• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أمريكا وباكستان في مفترق طرق حوار مع بروس ريدل ـ مجلس العلاقات الخارجية

أمريكا وباكستان في مفترق طرق حوار مع بروس ريدل ـ مجلس العلاقات الخارجية

Council on Foreign Relations

مجلة البيان: أدى القبض على فيصل شاهزاد ـ الأمريكي من أصل باكستاني بسبب علاقته بالتفجير الفاشل في ميدان تايمز سكوير ـ إلى مزيد من الهجمات الأمريكية بالطائرات المسيرة في المناطق القبلية في شمال وزيرستان، بالإضافة إلى ضغوط على باكستان لتكثيف جهودها ضد المسلحين. كما حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون من تداعيات جسيمة على باكستان في حال نجاح هجمات إرهابية على الولايات المتحدة تخرج من باكستان. وبروس ريدل رأس اللجنة الخاصة بين الوكالات العام الماضي لتطوير سياسة أوباما لباكستان وأفغانستان، ويقول أن هناك "احتمالاً خطيرًا بأن الهجمات الإرهابية القادمة التي توقع عددًا كبيرًا من الضحايا سوف تأتي من باكستان"، ويقول أنه في تلك الحالة "فإن الوسائل الدبلوماسية العادية لن ترضي أحدًا في الولايات المتحدة". لذا فإن الخيارات الأمريكية للتحرك ضد باكستان "محدودة للغاية"، ويظل الخيار الأفضل هو "أن تجبر باكستان على فعل المزيد الآن" في قتالها ضد المتطرفين، عن طريق إمدادها بالمزيد من المساعدات التقنية وبالأسلحة.

* ما هو نوع العواقب في ظنك التي كانت تتحدث عنها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في تحذيراتها؟

- إن وزيرة الخارجية محقة بأن هناك احتمالاً كبيرًا للغاية بأن الهجمات الإرهابية القادمة التي توقع أعدادًا كبيرة من القتلى على الولايات المتحدة يمكن أن تحمل خاتم "باكستان"، فقد استطعنا النجاة من ذلك بصعوبة في حادثة تايمز سكوير منذ أيام قليلة. كما أن المجهودات الدبلوماسية الحثيثة لن ترضي أي أحد في حال وقوع ذلك، فتلك الإدارة وسابقتها ظلوا يضغطون على باكستان لسنوات من أجل أن تقضي على الوحش الجهادي الباكستاني الذي تشكل في العقود الثلاثة الماضية داخل باكستان. وهذا يشمل القاعدة وطالبان الأفغانية والباكستانية وعسكر طيبة، وعدة مجموعات أخرى. ولم ترغب أي حكومة باكستانية حتى الآن في أن تقضي تمامًا على الشبكات الكاملة لتلك المجموعات الإرهابية، ولكن وزيرة الخارجية طرحت أسئلة بشأن بعض الأشخاص في الحكومة الباكستانية، والذي لا يزالون يحتفظون بصلات مع تلك الجماعات. ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل هنا، فباكستان دولة تبلغ مساحتها ضعف مساحة ولاية كاليفورنيا الأمريكية بترسانة نووية هي الأسرع نموًا في العالم، وخيارتنا بأن نفعل أي شيء ضد باكستان تعد محدودة للغاية، فالخيار العسكري غير مغري، فذلك بلد لديه أسلحة نووية وعازم على الدفاع عن نفسه، كما أن العقوبات الاقتصادية محدودة لغاية أيضًا، ويجب أن نضع في أذهاننا أن أكثر من ثلاثة أرباع الإمدادات التي تذهب إلى القوات الأمريكية والأطلسية في أفغانستان تأتي عبر ميناء كراتشي الباكستاني. لذا فإن باكستان لديها الكثير من نقاط التفوق على الولايات المتحدة، وذلك تريد وزيرة الخارجية أن تشير إلى باكستان بأنها لا يجب أن تضع نفسها في هذا الموقف،وأنهم يجب أن يتخذوا إجراءً فوريًا لكي لا نواجه تلك المعضلات الجسيمة في المستقبل. لذا فإن حادثة التايمز سكوير تذكرنا بأن باكستان لا تزال بؤرة الجهاد الإسلامي العالمي.

 * ولكن إذا كان هناك هجومًا إرهابيًا آخر وتم اقتفاء أثره إلى باكستان، فما نوع الخيارات التي ستجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة لاتخاذه؟

 - الخيار الأول هو الضغط على باكستان للتحرك في تلك المناطق من البلاد مثل شمال وزيرستان، حيث لا تزال تلك المجموعات الإرهابية تعمل بحرية شديدة وبكثرة. وإذا لم تقم باكستان بذلك، فسوف يكون هناك تفكير جدي بشأن قيام الولايات المتحدة باتخاذ إجراء أحادي الجانب. ولكن هذا صعب للغاية، فهذا سوف يكون تعديًا على السيادة الباكستانية، مما يمكن أن يشعل صراعًا مع باكستان بكل ما تحمله من الصعوبات التي تحدثت عنها سابقًا. وسوف يمثل هذا أيضًا مزيدًا من الإرهاق على مصادرنا المتقلصة أصلاً في أفغانستان والمنطقة إذا ما أردنا توسيع المجال الذي يعمل فيه جنودنا على الأرض، فلا توجد هناك خيارات مغرية للتعامل مع تلك المشكلة، ويظل الخيار الأفضل هو حث باكستان على فعل المزيد وفورًا.

* منذ محاولة تفجير تايمز سكوير كانت هناك ثلاث هجمات بالطائرات المسيرة على شمال وزيرستان حيث يعتقد أن فيصل شاهزاد تلقى تدريبه، هل هذا مجرد مؤشر على مزيد من العداء في السياسة الأمريكية؟

 - لقد أمر الرئيس أوباما بعد أيام قليلة من توليه المنصب الرئاسي عام 2009 على زيادة استخدام الطائرات المسيرة لملاحقة إرهابيي القاعدة والإرهابيين الآخرين في المناطق الحدودية، وأتوقع أننا سوف نستمر في رؤية ذلك. وفي هذا العام أعتقد أننا سوف نرى أكثر من مائة هجمة بالطائرات المسيرة. فالهجمات بتلك الطائرات تعد تقنية فعالة للغاية، فقد أدت إلى مصرع وجرح عدد من كبار الإرهابيين. ولكن هذا مجرد تكتيك وليس استراتيجية، فلن تستطيع أن تقتل الوحش الجهادي الباكستاني وأنت على بعد 30 ألف قدم في الهواء، فيمكن أن تكون تلك وسيلة جيدة لإفساد وتفكيك بعض النشاطات الإرهابية، ولكنها لن تستطيع بمفردها أن تهزمهم، فهذا يتطلب التعاون الباكستاني، وذلك هو لب المشكلة، وهي أننا لا نستطيع أن نقضي على المعضلة الإرهابية في باكستان بدون مساعدة باكستان، كما أننا حاولنا لعقود بأن نجبر باكستان على أن تتوقف عن دعم الإرهايين، ولكننا حتى الآن لم نستطع أن نجد علاجًا لذلك.

 * يبدو أن هناك انفصامًا بين ما نسمعه من البيت الأبيض وما نسمعه من البنتاجون؛ فالمحامي العام إيريك هولدر يقول أن باكستان "متورطة بشدة" في مؤامرة تايمز سكوير، بينما يقول الجنرال ديفيد بترايوس القائد العام للقيادة المركزية أن فيصل شاهزاد تلقى دعمًا معنويًا من المسلحين في باكستان ولكن ليس بالضرورة التقى بهم. لماذا يحدث هذا التناقض؟

 - لا أدري كيف أفسر هذا الانفصام، ومن المؤكد أن المحامي العام أكثر قربًا من التحقيقات، فهو يعلم ما يجري فيها بشأن شاهزاد، وأعتقد أنه من الواضح أن طالبان الباكستانية قدمت له على الأقل الدعم المعنوي، فطالبان الباكستانية زعمت مسئوليتها عن فكرة الهجوم على الولايات المتحدة ووعدت بمزيد من الهجمات. إن ما نراه يحدث في باكستان الآن ظاهرة خطيرة للغاية، فأفكار القاعدة والجهاد الإسلامي العالمي بأن كافة الجهاديين يجب أن يركزوا على الولايات المتحدة كعدوها الأساسي أصبحت تلقى صدى حتى من الجماعات غير القاعدة. فقد رأينا ذلك في عام 2008 في هجمات مومباي، عندما قامت جماعة عسكر طيبة بتنفيذ الهجوم وهاجمت الأهداف الأمريكية والإسرائيلية. فتلك هي أهداف القاعدة والجهاد الإسلامي العالمي. ونحن نرى الآن أن طالبان الباكستانية تحاول أن تشن هجومًا على الولايات المتحدة لأول مرة، فانتشار فكر الجهاد الإسلامي العالمي خطير للغاية وكلما ازداد تمسك الجماعات الإسلامية المتطرفة بذلك، فأننا يمكن أن نتوقع مزيدًا من الهجمات مثلما رأينا في هجوم تايمز سكوير، ويمكن أن نتوقع منهم أن يصبحوا أكثر تعقيدًا وأكثر قدرة في هجماتهم.

 * هل يقلل البنتاجون من صلات طالبان الباكستانية بسبب الاعتراف بأن الولايات المتحدة لديها مصادر محدودة ويفضلون في المقابل بألا يضعوا جنود الولايات المتحدة في باكستان؟

 - لا أريد أن أقيم دوافع البنتاجون، ولكن أعتقد أن البنتاجون يفهم أن باكستان هامة للغاية بالنسبة للأمور اللوجستية في حربنا على أفغانستان، فأكثر من ثلاثة أرباع كل ما نطلقه من ذخيرة أو نشربه أو نأكله في أفغانستان يصل عن طريق كراتشي، وثانيًا، أن التعاون الباكستاني ضد طالبان والقاعدة يعد أساسيًا للغاية. فلا نستطيع أن ننتصر في ذلك الصراع بدون الدعم الباكستاني. لذا فإننا يجب أن نضع باكستان إلى جانبنا بنسبة 100% وهذا هو التحدي أمامنا.

 * في فبراير الماضي قتل ثلاثة جنود أمريكيين من قوات العمليات الخاصة في شمال غرب باكستان؛ حيث كانوا يشاركون في تدريب لمكافحة الإرهاب بالإضافة إلى تقييم للتطورات. ما مدى الوجود العسكري الأمريكي على الأرض في باكستان والذي لا يزال سرًا، وهل هناك إمكانية بأننا سوف نرى زيادة في ذلك؟

 - لا أعتقد أننا سوف نرى زيادة كبيرة. فالباكستانيون لا يريدون جنودًا أمريكيين على الأرض، والجيش الباكستاني مؤسسة معتزة بذاتها للغاية، وتعتقد أنها يجب أن تقوم بالمهمة. فما تريده من الولايات المتحدة هو فقط الأسلحة والتقنية للقيام بذلك. وهنا يجب على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد. فالباكستانيون يريدون مزيدًا من القدرات الجوية لقتال المتمردين والمسلحين في بلدهم. وهذا يعني طائرات مروحية، فهم بحاجة إلى عشرات وعشرات من المروحيات لكي يتمكنوا من نقل القوات بسرعة وسهولة للتعامل مع المسلحين. وفي هذا السيناريو يجب على البنتاجون أن يحاول أن يفعل المزيد لإعطاء باكستان ذلك النوع من الوسائل الجوية التي يمكن أن تسمح لهم بأن يتعاملوا مع تلك المشكلة بفاعلية.

 * هل هناك أي شيء تفعله الولايات المتحدة لمساعدة باكستان في تطوير استراتيجية مكافحة تمرد أكثر فاعلية؟ وما المزيد الذي تستطيع أن تفعله؟

- هناك الكثير الذي نفعله والكثير الذي نستطيع أن نفعله أيضًا. فلقد أعطينا باكستان خبراتنا في مكافحة التمرد، كما أعطيناهم التكتيكات، ونحاول أن نشجع المزيد من ضباطهم لقضاء مزيد من الوقت في مدارس التدريب الأمريكية من أجل أن نفيدهم بخبراتنا. كما أننا أمددناهم أيضًا بتقنيات ملاحة جوية معقدة للغاية لطائراتهم لكي يكونوا أكثر قدرة على استهداف الملاذات الآمنة ومخابئ الإرهابيين. ولكن لا يزال هناك الكثير مما نستطيع أن نقدمه لهم. إن الذي نستطيع أن نقدمه الآن هو المزيد من القدرة على النقل الجوي، بالإضافة إلى القدرة على الإخلاء الطبي السريع للجنود الجرحى الذين يسقطون في المعارك إلى المستشفيات في باكستان.

* هل سيؤدي تفجير تايمز سكوير الفاشل إلى إطلاق مناظرات داخل الإدارة لإعادة ترتيب السياسات بشأن كيفية الرد والتعامل مع تلك الملاذات الآمنة الباكستانية التي تأوي الإرهاب؟

- إن حادثة تايمز سكوير تدق ناقوس الخطر بأن باكستان لا تزال في بؤرة الجهاد الإسلامي العالمي، وهو ما يجب على تلك الإدارة أن تفهمه من أول يوم أتت فيه إلى البيت الابيض. وتغيير الاتجاه الاستراتيجي بشأن باكستان بنقلها من دولة راعية للجهاد إلى دولة تقاتل الجهاديين سوف يكون صعبًا، ولن يحدث بين عشية وضحاها. فسوف يستغرق ذلك وقتًا وعملاً مع الباكستانيين، وبخاصة مع أولئك الذين يفهمون مخاطر ذلك على أمن بلادهم، لذا فإننا في بداية طريق طويل. ولكن إذا ما حدثت عملية إرهابية ناجحة على الولايات المتحدة تحمل طابع باكستان، فإننا سوف نرى ذلك المسار يتحرك بسرعة الضوء ضد الجهاديين، أو يمكن للولايات المتحدة ولباكستان حينئذ أن يصبحا على مسار تصادمي صعب للغاية.

أعلى