محمد ماهان.. قصة

محمد ماهان.. قصة "تائب" من كوت ديفوار


محمد أوليفييه ماهان، إيفواري في الـ 41 من عمره، وجد أخيرا، بعد عقود من الانحراف والضلالة، معنى مغايرا للحياة وطريقا للهداية، ليصبح أحد أشهر المسلمين ببلده كوت  ديفوار، يسبغ من ماله على المحتاجين ويحرص على أن يجعل من النصح والدعوة إلى الطريق المستقيم أسلوب حياة. 

26 عاما من عمره أفناها ماهان المنحرف السابق في حمل السلاح والتعدي على الغير، غير أنّه، اليوم، لا يحمل سوى القرآن الكريم في يده وينهل من آياته ومعانيه. ماهان تحدّث للأناضول عن حياته السابقة بنبرة يغلب عليها الندم والأسى: "كنت أقوم بعمليات سطو مسلح، لقد ارتكبت جرائم و كنت أستهلك المخدرات، وقد سجنت بسبب ذلك ومع الأسف، كنت أعيد الكرّة في كل مرة فور خروجي من السجن".

أما اليوم، فقد وجد ماهان طريق الهدي، حيث أصبح إماما يطوف على المساجد والسجون ومحطات القطار، محاولا بث الإيمان في قلوب الشباب، بخطاب سلم وأخوة وتضامن مقرب منهم. وقد تمكن في مرات عديدة من حل خلافات بين هذه الفئة العمرية وأولياء أمورهم بالاعتماد على القيم النبيلة للإسلام الحنيف.

ويعمل محمد اليوم على إدماج فئة المنحرفين والمنبوذين من المجتمع، ويبين بشأن ذلك للأناضول: "لقد قررت بحكم تجربتي أن أخصص حياتي لأرشدهم إلى الطريق الصحيح، فأنا أتوجه إلى جميع المشردين واللصوص الصغار ومستهلكي المخدرات والكحول".

تحوّل جذري رفع ماهان من حضيض الجريمة المسلحة إلى سماء التقوى والورع، في نقطة ارتكاز بدت أشبه بـ "المعجزة" على حدّ وصفه. هذه المعجزة التي حدثت في العام 2000. "كنت في أحد الأحياء، حين تحدّث إلي عدد من الشباب عن الله"، يقول ماهان، و"طبعا في البداية، لم أعرهم انتباهي ولم أشأ الإقتداء بما يقولون، لكن، بمرور الوقت، تعلمت أن الله قادر على تغيير حياتي، فكان أن بدأت في طرح الأسئلة، وكانت تلك نقطة التحول بالنسبة لي".

اليوم، بمنطقة أدجامي (وسط أبيدجان)، الجميع يعرفون ماهان، على غرار سيلا أداما ذو الـ 35 عاما، وهو ممن عاينوا الرجل في تعامله مع الشباب، حيث يروي ما شد انتباهه، قائلا: "محمد يجري  نقاشات مطولة مع الشباب الذين يمتنعون عن الذهاب إلى المسجد، فهو يقدم لنا النصح لوقف اللصوصية وذلك مهم جدا، والكثيرون تغيروا بفضل ذلك". 

شهادة يؤكدها هرفي كواسي، شاب مسيحي يعمل في نفس المنطقة، حين أبرز أن محمد غير حياة عديد الشبان، كما غير صورة السوق السوداء بأدجامي التي كانت تعرف بكونها  وكرا للمنحرفين، مضيفا: "أنا كمسيحي، يسعدني جدا أن يكون محمد قد أخرج عديد الشبان من دائرة الانحراف الجهنمية للوصول إلى مرتبة اجتماعية أرقى. اليوم، العديد من الناس  يتناولون طعام الإفطار في السوق السوداء، بفضله".

ما يقوم بهم محمد يلقى أيضا كل القبول من أولياء أمور هؤلاء الشباب، على غرار سانغاري أوا، والتي تؤكد في حديث مع الاناضول إن ":العمل الذي يقوم به محمد على غاية من  الأهمية، نحن لم نعد قادرين على السيطرة على أبنائنا. هم الآن أفضل حالا وأقوم سلوكا، بفضل محمد ماهان".

محمد أوليفييه ماهان، لا يطلب أموالا مقابل ما يقوم به، على عكس ما يعتقده البعض، وهو ما أكده بالقول: "يعتقد البعض أن ما أقوم به يندرج في إطار عمل ما، بينما  يظن البعض الآخر أني أمتلك أموالا مكدسة، لكني لا أتلقى أي دعم مادي، أقوم بذلك خالصا لوجه الله وحده".

ويشتغل ماهان اليوم بالتجارة، يبيع الدراجات النارية و السيارات والهواتف الجوالة المستوردة وهو متزوج من إمرأتين وأب لـ 12 طفلا.

نجاح ماهان، في كوت ديفوار، هذا البلد الذي يمثل فيه المسلمون 38.6 % من جملة عدد السكان البالغ عددهم 22.8 مليون نسمة، جلب له الاهتمام في سائر دول المنطقة، ما دفع ببوركينافاسو إلى دعوته للقدوم إلى البلاد لمشاركة خبرته مع هذه الفئة من المجتمع. 

أعلى