• - الموافق2024/04/28م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
من الذي سيحكم إسرائيل؟

هل نتانياهو السابق هو نتانياهو القادم؟ هل ستختلف التوجهات الصهيونية الجديدة عن الحقبة التي ابتعد فيها عن الحكم؟ ما هي مكونات تحالفه الذي نجح به في انتزاع غالبية مقاعد الكنيست الصهيوني؟


"نتيجة الانتخابات لن تكون نذير سوء على ديمقراطية إسرائيل بل ستكون منارة إقليمية"

هكذا تحدث رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو يوم الأحد الماضي، بعد أن كلفه الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ بتشكيل حكومة جديدة، بعدما تصدّر مع حلفائه في اليمين الديني المتطرف الانتخابات التشريعية التي أجريت في الكيان الصهيوني في الأول من هذا الشهر.

وتعهد نتنياهو ببذل جميع الجهود كي تكون حكومته ناجحة ومستقرة ومسؤولة، وأشار إلى ما وصفها بإنجازات حققها في حقبته السابقة من قبيل توفير الأمن، وجلب اللقاحات، وتوقيع اتفاقات سلام مع دول عربية، حسب قوله، وأكد أن هناك توافقا واسعا في إسرائيل على ضرورة مواجهة برنامج إيران النووي.

 

فالتفريق بين أهل الكفر ودراستهم لمعرفة أيهم أكثر عداء، أو على الأقل لو تساوى عداءهم نعرف كيف تختلف خططهم وأساليبهم واستراتيجيتهم الموجهة لأصحاب الحق.

وهنا تثار الأسئلة هل نتانياهو السابق هو نتانياهو القادم؟

هل ستختلف التوجهات الصهيونية الجديدة عن الحقبة التي ابتعد فيها عن الحكم؟

ما هي مكونات تحالفه الذي نجح به في انتزاع غالبية مقاعد الكنيست الصهيوني؟

وقد يسأل سائل: أليس الكفر ملة واحدة؟ ما الفرق بين نتانياهو ولبيد؟ ما الفرق بين اليمين الصهيوني ويساره؟ فكلاهما يعاديان المسلمين ولا تختلف أهدافهم في استمرار دولتهم وهيمنتها على المنطقة وقتلها الفلسطينيين ومنعه حقوقهم واحتلال أراضيهم، فلماذا نبذل مجهودا في البحث والدراسة والنتيجة واحدة؟

الذي يردد مثل هذه الأقاويل لا يدرك مقاصد الإسلام العليا ولا يعرف المنهج القرآني الرباني، ولم يتدبر مثلا مطلع سورة الروم وفرحة المسلمين بانتصار الروم على الفرس، وكل منهما يمثل معسكر الكفر، كذلك لم يطلع على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهرقل ملك الروم استقبل رسالة الرسول بالترحاب وسأل عن بعض قومه الموجودين في الشام، بينما كسرى ملك الفرس غضب من رسالة النبي وتقديم اسم الرسول صلى الله عليه وسلم على اسمه ومزق الرسالة وطلب من عامله على اليمن القبض عليه صلى الله عليه وسلم.

فالتفريق بين أهل الكفر ودراستهم لمعرفة أيهم أكثر عداء، أو على الأقل لو تساوى عداءهم نعرف كيف تختلف خططهم وأساليبهم واستراتيجيتهم الموجهة لأصحاب الحق.

واتباعا لهذا النهج، سنحاول رصد مكونات التحالف الذي فاز في هذه الانتخابات، وتتبع جذوره الفكرية لكي يمكننا بعد ذلك توقع استراتيجياته وتحركه المقبل لتنفيذ مخططات الصهيونية في فلسطين.

نتانياهو والتحالف مع اليمين الديني الصهيوني

التحالف الذي أتى بنتانياهو إلى الحكم، هو تحالف مكون من أربعة أحزاب يهودية دينية وهي كالتالي: حزب الليكود وحزب شاس وحزب الصهيونية الدينية وحزب يهودت هتوراه، بقيادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

استطاع هذا التحالف أن يحقق هدفه الذي سعى اليه وتمكن من الإطاحة بأحزاب اليسار ويمين ويسار الوسط الصهيونية.

وقد حصد المعسكر 64 مقعدًا في الكنيست من أصل 120 مقعدًا، أي ما يؤهله لتشكيل حكومة جديدة، برئاسة نتنياهو.

تشكل الليكود باندماج حزبين، هما حيروت الذي أسسه مناحيم بيغن عام 1948 والحزب الليبرالي، ليشكلا معًا حزباً وسطاً يميل أكثر نحو اليمين وذلك عام 1973، لذلك يعرف حزب الليكود بأنه حزب صهيوني من اليمين الليبرالي الأقرب للعلمانية، وقد حكم حزب الليكود إسرائيل بين عامي 1977 و1984، ثم بين عامي 1986 و1992، وبين عامي 1996 و1999، ووصل الحزب إلى السلطة بين عامي 2001 و2005، بقيادة آرييل شارون، قبل أن ينشق الأخير ليشكل حزبًا جديدًا باسم كاديما، ويتسلم من بعده بنيامين نتنياهو رئاسة الحزب إلى عام 2009.

وفي الانتخابات الأخيرة وبرئاسة نتنياهو حصد الحزب 31 مقعدًا.

والقوة الثانية في هذا التحالف فهو حزب الصهيونية الدينية، والذي استحوذ على 14 مقعدًا في الكنيست الجديد.

يعتبر هذا الحزب وريثًا لأكثر المنظمات الدينية تطرفًا في تاريخ إسرائيل، وهما كاخ وغوش أيمونيم، فمنظمة كاخ التي تم تأسيسها عام 1971، تقوم أيديولوجيتها على التوراة والعنف المسلح لتحقيق آمال الصهيونية، وأعلنتها إسرائيل حركة إرهابية عام 1994 عقب مجزرة الخليل، وصدر أمر باعتقال إداري بحق 5 من قادتها، أما منظمة غوش أيمونيم فقد أعلنت بشكل رسمي عام 1974، رفع شعار أرض إسرائيل لشعب إسرائيل وفقًا لتوراة إسرائيل، ومع أن هدف الحركة السيطرة على الأراضي الفلسطينية، إلا أن الاهتمام ببناء هيكل سليمان كان في قمة أولوياتها.

وقد تشكل الحزب من ائتلاف بين اتحاد الصهيونية الدينية والقوة اليهودية وحزب نوعم المتطرف.

ويأتي في المرتبة الثالثة داخل هذا التحالف اليميني المتطرف، حزب شاس والذي حصل في الانتخابات الحالية على 12 مقعدًا، والذي تأسس على يد الزعيم الديني اليهودي من أصول عراقية الحاخام عوفاديا يوسف عام 1984م. ويمثل حزب شاس الشريحة المتدينة اليهودية من أصول شرقية في إسرائيل، وقد جاء تأسيسه ردًا على التمييز الذي يحسه اليهود الشرقيون السفارديم منذ قيام إسرائيل على يد نخبة اليهود الغربيين الأشكناز.

أما آخر أحزاب التحالف فهو حزب يهودت هتوراه ويعني بالعبرية التوراة اليهودية، وهو يمثل في الأساس اليهود الغربيين الذين يطلق عليهم الأشكيناز، وقد حصل في هذه الانتخابات على 8 مقاعد، وهو حزب ديني متشدد تأسس عام 1992، يدعو إلى إقامة دولة يهودية تقودها القوانين الدينية، ويرفض التفاوض مع الفلسطينيين، ولم يشارك طوال تاريخه السياسي إلا في حكومة تستجيب لمطالب ناخبيه، وقد عرف ببعده في الغالب عن تولي حقائب وزارية، والاكتفاء بموقع نائب وزير هربًا من تحمل المسؤولية السياسة لاعتبارات يقول إنها دينية.

ولكي نتعرف على الفكر السياسي لهذا التحالف الجديد ومن ثم استنباط خطواته القادمة، لابد من إدراك موقعه من الفكر السياسي والذي غلب على الحياة السياسية في الكيان الصهيوني منذ قيام دولته عام 1948.

وبتتبع تاريخ اليهود والمراحل التي مرت بها الدولة اليهودية قبل نشأتها وحتى الآن نجد أن السياسة الإسرائيلية تأثرت بثلاثة تيارات فكرية مختلفة كانت هي الغالبة والمتحكمة في الحياة السياسية الإسرائيلية وهذه التيارات هي:

 

ولقد ازداد شعور الصهيونية الدينية بقوتها في السنوات الأخيرة؛ حيث مارس حاخاموها نفوذًا كبيرًا في الشارع الإسرائيلي، وبإنشائهم لحزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش

التيار الصهيوني السياسي

هو أقدم تلك التيارات وتعوده جذوره إلى الصحفي النمساوي تيودور هرتزل، وهو يستند إلى فكرة رئيسة تقول إن ثمة مشكلة يهودية تتمثل في تشتت اليهود وتعرضهم للمطاردة والاضطهاد أينما وجدوا برغم أنهم يشكلون أمة واحدة وشعباً واحداً، وأن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو عودة هذا الشعب لأرضه المقدسة، وهي أرض الميعاد بغية إقامة دولة خاصة به.

ودعاة تيار الصهيونية السياسية كان معظمهم من الملاحدة الذين لا يعيرون الدين أي اهتمام، فكان اهتمامهم منصباً على العودة إلى فلسطين لأسباب كثيرة منها المال والثروة وغيرها، ويقول هرتزل في هذا السياق: إن اليهود يؤمنون بفكرة المسيح المخلص في الأوساط الدينية فقط، أما في دوائرنا الأكاديمية المستنيرة فليس لمثل هذه الفكرة من وجود، ومن أقواله أيضًا: سوف يلقى المتسلطون المتدينون إذا حاولوا التدخل في إدارة شؤون الدولة مقاومة عنيدة وشديدة من جانبنا.

وبرغم ذلك لم يتجاهل هرتزل أهمية الدين في بناء دولته، وأن الفكرة في الأساس هي فكرة دينية تقوم وتترعرع على أرض الميعاد والمسيح المنتظر، فاهتم بدعم الحاخامات ورجال الدين لدعوته؛ حيث اعتبر الدين أداة من أدوات توحيد صفوف اليهود خلف فكرته.

وعلى هذا النهج سار تلامذته مثل بن جوريون أول زعيم لليهود على أرض فلسطين، والذي قال: لو تركت حياة اليهود لحاخامات اليهود لظلوا حتى الآن كلاباً ضالة في كل مكان يضربهم الناس بالأقدام، ومثله حاييم وايزمان الذي تزعم المنظمة الصهيونية العالمية، والذي كان يتلذذ بمضايقة الحاخامات بشأن الطعام المباح في الشريعة اليهودية، وبرغم ذلك فقد كان يسير وفقاً لمبدأ سابقيه في رؤية الدافع الديني كمقدرة لا يستعاض عنها في إيقاظ طاقات الشعب اليهودي.

وتبلور هذا التيار في اتجاهين: الأول الاتجاه الاشتراكي الذي كانت آخر صوره حزب العمل وقد تراجعت مكانته كثيرا داخل الكيان بعد أن ظل يحكمه ثلاثين عاما، أما الاتجاه الثاني وهو الاتجاه الليبرالي اليميني الذي يمثله حالياً تكتل الليكود بزعامة نتانياهو.

تيار اليهودية الأرثوذكسية

لفظة الأرثوذكسية ذات أصل يوناني ومعناها: العقيدة القويمة أو المستقيمة، ولقد تقبل اليهود المتدينون هذا المصطلح الذي أطلق منذ بداية القرن التاسع عشر على التيار الأرثوذكسي في الفكر اليهودي، وهو امتداد لليهودية القديمة القائمة على التوراة المحرفة والتراث الشفهي للحاخامات.

وقد أسست هذا التيار حركة دينية أرثوذكسية مناوئة للأفكار الصهيونية التي قد بدأت تنتشر في أوساط اليهود تمييزا لهم عن المتدينين الذين اعتنقوا الفكر الصهيوني، وسميت هذه الحركة: أغودات إسرائيل أي رابطة إسرائيل، وأطلق على هؤلاء الأرثوذكس المعارضين للصهيونية: الحريديم، ولفظة الحريديم تعني المتقين.

وتركز فكر هذا التيار على نقد التيار الصهيوني السابق والذي أسسه هرتزل، باعتباره تيارا علمانيا، حيث يرون أن علاقة اليهودي بأرض الميعاد هي علاقة روحية، وأن نفي اليهود منها هي من الأوامر الربانية التي لا يمكن مخالفتها؛ وعلى اليهودي أن يستمر في صلواته حتى يستجيب له الرب ويأمر بعودته مع المسيح؛ ومن هنا يرفض هؤلاء الدعوة الصهيونية وادعاءها بأنها تحمي أمن اليهود وتنقذهم من الشتات.

وفي الإجمال ثمة رأيان اثنان داخل صفوف الحريديم تجاه دولة إسرائيل:

الأول: يرى أن قيام هذه الدولة عمل مناقض لفكرة المسيح، ومن ثم فهي دولة آثمة. ومن ممثلي هذا الرأي جماعة ناطوري كارتا.

أما الرأي الثاني: فيعترف أنصاره بالدولة حقيقة واقعة؛ وذلك دون منحها الشرعية؛ وهم يعتبرون أنفسهم في منفى أيضاً؛ غير أنهم يتعاونون مع الدولة ومؤسساتها وكأنهم في بلد أجنبي، ويحددون موقفهم منها بمقدار اقترابها من التوراة وتعاليمها، ويمثل هذا الرأي في إسرائيل الآن، حزب شاس ويهدوت هيتوراه وهما حزبان داخل ائتلاف الليكود بزعامة نتانياهو والذي سيشكل الوزارة الجديدة.

التيار الصهيوني الديني

هذا هو المكون الفكري السياسي الثالث داخل الكيان الصهيوني، وقد انطلقت مفاهيم هذا التيار الأساسية من إنكاره فكرة انتظار المسيح المخلص لقيادة جموع اليهود، والدعوة إلى العودة لفلسطين لإقامة مملكة إسرائيل، والإيمان بالجهود البشرية لليهود أنفسهم عن طريق تهجيرهم من أوطانهم وتوطينهم في فلسطين. وقد استند رواد الصهيونية الدينية إلى نصوص توراتية واصطلاحات تلمودية تعتبر الاستيطان في أرض إسرائيل وصية من الوصايا الدينية اليهودية تمهيداً لقدوم المسيح المخلص؛ فتربة فلسطين تربة طاهرة، وأورشليم مدينة الله وموطن إقامته كما يزعمون.

والصهيونية الدينية - بأفكارها تلك - قدمت الشرعية لمطالب الدعوة الصهيونية المتمثلة في تهجير اليهود إلى فلسطين لإنشاء دولة لهم، كما أضفت عليها طابعاً دينياً ذا صبغة توراتية ورداء تلمودي قلَّ أن تتمتع به أي حركة سياسية.

ولقد ازداد شعور الصهيونية الدينية بقوتها في السنوات الأخيرة؛ حيث مارس حاخاموها نفوذًا كبيرًا في الشارع الإسرائيلي، وبإنشائهم لحزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش المتحالف مع القوة اليهودية برئاسة إيتمار بن غفير استطاعوا أن يكونوا القوة الثانية في تحالف نتانياهو.

وبالاستعراض الاسبق نجد أن الائتلاف الذي كونه ناتنياهو وخاض به الانتخابات، واستطاع أن يحصل على الأغلبية هو في حقيقته يمثل جميع التيارات الفكرية الصهيونية، سواء منهم العلماني أو الأرثوذكسي أو المتدين الصهيوني، وبهذه التوليفة الذكية سيتمكن نتانياهو قيادة الكيان الصهيوني بقوة لفترة طويلة.

وهذا ما يجب عليه المقاومون الفلسطينيون في جميع مناطق فلسطين أخذه في الاعتبار، وهم يضعون استراتيجيات المواجهة مع هذا المغتصب الماكر.

 

أعلى