• - الموافق2024/04/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
 مؤسسة الزواج.. القيادة والنظام  (1 – 2)

وبهذه الأركان الأربعة: رعاية المصالح، والحماية، والتأديب، والسيادة يتشكل مفهوم القوامة الشرعية الوارد في كتاب الله تعالى.

نزلت سورة النساء تحمل في ثناياها عددًا من التوجيهات الاجتماعية الحكيمة؛ لتربية الناس على العدل والتقوى في علاقاتهم، وحثّهم على التعاطف والالتئام فيما بينهم، فأمرت بحفظ مال اليتيم، وشدَّدت في ذلك، وأمرت بإعطاء النساء حقّهن من المهر، وحددت العدد المأذون به في تعدّد الزوجات، بعد أنْ كان الرجل في الجاهلية يتزوج سبعة من النساء وثمانية، وربما عشرة، وفرضت للمرأة نصيبًا من الإرث بعد أنْ كانت محرومة منه، ووزّعت تركة الميت بقسمة مُحكمة، ودعت إلى التوبة وإصلاح البيوت لتستقيم على أمر الله، ونزَّهت المرأة أنْ تكون متاعًا يُورَث كما كانت في الجاهلية، وبيَّنت حدود القرابة التي لا يمكن التزويج بها، ووبَّخت الرجل الذي يتطلع إلى مهر زوجه بغير وجه حق، وفي ذات الوقت نبَّهت الزوجة إلى سقوط حقها في المهر ببعض الاعتبارات الشرعية، إلى غير ذلك من التوجيهات الحكيمة، والتي بها ارتفع شأن الزوجة في الإسلام عما كانت عليه في الجاهلية.

واقتضت البلاغة القرآنية لحماية هذه الأحكام أنْ تستفتحها بالأمر بالتقوى ومراقبة الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] ، والتذكير بأساس تكوين النظام الاجتماعي: الولدية والزوجية المتَّصلَين بالنساء بالدرجة الأولى؛ ليجعل في الإنسان رادعًا وجدانيًّا يدفعه إلى حفظ المسؤولية الزوجية، ويتجنّب مزالق الجاهلية. قال السعدي: «وفي الإخبار بأنه خلَقهم من نفس واحدة، وأنه بثَّهم في أقطار الأرض -مع رجوعهم إلى أصل واحد-؛ ليعطف بعضهم على بعض، ويُرقِّق بعضهم على بعض»[1].

وأرشد -في ختام تلك الحزمة من التوجيهات- إلى ما يَحفظ المسؤولية الزوجية في البيوت، وهو أنْ يتولى الأزواج من الرجال مسؤولية «القوامة» في البيوت على النساء والأولاد والأتباع؛ باعتبارها الإجراء الإداري والأخلاقي الذي يُنمِّي البيوت ويُسهم في حمايتها من التصدُّع والتَّمزُّق. وذلك مقتضى عِلْم الله بأحوال البيوت وما يُصلحها، ومقتضى حكمته التي بها نزلت هذه الأحكام العادلة الصالحة، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26].

تكليف القوامة

قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِـحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْـمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

القيِّم في أصل اللغة: السيد وسائس الأمر. فهو المُطاع؛ لأنه المسؤول عن إدارة الأمر وسياسته والاعتناء بشؤونه، ولا يكون للأمر الواحد مسؤولان وسيدان.

وقيِّم المرأة: زوجها في بعض اللغات، وقام الرجل على المرأة: صانَها، وإنَّه لقوَّام عليها: مائنٌ لها، من قولهم: قمت بأمرك، وكأنه -والله أعلم- الرجال قوامون على النساء: مَعنيُّون بشؤونهن[2].

قال الزمخشري: كما يقوم الولاة على الرعايا[3]. وقال ابن عاشور: القوَّام الذي يقوم على شأنِ شيءٍ ويليه ويُصْلحه، يقال: قوَّام وقيَّام وقيُّوم وقيِّم، وكلها مشتقة من القيام المجازي؛ لأنَّ شأن الذي يهتم بالأمر ويعتني به أنْ يقف ليُدير أمره[4].

إذن؛ فالقوامة في أصلها اللغويّ مسؤولية تُعنَى بحفظ الأمور وحمايتها ونمائها وإصلاحها، وتستلزم أنْ يكون القائم هو صاحب الأمر والنهي فيها، وإليه ترجع شؤون ما يقوم به. ولذلك كانوا يسمون مدير المدرسة قيِّمًا، ومنه عرفنا ابن «قَيِّم» الجوزية، أو ابن «القَيِّم»؛ أي ابن مدير المدرسة التي تسمَّى «الجوزية». وكذلك كانوا يسمون مدير المؤسسة الحكومية أو أمير الولاية من الولايات أو المدينة من المدن: «قائمًا».. وهكذا؛ وهذه المقدمة اللغوية مُهمَّة في إدراك مفهوم القوامة في القرآن.

والقوامة في لغة القرآن لا تختلف عن هذا المعنى، فالرجل قَيِّم المرأة زوجًا كان أو أبًا أو أخًا بحسب الحال.

ويلتئم معنى «القوامة» بأربعة أركان:

الأول: القيام برعاية مصالحهن، وما يحتجنه من نفقة ومسكن وملبس ومعاش وحاجات الحياة الأساسية. قال البغوي: «وهو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب»[5]. وبنحوه قال القرطبي والسعدي[6]. ومن هنا وجب على الرجل أنْ ينفق على زوجته فيما يلزمها من الحاجات الأساسية، وأنْ يستمرّ على ذلك.

الثاني: حمايتهن من الأجانب ودفع العدو عنهن وتحمُّل مسؤولية حفظهن كريمات عزيزات شريفات. قال القرطبي: «يقومون بالنفقة عليهن والذَّبّ عنهن»[7]. وهذا المعنى هو الذي دفع موسى -عليه السلام- لأنْ يأمر زوجه بالمُكْث في مكانها، قال تعالى: {إذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]، وذلك أنه ضلَّ الطريق بالليل، وكان الجو باردًا، فلم يشأ أنْ يغامر بزوجه معه في الذهاب إلى ذلك المكان المجهول، فلعل فيه ناسًا، وربما يكونون أشرارًا، فتحمَّل موسى -عليه السلام- مسؤولية الحفاظ على زوجه والإقدام لوحده على تلك النار، وجلْب ما يدفئ به زوجه منها، وبقيت هي في مكانها مصونة محفوظة.

وفي قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف: 25]، لجوء المرأة إلى زوجها في طلب الحماية ورد الاعتداء؛ لأنه من البديهي فطرةً أنْ يتحمَّل الرجل مسؤولية حِفْظ أهله وحمايتهم والدفاع عنهم. وقد ندَب النبي صلى الله عليه وسلم  إلى القتال دون الزوجة؛ فقال: «مَن قُتِلَ دون أهله فهو شهيد»[8].

الثالث: الإصلاح والتأديب والتعليم، بأنْ يُصحِّح الأخطاء ويقوِّم الانحرافات ولو بالعقاب؛ والعقاب درجات. قال الطبري: «الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن، والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم»[9]. وبنحوه قال السدي. وقال مجاهد: «بالتأديب والتعليم»[10].

وهذا المعنى هو الذي بسببه نزلت الآية، ومن خلاله تكوَّن الحُكم العامّ للقوامة؛ حيث نزلت الآية في رجل لطم امرأته، فخُوصِمَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم  في ذلك، فقضى لها بالقصاص، فنزلت الآية تقضي بأنْ لا قصاص ما دام تأديبًا، وذُكِرَ هذا عن الحسن وقتادة[11]؛ لأنَّ تأديب المرأة يقع ضمن مسؤوليات الرجل، كما أنَّ تأديب الرجل يقع ضمن مسؤوليات آخرين بحسب الحال.

الرابع: الرئاسة والحكم والسيادة؛ بأنْ يكون الرجل هو صاحب الأمر والنهي، والحَكَم بأنْ يكون هو صاحب الفصل في القرارات والمواقف، وهو السَّيِّد في بيته؛ بحيث لا يُتَّخذ شيء في بيته إلا بإذنه. لذلك قال ابن كثير: «الرجل قيِّمٌ على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومُؤدِّبها إذا اعوجت»[12]. وهو مستلٌّ من تفسير ابن عباس لقوله تعالى {قَوَّامُونَ}؛ حيث قال: «أمراء، عليها أنْ تُطيعه فيما أمرها الله به من طاعته»[13].

وهذا الركن مما تقتضيه سائر الأركان قبله؛ إذ لا يتم للرجل والمرأة ذلك إلا بأنْ يكون الرجل هو الأمير والسيد والحاكم في بيته، لذلك قال ابن عطية: «وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة يقتضي أنَّ للرجال عليهن استيلاء ومِلْكًا ما». وقال البغوي: «مُسلَّطون على تأديبهن»[14]؛ أي لهم سُلطة وحُكم.

وتأمل وصف القرآن للزوج بالسيادة في قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ} [يوسف: 25] على سبيل الإقرار، وتأديب نساء الأُمَّة بهذا الأدب وتعريفهن بأنَّ حق السيادة للزوج قديم وأصيل في الأمم قبلنا، فلذلك قالت امرأة سعيد بن المسيب، وهو سيد التابعين: «ما كنّا نُكلّم أزواجنا إلا كما تُكلّمون أمراءكم: أصلحك الله، عافاك الله»[15].

ومن هنا يعرِّف الفقهاء القوامة بأنها «ولاية شرعية» للرجل على أهله، فقالوا: هي ولاية يُفَّوَض بموجبها الزوج بتدبير شؤون زوجته وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز[16]؛ أي أنَّ له الصلاحية، وعليه المسؤولية، ويَنْفُذُ أمره.

وبهذه الأركان الأربعة: رعاية المصالح، والحماية، والتأديب، والسيادة يتشكل مفهوم القوامة الشرعية الوارد في كتاب الله تعالى.

والقوامة بهذا المعنى الملتئم: تكليف وعمل دؤوب، ومسؤولية تتطلب الكدّ والجهد واليقظة والانتباه بشكل دائم، ومَن استعان بالله أعانه، ومن دعا الله أجابه، وبقدر الوفاء بمتطلبات التكليف يكون التشريف.

أهلية القوامة

شُرعت القوامة للرجال على النساء لسببين: وهبي فطري وكسبي، ذكرهما الله في محكم التنزيل، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]. وتوضيحهما كما يلي:

السبب الأول: الوهبي الفِطْري. وهو أنَّ الله تعالى جعل في أصل خلقة جنس الرجال زيادة على أصل خلقة جنس النساء، كما في قوّتهم البدنية وقوتهم العقلية وقوتهم النفسية، قال تعالى: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ أي: بما زاد به جنس الرجال على جنس النساء. قال السمعاني: «بالعقل، والعلم، والحِلم»[17]. وقال القرطبي: «ويقال: إنَّ الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير. وقيل: للرجال زيادة قوة في النفس والطبع ما ليس للنساء؛ لأنَّ طبع الرجال غلب عليه الحرارة واليبوسة فيكون فيه قوة وشدة، وطبع النساء غلب عليه الرطوبة والبرودة فيكون فيه معنى اللين والضعف»[18].

وقال السعدي: «وبما خصَّهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلَد الذي ليس للنساء مثله»[19]. وقال ابن عاشور: «المزايا الجِبليِّة التي تقتضي حاجة المرأة إلى الرجل في الذَّبّ عنها وحراستها لبقاء ذاتها، كما قال عمرو بن كلثوم:

يَقُتْنَ جيادنا ويقُلْن لستم

بعولتنا إذا لم تمنعونا

فهذا التفضيل ظهرت آثاره على مر العصور والأجيال، فصار حقًّا مُكتسبًا للرجال، وهذه حُجَّة برهانية على كون الرجال قوامين على النساء؛ فإنَّ حاجة النساء إلى الرجال من هذه الناحية مستمرة، وإنْ كانت تقوى وتضعف»[20].

وعمرو بن كلثوم هو الشاعر الجاهلي المعروف، وهذا البيت من معلقته المعروفة، والتي يقول فيها:

إذا لم نحمِهنَّ فلا بقينا

لشيءٍ بعدهن ولا حَيينا

وما منعَ الظَّعائنَ مثلُ ضرْبٍ

ترى منه السَّواعدَ كالقُلينا

وهذه الزيادة في جنس الرجال على جنس النساء طبيعية؛ فإنَّ المرأة خُلقت من ضلع آدم أصلًا، فهي جزء منه، ووجود الرفق بين الأصل والفرع وبين الكل والجزء طبيعي، وقد اختار الله ذلك قدرًا لحكمته البالغة التي اقتضت أنَّ نظام الاجتماع الإنساني لا يكون بغيره، وأنه متى ما سعَى المجتمع في إلغاء الفارق الفطري الطبيعي الخَلقي بين المرأة والرجل خرِب المجتمع وفسد وشقي الرجل وشقيت المرأة.

والسبب الثاني: الكَسْبي. وهو مبني على ما قبله، وهو مسؤولية الرجل في الإنفاق، بشِقَّيْه: المهر والنفقة المستمرة على الزوجات طيلة الحياة[21]، فإنه بموجب هذه المسؤولية استحق السيادة له عليها وطاعتها له، فقد قضى الله في النظام الاجتماعي أنْ تكون مسؤولية الإنفاق والكسب والسعي في طلب الرزق على الرجل لا المرأة، وأنْ تكون هي مكفية مخدومة في الكسب والإنفاق والسكنى مقابل القوامة عليها. قال تعالى:  {وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. قال الطبري: «يعني بما فضَّل الله به الرجال على أزواجهم من سَوْقهم إليهن مهورهن، وإنفاقهم عليهن أموالهم، وكفايتهم إياهن مُؤَنهن؛ وذلك تفضيل الله -تبارك وتعالى- إياهم عليهن، ولذلك صاروا قُوَّامًا عليهن، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن»[22]. وقال ابن كثير: «مِنَ المهور والنفقات والكُلَف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسُنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم »[23].

وابن عاشور يُرجِع صيغة الماضي في {وَبِمَا أَنفَقُوا} إلى أنَّ ذلك أمر قد تقرَّر في المجتمعات الإنسانية منذ القدم، فالرجال هم العائلون لنساء العائلة من أزواج وبنات. ويقول: «وأضيفت الأموال إلى ضمير الرجال؛ لأنَّ الاكتساب من شأن الرجال، فقد كان في عصور البداوة بالصيد وبالغارة وبالغنائم والحرث، وذلك من عمل الرجال، وزاد اكتساب الرجال في عصور الحضارة بالغرس والتجارة والإجارة والأبنية، ونحو ذلك، وهذه حجة خطابية؛ لأنها ترجع إلى مصطلح غالب البشر، لا سيما العرب»[24].

ولذلك فإنَّ جنس الرجال هم مَن وقع عليهم التكليف الشرعي بإقامة الجهاد والجمعة والجماعات وإقامة الشعائر، والشهادة في مجامع القضايا وعقل الديات، ولذلك خصُّوا بالنبوة والخلافة والإمامة العظمى والصغرى والعصمة الزوجية والتطليق[25].

هذان السببان هما الموجبان للقوامة، فإذا تخلّف أحدهما سقطت القوامة بقدره، فإذا كان الرجل -مثلًا- عاجزًا عن الإنفاق على زوجته لم تَجِب له القوامة عليها[26]، وإذا كان ضعيفًا عاجزًا عن حماية زوجته سقطت عنه القوامة، ولها حينئذ حقّ فسخ النكاح؛ إنْ شاءت.

ولا تُعيَّرُ الزوجة بالإنفاق أو القوامة؛ فإنَّ ذلك مِن جُحود النعمة ورذيل الأخلاق ونقص المروءة، فإنها تبذل له ما هو أعز من المال؛ قلبَها وجسدَها وحياتها، لذلك كانت القوامة حقًّا مبذولًا في مقابل حقّ مبذول، وكما أنها إذا نشزت لم تجب في حقها النفقة؛ فكذلك الرجل إذا لم يُنْفِق لم تجب له القوامة.


 


[1] تيسير الكريم الرحمن 1/273.

[2] انظر: المحكم لابن سيده 6/592.

[3] الكشاف 1/505.

[4] التحرير والتنوير 5/38.

[5] معالم التنزيل 2/207.

[6] الجامع لأحكام القرآن 5/168، تيسير الكريم الرحمن 1/302.

[7] الجامع لأحكام القرآن 5/168.

[8] أخرجه أحمد ح1625، والترمذي ح1421، وقال: حسن صحيح.

[9] جامع البيان 8/290.

[10] تفسير القرآن لابن المنذر 2/686.

[11] جامع البيان 8/291.

[12] تفسير القرآن العظيم 2/292.

[13] جامع البيان 8/290.

[14] معالم التنزيل 1/519.

[15] حلية الأولياء 5/198.

[16] الموسوعة الفقهية الكويتية 34/75.

[17] تفسير القرآن للسمعاني 1/423.

[18] الجامع لأحكام القرآن 5/169.

[19] تيسير الكريم الرحمن 1/303.

[20] التحرير والتنوير 5/39. وانظر: معالم التنزيل 1/519، والمحرر الوجيز 3/132، وأنوار التنزيل 2/72.

[21] المحرر الوجيز 3/132.

[22] جامع البيان 6/587.

[23] تفسير القرآن العظيم 3/94.

[24] التحرير والتنوير 5/39.

[25] معالم التنزيل 1/519، أنوار التنزيل 2/72، فتح القدير 1/531.

[26] الجامع لأحكام القرآن 5/169.

 

  

أعلى