ومن سنن الله في هذا الكون أن جعل لكل شيءٍ سبباً، فحِفْظ الدين لا بد له من أسباب، ومن أهم هذه الأسباب أن يقوم أهل العلم بالكتاب والسنة بالدفاع عنه وبيان بطلان المبطلين وتحريفات المحرفين، كلُّ عالم يأخذ حظه ونصيبه من هذا الحفظ.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه،
وبعد:
«إن
بيان العلم والدين عند الاشتباه والالتباس على الناس أفضل ما عُبد الله عز وجل به،
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْـحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} [الفتح: 28]»[1].
استحضار هذا التقرير العميق من شيخ الإسلام رحمه الله وهذا الاستدلال الدقيق في هذا
الوقت الذي تعصف فيه بالأمة تيارات فكرية منحرفة تبث شبهاتها عبر وسائلَ وأدواتِ
تأثير لم يسبق في التاريخ نظير لها كمّاً ونوعاً؛ يفرض على أهل الحق من العلماء
والدعاة والمصلحين احتساب الأجر وبذل الجهد الذي تَبْرَأ به الذمة في مدافعة الباطل
وأهله، وإحقاق الحق ونصرة أهله؛ وأن لا يَدَعوا طريقاً يتمكنون من خلاله أن
يبصِّروا الناس بزيف الباطل وتدليس أهله إلا ويسلكونه، ولا سيما أن دعاة الباطل على
اختلاف ألوانه وأطيافه يتفننون في نشر بضاعتهم وترويجها ودعوة الناس إليها.
وأدلة الشريعة في هذا الباب أكثر من أن تحصى، ويمكن إجمالها في المجالات التالية:
أولاً:
نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مثل قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ
آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْـمُؤْمِنُونَ
وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110]، وقوله: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْـخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْـمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
«والمقصود
من هذه الآية أن تكون فِرْقَة من الأمَّة متصدية لهذا الشأن (وإن كان ذلك واجباً
على كل فرد من الأمة بحسبه)».
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم :
«من
رأى منكم منكراً فَلْيغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك
أضعف الإيمان»[2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«ويجب
على أولي الأمر - وهم: علماء كل طائفة، وأمراؤها، ومشايخها - أن يقوموا على عامتهم،
ويأمروهم بالمعروف، وينهوهم عن المنكر؛ فيأمرونهم بما أمر الله به ورسوله»[3].
ثانياً:
نصوص النصيحة للمسلمين
فعن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدين
النصيحة»
قلنا: لمن؟ قال:
«لله،
ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»[4].
وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
«بايعتُ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم على إقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزكاة، والنصح لكلِّ
مسلم».
قال ابن الأثير في النهاية:
«النصيحة
كلمة يعبَّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبِّر هذا
المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها».
وقال الحافظ ابن رجب في شرح حديث الدين النصيحة:
«ومن
أنواع نصحهم [عامة المسلمين] بدفع الأذى والمكروه عنهم: إيثارُ فقيرِهم وتعليمُ
جاهلهم، وردُّ من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردِّهم إلى الحق،
والرفقُ بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محبة لإزالة فسادهم ولو بحصول ضررٍ
له في دنياه، كما قال بعضُ السَّلف: وددتُ أنَّ هذا الخلق أطاعوا الله وأنَّ لحمي
قُرِضَ بالمقاريضِ، وكان عمرُ بن عبد العزيز يقول: يا ليتنِي عملتُ فيكم بكتابِ ا
لله وعملتُم به، فكلما عملتُ فيكم بسنة، وقع مني عضوٌ حتى يكونَ آخر شيءٍ منها خروج
نفسي.
ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله ردُّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة،
وبيانُ دلالتهما على ما يُخالف الأهواء».
ثالثاً:
النصوص الموجبة لبيان الحق والمحذِّرة من كتمانه
قال تعالى: {وَإذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ
وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187].
قال الحافظ ابن كثير:
«وفي
هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبَهم ما أصابهم، ويسلك بهم مسلكهم، فعلى
العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا
منه شيئاً...».
قال ابن عطية رحمه الله:
«وقال
جمهور من العلماء: الآية عامة في كلِّ مَن علَّمه الله علماً، وعلماء هذه الأمة
داخلون في هذا الميثاق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«من
سئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار».
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
«الميثاق
هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تعالى على كل من أعطاه [الله]
الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا يكتمهم ذلك،
ويبخل عليهم به، خصوصاً إذا سألوه، أو وقع ما يوجب ذلك، فإن كلَّ مَن عنده علم يجب
عليه في تلك الحال أن يبيِّنه، ويوضح الحق من الباطل.
فأما الموفَّقون، فقاموا بهذا أتم القيام، وعلَّموا الناس مما علَّمهم الله، ابتغاء
مرضاة ربهم، وشفقة على الخلق، وخوفاً من إثم الكتمان».
وإنَّ من عظيم النعمة على المؤمنين المنافحين عن دين الله أنهم يزدادون به يقيناً
وإيماناً ويعظم في قلوبهم ويظهر لهم فساد مَن خالَفَهم، كما يقول شيخ الإسلام:
«...
فالحق كالذهب الخالص، كلما امتحن ازداد جودة، والباطل كالمغشوش المضيء، إذا امتحن
ظهر فساده فالدين الحق كلما نظر فيه الناظر، وناظر عنه المناظر ظهرت له البراهين
وقوي به اليقين وازداد به إيمان المؤمنين وأشرق نوره في صدور العالمين»[5].
رابعاً:
تحقيق ما وعد الله به مِن حِفظ هذا الدين
فقد تكفَّل الله بحفظ هذا الدين عقائدِه وأحكامِه على العصور إلى قيام الساعة، قال
الله جلَّ وعلا: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ
لَـحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، وكان الشرف لهذه الأمة أن جعلها هي القائمة بأمر
الله إلى قيام الساعة تحمل هذا الدين يبلغه السلف إلى الخلف ويرثه الآخِر عن الأول
جيلاً بعد جيل.
ومن سنن الله في هذا الكون أن جعل لكل شيءٍ سبباً، فحِفْظ الدين لا بد له من أسباب،
ومن أهم هذه الأسباب أن يقوم أهل العلم بالكتاب والسنة بالدفاع عنه وبيان بطلان
المبطلين وتحريفات المحرفين، كلُّ عالم يأخذ حظه ونصيبه من هذا الحفظ.
وقد قال الله تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ
لَـحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
«{وَإنَّا
لَهُ لَـحَافِظُونَ}
أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم،
وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه في قلوب أمته، وحفظ الله ألفاظه من
التغيير فيها، والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل.فلا يحرِّف محرِّف معنى من
معانيه إلا وقيض الله له من يبيِّن الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على
عباده المؤمنين».
وعليه فإن الدفاع عن العقيدة الصحيحة عقيدةِ سلف الأمة الصالح واجب على أهل العلم
لكي ينالوا هذا الشرف بأن يكونوا أحد الأسباب في حفظ هذا الدين وهذا القرآن
المنزَّل على رسوله.
وقد تحقق وعد الله بحفظ هذا فقد دوَّن السلف عقيدتهم وما يدينون الله به وكذلك
دوَّنوا ردودهم على تحريفات المحرفين وشبهات المشبِّهين وحققوا وعد الله حقاً
وصدقاً ويقيناً وشهد على ذلك المسلم والكافر والبَر والفاجر.
خامساً:
نصوص الدعوة إلى الله
{ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].
قال الشيخ السعدي:
«أي:
ليكن دعاؤك للخلق مسلمِهم وكافِرِهم إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم
النافع والعمل الصالح {بِالْـحِكْمَةِ} أي: كل أحد على حسب حاله وفهمه وقوله
وانقياده.
ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبداءة بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان
والفهم، وبما يكون قبوله أتم، وبالرفق واللين، فإن انقاد بالحكمة، وإلا فينتقل معه
بالدعوة بالموعظة الحسنة، وهو الأمر والنهي المقْرُون بالترغيب والترهيب: إما بما
تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، والنواهي من المضار وتعدادها، وإما بذكر
إكرام من قام بدين الله وإهانة من لم يقم به.
وإما بذكر ما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل وما أعد للعاصين من العقاب
العاجل والآجل، فإن كان [المدعو] يرى أن ما هو عليه حق. أو كان داعية إلى الباطل،
فيجادَل بالتي هي أحسن، وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلاً ونقلاً.
ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود، وأن
لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها، ولا تحصل الفائدة منها بل يكون
القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها.
وقوله: {إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ} علم السبب
الذي أدَّاه إلى الضلال، وعلم أعماله المترتبة على ضلالته وسيجازيه عليها.
{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ}
علم أنهم يصلحون للهداية فهداهم ثم منَّ عليهم فاجتباهم».
سادساً:
النصوص الموجبة للجهاد بأنواعه
مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْـمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ
الْـمَصِيرُ} [التوبة: 73].
{فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} [الفرقان: 52].
قال الشيخ السعدي:
«{وَجَاهِدْهُم}
بالقرآن {جِهَاداً كَبِيراً} أي: لا تبقِ من مجهودك في نصر الحق وقمع الباطل
إلا بَذَلْته ولو رأيت منهم من التكذيب والجراءة ما رأيت فابذل جهدك واستفرغ وسعك،
ولا تيأس من هدايتهم ولا تترك إبلاغهم لأهوائهم».
وذكر أهل العلم أن الجهاد له أنواع ومراتب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«الجهاد:
إمَّا أن يكون بالقلب كالعزم عليه، أو بالدَّعوة إلى الإسلام وشرائعه، أو بإقامة
الحجَّة على المبطل، أو ببيان الحقِّ وإزالة الشُّبهة، أو بالرَّأي والتَّدبير فيما
فيه نفع المسلمين، أو بالقتال بنفسه. فيجب الجهاد بغاية ما يمكنه»[6].
وقال ابن القيم رحمه الله:
«فالجهادُ
أربع مراتب: جهادُ النفس، جهادُ الشيطان، جهادُ الكفار، جهادُ المنافقين... وأما
جهادُ الكفار والمنافقين، فأربع مراتب: بالقلب، واللِّسان، والمالِ، والنفسِ،
وجهادُ الكفار أخصُّ باليد، وجهادُ المنافقين أخصُّ باللسان»[7].
قال ابن تيمية:
«من
المعلوم أن القتال إنما شرع للضرورة ولو أن الناس آمنوا بالبرهان والآيات لما احتيج
إلى القتال فبيان آيات الإسلام وبراهينه واجب مطلقاً وجوباً أصلياً، وأما الجهاد
فمشروع للضرورة... ومعلوم أن ظهور الإسلام بالعلم والبيان قبل ظهوره باليد والقتال،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة يظهر الإسلام بالعلم والبيان
والآيات والبراهين فآمنت به المهاجرون والأنصار طوعاً واختياراً بغير سيف، لِـمَا
بان لهم من الآيات البيِّنات والبراهين والمعجزات، ثم أظهره بالسيف، فإذا وجب علينا
جهاد الكفار بالسيف ابتداء ودفعاً فَلَأن يجب علينا بيان الإسلام وإعلامه ابتداء
ودفعاً لمن يطعن فيه بطريق الأولى والأحرى، فإن وجوب هذا قبل وجوب ذاك ومنفعته قبل
منفعته»[8].
وقال العلاَّمة ابن الوزير رحمــه الله:
«المحامي
عن السُّنة، الذابُّ عن حماها كالمجاهد في سبيل الله تعالى يُعِدُّ للجهاد ما
استطاع من الآلات والعدة والقوة، كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا
اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]»[9].
ولما قيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو
يتكلم في أهل البدع؟ فقال:
«إذا
قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا
أفضل».
علق شيخ الإسلام على ذلك بقوله:
«
فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل
الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية
باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من
فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها
من الدين إلا تبعاً وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء... وأعداء الدين نوعان:
الكفار والمنافقون، وقد أمر الله نبيه بجهاد الطائفتين في قوله: {جَاهِدِ
الْكُفَّارَ وَالْـمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} في آيتين من القرآن»[10].
ومن هنا فالمعركة بين الحق والباطل مستمرة، وسيوجد للحق حُماته الذين يدافعون عنه
كما قال الله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْـحَقِّ وَبِهِ
يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٨١].
قال الشيخ السعدي:
«أي:
ومن جملة مَن خلقنا أمة فاضلة كاملة في نفسها، مكمِّلة لغيرها، يهدون أنفسهم وغيرهم
بالحق، فيعلمون الحق ويعملون به، ويعلِّمونه، ويدعون إليه وإلى العمل به.
{وَبِهِ يَعْدِلُونَ}
بين الناس في أحكامهم إذا حكموا في الأموال والدماء والحقوق والمقالات، وغير ذلك،
وهؤلاء هم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وهم الذين أنعم الله عليهم بالإيمان والعمل
الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهم الصدِّيقون الذين مرتبتهم تلي مرتبة
الرسالة، وهم في أنفسهم مراتب متفاوتة كلٌّ بحسب حاله وعلوِّ منزلته، فسبحان من
يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم».
قال صلى الله عليه وسلم :
«لا
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ
حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»[11].
[1] الرد على السبكي: 2/ 678.
[2] رواه مسلم: 78.
[3] الاستقامة: 2/ 208.
[4] رواه مسلم: حـ 95.
[5] الجواب الصحيح، ص 88.
[6] اختيارات ابن تيمية، ص 310.
[7] زاد المعاد: 3/ 9 - 11.
[8] الجواب الصحيح: 1/ 238 - 239.
[9] إيثار الحق على الخلق، ص: 20.
[10] الفتاوى: 28/ 231 - 233.
[11] رواه الترمذي، وابن ماجة، وأحمد.