نُحِبُّكَ

نص شعري

نُحِبُّكَ فوقَ مرْقاةِ الخَيالِ

وفوقَ مَعاجِمِ اللُغَةِ الحَوالي

نُحِبُّكَ لم نَجِدْ وَصْفًا مُحيطًا      

بآياتِ الكمالِ مع الجَمالِ

حُبِيتَ من الشَّمائِلِ طَيِّباتٍ

مُضَمَّخةً بخالصَةِ الخِصالِ

نُحِبُّكَ كالسَّحائبِ هاطلاتٍ

بأَنْداءِ المكارمِ والسِّجالِ

وأُعْطِيْتَ الجوامعَ واضحاتٍ

وضوحَ الشَّمْسِ تَسْمُو والهِلالِ

وطابت باسْمِكَ الدُّنْيا وأَمْسى

أَذانُ الحَقِّ عنوانَ الوِصالِ

وهذي الأَرْضُ قد صارت طَهورًا

إِذا صَلَّيْتَ لَبَّت في اِبْتَهال

نُحِبُّكَ للهدى قد جاءَ يُحْيِي

رَمِيمَ الأَنْفُسِ الشُّحِّ البوالي

نُحِبُّكَ حِيْنَ أَنْقَذْتَ البرايا 

وخَلَّصْتَ القُلوبَ من الحُثال

وسَاوَيْتَ الوَرَى عَبْدًا وحُرًّا   

وسُسْتَ النَّاسَ بالعَدْلِ الزُّلالِ    

أَنارت بِعْثَةُ الهادي قُلُوبًا      

قدِ امْتلأَت بأَوْضارِ الضَّلالِ

كشَمْسٍ ذَوَّبت ثَلْجَ الليالي

وأَظْهرَتِ الدَّفِينَ من اللآلي

فسَالَت أَنْهُرٌ واخْضَرَّ كَوْنٌ

ودَرَّت بالنَّدى ذاتُ الفِصالِ

وقُطْبَا الظُّلْمِ قد صُعِقَا بِبَرْقٍ

تَلأْلَأَ فوقَ سارِيةِ العوالي

فَبَيْنا هُمْ يَرُومُونَ الأَماني

تَفاجَأوا بالمنايا والصِّيالِ

نُخَلِّصُهم ونُرْجِعُهُم عِبادًا

لِتَنْخَفِضَ الجِباهُ لذي الجلالِ

بِلالٌ كان في الجَهْلاءِ عَبْدًا    

فطالَ لَدى الأَذانِ على الطِّوالِ

وسَلْمانُ الذي قد ضَاقَ ذَرْعًا

بمُعْتَقداتِ أَزْمِنةٍ خَوالي

يَجِيءُ إِلى الجزيرةِ مُسْتَظِلًّا

بأَنْوارِ النُّبوَّةِ والظِّلالِ

وياسرُ صابرٌ فَدّى حَبِيبًا

بما مَلَكَتْ قُواهُ وبالعِيالِ

جُيُوشُ الكُفْرِ من شَتَّى النَّواحي

تُحَشّدُ بالعَتادِ وبالرِّجالِ

قُوَى الشَّرِّ اسْتمالت كلَّ باغٍ

لِتُطْفِئَ كَوكبًا بَيْنَ الليالي

فما صَمَدَت أَمامَ الحَقِّ يَومًا

ولا نالت سِوى سُوءِ المآلِ

تَغَشَّاهم هوانٌ ثُمَّ وَلَّوا

يَرومُونَ النَّجاةَ من القتالِ

وكم فِئَةٍ فوارسُها قَلِيْلٌ

أَطاحَت بالخَميسِ لَدى السِّجالِ

هو الإِيْمانُ يَجْلُو كُلَّ رَانٍ

ويَبْعَثُ في النُّفُوسِ أَعَزَّ حالِ

فيَرْمي مَن رَمَى باِسْمٍ تعالى

ويَصْلُحُ بالهِدايةِ كُلُّ بالِ

وهذي الأُمَّةُ السَّمْحاءُ تَكْبُو

ولكنْ لا تَمُوتُ ولا تُبالي

فمن خَلَلِ الرَّمادِ تَهُبُّ أَقْوَى

وتَنْفضُ كُلَّ أَرْدِيَةِ الخَبالِ

لكم يَومٌ عَصِيْبٌ لا يُجارَى

تُحَشْرجُ فيْهِ أَعْناقُ الرِّجالِ

وما هذا على المَولى مُحالٌ

ولكنَّ البَقاءَ من المُحالِ

إِذا كَلَّت مَطايانا بعَصْرٍ

فمن أَهْلِ العَمالةِ والكلالِ

ذُكورٌ لا الرُّجولةُ تَرْتَضِيهم

ولا الدِّينُ الحَنِيفُ ولا المَعالي

نِعالٌ يَحْتَذِيها ذُو سِبالٍ

وتَأْبَى الوَصْفَ أَرْذالُ النِّعالِ

كِلابُ حِراسةٍ وضِباعُ لَيْلٍ

وأَزْيارُ الملاهي والليالي

فَخُذْهُمْ أَخْذَ مُقْتَدَرٍ عَزِيزٍ

وخَلِّصْنا من الرِّمَمِ البوالي

هُمُ الأَعْداءُ فاخْذلْهم جميعًا

ووَلِّ خِيارَنا أَهْلَ الخِصالِ

لقد ضاقت بنا الأَحْوالُ فالْطفْ

وبَدِّلْ حالَنا بأَعَزِّ حالِ

ملايينٌ بَنو الإِسْلامِ لكنْ

غُثاءُ مُجلْجلٍ وسَرابُ آلِ

وغَزَّةُ وَحْدَها رَفَعَت جبينًا

إِلى المَولى بصادقةِ الفعالِ

فحَيَّهَلا على أَسْنى جِهادٍ

تَسامى بالشَّهادةِ للأَعالي

ولو كُنَّا جَمِيعًا ما رَضَخْنا

لأَشْرارِ الخلائقِ والرِّذالِ


أعلى