البيان/متابعات: كشف مصدر مطّلع لـ"العربي الجديد" أن القاهرة تتحرك بـ"وتيرة متسارعة" لمحاولة التوصل إلى صيغة توافقية تتيح بدء تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ بشأن غزة، رغم ما تواجهه هذه الجهود من عقبات كبيرة، أبرزها تعنت الدولة العبرية ورفضها الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية قبل نزع سلاح حركة حماس وإنهاء ملف المقاتلين الفلسطينيين المحاصرين في شمال ووسط القطاع. وأكد المصدر أن المفاوضات "تراوح مكانها"، وأن زيارة رئيس جهاز "الشاباك" دافيد زيني إلى القاهرة الأحد الماضي، وهي أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه، لم تُحدث أي تغيير في مسار النقاشات مع رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، إذ انتهت المباحثات دون أي تقدم ملموس نتيجة تمسك تل أبيب بمواقفها التي تُفرغ المرحلة الثانية من مضمونها. ولم يختلف الأمر، وفق المصدر، خلال زيارة وفد حركة حماس إلى القاهرة التي اختُتمت الخميس الماضي دون تحقيق اختراق يسمح بالانتقال إلى ترتيبات أوسع لوقف إطلاق النار أو بدء تنفيذ الخطة المتفق عليها في شرم الشيخ.
وأشار المصدر إلى أنّ تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في برلين، حول تدريب مصر لقوات فلسطينية على أراضيها تمهيداً لتوليهم مسؤولية الأمن في غزة، جاءت كرسالة موجهة للمجتمع الدولي بأن القاهرة "تفعل ما بوسعها للمضي قدماً في تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب وإعادة الإعمار وتمكين المؤسسات الفلسطينية". وأوضح المصدر أن مصر تعمل فعلياً على هذا المسار، رغم إدراكها حجم العقبات، وفي مقدمتها تعثر تشكيل القوة الدولية المقرر انتشارها في القطاع، وغياب التوافق حول آليات نزع سلاح حماس وفصائل المقاومة، إضافة إلى الممارسات الميدانية التي تنفذها الدولة العبرية داخل غزة وتزيد المشهد تعقيداً.
وأكد المصدر أن السلوك الأمني والعسكري للدولة العبرية داخل القطاع يشكل واحداً من أبرز العوائق، خصوصاً ما يروّج له المسؤولون العبريون بشأن تقسيم غزة إلى مناطق "حمراء وخضراء" وتطبيق أنماط إدارة أمنية مختلفة، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع. وفي هذا الإطار، شدد وزير الخارجية المصري في برلين على رفض بلاده لأي مخطط لتقسيم غزة أو فصل شمالها عن جنوبها، باعتبار أن هذا النهج يناقض مرجعيات الاتفاق ويهدد وحدة الأراضي الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، أوضح السفير محمد حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، أن المباحثات الراهنة تشمل أيضاً ملف المقاتلين العالقين في أحد أنفاق رفح، إلى جانب الجهود المتعلقة باستكمال متطلبات المرحلة الثانية من الاتفاق، مشيراً إلى أن الوضع على معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية يمثلان ركيزة أساسية في المرحلة الأولى التي "لم تلتزم الدولة العبرية بتنفيذها على النحو المطلوب". وأضاف أن القاهرة تُظهر خطوات عملية واضحة، من تدريب الشرطة الفلسطينية إلى التحضير لمؤتمر إعادة الإعمار، بهدف تحميل الأطراف الدولية مسؤولياتها وإثبات أن مصر تتحرك بينما "أطراف أخرى تُبطئ التنفيذ أو تضع شروطاً جديدة".