• - الموافق2024/11/10م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
غزة تستقبل رمضان .. حصار وفقر ودمار

غزة تستقبل رمضان .. حصار وفقر ودمار


فقرٌ شديدٌ وحصارٌ خانقٌ وتأخر عملية إعادة الاعمار ثلاثية من المعاناة يستقبل بها أهالي قطاع غزة شهر رمضان المبارك لتفاقم معاناتهم، حيث ازدادت حدة الحصار المفروض على القطاع وما ينتج عنه من نقص في السلع والاحتياجات والمواد الغذائية التي يحتاجها المواطن لاستقبال شهر رمضان.

ولعل ما زاد الطين بله هو احتجاز أموال كفالات الايتام وأهالي الشهداء والأُسر الفقيرة بعد تجميد بنك فلسطين حسابات العديد من الجمعيات الخيرية التي تُعنى بهؤلاء، مما ألقى بظله الثقيل وزاد العبء على تلك العائلات التي تعتاش من تبرعات أهل الخير والإحسان في العالم الاسلامي، حيث نتج عن إجراءات بنك فلسطين تجميد حسابات 32 جمعيةً خيريةً؛ وقف 40 ألف كفالة للأيتام والفقراء تقدر بـ 2 مليون دولار شهريًا.

وتصل معدلات الفقر والبطالة بين صفوف سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 1.8 مليون نسمةً والذين يعشون في سجن كبير ما يقارب 65% .

ويحل شهر رمضان على الغزيين لهذا العام وهم مثقلون بالهموم التي أرهقت كاهلهم، لا سيما بعد تأخر عملية إعادة إعمار ما خلَّفه العدوان الصهيوني طوال 51 يوماً صيف العام الماضي؛ مما دفع البعض منهم إلى العيش في منازلهم الآيلة للسقوط أو بين جدران من الخشب يفترشون الأرض ويلتحفون السماء أو في بيوت من الزينكو "كرفانات" تتحول إلى كتله من الثلج في الشتاء وقطعة من النار الملتهبة في الصيف.

تشرد افتقار لمقومات الحياة

وفي حديث لمجلة البيان تقول أم محمود أبو روك من بلدة خزاعة المدمرة شرق خانيونس أنها "لا تدري كيف يمكن لها أن تستقبل شهر رمضان وهي لا تستطيع توفير لقمة العيش لأبنائها الصغار وتضطر في أغلب الأحيان للنوم وهي تتضور جوعا ًلعدم توفر أدنى متطلبات العيش في الكرفان التي لجأت للعيش فيه بعد تدمير منزلهم المكون من خمسة طوابق". وتتساءل أم محمود "ماذا يمكن لها أن توفر من الاحتياجات في ضوء عدم وجود مصدر دخل بعدما فقد زوجها مصدر عمله في الزراعة نتيجة لتجريف وتدمير مزرعته فهو يضطر للعمل بأجرة 10 شواقل يوميا ً أي ما يعادل 10 ريال سعودي".

وأشارت أبو روك وهي خريجة جامعية إلى أنها اضطرت لزراعة بعض الخضروات المنزلية بجوار محل سكنها للاستفادة منها في إعداد مائدة افطار رمضان.وناشدت أبو روك المؤسسات وصناع القرار إلى النظر بعين الرحمة للمدمرة بيوتهم والإسراع في إعادة إعمارها ومساعدتهم على استقبال شهر رمضان كغيرهم من المسلمين.

هذا بينما لا زال الألاف من المتضررين الذين دمرت منازلهم يعيشون في مراكز الإيواء في المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا والذين تقدر أعدادهم بحوالي 7000 شخصاً.

وما يزيد من معاناة أهالي القطاع ويحول بين استقبالهم للشهر الكريم كما هو مألوف لدى معظم الشعوب العربية ووفقاً للمتعارف من العادات الفلسطينية عدم صرف رواتب قرابة 40 إلف موظف مما وضعهم بين سنديان الحاجة ومطرقة متطلبات الحياة الاساسية في شهر رمضان والذين اصبح الالاف منهم غير قادرين على تلبيتها.

ومن جانبه أفاد أحمد الكرد رئيس تجمع الجمعيات الخيرية في قطاع غزة ووزير العمل والشئون الاجتماعية في حكومة إسماعيل هنية أن التجمع وضع خطة للوصول إلى نحو 200 الف عائلة محتاجة بواقع مليون شخصاً. مشيرا إلى أن الحصار والعدوان الصهيوني الأخير خلَّف الآلاف من العائلات التي أضحت في دائرة الاحتياج خاصة خلال الشهر المبارك.

وأوضح الكرد أن المساعدات التي تقدر قيمة كل واحدة منها ( 50$) تتراوح ما بين القسائم الشرائية أو السلال الغذائية والمساعدات النقدية.

وتشهد أسواق غزة حالةً غير مسبوقة من الكساد والركود الاقتصادي بفعل استمرار الحصار وإغلاق الأنفاق التي كانت تمثل شريان الحياة الأول لغزة في ظل عدم دفع رواتب الموظفين وفقدان الآلاف لمصادر عملهم ورزقهم بفعل التدمير التي أحدثته آلة الحرب الصهيونية مما ترك آثاراً سلبيةً على الحركة الشرائية في الأسواق. ويشير أبو محمود أحد التجار في سوق الزاوية -أحد الأسواق التاريخية والأساسية في غزة- أن السوق يشهد حالة ركود، معرباً عن أمله في أن يشهد السوق حركةً شرائية مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، موضحاً أن الحالة الاقتصادية للمواطنين تؤدي إلى ضعف في الشراء بحيث يقتصر الشراء على الحاجات الضرورية فقط.

عادات فلسطينية أصيلة

إلا أن غزة الجريحة المكلومة تعض على جراحها وتتزين شأنها شأن باقي مدن فلسطين لاستقبال هذا الشهر الكريم وتتمسك بالعادات والتقاليد الحسنة في هذا الشهر والذي حال الحصار وقلة الدخل بين القيام بها كما كان عليه في السابق كصلة الأرحام والزيارات العائلية والإفطارات الجماعية.

وفي هذا السياق تقول الحاجة أم محمد إن زيارة الأرحام من أجمل العادات في رمضان حيث تتجلى فيها مظاهر التواصل بين أبناء العائلة فيجتمعون ويتسامرون إلا أن الظروف الحالية والهموم التي يعيشها أهالي القطاع المحاصر انتزعت جمال هذه الأيام وربما أصبحت هذه الزيارات واللقاءات نوعاً العبء المادي على المواطن الذي يكاد أن يوفر قوته يومه.

ويحرص الغزيون على تزين مراكز المدن ومآذن المساجد المدمرة وغيرها المنتشرة في كافة الأحياء والشوارع بالإضاءة والفوانيس ابتهاجاً بقدوم شهر رمضان المبارك. ولم يغب الفانوس الصغير عن أيادي أطفال غزة الذين يقومون بعمله بشكل يدوي من علب الصفيح والبيبسي ويضيئونه بالشمع للعب واللهو فرحاً بشهر رمضان الذين يتمنون أن يأتي عليهم بالخير والبركات وأن يكون أفضل حالاً من العام الماضي.


أعلى