• - الموافق2024/11/01م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
المعلقون الصهاينة: تلقينا هزيمة مدوية في غزة

المعلقون الصهاينة: تلقينا هزيمة مدوية في غزة

 

أجمع معلقون وباحثون صهاينة على أن حركة حماس حققت انتصاراً مدوياً على الكيان الصهيوني في الحرب التي شنها على قطاع غزة. وقال أمير أورن، المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»: إن مسار الحرب دلل على أن المنطق الذي تتبعه حركة «حماس» في الحرب أثبت نجاعته، «مقارنة بالمنطق الذي يعتمده الكيان الصهيوني». وفي مقال له نشرته الصحيفة انتقد أورن «آلية التفكير» التي توجه كلاً من رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال بني غانز وزملائه في هيئة أركان الجيش، مشيراً إلى أن هناك ما يدلل على أن هؤلاء الجنرالات غير قادرين على التفكير «خارج الصندوق»، وأنهم انطلقوا في تخطيطهم للحرب من نتائج المواجهات السابقة مع حركة حماس. وشدد أورن على غياب عنصر «الإبداع» في التفكير العسكري الصهيوني كما يعكسه مسار الحرب الدائرة، في الوقت الذي صدمت فيه «حماس» قيادة الجيش الصهيوني بـ «مفاجآتها» العسكرية، حيث لا يبدو أن الجنرالات الصهاينة قادرون على تتبّع هذه المفاجآت.

وفي الوقت ذاته، أجمعت النخب العسكرية وكبار المعلقين في الكيان الصهيوني، على أن «الأنفاق الحربية» التي حفرتها «كتائب عز الدين القسام» وتصل حتى تخوم المستوطنات اليهودية التي تقع في محيط قطاع غزة؛ مثلت التهديد الاستراتيجي الأبرز الذي كشفت عنه الحرب. ولا خلاف بين المعلقين الصهاينة على أن هذه الأنفاق حيّدت عملياً تأثير كل من سلاح الجو والمدرعات الصهيونية في الحرب وحولتها من تهديد استراتيجي لحركة حماس إلى مشكلة تكتيكية بالإمكان تقليص تأثيرها عبر توظيف عنصري المبادرة والمناورة.

ونوه المعلقون الصهاينة إلى أن الطائرات الحربية الصهيونية المزودة بأحدث التقنيات المتقدمة ودبابات «ميركفاة 4» التي توصف بأنها «أقوى دبابة في العالم»؛ لم تؤثر عملياً في الأداء القتالي لـ «كتائب عز الدين القسام» طوال أيام الحرب، رغم أن هذه الطائرات وتلك الدبابات أحدثت دماراً هائلاً في العمق المدني الفلسطيني.

وقال عاموس هارئيل، المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، إن مقاتلي «كتائب القسام» تمكنوا من خلال هذه الأنفاق من مواصلة التسلل إلى عمق الكيان الصهيوني ومهاجمة المواقع العسكرية وتحقيق إصابات كبيرة في صفوف جنود الاحتلال ثم الانسحاب دون أن يتعرضوا لخسائر في معظم هذه العمليات.

وفي تحليل نشره موقع الصحيفة، نوه هارئيل بأن القدرة على مواصلة التسلل للعمق الصهيوني وضرب مؤخرة جيش الاحتلال في ذروة الحرب؛ مسّت بالمعنويات الصهيونية بشكل كبير.

ومما لا شك فيه أن أكثر ما توقف عنده المعلقون العسكريون الصهاينة عملية التسلل التي نفذتها مجموعة من مقاتلي «كتائب القسام» في اليوم الثاني والعشرين للحرب، عبر نفق حفر في منطقة «الشجاعية» إلى موقع يتمركز فيه ضباط من وحدة «ماجلان»، إحدى أشهر الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال، واقتحام الموقع وقتل خمسة من الضباط، ومحاولة خطف آخر، وتصوير العملية، وعرض فيديو يوثقها على موقع «كتائب عز الدين القسام»، حيث أظهر الفيديو بشكل واضح تدني الروح المعنوية للضباط الذين كان بإمكانهم من ناحية نظرية الاشتباك مع مقاتلي «كتائب القسام».

وقال ألون بن دافيد، المعلق العسكري في قناة التلفزة الصهيونية العاشرة: بدت عملية التسلل التي نفذتها «كتائب القسام» كما لو كانت «نزهة». رغم أن سلاحي الجو والمدرعات في ذلك الوقت كانا في ذروة استهدافهما العمق المدني الفلسطيني، وهذا ما أصاب قيادة الجيش، وتحديداً قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي تورجمان، الذي يقود الحرب، بحرج شديد.

إن أحد أهم مواطن التأثير التي تركتها الأنفاق الحربية يتمثل في المس بالشعور بالأمن الجماعي والشخصي للمستوطنين الذين يقطنون محيط القطاع، فرغم أن هؤلاء المستوطنين لم يغادروا مستوطناتهم عندما كانت تتعرض للقصف بالصواريخ والقذائف، إلا أنه بعدما تبيّن حجم خطورة الأنفاق الحربية تحولت هذه المستوطنات إلى مناطق أشباح خالية من البشر، رغم أنها من أوائل المستوطنات التي بنيت في أعقاب الإعلان عن الكيان الصهيوني عام 1948.

إن ما يثير الإحباط لدى دوائر صنع القرار والنخب في الكيان الصهيوني حقيقة، أن الأنفاق مكّنت مقاتلي حماس من المس بـ «السيادة الصهيونية»، وشكلت تحدياً جديداً لمفهوم «الأمن القومي» الصهيوني.

المفارقة أن الإحباط الذي فاقمه خطر الأنفاق، دفع المعلقين الصهاينة إلى بناء أساطير حول مقاتلي «حماس» المسؤولين عن العمليات القتالية عبر الأنفاق، فعلى سبيل المثال، يزعم بن كاسبيت، كبير المعلقين في «معاريف»، أن «كتائب القسام» شكّلت وحدة نخبة للقتال عبر الأنفاق، وأن هذه الوحدة مكوّنة من 500 مقاتل تلقوا تدريبات خاصة في الخارج. وعلى إثر كاسبيت، ذهب عديد من المعلقين العسكريين الصهاينة إلى محاولة تكريس انطباع مفاده أن «وحدة الأنفاق» هي الوحدة القتالية الأفضل التي تملكها حماس. لكن مسار الحرب دلل على أن هناك العديد من الوحدات ذات القدرات القتالية العالية تتبع «كتائب القسام»، مثل: وحدة «الضفادع البحرية» التي هاجمت قاعدة «زيكيم» البحرية بعيد اندلاع الحرب، علاوة على أن معظم الهجمات التي نفذتها «كتائب القسام» وأوقعت خسائر كبيرة في صفوف جنود الاحتلال، كان المسؤول عنها مقاتلو «المشاة» في كتائب القسام؛ كما حدث في معارك «الشجاعية» و«بيت حانون» و«الفراحين».

ويصل الجنرال إيتان يتسحاك، أحد أبرز قادة سلاح الهندسة في جيش الاحتلال، إلى حد القول بأن تهديد الأنفاق بات يفرض إعادة صياغة العقيدة القتالية للجيش الصهيوني بشكل كبير، على اعتبار أن مركبات العقيدة الحالية لا توفر حلولاً للتحديات التي تمثلها الأنفاق.

ومما يعكس وقع المفاجأة التي مثلتها الأنفاق، ما قاله الجنرال إيتان بن إلياهو، القائد الأسبق لسلاح الجو الصهيوني، في مداخلة بثتها قناة التلفزة الثانية: إن الخبراء الاستراتيجيين ومؤرخي الحروب سيدرسون مطولاً عمق وسعة التوظيف الذي منحته الأنفاق الحربية من قبل مقاتلي حركة حماس خلال الحرب الجارية، وهو ما أسهم في إيجاد توازن استراتيجي، رغم التناسب في موازين القوى بين الجانبين.

وفي سياق متصل، دعا معلق وباحث صهيوني بارز الرأي العام في الكيان الصهيوني إلى عدم الثقة بما تقوله النخب السياسية والعسكرية والمعلقون بشأن تقدير حركة حماس، مشيراً إلى أن هذه النخب وهؤلاء المعلقين ضللوا الرأي العام من خلال الانطلاق من افتراضات مضللة بشأن هذه الحركة وقوتها.

وفي مقال نشره موقع صحيفة «معاريف»، نوه زيريسكي إلى أن النخب والمعلقين الصهاينة حاولوا إقناع الجمهور الصهيوني بأن حركة حماس «ضعيفة»، وهي من ثم غير معنية وغير قادة على فتح مواجهة مع الكيان الصهيوني، وهو ما تبيّن أنه غير دقيق وغير واقعي.

وأضاف أن المعلقين «لم يستحوا وواصلوا بكل وقاحة خلال الحرب الزعم بأن حركة حماس غير معنية بالمواجهة وأنها تتطلع إلى وقف إطلاق النار، رغم أن كل الوقائع على الأرض كانت تؤكد عكس ذلك تماماً».

وبيّن زيريسكي أن المعلقين الصهاينة لم يقولوا الحقيقة الواضحة والجلية، وهي أن الكيان الصهيوني هو الذي كان يستجدي عملياً الهدنة وكان يركع على ركبتيه من أجل أن توافق حماس على هذه الهدنة، في الوقت الذي واصلت فيه حركة حماس إطلاق النار.

وأشار إلى أن كلاً من المسؤولين والمعلقين الصهاينة ضللوا الرأي العام عندما زعموا أن «إنجازات» إسرائيل في الحرب كانت عظيمة، وأنه في غضون يومين أو ثلاثة سيتم الانتهاء من معالجة تهديد الأنفاق، مضيفاً أن أياماً كثيرة مرت دون أن يتمكّن الكيان الصهيوني من معالجة هذا التهديد «ودون أن يظهر ضوء في نهاية النفق».

وقال زيريسكي: «وفي حال نظرنا إلى قائمة الإنجازات، فإنه يبدو بشكل واضح أن قائمة الإنجازات التي حققتها حركة حماس تبدو أكبر من تلك التي حققتها إسرائيل، فهذه الحركة قامت بإغلاق الغلاف الجوي الإسرائيلي أمام الطيران المدني، وأجبرت ملايين الإسرائيليين على النزول للملاجئ، في حين أن كل المجتمع الإسرائيلي في فزع من نتاج عمل وحدة الأنفاق في حركة حماس، في حين لم يظهر أي إنجاز واضح لإسرائيل».

وسخر زيريسكي من الادعاء الصهيوني بأن حركة حماس تطلق النار والصواريخ من وسط تجمعات سكانية، قائلاً: «لو كانت حماس تطلق النار والصواريخ من قواعد معروفة لتمكّن سلاح الجو الإسرائيلي من القضاء عليها في وقت قياسي ولما كانت هناك حاجة لحرب حقيقية»، مشيراً إلى أن مزاعم الكيان الصهيوني هذه تأتي للتغطية على فشله الاستخباري، وعدم تمكنه من الحصول على معلومات استخبارية تمكنه من المس بمنصات إطلاق الصواريخ وهيئات القيادة والتحكم التابعة لـ «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس.

وأوضح أن المعلقين والنخب السياسية ضللت الجمهور عندما اعتبرت أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «ليس شريكاً، وأن حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية هي في الواقع حكومة إرهابيين»، مشيراً إلى حقيقة أن «إسرائيل» تواجه حركة حماس كحركة «صعبة وقاسية»، ما يدلل على أن أبي مازن كان شريكاً مهماً لإسرائيل.

وحث زيريسكي الجمهور الصهيوني على عدم تصديق النخب الحاكمة والمعلقين، قائلاً: «على الجمهور ألا يصدق أي كلمة تخرج من أفواه هذه النخب وهؤلاء المعلقين، فهم لا يعرفون شيئاً في أحسن الأحوال، أو أنهم يضللون الناس والجمهور».

 :: ملف خاص بعنوان "غزة تقاوم

:: مجلة البيان العدد  327 ذو القعدة 1435هـ، سبتمبر  2014م.

أعلى