتعد مشاريع تفطير الصوّام ميداناً للإحسان إلى الناس ورعايتهم ، ويمكن أن يضم لذلك برامج دعوية وتوجيهية .

ويتيح قدوم المرأة للمسجد في رمضان فرصة لخطاب شريحة واسعة لم يكن يتيسر خطابها قبل ذلك ؛ فثمة فئة واسعة من النساء لا تأتي إلى المسجد إلا في صلاة التراويح في رمضان .

إن كثيراً من المسلمين يعتنون بالصيام أكثر من غيره ولا يفرطون فيه ، بل إنك ترى فئة كبيرة منهم يصوم وإن كان لا يشهد الصلاة مع المسلمين .

والصيام يكشف عن جوانب مهمة في النفوس من القدرة على الامتثال ،والقدرة على ضبط النفس والسيطرة على شهواتها .

وكثرة أسئلة المسلمين عن أحكام الصيام وعنايتهم بها يكشف جانباً من الخير .

ألا يمكن أن يستثمر ذلك كله في خطاب المسلمين وإقناعهم بأن ثمة جوانب كامنة في نفوسهم ينبغي أن ينطلقوا منها إلى تصحيح واقعهم ؟ إن مثل هذه الفرص ينبغي أن تدعونا إلى توسيع دائرة الخطاب وموضوعه ؛ فلا يقتصر على مجرد حث الناس على استثمار رمضان ، وتلاوة القرآن ، وصلاة التراويح فقط ، فمع أهمية هذه الأمور وضرورة الحديث عنها ، إلا أن هناك ما لا يقل عنها أهمية ووجوباً في حياة المسلمين كالتوبة ، وإصلاح القلوب ، واجتناب الموبقات ، وأداء ما أوجب الله تبارك وتعالى وغير ذلك .




(1) رواه الترمذي ، ح/2925 ، وابن ماجه ، ح/201 ، وأبو داود (4734) .

(2) رواه أحمد ، ح/15594 .

 

أعلى