التفريط في وصية رسول الله عليه الصلاة والسلام
أفضل وأهم ما ينبغي على العبد أن يراجع نفسه فيه: الحرص
على دينه، واستثمار عمره؛ فهو رأس ماله على الحقيقة، والانتباه لما فرطنا فيه..
فكم من صلاة ضيعناها! وكم من رحم قطعناها! وكم من ذنوب ارتكبناها! وكم هجرنا كتاب
ربنا، تلاوةً وسماعاً وتدبراً وحكماً وتحكيماً، وتعلُّماً وتعليماً؛ من أجل ذلك
كانت هذه الكلمات.
القرآن دستور حياة المؤمنين:
القرآن دستور حياة المؤمنين، تربى الجيل الأوّل في صدر
الإسلام على نهج القرآن، فأصبحوا خير أمّة أُخرجت للناس، لم يكن القرآن عندهم
محفوظاً في السّطور، بل كان مكنوناً في الصّدور ومحفوظاً في الأخلاق والأعمال،
يسير أحدهم في الأرض وهو يحمل أخلاق القرآن وآدابه ومبادئه.
ولا شك أن تعظيم كتاب الله - عز وجل - من
آكد الواجبات، وقد أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق، وتنزيهه
وصيانته؛ ولذا كان من أصول المعرفة والتلقي والاستدلال عند أهل السنة والجماعة:
تعظيم القرآن والسنة ونصوص الشرع الواردة فيهما، فهذا هو مقتضى الإسلام الذي هو
الاستسلام والتسليم لما جاء فيهما والرجوع إليهما، وهذا يكون في جوانب الحياة
كلها.
فلا بد من تعظيم القرآن في النفوس، ولا بد
من العناية به؛ لأنه كلام الله، وفضله على سائر الكلام كفضل الله على غيره، كما أن
تعظيم القرآن وتعظيم السنة من تعظيم شعائر الله، وهذا من تقوى القلوب.
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى -:
«ثبت في صحيح مسلم عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «الدِّينُ النَّصِيحة، قُلنا: لمن؟ قال: لله، وَلِكِتَابهِ، وَلرسُوله،
ولأئمَّةِ المُسْلمِينَ وَعَامَّتِهمْ» (مسلم: 55). قال العلماء: النَّصيحة لكتاب
الله تعالى هي: الإيمان بأنه كلام الله تعالى، وتنزيهه لا يشبهه شيء من كلام
الخلق، ولا يقدر الخلق على مثله، وتعظيمه، وتلاوته حق تلاوته، وتحسينها والخشوع
عندها، وإقامة حروفه بالتلاوة، والذب عنه لتأويل المحرِّفين وتعرّض الملحدين،
والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهم علومه، وأمثاله، والاعتبار بمواعظه،
والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه،
وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه...»[1].
ولا شك أن القرآن يهدي لأقوم الطرق وأوضح
السبل، قال تعالى: {إنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في
وصف القرآن: «اِعْلَمُوا أَنَّ هَذَا اَلْقُرْآنَ هُوَ اَلنَّاصِحُ اَلَّذِي لاَ
يَغُشُّ، وَاَلْهَادِي اَلَّذِي لاَ يُضِلُّ، وَاَلْمُحَدِّثُ اَلَّذِي لاَ
يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا اَلْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ
بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ؛ زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى..
وَاِعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ اَلْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلاَ
لِأَحَدٍ قَبْلَ اَلْقُرْآنِ مِنْ غِنًى، فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ،
وَاِسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ
اَلدَّاءِ، وَهُوَ اَلْكُفْرُ وَاَلنِّفَاقُ وَاَلْغَيُّ وَاَلضَّلاَلُ،
فَاسْأَلُوا اَللَّهَ بِهِ وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا
بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ اَلْعِبَادُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى
بِمِثْلِهِ.. وَاِعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ،
وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ اَلْقُرْآنُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ،
وَمَنْ مَحَلَ بِهِ اَلْقُرْآنُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه،ِ فَإِنَّهُ
يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي
حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَيْرَ حَرَثَةِ اَلْقُرْآنِ، فَكُونُوا مِنْ
حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَاِسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّكُمْ، وَاِسْتَنْصِحُوهُ
عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَاِتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ، وَاِسْتَغِشُّوا فِيهِ
أَهْوَاءَكُمْ»[2].
كم يوقظ القرآن ضمائرنا ولا تستيقظ! وكم
يحذرنا ونظل نلهو ونلعب! وكم يبشرنا وكأن المبشر غيرنا! وكم تعيينا الأمراض والعلل
ولو استشفينا بالقرآن لشفانا الله به حسّاً ومعنى، وصدق الله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]. فهو يذهب ما في القلوب من
أمراض الشك والنفاق، والشرك والزيغ، وبه يحصل الإيمان والحكمة، وليس هذا إلا لمن
آمن بالقرآن وصدقه واتبعه، وهذا شفاء القرآن المعنوي.
وإذا كنا نرى في العصر الحديث أن صحفاً
وكُتَّاباً كثيرين إذا تحدث رئيس البلاد في خطبة أو مناسبة؛ نراهم يسارعون إلى عرض
مقتطفات من أقواله، ونشرها في الإذاعات والصحف والإنترنت، وغيرها، مع إتباع الكلام
بالتبجيل والثناء الحسن، فتراهم يقولون: وقد تحدث سموه قائلاً، وقال فخامته، وأشار
سعادته... فإذا كان هذا فعل البشر مع كلام بشر، فكيف يتعامل بعضنا مع كلام الله رب
العالمين.
الوصية بكتاب الله – عز وجل-:
وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: باب
الوصية بكتاب الله - عز وجل -، ثم ساق الحديث بسنده إلى طَلْحَة بْن مُصَرِّفٍ
قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى؟
فَقَالَ: لَا.
فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ
الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟
قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ[3].
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله
تعالى - في شرح «كتاب فضائل القرآن» من صحيح البخاري: «الوصاة بكتاب الله – عز وجل
- تشمل وجوهاً كثيرة، منها: الوصاة بحفظه حتى لا يضيع، والحفظ نوعان: حفظ في
الصدور، وحفظ في المسطور، يعني في الكتاب، فعلى المسلمين أن ينفذوا وصية النبي صلى
الله عليه وسلم بحفظ القرآن في صدورهم ومسطورهم.
ثانياً: الوصية بتصديق أخباره، فإنّ من كذّب
خبراً من أخبار القرآن فإنه قد انتقص القرآن؛ لأن الكذب من الأوصاف الذميمة
القبيحة التي يستهجنها حتى الكفار في كفرهم.
ثالثاً: الوصاة بالعمل به بحيث لا نهجره،
فإن هجر العمل بالقرآن هجرٌ للقرآن، {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا
هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30].
رابعاً: الدفاع عنه بحيث نرد تحريف المبطلين
الذين يفسرون القرآن بآرائهم، وأهوائهم، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من
النار، والعياذ بالله»[4].
أول طريق للإصلاح:
والقرآن أول طريق الصلاح في النفس والإصلاح
في الكون، ولذلك فإن أشراف الأمة هم حفظة القرآن الكريم، ومن حفظ القرآن فقد
استدرج النبوة، غير أنه لا يوحى إليه، والله أثنى على القراء في قوله تبارك
وتعالى: {إنَّ
الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر: 29]، فكل تجارة معرضة للربح
والخسارة إلا التجارة مع الله لن تبور، ما هي التجارة؟ قال عز وجل: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ
وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 30]، قراءةً وحفظاً وعملاً وتطبيقاً
ودعوةً.
ولا شك أن أول درجات طلب العلم وتعلمه حفظ
القرآن الكريم، ولذلك تجد في سير السلف أول ما تجد اعتناءهم بحفظ القرآن، ومن سن
صغيرة جدّاً؛ فهذا الإمام أبو محمد سفيان بن عيينة، ولد في الكوفة سنة 107هـ؛ حفظ
القرآن وهو ابن أربع سنين، وكتب الحديث وهو ابن سبع.. كان عالماً جليلاً وزاهداً
ورعاً، سكن مكة وبها توفي سنة 198هـ. وهذا مثال فقط، وكل مجددي العصر الحديث –
ومنهم الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله ورضي عنه - بدؤوا بالقرآن الكريم
حفظاً وفهماً، وتعلماً وتعليماً.
الحياة مع القرآن:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «من تدبر القرآن
طالباً للهدى منه تبيّن له طريق الحق»[5].
إن الحياة مع القرآن لها طعم خاص، وإحساس
خاص، لا يدرك حقيقة تلك الحياة القرآنية إلا من أنار الله بصيرته، فوفَّقه للتأمل
في آياته، والتفكر في كلامه المنزّل على خير خلقه، وصفوة رسله صلى الله عليه وسلم.
وعطّر سمعك وبصرك أخي القارئ بصورة طيبة
مباركة لتدبر القرآن وأثره في الثبات عند البلاء، واستشعار حلاوة الإيمان، وبرد
اليقين، وطيب الحياة، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله روحه - وقد بقي -
رحمه الله - في سجن القلعة يكتب العلم، ويُصنّفه، ويُرسل إلى أصحابه الرسائل، ثم
مُنِعَ من الكتابة والكتب، فلما أُخرجت الكتب والأوراق والدواة والقلم من عند شيخ
الإسلام في القلعة في تاسع جمادى الآخرة سنة 728 هـ، تفرغ الشيخ للعبادة، وقراءة
القرآن، وتحسر على ما مضى من عمره في غير تدبر القرآن، مع أنه - رحمه الله - كان
يقول: «ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم، وأقول:
يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرّغ وجهي
في التراب، وأسأل الله تعالى، وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني»[6]، واستمر على هذه الحال يختم القرآن ويتدبر في آياته حتى توفي في
ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة سنة 728 هـ.
نقَل الإمام ابنُ رجب - رحمه الله - في «ذيل
طبقات الحنابلة»: أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية صرَّح بندمه في آخرِ حياته، في آخرِ
أيَّامه في سجن القلعة الذي مات فيه، يقول شيخ الإسلام: «وندمتُ على تضييع أوقاتي
في غيرِ معاني القرآن»[7].
وهذا تلميذه النجيب ابن القيم - رحمه الله -
الذي لازمه مدة طويلة جدّاً، ووقف معه في المحن التي تعرض لها، وقد حُبس معه بسبب
التهم الباطلة التي وُجِّهت إليهما، ولم يخرج ابن القيم إلا بعد وفاة شيخه، يقول
رحمه الله واصفاً مدة إقامته في الحبس، وما عليه حال الشيخ من انشراح الصدر وقوة
القلب: «وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: إن في الدنيا جنة من
لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة. وقال لي مرة: ما يصنع بي أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني
في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي
سياحة. وكان يقول في محبسه الأخير في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل
عندي شكري هذه النعمة، أو قال ما جزيتهم عني ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا.
وكان يقول في سجوده وهو محبوس: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» ما شاء
الله. وقال لي مرة: «المحبوس من حُبس قلبه من ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه».
ولما أُدخل إلى سجن القلعة وصار داخل السور
نظر إليه، وقال: {فَضُرِبَ
بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن
قِبَلِهِ الْعَذَابُ}
[الحديد: 13].
ويضيف ابن القيم - رحمه الله -: «وعلم الله
ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية
والنعيم، بل ضدهما، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من
أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم
على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما
هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً
وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل،
فأتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها».
قال ابن القيم - رحمه الله -: وحدثني بعض
أقارب شيخ الإسلام رحمه الله قال: كان في بداية أمره يخرج أحياناً إلى الصحراء
يخلو عن الناس لقوة ما يرد عليه، فتبعته يوماً، فلما أصحر تنفس الصعداء، ثم جعل
يتمثل بقول الشاعر، وهو مجنون ليلى في قصيدته الطويلة:
وأَخْرُجُ مِن بينِ البيوتِ لَعَلَّنِي
أُحَدِّثُ عَنْك النفسَ بالسرِّ خالياً[8]
فرحم الله شيخ الإسلام، هذا الرجل الأمة
المجدد المجاهد البطل، ورفع في الجنة درجاته.
إن تدبر القرآن عبادةٌ جليلة حثنا الله
تبارك وتعالى عليها؛ لما تشتمل عليه من حِكَم وفوائد تربي المسلم، وتأخذ بيده لالتماس
الخير واقتباس الدروس والعِبَر، وحين تتدبر القرآن الكريم وأنت تتلوه في هدأة
الليل وصفاء الكون تأتيك حقائق، وتنكشف لك أسرار تزيدك إيماناً، وتضيء لك أنوار
الحق، وتنبثق أفكار الهداية.
فالله الله يا أمة الإسلام، ويا إخوة
الإيمان!! العودة إلى كتاب الله! نتلوه آناء الليل وآناء النهار، ونتدبر آياته
ومواعظه، ففيه والله الكفاية والغنى، ونقرأ صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي
وصفته بها أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وهو الوصف الجامع المانع: «كان
خلقه القرآن» (أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني). ونقرأ سير
الصحابة الكرام جند الإيمان والتوحيد الذين كانوا بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم
متأسين ومقتدين، تشبهوا به واقتدوا بسنته صلى الله عليه وسلم فنالوا شرف صحبته.
ولذا كان القرآن نوراً ومصدر النور للمهتدين الباحثين عن الحق والخير والجمال، ولذلك كان القرآن خير مَعِين وموجّه للمصلحين والمجددين على مر التاريخ.
فأين نحن أيها الأحباب من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأين نحن من تلاوة القرآن وتدبره والتأمل فيه؟ ولماذا هجرناه؟!
آه لدنيا شغلت العباد عن ربهم وكتابه الكريم، واعلم أخي الحبيب أن كل ما شغلك عن الله هو شؤم عليك، فاحذر هجر القرآن وداوم على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، تسعد في الدنيا وتهنأ في الآخرة، جعلني الله وإياكم من أهل القرآن. والحمد لله رب العالمين.
:: مجلة البيان العدد
308 ربيع الآخر 1434هـ، مارس 2013م.
[1] التبيان في آداب حملة
القرآن (ص151).
[2] مقدمة كتاب أحكام القرآن، الكيا الهراس 1/6.
[3] البخاري 2740.
[4] انتهى من (شرح
كتاب فضائل القرآن) من صحيح البخاري. شريط (3).
[5] العقيدة الواسطية 1/8.
[6] العقود الدرية 1/ 42.
[7] ذيل طبقات الحنابلة،
ابن رجب، (2/402).
[8] انتهى من الوابل
الصيب، ص 93 و94.