البيان/متابعات: في ظهور إعلامي نادر حمل رسائل مباشرة للغرب، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداً صارماً إلى الدول الأوروبية، مؤكداً أن موسكو لا تخطط لحرب ضد أوروبا، لكنها ستكون مستعدة لها إن دفعتها أوروبا إلى ذلك. وأوضح بوتين أن أي مواجهة محتملة مع أوروبا ستكون سريعة وحاسمة, بخلاف ما وصفه بـ"العملية الجراحية المحدودة" في أوكرانيا، مضيفاً بلهجة لافتة "قد لا نجد حتى من نتفاوض معه".
هذا الظهور العلني لبوتين، المعروف بندرة تصريحاته وتجنبه الإطالة الإعلامية، جاء قبل ساعات من وصول مبعوثي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى موسكو لمناقشة اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا. وقد بدا بوتين متبسماً وأكثر ارتياحاً من المعتاد، ما اعتبره محللون جزءاً من استراتيجية نفسية مدروسة تهدف إلى تكريس صورة القائد الواثق الذي يلوّح بالخيار العسكري من موقع قوة، وربما يلمّح بوضوح إلى إمكانية اللجوء إلى السلاح النووي إذا تطلب الأمر.
الاجتماع الذي عقده بوتين مع مبعوثي ترمب واستمر خمس ساعات انتهى دون اتفاق، قبل أن يتوجه الوفد للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن إلغاء اجتماع مرتقب في بروكسل واستبداله بلقاء في كاليفورنيا، ثم إلغاء اللقاء كلياً، ترك زيلينسكي في حالة إحباط سياسي واضح. ويشير مراقبون إلى أن هذه الخطوات تحمل دلالات سياسية عميقة بشأن موازين القوة داخل مسار التفاوض.
وتفيد التسريبات بأن موسكو رفضت التعديلات الأوروبية على مسودة الاتفاق الأميركي–الروسي، ما أعاد المفاوضات إلى النقطة الصفر. وبالتوازي مع ذلك، تزداد صعوبة الوصول إلى اتفاق سلام مع إصرار روسيا على شروط تعتبرها كييف وحلفاؤها الأقرب إلى "استسلام أوكراني" وليس تسوية سياسية. ويرى الغربيون أن موسكو لا تبدي استعداداً للتراجع عن الأراضي التي سيطرت عليها، فيما يتقدم الجيش الروسي على عدة جبهات في الميدان.
سياسياً، يواجه زيلينسكي أزمة داخلية خانقة بعد تفجر فضيحة فساد مالي كبيرة داخل حكومته، طالت كبار مستشاريه وأضعفت موقعه الدولي. وتكشف تسريبات أن متورطين في القضية كانوا يرون أن "لا جدوى من إنفاق المال على تحصينات لحرب خاسرة"، ما زاد من الضغط الشعبي ضد الحكومة.
ميدانياً، تتواصل خسائر أوكرانيا مع سقوط بلدات جديدة بيد القوات الروسية. ويرى محللون أن الولايات المتحدة وحدها تمتلك القدرة على تغيير ميزان الصراع، إلا أن إدارة ترمب تبدو أقرب إلى موقف داعم لمقاربات موسكو في سبيل إنهاء الحرب، على حساب الموقف الأوكراني والأوروبي الذي يزداد عزلة.