• - الموافق2025/07/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التدريب على العجز!!

إنه ليس استهدافًا لأهل غزة فقط، بل تدريبٌ لنا على القبول، على البلادة، على التعايش مع مشاهدة الألم. الهدف ليس هزيمة المقاومة، بل صناعة شعوب معتادة على الهزيمة، مُدرَّبة على الخنوع.

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:

تجويع غزة ليس مجرّد محاولة لإبادة شعب أو تفريغ أرض من أهلها. ما يَحدث هناك يتجاوز حربًا على أجسادٍ أنهكَها الحصار، أو سعيًا لكسر إرادة مقاومة رفضت الخضوع. ما يجري هو خطة ممنهجة، هدفها أن يتحوَّل مشهد الجوع والهزال والموت البطيء إلى حالة اعتيادية في وجداننا، لا تهزّ الضمائر ولا تستفزّ فينا الغضب.

كلّ نَفَس يتصاعد في صدر طفلٍ هزيلٍ، وكلّ أنينٍ يصدر عن أُمٍّ لا تجد ما تُسكِّت به جوع رضيعها، ليس مجرد ألم إنساني، بل رسالة ودرس يُراد لنا أن تتشبّع به عقولنا؛ أن العجز قدَرنا، وأن الصمت هو الحل، وأن الموت بصمتٍ أشرف من الحياة بكرامة!

إنه ليس استهدافًا لأهل غزة فقط، بل تدريبٌ لنا على القبول، على البلادة، على التعايش مع مشاهدة الألم. الهدف ليس هزيمة المقاومة، بل صناعة شعوب معتادة على الهزيمة، مُدرَّبة على الخنوع. أن نتعلم كيف نصمت إذا خسرنا، وكيف نَخون صوتنا الداخلي، وكيف نصوغ مبرّرات البقاء في قاع العجز وكأنها حِكْمة.

العجز هنا ليس لحظة ضعف، بل مشروع متكامل. مشروع يقوم على ركيزتين؛ تجويع الأحرار حتى لا يعود فيهم نبض مقاومة، وإبقاء الباقين أرقامًا في سلّة المتفرجين.

الكارثة أن يتحوَّل العجز من شعور إلى سلوك، ومن استثناء إلى قاعدة، ومن خزيٍ إلى حِكْمة. نُدرَّب عليه إعلاميًّا وتعليميًّا وثقافيًّا؛ برامج ومنصات وأناشيد وخطابات ونُخَب، كلّها تقول لنا شيئًا واحدًا: تجاهَل، اهرب من آلامك، ثم عِشْ بعد ذلك أو مت في صمت!! 

أعلى