العمل الخيري الحاضر الغائب
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وبعد:
فالكارثة الهائلة التي ضربت الباكستان كشفت حقائق كثيرة متعددة
الأبعاد، من أهمها: سرعة مبادرة المؤسسات
الخيرية الإسلامية في باكستان لاستنقاذ وإغاثة المتضررين، مما أثار حفيظة وتعنت
الولايات المتحدة الأمريكية، وحرصت بشكل سافر على الحدِّ من نشاطها وتقييد حركتها،
بحجة أن بعض من تصفهم بـــ(الإرهابيين!) قد يتسللون لتوظيف برامج الإغاثة لأهداف
أخرى.
ومع ذلك فقد نشطت كثير من المؤسسات الخيرية الباكستانية وقدمت على
الأرض خدمات وإنجازات كبيرة فاقت في سعتها وحيوتها وانتشارها بعض المؤسسات
الحكومية، رغم حرص بعض وسائل الإعلام على تجاهل تلك المبادرات الرائدة، وقد ذكرت
صحيفة النيويورك تايمز: (أن الفيضانات فتحت فرصة جديدة أمام الجمعيات الخيرية
الإسلامية لتثبت أنها قادرة على تقديم ما يستحيل على الحكومة تقديمه، تماماً كما
فعل الإسلاميين يوم ضربت هزة أرضية كشمير في العام 2005م).
أما المغيَّب في هذه الكارثة فهو المؤسسات الخيرية الإسلامية
الدولية، فقد قصقصت أجنحتها، واعترضت حركتها، ولم تستطع الانطلاق لاستجابة نداء
الضعفة والعجزة في الباكستان ؛ فتهمة الإرهاب التي تروجها بعض الحكومات الغربية
تحاصرها وتصادر أنشطتها وتنتهك حقوقها ..!
ويتكرر في هذه الكارثة مشهد تغييب المؤسسات الخيرية الإسلامية تماماً
كما حدث في كارثة تسونامي، ودارفور، ومجاعة النيجر، وحصار غزة .. وغيرها.
ولكي تكتمل أطراف الصورة فإن الأبواب فتحت مشرعة للمنظمات التنصيرية
الغربية التي أجلبت بخيلها ورجلها لشراء العقول والقلوب!
إنَّ نطاق الكارثة يتسع مع مرور الوقت، وربما كانت تداعياتها
الإنسانية والبيئية أشد وطأً من الكارثة نفسها.. إنها كارثة حقيقية حضر فيها
الغرق، والفساد، والتنصير.. وغابت - أو غُيبت! - فيها المؤسسات الخيرية الإسلامية.