البيان/متابعات: أثار تقرير صحفي دولي جدلًا واسعًا بشأن احتمالات انزلاق اليمن نحو جولة جديدة من التصعيد، وذلك عقب العملية العسكرية التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، في محافظة حضرموت الغنية بالنفط شرق البلاد.
ويشهد اليمن منذ نحو عقد حربًا أهلية معقدة الأطراف، إذ يسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على الشمال بما في ذلك العاصمة صنعاء، فيما تتوزع السيطرة في الجنوب بين الحكومة المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي وقوى قبلية محلية.
وتمكن المجلس الانتقالي خلال الأيام الماضية من فرض سيطرته على معظم مناطق حضرموت، وهي أكبر محافظات اليمن مساحة، وتتمتع بموقع استراتيجي يطل على بحر العرب، كما تحدها السعودية شمالًا. ووصف قادة في المجلس هذه العملية بأنها خطوة ضرورية لـ"استعادة الأمن"، غير أن مراقبين يعدّونها تصعيدًا متسقًا مع مشروع إقامة دولة جنوبية مستقلة، ما قد يشعل الحرب الأهلية مجددًا بعد أشهر من التهدئة النسبية.
وكانت حضرموت قد شهدت خلال السنوات الأخيرة ترتيبات أمنية وسياسية معقدة، إذ تشاركت جماعات مسلحة مختلفة بينها قوات الانتقالي وتشكيلات موالية للحكومة السيطرة على مناطقها، فيما سيطرت قبائل حليفة للسعودية مطلع العام على حقول النفط مطالبة بزيادة الحصة المحلية من العائدات وتحسين الخدمات.
واستغل المجلس الانتقالي حالة الانقطاع الواسع للكهرباء التي نتجت عن ذلك لتعزيز نفوذه، معلنًا أن تحركاته تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة وإغلاق طرق تهريب واسعة، قبل أن يوسّع عملياته باتجاه محافظة المهرة المجاورة.
ويحذّر مراقبون من أن هذا التصعيد قد يعيد خلط الأوراق في الملف اليمني، خصوصًا بعد الإشارة إلى وجود مشاورات يجريها الانتقالي مع "شركاء يمنيين ودوليين" بشأن شن عملية برية محتملة ضد الحوثيين، وهو سيناريو من شأنه الدفع نحو تفجير الوضع من جديد.
ويرى باحثون في الشأن اليمني أن الحوثيين قد ينظرون بقلق إلى نشوء "قوة موحدة" في الجنوب للمرة الأولى منذ سنوات، وهو ما قد يدفعهم إلى إعادة تموضع استباقي أو تحركات عسكرية مضادة.
كما يكشف التمدد العسكري للمجلس الانتقالي في حضرموت عن عمق التباين بين السعودية والإمارات حيال مستقبل اليمن؛ فبينما تدعم الرياض الحكومة المعترف بها دوليًا ورؤية اليمن الموحّد، تعمل أبوظبي، وفق محللين، على تعزيز نفوذها عبر السيطرة على أجزاء واسعة من الساحل الجنوبي الحيوي الذي يمر عبره جزء كبير من التجارة البحرية العالمية.