منتدى القراء
الاستخفاف
بالعقول!
تعطينا إحدى المذيعات دروساً
في كيفية تكوين علاقة سامية مع الله - تعالى - على طريقتها، ثم تقول: «أنا لا أؤمن
بأن قطعة قماشٍ توضع على الرأس يمكن أن تدخلني الجنة».
و يفتي أحد الممثلين كذلك
بجواز تبرُّج المرأة، ويستدل على ذلك بأن من يراها يقول: الـلـه!
إنه استهبال يحاكي منطق ذلك
اللص الذي سأله رفاقه عن سرِّ كثرة المال في يده، فقال: كنت أسرق في اليوم منزلاً
واحداً، فبارك الله لي فصرت أسرق ثلاثة.
هذه الصور المضحكة
المستفزَّة، تطالعنا بها وسائل الإعلام كلَّ يوم دون مراعاة لحجم التغابي الذي
تحمله وكأنما تخاطب أطفالاً.
ولم يعد غريباً أن تنشر
مجلةٌ في صفحتها الدينية فتوى العلماء بتحريم التبرج ثم تملأ بقية الصفحات
بصور النساء المتبرجات.
ولا تتعجب حين ترى من يكتب
على طريقة: «حاربوا التطرف بالفن» و «من كان يحب مايكل فإن مايكل قد مات»؛ فالأمور
قد اختلطت.
كانوا يلعبون سابقاً بورقة
الخلاف بين العلماء. أما اليوم فصاروا يفتون بأنفسهم؛ فالرقاصة تفتي، والممثل
يفتي، والمغني يفتي... وكلٌّ يخوض على طريقته.
و إذا انتقدهم أحد
رُمي بتلك التهم الجاهزة: متشددٌ، متزمِّتٌ، ظلاميٌّ... إلى آخر قاموس
الشتائم المغلَّفة التي يتقنونها.
عبد اللطيف بن بريك الثبيتي
أين حقوق
الانسان عند آكلي اللحوم؟
إن أي مجتمع يعتدي على
علمائه بأي شكل من أشكال الاعتداء، فهذا يدل على المخاطر والمخاوف المحدقة به من
تسوُّد الجهال وضعاف الرأي، وضياع العلوم والمعارف واحتقارها، وازدراء الفكر
والثقافة والوعي؛ وهو ما يهدد ذلك المجتمع في وجوده وبقائه أو استمراره.
فهؤلاء وغيرهم ممن يتكلمون
في العلماء هم الأعداء اللدودون لمجتمعنا، وهم الذين لا يريدون لمجتمعنا تحضراً من
حيث لا يشعرون، وهم العاملون لانحطاط المجتمع وجعله مجتمعاً جاهلاً ساقطاً عادياً
لا يُنظَر إليه ولا يسمع منه قول.
لماذا كـل ذلك؟ لأننا حططنا من قَدْر علمـائنا فانحـط العلم وانحطت المعـرفة؛ ولا
يمكن لعـاقـل أن يأخـذ من أحـد جاهل لا علم له بالمعارف.
فالمجتمع متى رفع من قَدْرِ
العلماء فإن الله سيرفعه وسيُعزُّه؛ لأن الله يقول: {وَلْتَكُن
مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْـخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ} [آل
عمران: 104]، فلقد سماهم الله هنا (مفلحون) أما أنت يا من يتكلم في أعراضهم فماذا
سماك الله؟
وإذا حُطَّ من قدر العلماء
فإن الله سوف يحط من قدر هذا المجتمع.
فَلْنُعطِ علماءنا الاحترام
والتكريم!
واحذر من الكلام في العلماء
أو تنقُّصهم!
فالعلماء ورثة الأنبياء كما
قال ذلك المصطفى الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «العلماء ورثة الأنبياء؛
والأنبياء لم يورِّثوا ديناراً و لا درهماً وإنما ورَّثوا العلم».
والله - سبحانه وتعالى - مع
العالم؛ ومن كان الله معه كفاه، ثم إن الحيتان والدواب لتستغفر لمعلِّم الناس
الخير. قال - تعالى -: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].
وفي الختام يقول الله -
تعالى -: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
ويقول الله في الحديث
القدسي: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب».
حفظ الله علماءنا ودعاتنا من
كل مكروه، وردَّ ضُلاَّل المسلمين إلى رشدهم.
عبدالإله عبد الرحمن الصقيهي
وَفاءُ الأرض
والسماء!
سَأل باستغربٍ: أَتبكي
السَّماءُ والأرضُ؟
فجاءَه الجَواب: وما للأرضِ
لا تبكي على عبدٍ كان يعمرها بالركوعِ والسجود؟
وما للسماءِ لا تبكي على
عبدٍ كان دَمعُه يَسبقُ دعاءَه ساعةَ القنوت؟
نَعَم تبكي السماءُ
كما تَبكي الأرض على الراحلينَ من الصالحينَ والصالحاتِ!
تبكي على أرواحٍ طَاهرةٍ
فاضَت وعَلَتْ.
يروى عن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِن عَبد إلا وله في السماءِ بابان: بابٌ يخرجُ منه
رزقه، وبابٌ يَدخلُ منه عمله وكلامه، فإذا مَات فَقداهُ وبَكيَا عليهِ»[1].
وقيل: إذا مَات المؤمن
وفَقَدَه مُصلاَّهُ من الأرضِ التي كانَ يُصلي فيها ويَذكر الله - عز وجل - فيها
بَكَت عليهِ.
أيُّ وفاءٍ هذا؟
تَبكي الأرض لموضعِ سَجدةٍ،
وتَذرفُ السماء دموعَها لكلمةِ خيرٍ صَعدَت إليها بِنيَّةٍ خَالِصة، في حين قد تشح
مآقي الخَلقَ لحظةَ الفَقدِ بدمعةٍ.
وأي حبٍّ هذا؟
يُنسكبُ الدمعُ وينسابُ مِن
جَمادٍ على قَلبِ عَبدٍ مُؤمن غََمرهُ بنقائِهِ ساعةَ خلوة.
وأي روح تلكَ التي تسكن
الأشياء من حولنا، ونحن نظنها خُلِقَت بلا روح؟
حبٌّ ووفاءٌ، ونِداء هزَّ
الأرجاء:
يا أرض ربي، علمينا كيف
تُرعَى العُهود؟
ويا سماء ربي، أخبرينا كيف
تصدق الدَّمعَةُ ويُنبَذ الجُحود؟
رجاء محمد الجاهوش
استمطار
القدوات
إن لكل عمل دعائم وركائز
يقوم عليها، وهكذا هي التربية عملية صعبة شاقة.
من المتطلبات الأساسية
الفاعلة في العملية التربوية: وجود القدوات الذين يصيِّرون الكلمات أعمالاً
والأمنيات واقعـاً مشاهَداً.
لو تساءلنا عن أسباب ضعف
القدوات وندرتهم وقلة عددهم لتوصلنا إلى أسباب كثيرة؛ إلا أنني أرى أن هناك سبباً
ظاهراً وخللاً بيِّنـاً؛ وهو ضعف التربية وعدم اهتمام بعض المربين بتخريج قدوات
متجردة للحق.
إن النظرة القاصرة التي ينظر
بها بعض المربين، هي التي تتمحور حول (نفسي... نفسي).
إذا تبيَّن هذا فسنتوصل إلى
أن الخلل ليس في ذات المتربين، بل هو كامن في أفهام المربين وأهدافهم.
إن المطلوب - باختصار - أن
نحمل جميعاً فكرة صناعة القدوات ونشرع في برامج تصنع القادة والأفذاذ بدل أن ننتظر
السماء أن تمطر علينا قدوات فإنها لن تمطر أبـداً أبـداً.
وعلى هذا مضى سلفنا الأوائل
فهذا إمامهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - صنع من أصحابه - رضوان الله
عليهم - قدوات سطر التاريخ صنائعهم وجميل فعالهم، لذلك هم قدوات لا مثيل لها.
وخاتمة القول: أن الواقع في
أمسِّ الحاجة إلى قدوات وكلما استطعنا صناعة وتخريج قدوات صالحة فإننا نبعث
بالرسالة الخالدة إلى شتى أصقاع الدنيا وبهذا يحلُّون في مواطن هم أَوْلَى بها من
القدوات المزيفـة التـي ضلَّت وأضلـت قـد صـنعها المغرضون لا كثَّرهم الله.
وصلى الله وسلم على نبينا
محمد.
راحم بن خضر المالكي
[1] أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده، ورواه ابن أبي حاتم أيضاً بنحوه.