كانت المعركة يوم الجمعة، علماً أن ألفونسو كاد يخدع المرابطين عندما أخبر ابن تاشفين أنه لا ينوي القتال في الأيام المقدسة لدى الديانات الثلاث ومن ضمنها - طبعاً - الإسلام بما تمثِّله الجمعة من دلالات ومعانٍ، لكن المعتمد بن عباد فطن لخطة ألفونسو وحذَّر ابن تا
مقدمة
ارتبط المغرب بالأندلس بعلاقة تاريخية طويلة واستثنائية، ساهمت الجغرافيا بشكل حاسم
في بنائها وتطورها ورسم خطوطها؛ إذ كان المغرب أقرب دولة إسلامية إلى الأندلس. ومن
هذا المنطلق وجدتْ هذه الأخيرة في المغرب الدولة الصديقة و (الحليفة) أثناء (حرب
الاسترداد) التي شنتها القوى الكاثوليكية لتصفية المسلمين من شبه الجزيرة
الإيبيرية. وبالفعل، فقد كان المغاربة عند مستوى اللحظة التاريخية، وأبانوا عن
مواقف وسياسات تبعث على الفخر والاعتزاز والتأسي، ما تزال مثالاً ودرساً تاريخياً
(عميق المغزى) في الوعظ الديني وقيم الوطنية الصادقة.
في هذا السياق تم التأسيس لمشروعٍ سياسيٍّ (إستراتيجي) طموح؛ جعل الجهاد في الأندلس
ضمن أولويات السياسة الخارجية للدول الثلاث التي حكمت المغرب الوسيط (المرابطين -
الموحدين - المرينيين). مشروعٍ كان أحد الثوابت التي سارت عليها هذه الدول، مع
الفارق في السياق التاريخي والحصائل لكل منها. يأتي ذلك في إطار التضامن الإسلامي
الذي يفرضـه الجوار ورابطة الدين لمدافعة العـدو عن رقاب المسلمين ونصرة دار
الإسلام. من جهـة أخرى، فقـد مثَّل الجهاد في الأندلـس فرصـة لكسب المشروعية
الدينيـة وتثمين قواعـد ووجـود الدولة، والقصد هنا (الدولة المرينيـة) التي لم يكـن
لها في بداية أمرها - خلافاً للمرابطين والموحدين - سند ديني يعضد ويسند هذه الدولة
ويمنحها صفة المشروعية.
أملاً في إلقاء الضوء على هذا الموضوع، سنحاول مقاربة الإشكالية التالية:
- ما هو السياق التاريخي للجهاد المغربي في الأندلس؟
- وما هي أهم المعارك التي خاضتها الدول الثلاث، في سياق الحرب المضادة لـ (حرب
الاسترداد)؟
- وهل كانت هذه المواجهات على القَدْر نفسه من الزخم العسكري والتأثير في متغيرات
الصراع (الإسلامي - النصراني)؟
أولاً:
السياق التاريخي لجهاد المغاربة في الأندلس
بدأ العدُّ العكسيُّ في التاريخ الأندلسي مع نهاية الخلافة الأموية في الجزيرة،
وانقسامها بين ملوك الطوائف إلى ولايات وأقاليم مستقلة بعضها عن بعض، فكانت الفرقة
والخلاف سيدا الموقف في هذه المرحلة من تاريخ الأندلس، كما تغلَّبت المصالح الذاتية
الضيقة على مصلحة (الوطن). وشكَّل هذا الضعف الذي دب في الجسد الأندلسي مناسبة
لاستقواء العدو المرابط على الحدود، يتحين الفرصة للانقضاض على الثغور الإسلامية.
وهكذا سقطت طليطلة سنة 1085م، وحوصرت إشبيلية مدة طويلة حتى كادت تسقط في أحضان
ألفونسو السادس.
في هذا السياق انعقدت قمة أندلسية جمعت ملوك الطوائف للتداول في شأن مواجهة
المتغيرات الجديدة التي بدأت تعصف بالمنطقة (أي المدن الأندلسية). وقد خلصت القمة
إلى إقرار المعتمد بن عباد الاستعانةَ بالمرابطين في المغرب الأقصى، رغم أن هذا
القرار شكَّل عامل توجُّس وتردُّد لدى بقية الملوك مخافة أن ينفرد المرابطـون
بالبلاد الأندلسية. هنا أطلق المعتمد قولته المشهورة:
«رعي
الجمال خير من رعي الخنازير».
فكان أن اتفق المعتمد بن عباد مع صاحب بطليوس المتوكل بن الأفطس، وصاحب غرناطة عبد
الله بن بلقين الصنهاجي، على إيفاد وفد يضم ثلاثة قضاة من المدن المذكورة إضافة إلى
وزير المعتمد بن عباد أبي بكر بن زيدون. حمل هذا الوفد رسالة من المعتمد بن عباد
إلى السلطان يوسف بن تاشفين لِحضِّه على الجواز إلى الأندلس بغرض الجهاد. ومما جاء
في الرسالة:
«...
فإنَّا نحن - العربَ - في هذه الأندلس قد تَلِفَت قبائلنا، وتفرَّق جمعنا، وتغيرت
أنسابنا بقطع المادة عنا من ضيعتنا، فصرنا شعوباً لا قبائل، وأشتاتاً لا قرابة ولا
عشائرَ، فقلَّ نصرنا، وكثر شُمَّاتُنا، وتولى علينا هذا العدو المجرم اللعين
ألفونسو وأناخ علينا بطليطلة ووطئها بقدمه وأَسَر المسلمين، وأخذ البلاد والقلاع
والحصون، ونحن - أهلَ هذه الأندلس - ليس لأحد منا طاقة على نصرة جاره ولا أخيه...
وقد ساءت الأحوال، وانقطعت الآمال، وأنت - أيدك الله - سيد حِمْير، ومليكها الأكبر،
وأميرها وزعيمها، نزعتُ بهمَّتي إليك واستنصرت بالله ثم بك، واستغثت بحرمكم لتجوز
بجهاد هذا العدو الكافر وتُحيون شريعة الإسلام وتدينون على دين محمد صلى الله عليه
وسلم ، ولكم عند الله الثواب الكريم على حضرتكم السامية...»[1].
وبعد تلاوة السلطان النص على أهل الحل والعقد، أجمعوا على نصرة الدين وإغاثة
إخوانهم المستضعفين، فكان الرد المرابطي التالي:
«...
فنحن يمينٌ لشمالك ومبادرون لنصرتك وحمايتك، وواجب علينا في الشرع، وفي كتاب الله،
وإنه لا يمكننا الجواز إلا أن تسلم لنا الجزيرة الخضراء...»[2].
وبالفعل وافق ابن عباد على الشرط وجعل الجزيرة هبة تحت تصرف المرابطين، الذين
جعلوها قاعدة عسكرية لتسهيل عمليات الإنزال وغيرها من العمليات اللوجستية.
ثانياً:
التجربة المرابطية وانتصار الزلاقة
عَبَر يوسف بن تاشفين البحر سنة 1086م واستُقبل بحفاوة من قبل السكان وخاصة من لدن
المعتمد بن عباد. في هذه الأثناء كان ألفونسو ضارباً حصاراً على سرقسطة مطالباً
صاحبها ابن هود بالمال مقابل فك الحصار؛ بَيْد أن وصول خبر الجيش المرابطي أجبره
على ترك المدينة، وإعلان الاستنفار العام في طليطلة فحجَّت إليه أفواج غفيرة من
النصارى ذلك أن الأمر يتعلق بحرب (مقدسة)[3].
وقبيل المعركة راسل ابن تاشفين ألفونسو قائلاً:
«بلغنا
يا أذفونش أنك نحوت الاجتماع بنا، وتمنيت أن تكون لك فُلْك تعبر البحر عليها إلينا،
فقد جُزنا إليك، وجمع الله في هذه العرصة بيننا وبينك، وترى عاقبة ادعائك، وما دعاء
الكافرين إلا في ضلال»[4].
استفز هذا الكتاب ألفونسو فقال:
«أبمثل
هذه المخاطبة يخاطبني وأنا وأبي نغرم الجزية لأهل ملته منذ ثمانين سنة؟»[5].
كانت المعركة يوم الجمعة، علماً أن ألفونسو كاد يخدع المرابطين عندما أخبر ابن
تاشفين أنه لا ينوي القتال في الأيام المقدسة لدى الديانات الثلاث ومن ضمنها -
طبعاً - الإسلام بما تمثِّله الجمعة من دلالات ومعانٍ، لكن المعتمد بن عباد فطن
لخطة ألفونسو وحذَّر ابن تاشفين أن المعركة قائمة يوم الجمعة لا محالة. فعلاً، فقد
زحف الجيش النصراني نحو الفرقة الأندلسية في يوم الجمعة. كانت الغلبة في البداية
لصالح الجيش النصراني، لكن ما هي إلا لحظات حتى انقلبت الموازين إلى صف المسلمين؛
حينما التفَّ يوسف بن تاشفين بفرقته على مؤخرة العدو، فأتى على الخيام والح رس، وقد
كان لتوظيف تقنية قرع الطبول والجِمال أثر كبير في نتيجة المعركة، إذ ذعر الأعداء
وخارت عزائمهم لا سيما أنهم لم يعتادوا هذا الأسلوب في القتال. وهكذا فر ألفونسو
مدحوراً خائباً نحو طليطلة، بعدما كبده المرابطون خسائر فادحة في الأرواح، بينما زف
خبر النصر إلى إشبيلية متضمناً النص التالي:
«اعلم
أنه التقت جموع المسلمين بالطاغية ألفونسو اللعين ففتح الله للمسلمين وهزم على
أيديهم المشركين والحمد لله رب العالمين...»[6].
ثالثاً:
التجربة الموحدية: من النصر إلى الهزيمة
معركة الأرك (1195م) وتألُّق الموحدين:
كانت الخطـة الحربيــة فـي هـذه الموقعـة مـن اقتـراح عبد الله بن صناديد أحد زعماء
الأندلـس، نظراً لخبـرته ودرايته بتقنيات الحروب وخدعها، كانت الخطة تقضي باختيار
قائدٍ واحدٍ عامٍّ للجيش، تجنباً لحالة الارتباك والفوضى التي وقعت في السابق، ثم
تكليف الجيش النظامي المكون من الأندلسيين والمغاربة (الموحدين) بمواجهة الهجوم
الأول للعدو، في حين تبقى بقية الفِرَق الأخرى المتكونة من البربر والمتطوعين غير
النظاميين في الاحتياط، وأخيراً أن يرابط السلطان الموحدي أبو يوسف المنصور بقواته
وراء التلال قرب حصن الأرك، حتى يتسنى له الالتفاف على مؤخرة العدو[7]،
ولعل هذه الخطة تذكرنا بأسلوب المرابطين في معركة الزلاقة.
بدت المعركة في البداية وكأنها في صالح القشتاليين، إذ قُتِل عددٌ كبير من المسلمين
وتناقص عدد الجند، رغم ذلك واصل المسلمون القتال متكئين على الإيمان والشهادة
والشجاعة. وفي لحظة تمكَّن السلطان الموحدي من النفاذ إلى قلب الجيش النصراني فتمكن
المسلمون من الإطاحة بالفرسان النصارى، وبعد اشتداد عود المسلمين وتقدمهم في
المعركة فرَّ ألفونسو كعادة أسلافه. هكذا أذيع خبر النصر في كافة الربوع الأندلسية
والمغربية، وغنم المسلمون غنائم كثيرة، كما جسد يعقوب المنصور الموحدي أجلى صور
التسامح حينما ترك أسرى الحرب دون فدية، وفي هذا السياق المشحون بالنصر والبطولة،
واصل يعقوب المنصور فتوحاته ففتح عدداً من الحصون والقلاع، كما حاصر طليطلة على أمل
استرجاعها لحضن (الوطن) الأندلسي بَيْد أنه لم يفلح في مسعاه.
معركة العُقاب وبداية مسلسل الهزائم:
رأينا قبل قليل كيف ولَّت فلول ألفونسو تجرُّ أذيال الهزيمة والخيبة التي ألحقها
بهم الموحدون في وقعة الأرك، لكن يبدو أن ذلك لم ينلْ من عزيمة وإصرار التكالب
النصراني على الثغور الأندلسية؛ وذلك ما سيدفع الموحدين إلى خوض جولة أخرى من
المواجهات مع الجيش النصراني في محطة سُمِّيت بـ (العِقاب). وفي هذا الصدد نتساءل:
هل سيتمكن الموحدون من إحراز نصرٍ ثانٍ على شاكلة الأرك، أم أن نتيجة المعادلة
ستكون مغايرة هذه المرة لصالح الطرف الثاني؟ وإذا كانت الحصيلة كذلك فبأي ثمن؟
بمعنى ما هي التداعيات القريبة والبعيدة لنتيجة هذه المعركة على الأندلس وعلى
المغرب أيضاً؟
يخبرنا المقَّري في كتابه نفح الطيب أن وقعة العقاب المؤرخة بـ 609هـ/ 1212م كانت
«هي
الطامة على الأندلس، بل والمغرب جميعاً»[8]،
والسبب في هذه الهزيمة الأولى من نوعها، التي أصابت المسلمين (الموحدين) منذ انخراط
بلاد المغرب الأقصى في قضية الجهاد في الأندلس - حسب المؤرخ نفسه - مردُّه إلى سوء
التدبير؛ إذ استخف الملك الموحدي الناصر بالنصائح والتوجيهات التي أسداها له رجالات
الأندلس باعتبارهم أدرى بالإفرنج وكيفية قتالهم ومنازلتهم، من خلال احتكاكهم بهم
ومعايشتهم لهم، وإذا كانت الضرورة التاريخية والمصلحة العليا (أي نصرة دار الإسلام)
تفرض على الناصر الأخذ بتلك النصائح والإرشادات كما سبق أن أخذ بها سلفه في معركة
الأرك فكان الفوز حليف المسلمين، فإن الاستعلاء والتكبر والثقة الزائدة في النفس
حملته على إعدام بعض أولئك الرجالات، فتبرَّمت الأنفس وفقدت الثقة وروح الوحدة
والمصير المشترك، وطبيعي جداً في هذه الظروف أن تكون الهزيمة أمراً حتميَّاً.
كانت لهذه الهزيمة تداعيات خطيرة على مستقبل الوجود الإسلامي في الأندلس؛ إذ شجعت
العدو على استملاك جلِّ المدن الأندلسية، في حين بقيت آخر القلاع الإسلامية منحصرة
في أقصى الجنوب الشرقي للأندلس، يتعلق الأمر بمملكة غرناطة التي باتت تبذل قصارى
جهدها في مقاومة مناوشات النصارى. أما على صعيد المغرب فقد
«كانت
هذه الوقيعة أول وَهْن دخل على الموحدين، فلم تقمْ بعد ذلك لأهل المغرب قائمة»[9]،
فمن تبعات هذه الهزيمة تعرُّض السواحل المغربية لاحقاً للغزو الإيبيري، وأبرزها
احتلال سبتة من قِبَل البرتغال عام 1415م.
رابعاً:
التجربة المرينية (هزيمة طريف آخر حلقات جهاد المغاربة بالأندلس)
من المعلوم أن المرينيين عند دخولهم المغرب بطموحات سياسية بعد ضعف الموحدين، لم
تكن لهم دعوة دينية يسعون إلى نشرها أو مذهب يضمرون شيوعه كالمرابطين والموحديين،
لذلك فقد وجدت الدولة المرينية في فكرة الجهاد بالأندلس فرصة لكسب المشروعية
الدينية التي تفتقدها، فاحتلت مسألة الجهاد هذه حيزاً أساسياً في (برنامجها
السياسي)، ولعل ما يؤكد هذا الطرح مقولة يعقوب لابن الأحمر لَـمَّا تنازل له عن
الغنائم في إحدى الغزوات بالأندلس:
«يكون
حظ بني مرين من هذه الغزاة الأجر والثواب مثل ما فعل يوسف بن تاشفين رحمه الله مع
أهل الأندلس يوم الزلاقة»[10].
إذا كانت صنهاجة اللثام (الدولة المرابطية) قد أرهبت العدو في موقعة الزلاقة
(479هـ/ 1086م)، ومصمودة (الدولة الموحدية) وطدت الهيمنة الإسلامية في الأرك، فإن
زناتة المرينية تقاعست عن كسر شوكة الحلف النصراني في وقعة طريف (741هـ/ 1340م)،
التي مُنِي فيها جيش أبي الحسن بهزيمة حملته على ركوب البحر والقفول إلى سبتة دون
عودة.
يعزى سبب موقعة طريف أو (ريو ديسلادو) بالمفهوم الإسباني، إلى اتصال أبي الحسن بخبر
هلاك ابنه أبي مالك أمام التكتل النصراني، وهو ما حمل أبا الحسن على الشروع في
تجهيز أساطيله وبعثه في أخرى إلى أصهاره الحفصيين بإفريقية، الذين وافوه بستة عشر
أسطولاً حتى اصطفت الأساطيل تناهز المائة[11]،
ثم شرع الأسطول المريني في مواجهة أسطول الطاغية فكان النصر حليف أبي الحسن. اغتر
أبو الحسن بهذا النصر المبدئي فشرع في إجازة العساكر المتطوعة والمرتزقة، وانتظمت
الأساطيل سلسلة واحدة من العُدْوة إلى العُدْوة[12]،
عازماً على مناجزة الطاغية وتقليم أظافره، ونزل السلطان وَحَشَمه بموضع يدعى طريف.
بالتزامن مع ذلك جهز العدو أسطولاً لقطع المؤونة عن معسكر المسلمين حتى فنيت
أقواتهم، فدب الضعف والاضطراب في صفوف المرينيين، وهو ما دفع العدوَّ إلى الزحف
نحوهم، وخلال الليل سرَّب شرذمةً من جنده كمنت في معسكر المرينيين إلى حين المعركة،
وهكذا برز الجيش الكمين أثناء المعركة وقصدوا محلة السلطان وقتلوا النساء زوجات
السلطان أبي الحسن وأضرموا المعسكر ناراً[13].
وما إن فطن المرينيون لخطة العدو، حتى اختلت مصافهم وارتدُّوا على أعقابهم[14]،
وسُيِّر الأمير تاشفين بن السلطان أبي الحسن أسيراً لدى العدو، فانكفأ السلطان إلى
المغرب خائباً.
هكذا شكلت هذه الهزيمة نهاية الجهاد المريني والمغربي عامة في الأندلس، فلم تطأ قدم
مغربية بقصد الجهاد أرض الأندلس، إلا إذا استثنينا المدد المادي من مال وأسلحة لأهل
الأندلس لمساعدتهم في
المقاومة.
خاتمة:
لعل من الأقدار المحمودة في التاريخ، أن تزامن ضعف الجسد الأندلسي مع ظهور قوىً ذات
وزن وسطوة في معادلات الصراع في المغرب الأقصى، أبرزها الدولة المرابطية التي
ثبَّطت الطموحات الصليبية في الزلاقة، ثم في مرحلة ثانية استكملت الدولة الموحدية
المشروع المغربي في حفظ بيضة الإسلام بجزيرة الأندلس، من خلال تألقها وانتصارها
البطولي في محطة الأرك، لكن في المراحل اللاحقة خاصة مع فترة الدولة المرينية،
تراجع الجهاد وتزايدت حركة الاسترداد الإسبانية، بل إن المغرب الذي ظل منطلَقاً
وقاعدة للجهاد نحو الأندلس، بات هو الآخر عرضة للتوسعات والأطماع الإيبيرية.
هذه بعضٌ من صور التضامن الإسلامي الذي ما أحوجنا إليه اليوم، حتى نثبُت متحدين
متمسكين بعضنا ببعض كالجسد الواحد، لمواجهة وإحباط كل محاولات وخطط التفرقة
والتأليب التي تسخَّر ضدنا.
[1] الأندلس في ظل الإسلام (تكامل البناء الحضاري)، عيسى الحسن، الأهلية للنشر
والتوزيع، الطبعة الأولى 2010م، ص 127.
[2] المرجع نفسه، ص 128.
[3] المرجع نفسه، ص130.
[4] المرجع نفسه، ص132.
[5] المرجع والصفحة نفسهما.
[6] المرجع نفسه، ص 135.
[7] المرجع نفسه، ص 339.
[8] نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، أحمد المقري، 6/ 151، دار الكتب العلمية،
بيروت.
[9] الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري، مكتبة
لبنان، بيروت 1984م، ص 416.
[10] الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، أحمد الناصري، 4/ 52، منشورات وزارة
الاتصال، 2001م.
[11] المرجع السابق، ص133.
[12] المرجع نفسه، ص 134.
[13] المرجع نفسه، ص 135.
[14] المرجع والصفحة نفسهما.