أزمة النيل بين الانفجار والانفراج
إن حياة الشعوب والدول بشكل عام ترتبط بالمياه وجوداً وعدماً، تطوراً وحضارة، ثروة وعلاقات؛ سواء كانت علاقات صراع، أم علاقات تعاون فيما بين هذه الدول. ومؤخراً شهدت مياه نهر النيل - الذي يجري في عَشْرة دول إفريقية، تنقسم إلى: دول منبع، ودولتي مصبٍّ، هما: مصر والسودان- أزمةً تركزت بين الطرفين (المنبع، والمصب)، وهي الأزمة التي تعود بذور اشتعالها إلى عَشْر سنوات مضت تقريباً؛ لكنها أخذت بُعْداً عملياً منذ مايو 2009م؛ عندما تبنَّت (تنـزانيا ورواندا والكونغو) مطلب دول المنبع بزيادة نصيبها من مياه نهر النيل على أساس أن حاجة هذه الدول مع مقتضيات التطور ومحاولات التقدم قد ازدادت، ومن حقها أن تنال ما يتناسب مع تزايد حاجاتها من الميـاه؛ وهو ما سيكون على حساب حصص دول المصب (مصر 55.5 مليون متر مكعب، والسودان 18.5 مليون متر مكعب).
وفي خطوات متسارعة استطاعت خمس دول من دول منابع النهر أن تُبرِم اتفاقيةً جديدةً في العاصمة الأوغندية (عنتيبي) تسعى من خلالها إلى إعادة النظر في مجمل الاتفاقيات السابقة، وهو ما أشار إلى تزايد الأزمة بين طرفي مجرى نهر النيل.
لذا فقد ارتأت مجلة البيان أن تقيم ندوة بعنوان: (أزمة النيل بين الانفجار... والانفراج) تناقش من خلالها طبيعة الأزمة في حوض النيل وأبعـادها المختلفـة على دولتَـي المصب (مصر والسـودان) بمشاركة مجمـوعة مـن الأسـاتذة والخبـراء المتخصـصـين في الشأن الإفـريقي، والصـراع المائي، والقانون الدولي، وهم:
- الدكتور: محمد سالمان طايع «مدرس بقسم العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة».
- والدكتور: سيد فليفل «المتخصص في الشؤون الإفريقية، وعميد معهد الدراسات الإفريقية سابقاً».
- الدكتور: محمد شوقي عبد العال «أستاذ القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة».
- الدكتور: إبراهيم محمد آدم: «المستشار الثقافي بسفارة السودان بالقاهرة».
الإطار الحاكم للنظام الإقليمي لدول حوض النيل:
في البداية أكد الدكتور محمد سالمان طايع على أن حوض نهر النيل ليس حوضاً مائياً فقط بالمعنى الفني لمفهوم الحوض، ولكنه أيضاً نظام إقليمي؛ بمعنى أنه شبكة من التفاعلات المنتظمة أو شبه المنتظمة، وهي تفاعلات تمتاز بكثافتها حول موضوع الماء؛ لذلك فهو يُعرَف بأنه نظام تقنينٍ مائي، وأحياناً يُسمَّى السياسات المائية النيلية.
وأضاف دكتور طايع قائلاً: «حينما نتأمل المشهد السياسي قبل وأثنـاء الجـولة الأخيـرة مـن مفـاوضـات الاتفـاقية الإطارية وتصوراتهـا الدراماتيكيـة منذ اجتماع كنشاسا في مايو 2009م، ثم اجتماع الإسكندرية في يوليو 2009م، وأخيراً اجتماع شرم الشيخ في أبريل 2010م، فإنه يتكشف لنا قَدْرٌ كبيرٌ من تحوُّل مواقفِ دول المنابع وتبنِّيها مواقفَ أكثر تشدُّداً، وإن كانت المسوِّغات والتبريرات التي سيقت في الآونة الأخيرة كلها تدور حول البعد المائي لأساس هذه الدول واحتياجاتهـا، وأن هناك قَدْراً متزايداً متصاعداً في احتيـاجاتها المائية؛ إلا أن التحليل المائي الفنـي يظـل تحلـيـلاً قاصـراً ناقصاً بوصفـه يتعـامل مع قضيـةٍ متعددة الأبعـاد من منظـور أحادي؛ فهـو يُغفِل الأبعاد السياسية والقانونية والاقتصادية التي تلعب - في رأيي - الدور الأهم في التحليـل والتـأثير علـى مجمـل التفـاعلات الهيـدرولوتيكيـة والهيدرواستراتيجية في النظام الإقليمي لحوض نهر النيل.
وإن عناصر تحليل النظام الحاكم للنظام الإقليمي لحوض نهر النيل سوف تنبني بالأساس على تحليل الإطار المائي للنظام الإقليمي لحوض النيل بشكل سريع، ثم الإطار القانوني، ثم النظام السـياسـي، ثم الإطار الاقتصادي، وفي غضـون ذلك يكون الحـديث بشكل أو بآخـر عـن العلاقـة شـديدة الخصـوصيـة ما بين مصر والسودان في إطار تفاعـلات هذا النظام الإقليمي لحوض نهر النيل، محاولين استكشاف أثر انفصال جنوب السودان على الأمن المائي (المصري - السوداني) بشكل عام والمصري بشكل خاص».
وفيما يخص الإطار المائي للنظام الإقليمي لحوض نهر النيل قال الدكتور طايع: «إن نهر النيل يتوزع - كما نعلم - على عشر دول، هي: مصر، والسودان، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وبروندي، ورواندا، وإريتريا، والكونغو. ولهذا النهر ثلاثة منابع أساسية: المنبع الأول في الهضبة الإثيوبية، والمنبع الثاني: هضبة البحيرات الإستوائية، والمنبع الثالث في وسط وجنوب السودان؛ إلا أنه كله ينتمي إلى دولة الجنوب المزمعة إن حدث انفصال».
وأشار إلى أن المنبع الأساسي في الهضبة الإثيوبية، والمنبع الثاني في حوض بحر الغزال؛ يقعان على خط عرض 12؛ وبناءً على ذلك فإن الحوض الأوسط كلَّه يقع في الدولة الجنوبية السودانية المزمع إقامتها، ثم هناك المنبع الثالث الخاص بالبحيرات الإستوائية؛ وبناءً عليه فإن إجمالي ما يصل من كمية الهطول المطري لا يزيد عن 5 % (84 مليار متر مكعب) والباقي يُهدَر من إجمالي الهطول المطري الذي يُقدَّر بحوالي1660مليار متر مكعب مع ملاحظة أن منبع بحر الغزال الذي يسقط عليه حوالي 540 مليار متر مكعب لا يصل منه إلى النيل أي شيء على الإطلاق.
وحول الإطار الاقتصادي للحوض قال سعادته: «إننا نجد أن دول الحوض هذه تعاني من حالة كبيرة من الفقر الشديد؛ فكل دول الحوض تحتل مراتب متدنية في ترتيب تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2009م؛ إذ إن أفضل هذه الدول حالاً هي مصر؛ ومع ذلك تحتل رقم 123، وتليها كينيا 147، ثم السودان 150، فتنزانيا 151، ثم أوغندا 157، ثم إريتريا 165، ثم رواندا 167، ثم إثيوبيا 171، ثم بروندي 174، وأخيراً الكونغو الديمقراطية 176.
ومن ناحية أخرى: فإن التصنيف الذي وضعه البنك الدولي بشأن أفقر 30 دولة على مستوى العالم ضمَّ بين هذه الدول تسع دول من حوض النيل باستثناء مصر.
ومن ناحية ثالثة: فإن معدل نمو السكان في هذه الدول سريع جداً؛ وهو ما يفرض تحدياً كبيراً على الأوضاع الاقتصادية والمائية؛ فنجد أن معدلات النمو السكاني في هذه الدول كبيرة؛ فأقلُّ هذه الدول في معدلات نموِّها السكاني هي مصر؛ ومع ذلك فهي تعاني من أزمة سكانية».
أما فيما يخص الإطار القانوني للحوض فقد أوضح الدكتور طايع أن ما يميز الإطار القانوني للحوض: هو غياب الإطار القانوني الجامع الحاكم للحوض. وأفاد أنه يوجد عدد كبير من الاتفاقيات المنفصلة، إلا أنه لا توجد اتفاقية واحدة جامعة؛ بالإضافة إلى أنه لا تحظى أيٌّ من الاتفاقيات القانونية بالقبول أو الاحترام من كل دول الحوض.
الاتفاقيات المحدِّدة لتقسيم مياه النهر:
إننا حينما ننظر إلى الأطر القانونية أو أهم الاتفاقيات القانونية التي يمكن أن تشكِّل إطاراً حاسماً للتفاعلات القانونية والسياسية في حوض نهر النيل، نجد أن هناك عدداً من الاتفاقيات أهمها:
الاتفاقية الأُولَى: بروتوكول عام 1891م الذي وُقِّعَ بين بريطانيا وإيطاليا؛ ويقضي بعدم بناء إيطاليا أيَّ منشآت هندسية أو مائية، أو أي مشروعات على نهر عطبرة دون الرجوع إلى بريطانيا. ومن هنا تأتي نظرية الاستخلاف الدولي للمعاهدات.
والاتفاقية الثانية: معاهدة عام 1902م التي وُقِّعَت بين بريطانيا والإمبراطورية الإثيوبية؛ وتقضي بعدم بناء الإمبراطورية الإثيوبية أي منشآت هندسية على النيل الأزرق، وكانت إثيوبيا طرفاً في هذه الاتفاقية دون أن يكون هناك دولة استعمارية كما يتذرعون أحياناً.
والاتفاقية الثالثة: - وهي أيضاً من الاتفاقيات المهمة بالنسبة لنا - اتفاقية عام 1929م وتقضي بعدم البناء على النيل وفروعه ومنابعه دون الرجوع إلى مصر وفيها ذُكِرَت مصر بوصفها دولةَ مَصَب.
والاتفاقية الرابعة: وهي التي أُبرِمَت عام 1959م وتُحدِّد تقاسم الأنصبة المائية، وهذه الاتفاقية تقضي بأن يكون تقسيم المياه ما بين مصر والسودان على النحو الآتي: مصر 55.5 مليار متر مكعب، والسودان 18.5 مليار متر مكعب.
وهناك بعض الاتفاقيات الثنائية الأخرى غير هذه الاتفاقيات الأربع؛ ولكنها ليست بدرجة أهميتها.
وتناول الدكتور طايع الإطار السياسي للنظام الإقليمي لحوض نهر النيل، فقال: «إن التفاعلات الدولية النيلية شهدت ضربين من التفاعلات: (تفاعلات تعاونية، وأخرى صراعية). والمدقق في تاريخ تلك التفاعلات يجد أنها تشترك معاً في الوقت؛ فتاريخ التفاعلات (الصراعية والتعاونية) بدأ مع ستينيات القرن العشرين؛ إلا في العقدين أو العقود الثلاثة الأخيرة؛ فإنها شهدت زيادة نوعيَّة وفنيَّة في وتيرة التفاعلات الصراعية.
مجالات الصراع:
وأوضح الدكتور طايع أن هناك ثلاثة مجالات أساسية للصراع المائي في حوض نهر النيل، هي:
المجال الأول: الصراع حول اتفاقيات مياه حوض النيل: فالموقف الثابت لدول المنبع منذ استقلال هذه الدول هو رفض جميع اتفاقيات النيل القائمة والمطالبة باتفاقيات جديدة بحجة أن جميع الاتفاقيات السابقة قد وُقِّعت في العهد الاستعماري؛ ومن ثَمَّ هم في حِلٍّ من هذه الاتفاقيات. لكن الموقف المصري والسوداني يؤكد على مشروعية كل الاتفاقيات السابقة استناداً إلى مبدأين مهمين في القانون الدولي:
المبدأ الأول: التوارث الدولي للمعاهدات: وهو مبدأ معروف أكدت عليه مجموعة من الاتفاقيات والأعراف الدولية؛ وعلى رأسها اتفاقية فيينا عام 1978م.
المبدأ الثاني: الحق التاريخي المكتسب: وهو أحد المبادئ المستوحاة من اتفاقية فيينا عام 1966م.
المجال الثاني: مجال الصراع بين دول المنبع وبين دولتي المصب حول تقاسم مياه النيل، ومطالبات دول المنبع بضرورة أن يكون هناك زيادة في حصصها المائية، ورَفْضِ استئثار دولتي المجرى والمصب بالإيراد المائي لنهر النيل كله، لكن مصر والسودان أكدتا على مبدأ الانتفاع العادل والمنصف بموارد النهر؛ وذلك من خلال انتفاع كلِّ الدول بموارد النهر وليس فقط بالمفهوم الضيق لمياه النهر. ومن هنا كانت تأكيدات مصر والسودان الدائمة على ضرورة تبنِّي مفهوم الحوض وليس مفهوم المجرى، ومن هنا أيضاً يُفهَم الموقف المصري في رفضه للاتفاقية الإطارية أو تحفُّظاته على الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة عام 1997م، تلك التي انطلقت من تمزيق مفهوم الحوض والأخذ بمفهوم المجرى المائي وهو بكل المقاييس لصالح دول المنبع وليس لصالح دول المصب.
المجال الثالث: ويتمثل في الخلاف حول ما يُسمى بشرط الإخطار المسبق: فمصر والسودان تؤكدان دوماً على ضرورة الالتزام بشرط الإخطار المسبق عملاً بقاعدة قانونية أيضاً، هي: قاعدة عدم التسبب في الضرر؛ وهذه أيضاً من القواعد غير الخلافية في القانون الدولي، وربما أحياناً يكون الخلاف حول مفهوم: (ضرر أم ضرر جسيم؟). والمراد أن مصر والسودان تؤكدان على ضرورة احترام هذا المبدأ، وإلزام دول المنبع بعدم القيام بأية مشروعات مائية إلا بعد استئذان مصر والسودان مسبقاً، وفي المقابل فإن دول المنبع تؤكد على عدم التقيد بهذا الشرط واعتباره مخلاً بسيادة هذه الدول.
ويؤكد الدكتور إبراهيم محمد آدم على أن الماء عنصر أساسي في حياة الشعوب، بل تترتب عليه الحياة كلها بجميع كائناتها الحية بنباتاتها وحيواناتها، وأحيائها الأخرى حتى غير المرئية منها، ومع تزايد أعداد السكان في عالم اليوم، والاضطرابات والتغيرات المناخية المختلفة التي بلغت ذروتها بظاهرة الاحتباس الحراري؛ وتدهوُر الغطاء النباتي نتيجة للجفاف والتصحر وحرائق الغابات، وغير ذلك من عواملَ كان سببها الأساسي تدخلات الإنسان لأغراضه المختلفة وحاجاته التي لا تحدُّها حدود، تبرز الحاجة إلى مصادرَ إضافيةٍ للمياه للاحتياجات والاستخدامات المختلفة.
وهو ما جعل بعض الناس يقولون: إن حروب العالم القادمة كلها ستكون بسبب شُحِّ المياه التي سيفوق سعرها سعر الموادِّ البترولية؛ وهذا هو الواقع في كثير من الدول اليوم. ويتداخل ذلك بالتأكيد مع مصالح الدول الكبرى وتأثيراتها على مجمل الأوضاع في دول العالم النامي، ودول الجوار الإقليمي ذات العداء التاريخي للأمة العربية كـ «إسرائيل». ودول حوض النيل ليست استثناءً من هذه القاعدة، ولا من تلك الافتراضات المتعلقة بالتهديدات المشار إليها، وخاصة إذا وضعنا في الاعتبار الدور الإسرائيلي الذي يسعى لإعادة نفوذه في القارة الإفريقية، وهو الذي لم ينسَ للعرب عامل تأثير علاقاتهم بالأفارقة وتضامنهم خلال فترات الحروب (العربية – الإسرائيلية) التي شهدت وقفات شجاعة بنَّاءة معتبَرة لدول إفريقيا جنوب الصحراء مع الأمة العربية، وخاصة جمهورية مصر العربية.
كما يؤكد الدكتور إبراهيم آدم على أنه: مما ساعد على ما ذُكر سالفاً ظاهرة الأحادية القطبية وهيمنة الولايات المتحدة على مجريات الأمور في العالم بعد أن كان التنافس بين المعسكرين في فترات الحرب الباردة عاملَ توازن مهمٍّ في ميزان القوى والردع، والردع المضاد، وكانت الدولة الوطنية في العالم الثالث قادرة على تحقيق قَدْرٍ من الاستقلالية في علاقاتها الدولية بدعم من الأصدقاء في هذا المعسكر أو ذاك. أما الآن وقد انكشف الغطاء عن هذه الدول وانحسرت المعونات فإنها ستصبح بكل تأكيد عُرضَة لضغوطات لا سبيل إلى الخروج عنها إلا بالعودة إلى بيت الطاعة لما يسمى بالمجتمع الدولي، وهذا المصطلح نفسه قد نُزِع من سياقه؛ لأنه أصبح يعني مصالح دول معيَّنة تستخدم فيها العصا والجزرة والترغيب والترهيب.
الدور الخارجي وأثره في تفجير الأزمة:
ويوضح الدكتور فليفل الدور الخارجي وأثرَه السلبي على دول حوض النيل، واتِّباعه سياسية فرق تَسُد؛ حفاظاً على مصالحه الخاصة، قائلاً: إننا - مثلاً - نجد أن الاستعمار البريطاني هو من كان يرعى الحركة الوطنية في السودان، وقد قام بعملية مقاصَّة كبيرة مع هذه الحركة بأن عرض عليها أَخْذ الجنوب السوداني مقابل انفكاك الوحدة مع مصر. وكذلك فإن تَرْك السودان لمبدأ تقرير المصير لم يكن اختراع ثورة 23 يوليو 1952م؛ وإنما هو مسألة طُرحت مراراً قبل الثورة في عهد النقراشي باشا؛ حيث أعلن الدكتور محمد صلاح الدين وزير خارجية حكومة الوفد وقتئذٍ: أن هذا المبدأ يمكن أن يناقَش إذا ترتب على مناقشته جلاءُ القوات البريطانية عن مصر وكان هذا ما تريده بريطانيا وبناءً على ذلك فإن ثورة يوليو لم تضع الأساس لعملية الفصل؛ فالثورة رتَّبت لكي تكون هناك برامج تالية للتفاعل المصري السوداني في إطار قرار حر وطني يأخذه السودانيون والمصريون؛ وهو ما نسميه (وحدَة الموقف بين مصر والسودان).
وحول الصراع في حوض نهر النيل أوضح الدكتور فليفل أنه لا يوجد في حوض النيل على الإطلاق تفاعلات صراعية سببها المياه؛ ولذلك فإنه عندما يجري الترويج لذلك فضلاً عن الترويج لفكرة تسعير المياه، وأن المياه أغلى من الطاقة، فإن هذا في حقيقة الأمر شكَّل إضافة إلى العلاقة التنافسية القائمة بين دول حوض النيل حول مسألة المياه؛ أي أنها علاقة تنافسية وليست صراعية، مختلِفاً مع دكتور طايع في تحديد المسميات.
المشاريع الأجنبية في المنطقة:
أما فيما يخص مسألة التدخلات الأجنبية في دول الحوض، فإنه يجب علينا أن نفهم ماذا يجري في حوض النيل؟ وهذا في الحقيقة مهم لكي نفهم هل يحدث تدخُّل أجنبي؟ وهل هو مؤثر على ما يجري داخل الحوض أم لا؟
فحوض النيل منطقة من أكبر مناطق القارة الإفريقية؛ حيث إن حوض النيل يشكل كتلة جغرافية كبيرة يعيش فيها سكان تأثروا جميعاً بأشكال حضارية موروثة؛ فلا نجد أهراماً خارج مصر إلا في السودان وفي بقية دول حوض النيل، وفي منطقة القرن الإفريقي، وهما منطقتان متكاملتان إستراتيجياً ولا يمكن الفصل بينهما؛ لأن بعض دول حوض النيل هي دول في القرن الإفريقي الذي يضم جيبوتي والصومال، وبناءً على ذلك فإن أمن مياه النيل لا ينفصل عن أمن قناة السويس والبحر الأحمر؛ فهناك وحدة في الأداء الإستراتيجي، فضلاً عن أن التطورات الأخيرة أثبتت أن أمن الخليج يرتبط بأمن كلٍّ من القرن الإفريقي وحوض النيل، بل إن من العجب أن هذه المنطقة تأثرت بالتيارات الحضارية الأساسية التي سادت في الحضارة المصرية؛ سواء منها الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية.
وأضاف الدكتور فليفل قائلاً: إن بعض دول حوض النيل أعضاء في الاتحاد الإفريقي، وبعضها أعضاء في الجامعة العربية، وهذا التقسيم صادف أن الطرفين الشماليين (يعني: دولتي المصب) من الدول الأعضاء في الجامعة العربية؛ ولهذا فإن التدخل يهدف لإحداث صـراعٍ عربيٍ إفريقيٍ، كمـا أن منطقة حوض النيل تضم الدول المنضوية تحت لواء تجمُّع الكوميسا «COMESA» ومعنى هذا: أنه يوجد بالفعل إطار إقليمي للعمل الاقتصادي التكاملي الجماعي في هذه المنطقة.
مشروع تجمُّع (إيجاد):
وأوضح الدكتور فليفل أن المنطقة فيها أيضاً تجمُّع (إيجاد) الذي نشأ لمكافحة التصحر والجراد والجفاف، وقد ضم كلاً من إثيوبيا والصومال إلى كينيا وأوغندا وتنزانيا مع إثيوبيا وإريتريا؛ غير آذنٍ لمصر بالدخول فيه، خاصة بعد أن اختلف شكل التجمع؛ حيث نجحت بعض الدول الخارجية وتقدَّمت كمانحة وراعية له، وهو ما مكَّن كينيا من أن تدير شأن الصومال من الجنوب وتمنع عودة الوحدة الصومالية، وأن تمكِّن إثيوبيا في مرحلة تالية من الدخول إلى الصومال لتمنع نجاح حكومة اتحاد المحاكم الإسلامية في أن تمد نفوذها خارج العاصمة إلى بقية الأقاليم؛ ولذلك فإن تدخُّل الدول الأجنبية أحبط مشروعاً كان موجوداً بالفعل من التوسع، بل ساعد على زيادة الفرقة والانقسام بين طرفي الصومال، ثم إن هذا التجمع بشكله الجديد ورعاته والداعمين له هم الذين تدخَّلوا في مسألة التسوية في جنوب السودان، وفرضوا على الحكومة السودانية بموافقة دوليـة من الأمم المتحـدة تقـريرَ مصيـر الجنـوب، وهو ما يحدث لأوَّل مرة في القارة الإفريقية.
مشروع اتحاد شرق إفريقيا:
وأشار الدكتور فليفل إلى أنه: تتصاعد في الوقت الحالي فكرة اتحاد شرق إفريقيا الذي عقد عدة دوراتِ قمة في السنوات الثلاث الماضية، وهو اتحاد يقع بالكامل تحت الرعاية الأمريكية، ويُحَتَمل أن يضم إثيوبيا إلى جانب كينيا وأوغندا وتنزانيا، وثمة احتمال آخر بانضمام جنوب السودان بعد 20 يناير القادم، فإذا ما ظهر هذا الاتحاد إلى الوجود فنحن بصدد دول عربية في شمال حوض النيل ودول غير عربية في شرق وجنوب الحوض؛ فالهضبة الإستوائية والهضبة الإثيوبية ستصبحان كلتاهما خارج إطار العمل السياسي التعاوني في حوض النيل؛ وهذا يؤدي إلى شقِّ تجمُّع الكوميسا شقّاً كبيراً؛ بحيث يخرج شمال السـودان ومعه مصر. وإريتريا الآن فـي حالة مراقبـة لهـذه التجمعـات؛ وهو ما يعني أن حالـة الانفصـال قائمة إلى الحد الذي دفع بعضهم إلى الحديث عن وحدة كاملة بين مصر والسودان وإريتريا.
وقال الدكتور فليفل أيضاً: إن الحقائق على هذا النحو يمكن أن تدخل في إطار ملاحظات أخرى كثيرة؛ ولهذا عندما طرحت بعض الدول - ومنها مصر - مبادرة حوض النيل اعتبرت الرعاة الذين يتبنَّون فكرة المبادرة يمكن أن يكونوا موفِّرين لكثير من الأموال لإجراء الدراسات التي تساعد على بدء تعاونٍ حقيقي في حوض النيل، لكن البداية كانت مع اشتراط مسألة البيع.
مشروع أفريكوم:
وحول المشروعات الأساسية للتدخل الأمريكي في المنطقة قال الدكتور فليفل: إن لدينا مشروع أفريكوم؛ وهو مشروع القيادة العسكرية الأمريكية الجديد في إفريقيا، وهو مشروع يعتبر مصر خارج إفريقيا، كما أننا إذا نظرنا إلى المشروع الآخر الذي هو مشروع الشرق الأوسط الكبير، فسوف نجد أن الشرق الأوسط الكبير يقف بالشرق الأوسط عند حدود مصر الغربية والجنوبية فلا يُدخِل ليبيا أو السودان في إطار الشرق الأوسط، بينما يُدخِل إثيوبيا فيه.
مشروع القرن الإفريقي الكبير:
وأوضح سعادته أن المشروع الثاني: هو المشروع المسمى بالقرن الإفريقي الكبير؛ وهو مشروع غريب الشكل في تصوره الإستراتيجي؛ لأننا نعلم أن دول (إيجاد) هي دول القرن الإفريقي، والقرن الإفريقي يضم خليج باب المندب، وبحر العرب، والمحيط الهندي، لكنهم زادوا في أجزاء وقصروا في أجـزاء؛ إذ جعلـوا القـرن الإفريقـي الكبيـر لا يضم شـمال السـودان ولا مصر؛ إنما فيه جنوب السودان ويمتد مع دول (إيجاد) الأخرى؛ ليضم دولاً مثل الكونغو ويمتد إلى المحيط الأطلنطي؛ كأن القرن الإفريقي الكبير إذا نظرنا إلى الخريطة الطبيعية، هو المشروع الذي يضم مناطق أعلى سقوط للأمطار في القارة الإفريقية، وهي: الهضبة الإثيوبية، والهضبة الإستوائية (هضبة بحر الغزال)، وجنوب السودان بشكل عام، ثم حوض الكونغو؛ وهو ما يجعل الطاقة الهيدرومائية بالكامل تحت الهيمنة الأمريكية، ويدخل في هذا أيضاً الرعاية الدائمة للولايات المتحدة لمشروع اتحاد شرق إفريقيا، وهو المشروع الذي يضم الدول التي سبق ذكرها، وهي التي تجتمع الآن في اتحاد شرق إفريقيا. ومن نتيجة تكوينها أن يكون هناك دول في حوض النيل عربية وأخرى إفريقية؛ وهذا الإجراء يقسم منطقة الحوض إلى عرب وغير عرب وهذا هو المطلوب في حد ذاته.
مشروع خليج غينيا:
وأشار الدكتور فليفل إلى أن هناك مشروعاً آخر: هو مشروع خليج غينيا؛ وهو مشروع للطاقة البترولية؛ فالبترول الموجود في تشاد وأنغولا ونيجيريا وغيرهم لا يخرج إلى الشمال؛ إنما يمضي إلى خليج غينيا، وحتى بترول دارفور هناك احتمالات أن يذهب إلى خليج غينيا أيضاً، وكذلك الحال في كافة المناطق؛ فالمهم أن يخرج البترول من القارة الإفريقية إلى المحيط الأطلنطي إلى الولايات المتحدة؛ لأنه من المفترض في عام 2015م أن يكون ربع استهلاك الولايات المتحدة من البترول من هذه المنطقة.
إذن ثمة أهداف إستراتيجية حددتها الولايات المتحدة في المنطقة الإفريقية؛ ومن أجلها لا بد أن تُقطَّع المنطقة وتمزَّق، ومن أجل هذه الأهداف أيضاً تُستدعَى تشاد لاستخدامها ضد السودان لتُفَاقِم مشكلة دارفور؛ لتأدية مطالب معيَّنة تتعلق بِفُرَص الانفصال على الإخوة في الجنوب، وتبدو المسألة كما لو أنها حق للجنوب في تقرير المصير؛ بينما الحقيقة هي تمزيق السودان مدخلاً لإعادة تقسيم القارة الإفريقية، وهناك الآن أفكار حول 150 دولة أو 200 دولة، وهذه كوارث قادمة في المستقبل.
مشروع الأخدود الإفريقي العظيم:
وأوضح الدكتور فليفل قائلاً: إن هناك مشروعاً آخر ترعاه الولايات المتحدة وتساعد فيه إسرائيل، لكن المتحرك الأساسي فيه هو إسرائيل وهو ما يُسمى بمشروع الأخدود الإفريقي العظيم، وهو نوع من الالتفاف أرادت به إسرائيل أن تكون موجودة في حوض النيل، وفي البحر الأحمر، وحتى في تركيا.
والأخدود الإفريقي العظيم: هو الظاهرة الجغرافية التي توجد فيها الفوارق الكبيرة التي صنعت البحيرات العظمى، وبحيرة تانا، والبحر الأحمر، وحوض النيل نفسه، وبحيرة طبرية، والبحر الميت، وبحيرات جنوب شرق تركيا التي يخرج منها نهر الفرات ونهر دجلة.
وبناءً عليه فإنه يكون هناك نوع من الربط بين النيل والفرات على أساس اليونسكو والمنظمات البيئية الدولية؛ حيث ادَّعت إسرائيل أن هذا المكان الذي أدى إلى هذه الظواهر هو تراث إنسـاني جيولوجـي وبيئـي، ويجـب صيـانته من التلـوث ولا بد؛ بما أن إسـرائيل طـرف فيه، وعنـدها اتصـال بالأحواض التي تشكِّل امتداداً للفارق الكبير للأخدود الإفريقي. وقد طُرِحَت هذه الفكرة على المجتمع الدولي، وهي موجودة الآن على جدول أعمال الأمم المتحدة.
تشريع سرقة المياه:
وقال الدكتور فليفل: إن إسرائيل التي تسرق المياه العربية في الشمال الآن، تريد نصيباً من مياه النيل في حدود المليار؛ وهي نفسها تضع هذا النصيب في إطار برامج الترانسفير أو نقل المواطنين الفلسطينيين من أرضهم إلى الضفة الشرقية أو إلى سيناء بعد برامج الضغط التي تَحْدُث على الفلسطينيين هنا وهناك؛ سواء منها جدار الفصل العنصري الموجود في الناحية الشرقية أو الضغط على غزة وحصارها وخَنْق من فيها، فيضطر أهلَ فلسـطين إلى الاندفـاع إلى الحـدود الدولية؛ ولا تكون لهذه الحدود قداسة تنفيذاً لخريطة موجودة على المواقع المختلفة للسي آي إيه أو للكيان الصهيوني تستهدف الوصول آخر الأمر إلى إمكانية الحصول على مساحة جديدة من أرض سيناء شرق العريش (أي: من رفح إلى العريش) يُنقَل إليها هؤلاء الناس؛ لتصفو منطقة فلسطين بكاملها للإسرائيليين؛ سواء في الضفة أو غزة.
ولا شك أن هذه الإجراءات كلها عندما ترتبط بعمليات ضغط تحتاج فيها إسرائيل إلى شد الأطراف المصرية إلى الجنوب، فلا بد من إثارة الأشقاء الأفارقة ضد مصر، وخير دليل على ذلك تلك الجولة التي قام بها ليبرمان في بلاد حوض النيل؛ فلا يمكن أن يتخيل متابع إلا أن تكون هذه الجولة قد تمَّت بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة؛ لأن العواصم التي زارها ليبرمان هي العواصم نفسها التي مرَّ عليها كلينتون ومادلين أولبرايت وبوش وكونداليزا رايس، وهي - تحديداً -: إثيوبيا وكينيا وأوغندا وجنوب إفريقيا وغانا والسنغال ونيجريا؛ فأن تكون هذه العواصم هي - تحديداً - التي زرها مسؤولو الرئاسة والخارجية والأمن القومي في الولايات المتحدة هي التي يزورها ليبرمان، فإن هذا يؤكد أن ثمة ما يدبَّر لهذه المنطقة.
ومما ترك الباب مفتوحاً أمام التدخل الأجنبي في دول حوض النيل هو دور مصر المتراجع؛ فالغياب المصري عن دول حوض النيل واضح ولا يحتاج إلى مراجعة؛ فإذا حسبنا عدد زيارات أي وزير متعلقٌ عمله بالسياسة الخارجية أو بالتعاون الدولي إلى دول حوض النيل قياساً بالدول الأوروبية أو الولايات المتحدة، فسوف نعلم أن هناك تقصيراً حقيقياً في التواصل مع الأشقاء في حوض النيل.
والسؤال هنا: هل استجابت الدول الإفريقية الشقيقة في المنابع للإغراءات الخارجية؟
طبعاً عندما تكون هذه الـدول بوضـع تنموي متدنٍ فلا بد عندئذٍ من أن تستجيب لمن يعطيها شيئاً يرفع مستوى التنمية فيها، ولا يلومنَّها أحد لاستجابتها، إنما نلوم أنفسنا؛ إذ كيف تأخَّرت المعونة من الأشقاء، خاصة أن هذه المعونة - لا سيما في المشروعات التي تريدها هذه الدول - كانت مقررة في التاريخ المصري في النصف الأول من القرن العشرين وتقررت في اتفاقية عام 1959م، ثم تكررت في بروتوكول عام 1993م مع إثيوبيا؛ فمثلاً عندما أرادت إثيوبيا أن تبني سدّاً على بحيرة تانا للحصول على الطاقة استأذنت مصرَ، ومصر درست المشروع واقترحت تعلية هذا السد؛ بحيث يسمح بالتخزين للحصول على المياه في غيـر مواعيـد الفيضـان، وكذلك فعلنـا مع أوغنـدا عنـد شلالات مارتي زون وأوين؛ ففـي الحالتين دفعـت مصـر في عملية الإنشـاء وتحمَّلـت أعبـاءً؛ ومن ثَمَّ كـانت العمليـة - باختصار - هي تطبيق لفكرة بسيطة؛ هي الفكرة المثلى للتعامل مع هذه الدول؛ أي: أنتم تحتاجون إلى الطاقة ونحن نوفِّرها لكم، ونحن نحتاج إلى المياه ومشروع الطاقة يعطينا هذه المياه؛ فإذن القسمة عادلة.
وأيضاً اتفاقية عام 1959م نصت على اقتسام المغانم واقتسام المغارم؛ حيث أُنشِئ السد العالي واتفقت مصر والسودان على أن الأحواض الجنوبية في السودان سيجري تنميتها أو استقطاب المياه المفقودة فيها؛ لتذهب إلى الشمال؛ حيث سيجري اقتسامها بين مصر والسودان، وتتحمل مصر والسودان التكلفة مناصفة؛ إذن سوف يكون من طبيعة الأشياء عند تعميق مجاري الأنهار لاستقطاب المياه الموجودة في المستنقعات؛ لكي تسيل إلى مجرى النهر أنه سوف تزيد سرعة المياه في النهر فتنشأ محطات كهرباء؛ إلا أن الدَّور المصري وحتى السوداني في مشروع جونجلي تراجع ولم يقدِّما مشاريع سدود مقترحة لزيادة الحصة، ولا حتى الجسور التي تسهِّل عبور الرعاة؛ فكانت النتيجة أنه ومع أول اصطدام حدث في حرب الجنوب ضُرِب هذا المشروع؛ لأنه لم يقدِّم للأهالي ما هو مطلوب منه؛ ولذا لزم علينا أن ننظر إلى الآثار الجانبية ثم نسأل أنفسنا: ماذا كان يجب أن نصنع تجاه هؤلاء الأهالي؟ وإذا كان هناك تقصير فليس من الصواب أن نتهم الطرف الإثيوبي أو التنزاني أو غيرهما؛ ولكن علينا إن نسأل أنفسنا: لماذا قصَّرنا؟
إننا نستطيع أن نعذر الحكومات المصرية المتعاقبة؛ لأنه في فترة الخمسينيات والستينيات بعد توقيع الاتفاقية كان هناك انشغال ببناء السد العالي، وكذلك انشغال بمسألة المواجهة في سيناء، ومن ثَمَّ انشغال بمسألة التسوية السلمية... لكن منذ استلامنا للأرض سنة 1982م أصبحت مياه النهر في أيدينا ولا مشاكل، فَلَمْ نتجه جنوباً، وإذا كنا اتجهنا، فلم نتجه على نحو كافٍ، وهذا في الحقيقة يجعل المرء يتساءل: أين كنا منذ عام 1982م؟ ولماذا لم نقم بالنظر في الاتفاقيات وما فيها والالتزامات التي يجب علينا أن ننفذها؟ وهو سؤال موجَّه إلى الحكومة المصرية.
وحول انتقاص حقوق بعض الدول المكتسبة تاريخياً يشير الدكتور إبراهيم آدم إلى أن القانون الدولي وكل الاتفاقات والأعراف الدولية لا تتيح ذلك، كما أن هذا سيؤدي إلى مزيد من تعميق الخلافات، وسيعصف باستقرار دول الحوض التي ليست بحاجة إلى مشكلات إضافية خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تعانيها تلك الدول في مخاض الوصول إلى مرتبة الدولة القومية الحديثة، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية العالمية التي لا تزال تبعاتها تتكشف كلَّ يوم عن تحدٍّ جديد في ظل صراع دوليٍّ محتدمٍ، البقاءُ فيه للأقوى.
كما أن الإجماع أيضاً في هذا الأمر الحيوي عامل هامٌّ وضرورة قصوى؛ لأن المسألة مسألة متطلبات حياة لا تنفع فيها تنازلات تُخِلُّ بمصالح هذا الطرف أو ذاك، كما أن الزيادة السكانية في تلك الدول وتبعاتها في كافة المجالات لا تقتضي حل مشكلة بخلق مشكلات أخرى؛ والسبيل الوحيد هو التوافق بهدف الوصول إلى إجماع حول القضايا الخلافية حتى ينعم الجميع بإمداد مائي مستقر.
الاتفاقية الجديدة وأبعادها القانونية:
وحول الإطار القانوني للاتفاقية الجديدة قال الدكتور شوقي عبد العال: إن القانون سلاح من الأسلحة في يد المفاوض، وكلما كانت أسلحة المفاوض قوية كلما كان تفاوضهُ من منطلق قوة، وكلما كان المفاوض يعلم حقيقة الأسلحة التي بين يديه كلما كان كجندي أكثر قدرة على الدفاع عن موقفه ومصلحة بلاده، والعكس صحيح؛ بمعنى: أنه إذا لم يكن المفاوض على علم بمدى قوة السلاح الذي في يده فإن هذا السلاح هو والعدم سواء، هذا إن لم ينقلب سلاحه عليه.
وأضاف سعادته: أنه على الرغم من أن الأزمة الحالية بين دول حوض النيل فيها بُعد، والقانون فيها سلاح لدول المصب؛ إلا أن القانون ليس هو الحاكم هنا فقط، فلو اقتصرنا على التحليل القانوني للوضع فسنجد أن موقفنا صحيح مائة في المائة؛ لكن رغم قوة الموقف المصري والسوداني قانونياً، وضعف موقف إخواننا الشركاء؛ إلا أن جميع الأطراف المتدخِّلة في الأزمة إنما تتدخل كأطراف مستفيدة من الوضع القائم، بل من مصلحتها - كما أشار الدكتور فليفل - أن يزيد الاختلاف بين دول حوض النيل، وهي تعمل على ذلك.
فاعلية سلاح القانون:
ويتابع الدكتور شوقي قائلاً: ومع ذلك أعود وأؤكد مرة أخرى على أن القانون هو أحد الأسلحة، وهو ما يعني أننا في خطابنا مع الجهات الدولية المعنيَّة المانحة - كالبنك الدولي على سبيل المثال - لا بد أن نُركِّز على أن الجانب القانوني في هذه المسألة غير مكتمل؛ ومن ثَمَّ لا يستطيع البنك الدولي الدخول في قضية من هذا القبيل، وهو ما يمكن أن يدفع بعض المانحين الآخرين إلى التراجع عن تمويل مشروعات لا توافق عليها مصر والسودان.
وأشار الدكتور عبد العال إلى أنه: بالفعل لا توجد اتفاقية جامعة لدول الحوض العشر؛ وبناءً على ذلك فإنه ليس هناك إطار قانوني جامع، لكن هناك أُطُر وقواعد قانونية عرفية جامعة، وهي قواعد مستقرة أتت بها الاتفاقيات الثنائية، ومتعددة الأطراف، وحتى الجامعة في شأن أنهار دولية أخرى، وكذا المجامع الفقهية الدولية؛ وهي تؤصل للقواعد الحاكمة لاستغلال الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة، مثل: قواعد هلسنكي، وهي ليست اتفاقية؛ إنما هي مجموعة من القواعد التي وضعتها إحدى الجمعيات القانونية الدولية، وتُعَدُّ أشهر محاولة فقهية للتأصيل لقواعد قانونية خاصة بحكم استغلال الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة، وهناك أحكام قضائية عديدة تؤصل لهذه المسائل، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لعام 1997م، وأيضاً قواعد برلين لعام 2004م الخاصة بتنظيم استغلال الأنهار الدولية. إنه وإن لم يكن لدينا إطار قانوني اتفاقي يجمع بين دول حوض النيل العَشْر؛ فإن ثمة إطاراً قانونياً دولياً عرفياً يحكم هذه المسائل؛ فهذه القواعد موجودة وكلها حاكمة ومتعارف عليها.
اتفاقيات حاكمة:
يقول الدكتور عبد العال: إن هناك اتفاقيات كثيرة حكمت الأوضاع بين بعض دول حوض النيل؛ فهناك اتفاقيات ثنائية؛ واتفاقيات متعددة الأطراف، وأهم هذه الاتفاقيات بروتوكول عام 1891م بين إيطاليا وبريطانيا، وهو المنظم للحدود بين المستعمرات البريطانية والمستعمرات الإيطالية، ومعاهدة عام 1902م بين إمبراطور إثيوبيا ملك ملوك الحبشة (منليك الثاني) والإمبراطورية البريطانية وكان يقسم الحدود بين السودان المصري البريطاني من جانب وبعض أجزاء الإمبراطورية الحبشية من جانب آخر، واتفاقية عام 1929م التي تجمع بين مصر والسودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا، واتفاقية عام 1959م ومِن قَبْلُ اتفاقية عام 1954م بين مصر وأوغندا التي أُعِيد التأكيد عليها مرة أخرى في عام 1991م، وبروتوكول عُقِدَ بين مصر وإثيوبيا عام 1993م؛ إذن هناك خمس اتفاقيات كلها تنظم هذه المسائل؛ إلا أن الحجة الأساسية لدول المنبع، هي أن هذه الاتفاقيات عُقِدت في وقت الاستعمار؛ وانطلاقاً من مبدأ قانوني مستقر، هو مبدأ الصحيفة النظيفـة، فإن الدولة التي تخرج من عباءة الاستعمار لا شأن لها بالاتفاقيات السابقة التي عُقِدَت؛ وبناءً على ذلك فإن كل ما جرى إبرامه أيام الاستعمار فهم غير ملزمين به.
وبالطبع هذا الكلام غير منطقي من الناحية القانونية لاعتبارات كثيرة، منها: أنه في عامي 1963م و 1964م أكدت دول منظمة الوحدة الإفريقية بقاء الحدود المتوارثة عن الاستعمار حتى لا تدخل هذه الدول في خلافات؛ لأنه إذا فُتح المجال لتغيير الحدود المتوارَثة عن الاستعمار، فسيكون وقتَها الحديثُ عن مائة وخمسين أو مائتي دولة؛ وحفظاً للاستقرار، وحفاظاً على الأمن الدولي في القارة؛ أقرَّ المؤسسون لمنظمة الوحدة الإفريقية بمبدأ المعاهدات المتوارثة عن الاستعمار بصدد الحدود؛ أي تبقى وتُحتَرَم.
ولفت الدكتور محمد شوقي الأنظار إلى أن هناك اتفاقيتين دوليتين عقدهما المجتمع الدولي في مجمله وتُلزِمان كافة من وقَّع ومن لم يوقِّع. ومنظِّم هذه المسألة الأولى هي اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م، والثانية هي اتفاقية فيينا للتوارث الدولي بشأن المعاهدات سنة 1978م.
و تشير الاتفاقية الأولى إلى أن المعاهدات التي تُعقد بين دولتين أو أكثر يُعاد النظر فيها لتغيُّرٍ جوهري في الظروف، ربما يؤدي إلى اختلال كبير في الالتزامات بين اثنين من الأطراف؛ ففـي هـذه الحالة يمكـن إعـادة النظـر في الاتفاقية لا إلغاؤها؛ بتوافق إن أمكن. وإن لم يمكن ذلك في حال تعسَّف أحد الأطراف فإنه يجوز للمضرور ضرراً بالغاً أن يوقف سريان الاتفاقية في حقِّهِ، ويُستثنَى من هذا حاجتان أساسيتان: اتفاقيات الحدود، والاتفاقيات التي ترتِّب أوضاعاً عينية على الإقليم.
وأضاف الدكتور شوقي قائلاً: إن ذلك لا يعني أننا نتعسف في استعمال الحق؛ فذلك ينقلنا للكلام عن بعض الجوانب الأخرى المرتبطة بمبدأ الضرر، ومبدأ الانتفاع المنصف، ومبدأ وجوب الإخطار... إلخ، وهي النقطة التي كانت سبباً في الخلاف بين مصر والسودان من جانب وباقي الشركاء في النهر من جانب آخر، وهي الاتفاقية الإطارية التي من المؤسف أن بعض من يتحدثون عنها أو يكتبون يقولون: إنها تضمنت اتفاقاً على 90 %، متجاهلين أن ما جرى الاتفاق عليه لا يعدو كونه اتفاقاً على الأشياء المتفق عليها أساساً.
نقاط الاختلاف:
و يتابع الدكتور محمد شوقي قائلاً: إن ما تبقى من الأمور التي كان الاختلاف حولها، هي صلب الموضوع؛ وهي عبارة عن ثلاث نقاط:
- ترتبط الأولى بإصرار مصر والسودان إصراراً كاملاً على أن الاتفاقية الإطارية الجديدة يتعين أن تُوِرَد نصاً يحترم ما تتمتعان بهِ من حقوقٍ مضمونة من الناحية القانونية بموجب الاتفاقيات السابقة، وبموجب القواعد العرفية.
- والنقطة الثانية تتعلق بالإخطار المسبق: وهو مبدأ مستقر؛ فكل الوثائق الدولية التي تنظَّم استغلالاً لمياه أنهار دولية تتحدث عن مبدأ الإخطار المسبق.
- والنقطة الثالثة: أن هذه الاتفاقية الإطارية من المفترَض أن تعتمد على التوافق العام؛ وهو ما يعني أن قواعد التصويت فيها تكون بالتوافق العام؛ وهو مثل فكرة الإجماع؛ لكنه إجماع سلبي وليس إجماعاً إيجابياً؛ هو ما يعني أن القبول فيه ليس وجوبياً ولكن الوجوبي هو عدم الرفض؛ وكأن السكوت علامة الرضا! وبناءً على ذلك قَبِلَت مصر بهذا غير أن باقي الشركاء قالوا: إننا عندما نريد أن نعدِّل الاتفاقية أو نعدِّل ملاحق لها أو أي بروتوكول فيها، فإنه يتعين أن يكون ذلك بالأغلبية العادية؛ وهذا كلام غريب! فمن الممكن أن نعتمد الاتفاقية اليوم وغداً تستطيع أي دولة من الدول السبع أن تتقدم باقتراح لتعديل هذه الاتفاقية، أو أحد البروتوكولات، أو أحد الملاحق، ثم تُعتَمَد من الأغلبية البسيطة، وهنا قالت مصر والسودان: إما أن تتم مسألة التعديل بالتوافق العام أو بأغلبية بسيطة شريطة أن يكون فيها مصر والسودان.
القيمة القانونية للاتفاقية:
وفيما يخص القيمة القانونية للاتفاقية الإطارية أوضح الدكتور شوقي أنه: لا قيمة لها؛ إذ إنه وقَّع عليها خمس من الدول، كما أنها لم تدخل حيِّز النفاذ بَعْدُ؛ لأنه لم يُصادَق عليها؛ إذ من الممكن أن تنضم الدولتان الأُخريان، ومع افتراض أنهما انضمتا - وإن كان هذا صعباً - فالاتفاقية لن تدخل حيِّز التنفيذ إلا بالمصادقة عليها؛ إذ من الممكن أن توقِّع دولةٌ اليوم وتُصادِق بعد عشرين عاماً، كما أنه من الممكن أن توقِّع وعند المصادقة يرفض برلمانها، أو ترفض الجهات صاحبة الولاية أو صاحبة الحق في المصادقة داخـل الدولة، فالاتفاقيـة من هـذا المنظور ما زالت تراوح مكانها.
وأشار الدكتور أيضاً إلى أننا لو افترضنا من ناحية أخرى أنهم صادقوا فإن الاتفاقية مُلزِمة لأطرافها، ولا تمتد أثارها إلى غيرهم؛ إذن فلا علاقة لمصر أو السودان بها.
وثمة أمر آخر: وهو خطأ يتردد بين وسائل الإعلام المختلفة؛ من أن هذه الاتفاقية تُعيد توزيع الحصص بين دول حوض النيل، وهذا خطأ شائع؛ فالاتفاقية لا تتحدث إطلاقاً عن إعادة توزيع الحصص، لكنها تتكلم عن إعادة النظر في مجمل الاتفاقيات السابقة؛ ولذلك فإنه من الناحية القانونية لا يوجد مشكلة.
ويرى الدكتور إبراهيم آدم أن مسالة التفاوض في حد ذاتها لا غبار عليها؛ ولكن يجب أن تكون في إطار تطوير إيرادات الحوض، كما أن هذه المسالة ممكنٌ تحقيقُ تقدُّم كبيرٍ فيها؛ إذا أخذنا في الحسبان أن غالبية دول الحـوض - بمـا فيها السودان الـذي يصنَّـف كدولـة مصـبٍّ - فيها أمطـارٌ تتساقط بكثافة ولا يستفاد منها بالصورة المطلوبة في زيادة إيرادات الحوض، ويُفقَد معظمُها بعامل التبخر.
وفي الإطار السابق يمكننا الإشارة إلى مشروع قناة جونقلي الذي بدأ في ثمانينيات القرن الماضي ولم يرَ النور حتى تاريخ هذه الندوة، وأنه يسهِّل استخدام كل وسائل التكنولوجيا المتاحة لتجميع مصادر المياه وتخزينها، ويمكن الحصول على تمويل لهذه المشاريع من مؤسسات التمويل الدولية بقروض ميسَّرة يمكن سدادها من عائداتها المتوقَّعة، أو بمشاريع تعاونية بين مصر والسودان وبقية دول الحوض؛ وهي النقطة التي أشار إليها الدكتور فليفل؛ (أي: العمل بمبدأ اقتسام المغانم والمغارم). وخاصة أن الوقت لم يَفُت بَعْدُ على إمكانية تحقيق الطموحات والآمال المشتركة بين دول الحوض إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة وجرى تغليب المصالح العليا للشعوب؛ فالتجاذب والتوتر لن ينجزا النماء والرفاه الاقتصادي. والتفاهم الموضوعي هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية الاقتصادية التكاملية بين دول الحوض، ومن محاسن الواقع المعاش أن دول الحوض جميعَها أعضاء في تجمُّعات اقتصادية إقليمية وقارِّية واعدة يمكن الاستفادة منها في تبادل الخبرات والإمكانيات ورؤوس الأموال؛ للوصول إلى التكامل الاقتصادي، والشراكة المتكافئة.
توصيات عامة:
وفي ختام الندوة أشار الأساتذة الكرام إلى مجموعة من التوصيات العامة التي يرون وجوب البدءِ فيها، مع الأخذ في الحسبان عدم انتظار ثمارها في القريب العاجل؛ وذلك حتى تُعيد تصحيح المفاهيم لدى الشركاء الأفارقة في دول المنبع.وتنوعت هذه التوصيات ما بين سياسية واقتصادية وثقافية، وأهمها:
1 - إعادة صياغة ما يمكن تسميته (دائرة نيلية) على النحو الذي تحدَّث عنه جمال حمدان بمعزلٍ عن الدائرة الإفريقية، ويكون لهذه الدائرة اهتمام خاص.
2 - العمل على (إيجاد) وزارة لشؤون إفريقيا، وهي مسألة مُلِحَّة جداً.
3 - تكثيف الزيارات السياسية من كبار المسؤولين المصريين والسودانيين لدول حوض النيل؛ لبحث كافة طرق التعاون المشترك بينهم.
4 - لا بد أن يكون لدى مصر رؤية واضحة في التعمل مع الدول الإفريقية تستدعي تعيين وزيرٍ للشؤون الإفريقية، يملك من الصلاحيات ما يجعله نائباً لرئيس الوزراء ولا يتبع وزارة الخارجية، وينبغي على مصر أن تدرك أنها قادرة على قيادة دول حوض النيل نحو التنمية المتكاملة الشاملة المتناغمة المستدامة لدول الحوض، وهي بذلك تكون حاملة لرسالة الاستقرار في المنطقة الإفريقية.
5 - العمل على إحياء الأسابيع الثقافية: وهي مسألة مهمة للغاية؛ لأن مسألة البُعْد الشعبي أو ما يسمى بالدبلوماسية الشعبية أصبحت الآن على قَدْرٍ كبير جداً من الأهمية، ومنها: الأسابيع الثقافية، والدبلوماسية الجماهيرية، والمؤتمرات والندوات... وغيرها.
6 - التحرك السريع من أجل دراسة مشروعات الطاقة، ومشروعات البنية التحتية لهذه البلدان، وأن تعلن مصر والسوادان عن المشاركة فيها بما يحقق الفائدة للجميع، مع الحرص على تجنُّب الدولة المصرية ما يتثر حَنَق ومخاوف هذه البلدان.
7 - العودة إلى الدور الذي كانت تقوم به مصر تجاه أبناء هذه البلدان: وذلك بزيادة عدد البعثات التعليمية، وفتح باب الالتحاق بمعهد الدراسات الإفريقية لطلاب هذه البلدان؛ وهو ما يمكِّنهم من استكمال دراستهم العلمية بمصر، ثم العودة إلى بلادهم ليكونوا رسل سلام بين مجموع هذه البلاد.
8 - إنشاء قنوات فضائية، ومحطات إذاعية موجَّهة لدول حوض النيل.
9 - ضرورة أن تتوجه مصر نحو دول حوض النيل، وزراعة ما يمكنها من أراضٍ، واستغلال كمية الأمطار؛ وذلك لسد احتياجات مصر الغذائية، وسد الباب أمام أي مطامع خارجية في هذه الأراضي، أو على الأقل الحدُّ منها.
10 - تأكيد الموقف المصري على وحدة كلٍّ من السودان والصومال، والعمل على التواصل بين إثيوبيا وإريتريا.
11 - زيادة جرعة المعلومات الخاصة بدول حوض النيل في المناهج التعليمية المصرية والسودانية.
12 - مراعاة توجيه إعلام البلدين (مصر والسودان) للحديث بشكل إيجابي عن دول حوض النيل.
13 - تفعيل دور الأزهر الشريف: بزيادة البعثات الخاصة إلى هذه البلاد، والعمل على زيادة استقدام طلابها للدراسة في الأزهر الشريف.
14 - على مصر أن تبذل ما في وُسعِها لتحقيق عملية تحويل نظام الري في مصر من الري بنظام الغمر إلى نُظُم الري الحديثة؛ سواء بالرش أو التنقيط أو غيرهما.
15 - توجيه الاسـتثمار المصري تجاه هذه البـلاد، لعدم ترك السـاحة الإفريقيـة للاسـتثمار الأجنبـي يلعب فيها كيفما شاء.