• - الموافق2024/05/06م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
انتخابات الكيان.. الفاشية الصهيونية تنتصر والتمثيل العربي يتراجع

فماذا أفرزت انتهت الانتخابات الأخير في دولة الكيان الصهيوني؟، وكيف عكست نتائجها واقعاً يجنح نحو المزيد من التطرف؟، وماذا عن الأحزاب العربية في الداخل المحتل؟، وما هي مآلات هذه النتائج وانعكاساتها على الفلسطينيين في الداخل، وفي الأراضي المحتلة عموماً؟

 

كانت الانتخابات الأخيرة التي جرت مطلع الشهر الجاري، الخامسة في غضون أربعة أعوام، والخامسة والعشرين منذ قيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية إبان النكبة في العام 1948، وجاءت هذه الانتخابات قبل أن يستكمل ائتلاف نفتالي بينت ويائير لبيد مدته في الحكم والمقررة قانوناً بأربعة أعوام، وهو الائتلاف الهش، الذي قام على قاعدة إنهاء حكم بنيامين نتنياهو المستمر منذ العام 2009.

ما استدعى الذهاب إلى انتخابات جديدة أن هذا الائتلاف، الذي شارك فيه -لأول مرة- منذ قيام دولة الكيان، حزب عربي هو القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، بدأ في الترنح مبكراً، وظهرت تناقضات بين مكوناته، وفقد أغلبيته المحدودة في البرلمان الصهيوني المعروف باسم "الكنيست".

توجه الناخبون في دولة الكيان إلى صناديق الانتخابات، وسجلت الإحصاءات مشاركة واسعة بنسبة عامة تفوق 70%، وهي الأعلى منذ العام 1999، لتأتي النتائج بنتياهو وأحزاب اليمين المتطرف والصهيونية الدينية من جديد، وهو انعكاس حقيقي لما عليه المجتمع الصهيوني، الذي يزداد ميلاً نحو التطرف والعداء للعرب والمسلمين، حيث حصل معسكر نتنياهو على 64 مقعدًا من مجموع مقاعد الكنيست البالغ 120 مقعدًا، مقارنة بـ52 مقعدًا في الانتخابات السابقة.

 

حصلت قائمة عباس على 5 مقاعد، وكذلك حصل تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الذي يضم الحزب الشيوعي الإسرائيلي بقيادة أيمن عودة، والحركة العربية للتغيير بقيادة أحمد الطيبي، على 5 مقاعد

يضم هذا المعسكر المتطرف، حزب الليكود وحصل على 32 مقعدًا، وتحالف حزب "الصهيونية الدينية" الفاشي بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وحزب "عوتسما يهوديت" الفاشي بقيادة إيتمار بن غفير وحصل على 14 مقعدًا، وحزب "شاس" بقيادة أرييه درعي وحصل على 11 مقعدًا، وحزب "يهدوت هتوراة" ونال 7 مقاعد.

لكن ما يهمنا هنا، الأحزاب العربية التي شاركت في هذه الانتخابات، والتي تعتبر ضمن المعسكر المناوئ لنتنياهو واليمين الأشد تطرفاً، على اعتبار أن الممارسة أثبتت أن لا معتدلين في دولة الكيان، فكل الأحزاب الصهيونية تمارس التطرف وتنتهجه وإن كان بدرجات متفاوتة، ولكل منها نصيب في ارتكاب الجرائم والمجازر بحق الفلسطينيين، وينبغي هنا الإشارة إلى أن الحرب الأخيرة على غزة في مايو/أيار من العام الماضي جرت في عهد الائتلاف المناوئ لنتنياهو، وفي ظل الدعم والمشاركة له من جانب القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، وهو زعيم الحركة الإسلامية الجنوبية في الداخل المحتل، نقيض الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح.

حصلت قائمة عباس على 5 مقاعد، وكذلك حصل تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الذي يضم الحزب الشيوعي الإسرائيلي بقيادة أيمن عودة، والحركة العربية للتغيير بقيادة أحمد الطيبي، على 5 مقاعد، بينما فشل حزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، في اجتياز عتبة الحسم، ولن يكون له ممثلين في الكنيست للمرة الأولى منذ العام 1996، وبالتالي خسر التمثيل العربي مقاعد برلمانية لصالح المعسكر الصهيوني المتطرف، لأسباب عدة، منها الخلافات العربية الداخلية، والفشل في الاتفاق على المنافسة ضمن قائمة عربية مشتركة، والذي لعبت دولة الكيان دوراً محورياً في حدوثه بتغذية الخلافات بين المكونات العربية.

 

 لا يمكن لعاقل أن يقنع بمبررات منصور عباس، وحصوله على بعض الدعم لتحسين مستوى الحياة في الوسط العربي داخل الكيان، في مقابل دعم سياسي لائتلاف حاكم ينتهج العداء لكل ما هو عربي ومسلم

لقد أظهرت نتائج هذه الانتخابات جنوحاً من المجتمع الصهيوني نحو "الشعبوية"، التي أصبحت أكثر وضوحاً في العالم، وداخل دولة الكيان، في السنوات القليلة الماضية التي أعقبت فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وانتهاج ذات خطابه الشعبوي في عدد من دول العالم.

إنها الفاشية الصهيونية الدينية التي تستشري في دولة الكيان، والتي تظهر جلياً بفوز عتاة المستوطنين بن غفير وسموتريتش بـ 14 مقعداً، وهما يحملان لواء "الموت للعرب" وتبني المشاريع الاستيطانية، وهذا لا يشكل صدمة بقدر الصدمة من مواقف منصور عباس، الذي لم يستبعد المشاركة في ائتلاف يشكله معسكر نتنياهو.

لا يمكن لعاقل أن يقنع بمبررات منصور عباس، وحصوله على بعض الدعم لتحسين مستوى الحياة في الوسط العربي داخل الكيان، في مقابل دعم سياسي لائتلاف حاكم ينتهج العداء لكل ما هو عربي ومسلم على هذه الأرض، وإذا كان شلال الدم المتدفق من الفلسطينيين بالنيران الإسرائيلية في غزة والضفة والقدس لم يؤثر في عباس وفريقه، فكيف لا تستوقفه نسبة التصويت المرتفعة لصالح معسكر التطرف الصهيوني، الذي يعادي الوجود العربي التاريخي على أرض فلسطين، ويهدد أيضاً وجود نحو مليوني فلسطيني تمسكوا بأراضيهم في حيفا ويافا وعكا والناصرة وأم الفحم وغيرها من المدن والقرى ولم يغادروها إبان النكبة.

أمران رئيسيان تظهرهما نتائج هذه الانتخابات، الأول: أن الفاشية أصبحت أكثر وضوحاً ولا تخفى على ذي عينين في المجتمع الصهيوني وتنسجم بين جمهور الناخبين والنخبة الحاكمة.

والثاني: أن عباس وفريقه ورغم "السياسة المستهجنة" إزاء دعم الائتلافات الحاكمة، لن يغيروا من واقع التطرف والعداء، وربما هم أنفسهم سيدفعون الثمن.

الخلاصة، يمكن حصر دلالات نتائج هذه الانتخابات في نقاط محددة:

-     لم تتغير خارطة المنافسة في الانتخابات، وظلت كما سابقاتها منحسرة بين معسكر اليمين المتطرف وأحزابه الصهيونية الفاشية، ومعسكر اليمين العلماني، مع التأكيد مجدداً أنها كلها أحزاب يمينية متطرفة، والخلاف بينها ليس على العداء للعرب والمسلمين بقدر كيفية إدارة هذا العداء، مع خلاف أكثر حدة في القضايا الداخلية للمجتمع الصهيوني، مثل حكم التوراة، والضرائب، والتعليم، وغيرها.

-     عكست النتائج تعاظم قوة اليمين الفاشي خاصة في أوساط الشباب الصهيوني، الأمر الذي يقضي على أي رهان من "البعض الفلسطيني" على وجود أي طرف يؤمن بالسلام في دولة الكيان، وأن سياسة المراوغة والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية ستبقى هي السائدة مهما اختلفت هوية الحزب الحاكم.

-     تأكيداً للنقطة السابقة، اندثر ما يعرف باليسار الصهيوني، الذي ينسب له تأسيس دولة الكيان، وتبنى لسنوات خيار السلام مع الفلسطينيين، حتى أوشك على الاختفاء كلياً من على الخارطة الحزبية، وهو ما أظهره الفوز الصعب لحزب "العمل" وحصوله على 4 مقاعد فقط، فيما فشل حزب "ميرتس" في اجتياز عتبة الحسم وأصبح خارج الكنيست لأول مرة.

-     بخلاف ما أظهرته استطلاعات الرأي عشية الانتخابات بأن نسبة المقترعين العرب لن تزيد عن 38%، فقد ارتفعت النسبة على نحو ملحوظ وبلغت 54%، فيما كانت النسبة في الانتخابات السابقة 45% فقط، والسبب في ذلك يعود إلى التنافس المحموم على جذب من يحق لهم الاقتراع، إثر الخلاف بين الأحزاب العربية.

-     لم يقدم أي من المعسكرين الصهيونيين المتنافسين مبادرة أو رؤية في برامجهما الانتخابية تتعلق بالحل السياسي للقضية الفلسطينية، التي غابت عن الحملة الانتخابية، ما يؤكد أن حالة الجمود على هذا الصعيد ستبقى سيدة المشهد لسنوات قادمة.

ختاماً، سيتمكن نتنياهو بفضل الأغلبية المريحة التي حصل عليها معسكره من تشكيل حكومة ائتلافية، وسيفلت من المحاكمة على قضايا فساد كانت تلاحقه، ويرجح أن تكون هذه الحكومة الأشد تطرفاً وفتكاً بالفلسطينيين منذ تأسيس دولة الكيان، بالنظر إلى تركيبة الأحزاب المكونة للائتلاف، وربما تؤدي سياساتها العدائية إلى اندلاع انتفاضة شعبية عارمة في الضفة الغربية، أو حرب خامسة على غزة، لكن الشعب الفلسطيني المرابط فوق أرضه لن تزيده الرياح العاتية إلا قوة وصمودًا.

 

 

أعلى