• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التصالح الإيراني المسموم

التصالح الإيراني المسموم



دائما أعتبر الدبلوماسية الصهيونية من أنجح الدبلوماسيات التي فرضت وجودها في الشرق الأوسط رغم كتلة اللهب التي تعيش فيها، و السبب في ذلك أنها ترسل جيشها ليلا لقتل المدنيين العزل في الضفة و غزة، وتتشدق بخطاب السلام في وضح النهار وفي كل حد وصوب، مع وجود قيادة سياسية فلسطينية هي الأفشل منذ نكبة عام 1948م، وبذلك صنعت معطيات ساعدتها على البقاء.

لكن إيران فاقت التجربة الصهيونية بكثير، ولا أعلم هل سر ذلك الخطاب الأيديولوجي لها، و الذي استطاعت من خلاله اختراق منطقة الشرق الأوسط بسلاحي المال و العاطفة الدينية،  و كذلك تعزيز ذلك بالكذب و النفاق و الشعارات الرنانة التي كانت تستغل الحيز الأكبر منها لتهديد أمريكا و الكيان الصهيوني.

في خطابين منفصلين تحدث كلا من الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأحد، و مرشد الثورة الشيعية علي خامنئي عن وحدة العالم الإسلامي، ومما قاله خامنئي بحسب ما نشرته وكالة "إيرنا" ، "إن مايجري في العراق ليس حربا بين الشيعة والسنة بل إن القوي السلطوية استغلت بقايا فلول النظام الصدامي البائد والعناصر التكفيرية لزعزعة الأمن والاستقرار في العراق".

وقال أيضا" إن إيران إذ تعلن عن معارضتها الشديدة لأي تدخل لأمريكا في شؤون العراق الداخلية تعبر عن اعتقادها أن الشعب والحكومة والمرجعية الدينية قادرون علي إخماد نار الحرب".

ثم جاء بعد ذلك خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال مؤتمر"سبط النبي" ليقول فيه " على حماة الإرهابيين الوحشيين أن يدركوا أن دورهم قادم  وعليهم أن يكفوا عن دعمهم بدولارات النفط وحذرهم من مغبة الاستمرار بهذا الدعم مؤكدا أن عليهم إدراك أنهم سيدفعون الثمن لاحقا ".

وقال روحاني" أن إيران تتحمل جميع المشاكل من اجل الحفاظ على الوحدة بين المسلمين "وعلى جميع المفكرين والأحزاب والقوى الاسلامية والمنظمات المدنية وعلماء الدين من أهل السنة والشيعة القيام بنشاطات تخرج عن الأطر المذهبية والطائفية في العالم الاسلامي ومواجهة العنف والوحشية".

وأضاف :"إنه لا یوجد أی خلاف بین الشیعة والسنة فهم جمیعا إخوة عاشوا بألفة ومحبة جنبا إلی جنب علی مر القرون فی جمیع أنحاء المعمورة وأن العالم الإسلامی الیوم أحوج ما یکون للوحدة والتضامن".

خطابين متناقضين، كلاهما يمارس فيه النفاق و الكذب بصورة فجة، يدركها كل عاقل، ففي الوقت الذي تدعم فيه إيران المليشيات الشيعية لقتل السنة في سوريا و حرقهم بالبراميل المتفجرة تتشدق بوحدة العالم الإسلامي و تمارس الخطاب المتلون، وبينما يدعو روحاني لتكثيف الجهود من أجل إنهاء الحرب، يرمي بالاتهامات على دول النفط و يحملها مسؤولية القتل الذي لحق بالعراقيين السنة منذ رحيل نظام صدام حسين، و كأن حزب الدعوة التي احتضنته إيران لم يكن مسؤلا عن الجرائم التي ارتكبت بحق السنة في العراق طوال تلك السنوات.

ألم يسمع روحاني و خامنئي فتوى علي السستاني و عمار الحكيم لتجييش المليشيات الشيعية لقتل السنة في العراق و إعلان " الجهاد المقدس" الذي لم يعلنه هؤلاء أثناء احتلال أمريكا للعراق؟!

ألم ير خامنئي مليشياته التي أرسلها لسوريا للدفاع عن نظام الأسد وهي تقتل الأطفال الرضع و تمارس رجولتها على النساء و الكبار و الأطفال في حمص و حلب و غيرها من مدن سوريا؟!

ياسر الحبيب كان ومنذ بداية الثورة في العراق يحرض  في وسائل الإعلام على تطهير العراق من أهل السنة،  لا أعلم هل هذا يتوافق مع خطاب التصالح  المسموم الذي أطلقه روحاني؟!

في مايو الماضي صرح الجنرال محمد اسكندري قائد فيلق الحرس الثوري بملاير في محافظة همدان الإيرانية  أن "سوريا ليست بحاجة للأسلحة والعتاد فقادة الحرس الثوري قد جهزوا 42 لواء و138 كتيبة، وهي على أهبة الاستعداد لخوض الحرب ضد الأعداء". ماذا كان يفعل هذا الجيش في سوريا؟  أم أنه كان يعزز التمدد الفارسي في بلاد الشام، وكذلك حديثه عن أن الحرب في سوريا حربا إيرانية. تناقضات كثيرة في الخطاب التصالحي الإيراني تنم عن حالة الضعف بالتزامن مع الانتصارات التي تحققها الثورة السنية في العراق.

إيران في الوقت الذي تتحدث فيه عن رفضها لتدخل دولي العراق، ترسل خبرائها العسكريين لحكومة نوري المالكي لدعمهم و احتواء هزائمهم المتلاحقة، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض العجيب، أم أن العراق أضحت مقاطعة إيرانية؟!

إيران التي تدعي خوفها على وحدة الإسلام تحالفت مع واشنطن في حربها على أفغانستان، لسبب واحد وهو أن دولة طالبان كان يحكمها السنة، و كذلك حصل في العراق، فقد ساعدت واشنطن كثيرا في هجومها على نظام صدام حسين لأن العراق تمتلك جزء كبيراً من احتياطيات النفط العالمي و بذلك تجد من خلال حكومة نوري المالكي مصدراً لتمويل مشاريعها التوسعية في المنطقة العربية.

إيران أقامت مشروعها على عدة اعتبارات أهمها :

1- السيطرة على منابع النفط في المنطقة العربية و طرق نقله. فبعد احتلال منابع النفط في منطقة الأحواز العربية منذ عام 1925م، ها هي ذي الآن تسيطر على منابع النفط العراقية.

2- استغلال العاطفة الدينية ودعوات الوحدة الإسلامية المزعومة لإيجاد عمق لها في المنطقة العربية.

3- السيطرة على أماكن احتضان المقدسات الإسلامية لأهميتها عند المسلمين.

4- تصدير الثورة في العالم الإسلامي، و إستثارت الأقليات الشيعية لتحقيق أجندتها التوسعية.

في الوقت الراهن تسعى إيران لتحقيق ذلك من خلال التصالح مع واشنطن تفاديا لمعارك قد تصرفها عن مسعاها الأهم، وكذلك لأن العدو مشترك، و تجتهد في دعم الحوثيين في اليمن و كذلك تحريض الشيعة في منطقة الخليج و محاولاتها الفاشلة لإحكام السيطرة على العراق، وتمكين حكم الأسد و تعزيز قوة حزب الله في لبنان، و زراعة أحزاب شيعية و دعم لوبيات لها في بلدان محيطة بمنطقة الخليج، مثل مصر و السودان و غيرها من دول منطقة الشرق الأوسط، و تريد أن تحقق من وراء ذلك استعادة إمبراطورية الفرس التي مزقها الإسلام في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أعلى