التربية الإسلامية في ظل التحديات المعاصرة
قراءة في المشهد المغربي الراهن
مرة أخرى اشتعلت نيران الجدل والصراع السياسي والفكري حول الطرح المنادي بتغيير
المناهج، ذلك الصراع الذي ما يلبث أن يهدأ قليلاً حتى يشتعل مرة أخرى. وإنه لعيب
وعار أن تجد بيننا في هذا الوطن وفي غيره من أوطان المسلمين من يحمل فكراً إقصائياً
متطرفاً، ممن يجدها فرصة سانحة ليس للنيل من التربية الإسلامية فحسب بل يتعداها إلى
أصول الشريعة ومحكماتها، وليس غريباً أن تخرج علينا بعض «الفقاعات والفرقعات
الهوائية» بكلام مثل المقالة التي نشرت مؤخراً بعنوان: «من يزرع الوهابية يحصد
داعش»، وهي المقالة التي انطوت على جملة من المغالطات والانتقادات غير السليمة
واللاعلمية في حق التربية الإسلامية، والتي أزبد فيها صاحبها وأرغد بكل سماجة،
موجهاً معول نقده إلى رجال التعليم والمدرسين لمادة التربية الإسلامية، جاعلاً من
ظهر المادة المدرَّسة مطية للنيل من الشريعة الإسلامية نفسها.
والحمد لله أن كان من الغرس المؤمن من كفانا مؤنة الرد عليه، أمثال الدكتور أحمد
الريسوني - حفظه الله - الذي سبق أن خص الموضوع بمقالة بعنوان: «التربية الإسلامية:
حرقوها وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين»، فكان الحق أبلج والباطل لجلج، وكما قال
العربي الفصيح في إحدى أمثاله المشهورة: رمتني بدائها وانسلت[1].
أولاً:
منطلقات وضوابط أساسية في تجديد الخطاب
الديني:
مما نؤكد عليه في هذا السياق، أن تطوير الخطاب الديني قضية شغلت الأذهان كثيراً
قديماً وحديثاً، مع واجب التنبيه على أن البعض كان صادقاً في دعواه، همّه تقديم
الدين بمفهومه السمح وصورته الحقيقية، ومخاطبة الناس على قدر أفهامهم، والبعض الآخر
يحاول أن يُلبِّس على الناس دينهم عن طريق إثارة نقط جزئية وشبهات تسبب بلبلة
وتشويهاً؛ كي يصرف الناس عن الجوهر الحقيقي لهذا الدين، ويدعو إلى توجيه سهام النقد
إلى أصوله الراسخة من قرآن وسنة صحيحة.
وعن هذه الطائفة الأخيرة كتب قديماً الشيخ محمد حسين - عليه رحمة الله
-
كتاباً نفيساً في بابه لا يزال صداه يتردد بيننا إلى اليوم، وهو حسنة جارية أدام
الله أجرها له ولكل من ينتفع به، وقد اختار له عنواناً لطيفاً ظريفاً، وهو عميق في
معناه ومقصوده، فسمّاه:
«حصوننا
مهددة من داخلها»،
وتناول فيه قضايا متنوعة، وفكرته المحورية بإيجاز هي أن الأخطار الداخلية التي تهدد
كيان الأمة الإسلامية كثيرة ومتنوعة، وحذّر من أن الخطر الداخلي أهم بكثير من
الأخطار الخارجية، ولكي نواجه عدوّنا في الخارج لا بد من تصحيح الداخل أولاً!
وبيّن المؤلف
-
رحمه الله
-
منهجه في مقدمة الكتاب قائلاً:
«هذه
الصفحات لا تستقصي نشاط الهدامين، ولا تستوعب كل ميادينهم ولا تحصيها عدداً، ولكنها
تُقدّم نماذج منها تكشف عن أساليبهم في الدس والتزييف والهدم والتخريب؛ وهي أساليب
لا يقتصر شرها على بلد دون بلد؛ فهي تعم بلاد العرب بل بلاد المسلمين بل الشرق كله،
يسقونه السم على حين نهضته حتى لا تصح له نهضة، وليقودوه إلى الهاوية»[2]،
ثم شرع في بيان المخاطر التي تحدق بالأمة في كل مجال من مجالات الحياة واحداً
واحداً.
ومما تناوله في كتابه المذكور:
مجال مناهج اللغة والدين، فنجده أجاد في التحذير من الدعوات المفسدة الهدامة التي
تطالب بالتدريس باللهجات العامية، وما كتب فيها من الآثار والآداب مما يسمونه
«الأدب
الشعبي»،
موضحاً أنها واحدة من الدعوات التي تريد أن تهدم العربية الفصحى لغة القرآن الجامعة
لشمل العرب والمسلمين.
وفي مجال الدين نقف على جميل تنديده بتسرب الدراسات المنحرفة إلى جامعاتنا والتي
تطعن في كل ما له صلة بمعتقداتنا الإسلامية، وكذا تأثر عدد من المفكرين والمثقفين
بما تحمله مثل هذه الدراسات من انحرافات وسموم تهدد قيم وعقيدة المجتمع المسلم.
والجدير بالذكر أنه وبرغم مرور أكثر من نصف قرن على هذا المصنف، إلا أن قضاياه التي
عالجها لا تزال تؤثر في مجتمعاتنا الإسلامية حتى يومنا هذا.
وارتباطاً بما سبق، فالناظر اليوم بعمق وتمعن فيما يُحاك ويُستجد من مؤامرات ومكائد
على التربية الإسلامية بالخصوص لا يستغرب مثل هذه المحاولات المكائدية العلمانية[3]،
وما جرّته من الويلات والتغييرات والهدم؛ لأن ما يجري ببلدنا وبلدان المسلمين اليوم
في هذا الشأن، ما هو إلا امتداد لحلقات تاريخية متسلسلة بين الحق والباطل وبين
النور والتعتيم واليقين والتشكيك والتسليم والتطاول على شرع الله الحكيم.
ولا شك أن هذه المحاولات الهدامة والمكائد المسمومة، يجب أن تفهم في سياقها الفلسفي
والتاريخي العام والكلي، بحيث لا نجزئ هذه المناسبة عما سبقها من حلقات متتالية،
لنفهم جيداً مقصود القوم وما يدبرونه بالليل والنهار لهذا الدين ولهذه المجتمعات
المسلمة، ولهذه الناشئة بالخصوص في التعليم، وفي السياسة، وفي الاجتماع، وفي
الاقتصاد، وفي كل القضايا الجوهرية التي توجه المجتمع وتحكم تمفصلاته وكيانه نحو
التقدم والنهضة الحضارية الحقيقية.
ثانياً:
ضرورة فهم سياق المؤامرة على التربية
الإسلامية في شموليتها:
وإذا فهمنا هذا السياق جيداً وأعدنا النظر قليلاً إلى الماضي القريب، سوف نجد أن
عدداً من البلدان العربية والإسلامية عانت من الأمر نفسه وذاقت مرارته كأساً
علقماً، ففي مصر مثلاً وُجدت منذ زمن باكر صيحات تغريبية متتالية ومتعالية صادرة من
مؤسسات وأفراد تبنوا الفكر التغريبي بحذافيره[4]؛
لأنهم تربوا عليه ونهلوا من معينه[5]،
وهو مِن أعظم ما ابتليت به الأمة المسلمة اليوم، ذلك التيار المسخ الهجين، الذي
أصبح ينخر في الأمة من داخلها، ويهدم بُنيانها وقواعدها، بل أصبح أكثر ضرراً
وخطورةً من العدوِّ الظاهر، فحقَّ أن يكونوا «هم العدو» الذي يجب الحذرُ منه
واتقاؤه؛ كيف لا؟!
وهو التيار الذي ينطق باللِّسان العربي ويتزيَّا بزيِّه، ويعيش في كَنفه وضمن
مكوِّناته، ويدعي أنه منه، بينما هو في الحقيقة كيان مباين له، منفصل عنه فكراً
وعقيدة ومنهجاً وهوًى؛ ينطق باسم مَن تَشرَّب بأفكارهم، وتضلَّع بعلومهم، ورضَع من
لبان مناهجهم، حتى صار لا يستطيع منها فطاماً، ولا عنها انفصالاً بل تعدَّى الأمر
أكثرَ من ذلك بدعوته للأمَّة جمعاء أن تَسير سيرَه وتحذو حذوَه في تغريبه وتنكُّره
للدِّين والمبادئ والأخلاق والقِيَم[6]!
ثالثاً:
نماذج تغريبية تخريبية في الفكر والقيم:
المتتبع لفئة التغريبيين يجدها تتناسل في كل مجتمع وبيئة فتخرج علينا بغرائب
التصورات والمخططات في كل مجالات الحياة، فقاسم أمين ورفاعة الطهطاوي ونوال
السعداوي وطه حسين وطيب تيزيني ومحمد أركون والقائمة طويلة.. ليسوا إلا منظرين
للفكر الحداثي العلماني بامتياز، هذا الفكر الذي ما فتئ يخرق سفينة الدين كل يوم
وحين خرقاً، فكر ومفكرون لا يرون في التربية الإسلامية
-
بله في الدين نفسه
-
إلا رجعية وتخلفاً وظلامية وفتكاً بحقوق الإنسان من خلال تطبيق الحدود وتبخيس قيمة
المرأة وتحجير على الحرية بكل أبعادها، وعلى رأسها حرية المعتقد أو الدين، وتشجيع
على
«الإرهاب»،
وغيرها من الأفكار التي أصبحنا نسمعها ونشاهدها ونقرأها علناً في مجتمعنا وفي وسائل
إعلامنا يومياً من بني جلدتنا!
وغير بعيد عن هذا الذي ذكرنا، فقد حدث قبل زمن يسير، أي في سنة
2015م،
الأمر نفسه في دول خليجية وعربية عديدة، ومن بينها دولة الكويت الشقيقة، بعد
تصريحاتِ وزير التربية الدكتور بدر العيسى المتعلِّقة بالطعن في مناهج التربية
الإسلامية واللغة العربية، ولم تكن هذه الدولة وحدَها صاحبةَ النصيب الأوفى والقدح
المعلى في هذه الحرب الضَّروس بل طالتْ نيران هذه المعركة أكثرَ من عاصمةٍ عربيةٍ
في وقت واحد؛ لأن المعركة واحدة في الأهداف والمقاصد والغايات، وهي الدعوات
المحمومة إلى تغيير مناهج التعليم، وخاصةً ما له علاقة وطيدة بالإسلام وشريعته
وقِيَمه وفضائله.
وإذا انتقلنا من مصر والكويت إلى بلاد أخرى، نجدها أيضاً عانت الأمرّين، ففي الجارة
موريتانيا أيضاً وُجد قوم اتهموا وشنعوا عن المحظرة الموريتانية باعتبارها مؤسسة
تساهم في تخريج أفواج يتبنّون الإرهاب والتطرف!
وقد عاد هذا الجدل إلى الواجهة من جديد خلال الفترة الأخيرة إثر صدور فيلم سينمائي
بعنوان
«المتطرف»،
حاول مخرجه تسليط الضوء على إشكالية اختراق المحظرة من طرف طلبة أجانب يحاولون
استغلالها لاستقطاب مجموعات شبابية يتم تجنيدها ضمن حركات توصف بـ«التشدد والإرهاب»،
وهو ما اعتبره البعض تشويهاً لصورة المحظرة وتنقيصاً لدورها العلمي والثقافي[7].
رابعاً:
اتهامات ومؤامرات..
يا ترى في صالح من؟
ربما لم يكن غريباً ولا مستغرباً أن نجد في كل بلد عربي وإسلامي اتهامات تكال
بالجملة لمناهج التربية والتعليم، ودائماً يكون على رأسها مادة التربية الإسلامية
وتعاليم الإسلام وأصوله.
والسؤال الذي يفرض نفسه وبإلحاح هنا هو:
منذ متى كانت التربية الإسلامية تزرع الأفكار المتطرفة وتشجع على الإرهاب والخروج
عن طاعة ولي أمر المسلمين؟
والجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل وتحليل قد يستوعب حلقات، لكننا من أجل
تقريب المعنى العام للأفهام، لا بد وأن نعيد النظر قليلاً إلى الماضي القريب ليتضح
لنا بجلاء ومما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الاتهامات والدعوات والمؤامرات بالتغيير
أو لنقل بتدمير ما تبقى من حصون هذه المرجعية العتيدة ليست بالجديدة علينا اليوم في
تخريجاتها وتمظهراتها، ففي سنة
1979
أنشئ ما يسمى بـ«منظمة الإسلام والغرب»[8]،
تحت رعاية منظمة الثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة
(اليونيسكو)،
والتي تشكلت من خمسة وثلاثين عضواً، عشرة منهم مسلمون، وكان من أول أهداف المنظمة
الجديدة
-
كما نص دستورها صراحةً
-
علمنةُ التعليم؛ حيث جاء فيه:
«إنَّ
واضعي الكتب المدرسية لا ينبغي لهم أن يصدروا أحكاماً على القيم، سواء صراحة أو
ضمناً، كما لا يصح أن يقدموا الدين على أنه معيار أو هدف»،
ونصَّ أيضاً على أن:
«المرغوب
فيه أن الأديان يجب عرضُها ليفهم منها الطالب ما تشترك فيه ديانة ما مع غيرها من
الأديان، وليس الأهداف الأساسية لدينٍ بعينه»،
وهو ما يسير في إطار عَوْلَمة الأديان وجمعها في إطار واحد؟!
ولكي تفعل هذه البنود على أرض الواقع وجدت هذه الخطة الغربية التغريبية طريقاً
مكشوفاً لها، فظهرت للملأ علناً وبإصرار ومتابعة ودعم مالي وتكويني وتعاوني، وقد
كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن إستراتيجيتها بعد
11
سبتمبر
2001
عندما طالبت الحكومات العربية بإعادة النظر في مناهجها التعليمية الدينية، وقد
استجابت بعض الدول الخليجية، ثم تلتها دول عربية أخرى دون تأخر أو إعادة نظر،
بالإضافة إلى تبني هذه الخطة في جزء كبير منها موضوع
«الإرهاب»
كأولوية تفرض تدخلاً وقائياً وأحادي الجانب باعتماد القوة العسكرية والحرب، ثم حصر
الدول الإسلامية كمجالات مصدرة للإرهاب وفضاءات مهمة ينمو داخلها بشكل واضح[9].
وقد نجحت هذه الجهات الداعمة في خطتها من خلال استغلال الأحداث لبدء حملة مفتوحة
على ما تسميه
«الإرهاب»،
وأعلنت صراحة عن خططها الرامية إلى استبدال تلك النظم القائمة بالفعل بنظم تعليمية
علمانية ترتضيها، لاسيما أنها رأت أن هذه النظم شكلت أرضاً خصبة ساعدت على
«تفريخ»
الخلايا والتنظيمات الإرهابية الإسلامية على حد زعمها!
ولعل ما يؤكد قولنا، أن الإدارة الأمريكية باتتْ عازمة على تحقيق سيطرتها الثقافية
على المنطقة، وهو ما اعترف به أحدُ تقارير وزارة خارجيتها حول تلقِّي بلدان في
منطقة الشرق الأوسط في عام
2002
وحدَه
29
مليون دولار من أجل ما سماه:
«جهود
تغيير نظم التعليم»،
وفي عام
2003
وصل الإنفاق الأمريكي في الإطار نفسه إلى ثلاثة أضعاف؛ حيث قفز إلى
90
مليون دولار، كما شهد عام
2004
زيادة كبيرة في المبالغ المخصصة لتغيير التعليم في العالم العربي والإسلامي؛ حيث
ضخت الإدارة الأمريكية آنذاك
145
مليون دولار من أجل تحويل التعليم في المدارس الإسلامية في المنطقة العربية إلى
تعليم علمانيٍّ، خصص منها
45
مليون دولار فقط للعالم العربي، والباقي خصص لبقية الدول الإسلامية..
وفي سنة
2007
خصصت واشنطن
211
مليون دولار لدعم مشروعات تركز على المناهج التعليمية في مصر والأردن والمغرب
واليمن وباكستان وإندونيسيا وبنجلاديش[10].
وتتميماً لهذه الخطوات وُضعت المخططات والبرامج الدقيقة في هذا الجانب، ونُسِجَت
المؤامرات للغارة على الأفكار والمفاهيم والقيم الإسلامية، وعلى كلِّ ما له صلة
بالإسلام؛ أمة وحضارةً وفكراً وسلوكاً وممارسة، وأضحت قاعدتهم التي ارتكزوا عليها
هي:
«إذا
أرهبك عدوك، فأفسد فكره ينتحر به ومن ثم تستعبده»،
فانتقلت المعركة من ساحة الحرب إلى ميدان الفكر والثقافة[11].
ومما يزيد الأمر وضوحاً وتأكيداً في هذا المقام، ما صرح به الكاتب الأمريكي
الجنسية، اليهودي الديانة،
«توماس
فريدمان»،
وهو من أشد المفكرين اليهود تطرفاً وتصهيناً، حيث كتب في صحيفة نيويورك تايمز:
«الحرب
الفكرية تشغل حيزاً هاماً وكبيراً في الأجندة الغربية في حربها على الإسلام،
والمناهج الدينية تعتبر العنصر الأهم في هذه المعركة الفكرية...
ثم أردف قائلاً:
إن الحرب الفكرية هي الأهم في نظر الأمريكان؟!
وإن تغيير النظام الاجتماعي وأساليب الحكم ومناهج التعليم، هي الجزء الأكبر من
المعركة مع العالم الإسلامي»[12].
ومن هذا المنطلق فالمساعدات الاقتصادية والعسكرية هي واحدة من أكثر الأدوات فعالية
في نشر النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، وقد استعملت الولايات المتحدة
الأمريكية المساعدات الخارجية كأداة للتأثير في السياسات الداخلية والمحلية للدول،
وهو ما يؤكده
«دين
راسك»
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق بقوله:
«إن
المساعدات هي طريق ذات اتجاهين؛ فهي تفتح للدولة المستلمة لها أبواب منتجات المتبرع
واستثماراته، وقبولها هو تنازل جزئي عن السيادة؛ فهي منفعة يمكن تطويرها بمرور
الزمن لتصبح نفوذاً رئيسياً»[13].
لقد أبرز أحد الباحثين المعاصرين في بحث له قدمه إلى المؤتمر العالمي الأول للتعليم
الإسلامي في مكة المكرمة سنة
1977
أن الاحتلال الفرنسي اتخذ الترتيبات اللازمة لجعل التعليم في المملكة المغربية
تعليماً علمانياً، يهدف إلى تربية الولاء الكامل لفرنسا في أبناء الشعب المغربي
العربي المسلم، ويتحلل من ولائه لدينه وقومه[14].
خــامساً:
الــتربية الإســلامية عنـوان للــتسامح والإصــلاح
والــعطاء الــمتجدد:
إن تربيتنا الإسلامية كانت ردحاً من الزمن عنواناً للعلم والتميز والنبوغ والتسامح
والعطاء المتجدد للنصح والإصلاح ونشر القيم الروحية السمحة التي ظلت صمام أمان
للمجتمع بكل فئاته وأطيافه بل حافظت على تماسكه وإشعاعه الحضاري منذ زمن الاستعمار
وطمس الهوية الدينية والثقافية للبلد، فكانت حصناً حصيناً بدءاً من المسجد ودور
القرآن والكتاتيب القرآنية والرباطات والزوايا، حيث حمل العلماء والدعاة والفقهاء
شعار السلم والعدل والمساواة والإنصاف والعبودية لله الواحد القهار والتحرر من كل
العبوديات المادية والاستعمارية والإلحادية، ولا يزالون - ولله الحمد- يحملون
المشعل الرباني من جيل إلى جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها بإحسان، وليمحص الله
الصادقين من الكاذبين والمنافقين والمتلاعبين بالدين الذين يزيّنون القول من أجل صد
الناس والمجتمع عن نور الحق المبين:
{وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ
الْـمَاكِرِينَ}
[الأنفال:
30]،
{وَمَا
يَمْكُرُونَ إلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا
يَشْعُرُونَ}
[الأنعام:
123].
هذا، وإنه لا يخفى على ذوي العقول المتبصرة أن مدرسة التربية الإسلامية النابعة
والممتدة للمدرسة المحمدية العالمية قد تخرّج منها وعلى مرّ تاريخها المجيد العديد
من العلماء الأجلاّء والأئمة النجباء، من أمثال العلامة المختار السوسي، والفقيه
عبد الله كنون، والشيخ أبو شعيب الدكالي والفقيه ابن العربي العلوي، كما أنجبت كذلك
العلامة النابغة أحمد بن سليمان الرسموكي والأستاذ علال الفاسي والحافظ الشيخ
الدكتور محمد تقي الدين الهلالي، وغيرهم كثير جداً، لا يسعنا استقصاؤهم وتتبعهم،
والباحث الحصيف يجد المصادر والمراجع حبلى بهم، رحمهم الله جميعاً وأجزل مثوبتهم.
أُولَئِكَ آبَائي، فَجِئْني بمِثْلِهِمْ
إذا جَمَعَتْنا يا جَرِيرُ المَجَامِعُ
وما يُثلِجُ الصدْر بالفعل ويؤكِّد صحة ما نُشير إليه أن مناهجنا الإسلامية
والقرآنية كان لها الدور الأكبر والحظ الأوفر في المحافظة على وحدة مجتمعنا وأمنه
واستقراره، أمام تلك التحديات التي واجهته ولا تزال من جرَّاء الأحداث الساخنة التي
تحيط به، ومن حمايته من تيار الغُلُوّ والتطرف والتكفير وإثارة النعرات والفتن
الطائفية، وما صاحب هذا المد من ممارسات وجرائم بشعة ومدمرة ارتكبت باسم الدين،
والإسلام منها براء.
ومن هنا فأسباب
«التطرف»
بجميع أشكاله تتجاوز إصلاح التعليم في المغرب أو بقية الدول العربية والإسلامية.
سادساً:
لا بد من البحث عن منابع التطرف
والانحراف الفكري والتصدي لها:
بناء على ما تقدم، وجب البحث عن منابع أخرى يستقي منها هؤلاء التطرف والغلو، وتجنيب
جعل التربية الإسلامية شماعة يعلق عليها العلمانيون والإلحاديون هزيمتهم النفسية
والفكرية والسياسية داخل المجتمع العربي والإسلامي بصفة عامة من أجل النبش في كل
صغيرة وكبيرة لإثارة الفتنة والبلبلة في مثل هذه المواضيع والمناسبات.
فبحسب الكثير من الباحثين المنصفين والدراسات العلمية الموثوقة، تبين أن مناهج
التربية الإسلامية[15]
لم يكن لها في يوم من الأيام أبداً مس بحق من حقوق الإنسان بل على العكس كانت ولا
تزال كل نصوص انطلاقها ناضحة بالاعتناء بهذه الحقوق وحريصة على تلقينها وتبليغها
للناشئة المتعلمة بالكلمة الحرة والحوار والإقناع والسهولة، ومما هو معلوم للدارسين
والباحثين في المناهج والتربية أن كل مقرر أو مادة لا يمكن أن يتم تدريسه إلا
بموافقة من الهيئات الرسمية لكل بلد ولجنة القيم ووضع البرامج قبل تنزيله على
الواقع، وهي آخر محطة فاحصة تنظر في هذا الأمر بدقة ومتابعة، الشيء الذي يؤكد
اعتدال الخطاب الديني المعاصر في مقرراتنا ومناهجنا التربوية والتعليمية بصفة عامة.
ومما يظهر في الواقع حقيقة أن هناك عوامل كثيرة متشابكة تدفع الشباب نحو التشدد في
الدين أو الفكر التكفيري الجهادي المعادي، ومن بينها السياسات الحكومية، سواء
الغربية أو العربية والتي مارست ولا تزال الإقصاء والتهميش والحرمان الممنهج لهذه
الفئة، الشيء الذي يدفع بهم إلى الانعزال والانطواء والانتحار في أحيان كثيرة[16]
أو الارتماء في أحضان جماعات ضالة مضلة؛ وهو ما أنتج الفراغ والفكر المنغلق
والمتقبل للتطرف والانحراف والغلو، كما أن انتشار وسائل الاتصال الحديثة جعلت فئات
عريضة يستغنون عما تعلموه في مجتمعاتهم وما تربوا عليه من اعتدال ليغوصوا في أفكار
ومناهج تتدفق عبر شبكة الإنترنت دون توجيه أو حسيب أو رقيب.
ولا يشك عاقل في وجود علاقة وثيقة بين التعليم وتكوين الوعي والعقل والفكر الجماعي
للشعوب، لكن هناك أسباباً أخرى قد تهدم ما تبنيه المدرسة ومناهجها التعليمية، وفي
مقدمتها انتهاك حقوق المواطنين، وتهميش الشباب واضطهادهم والتضييق على الحريات
الأساسية المشروعة ونحو ذلك.
وبالتالي فإن إصلاح الوعي وتطهيره من الأفكار الهدامة لا يتوقف على تعديلات في
منظومة التربية والتدريس بل قد يحتاج الأمر إلى إصلاح شامل يمس منظومة السياسة
العامة لكل بلد برمتها، والجميع مطالب بالتعاون في البناء على كافة الأصعدة
والمجالات حتى يتحقق الازدهار والتقدم والخير والنماء في كل المجالات، وهذا هو
التغيير الإيجابي الشامل الذي ينتج مواطنين صلحاء وأكفاء شيمتهم حب الوطن والدفاع
عنه والعمل الدؤوب لصالحه ومصالحه.
ووفق هذه النظرة الشمولية يرى أحد الباحثين المعاصرين أن دور المجتمع المدني
ومؤسساته في النهوض بالمسؤولية التربوية للشباب ووقايته وإبعاده عن مخاطر الغلو
والتطرف الفكري أن «جهود الوقاية يجب أن تقوم بها مؤسسات المجتمع المختلفة، ومنها
المؤسسات التربوية التي يجب أن تؤدي عملاً مهماً وبارزاً في رفض الإرادة الإجرامية
لدى الشباب في ممارسة سلوك العنف والتطرف، حيث إن رفض السلوك الإجرامي يجب أن ينطلق
من محور الوقاية»[17].
ضمانات النجاة من التطرف والاحتراب والغلو
في ظل النقاش الدائر اليوم:
للوقوف على هذه القضية الشائكة والخطيرة التي ابتليت بها الأمة الإسلامية اليوم،
هناك معالجات كثيرة جذرية يجب أن نأخذها بعين الاعتبار لتطويق الظاهرة والسير
بشبابنا وناشئتنا إلى بر الأمان، ومن ذلك:
•
على الصعيد السياسي في العالم الإسلامي لا بد من مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار
الظروف التي تمر بها الشعوب الإسلامية اليوم في ظل السعي إلى إحكام القبضة على
الحركات الإسلامية من قوى الاستبداد، وإقصاء القوى المعارضة من المعادلة.
وإذا كانت اختيارات النظم الاستبدادية، بشكل عام تهدف إلى الاعتدال والتوسط، كما
تدعي، فإنها تروم محالاً بدون الإنصات إلى صوت الحكمة والبعد التشاركي في تدبير
الشأن الديني، وعدم الاستفراد في ذلك بالاختيارات.
إن أفواجاً من العلماء الأحرار وخريجي المدارس العتيقة وشعب الدراسات الإسلامية
ليشكلون طليعة فاعلة في الأمن الروحي والاجتماعي إذا ما تم التعامل معهم بكل عدل
وكرامة، ودون إقصاء أو تهميش.
•
في الجانب الإعلامي:
إن الإعلام أشد أثراً وأقوى خطراً من كل حصص التربية الإسلامية في جميع مراحل
التعليم، فإذا لم نسع إلى ميثاق إعلامي يحترم اختيارات الأمة في دينها المبني
أساساً على تحرير الإنسان من كل ظلم واستعباد واستبداد، ويقي من مخاطر الهجوم على
المقدسات، فإننا نلعب بالهوية والاستقلالية، ونصير لعبة في يد الحضارات الأخرى.
•
في المنظومة التعليمية:
وهذه مسؤولية الخبراء الذين يزخر بهم الوطن في مجال التربية والتكوين، ولن يعجز رحم
البلاد عن إنجاب مبدعين في تطوير تعليم يحرر الأمة ولا يجعلها رهينة الإملاءات
الخارجية التي لا تعرف إلا مصالحها.
وعموماً، فإن التطرف والغلو آفة ليست التربية الإسلامية هي المسؤول الوحيد عنها في
النسيج المجتمعي بالمغرب وغيره، بل هو مرض يصيب المتدين وغيره، والسياسي والرياضي
والفني ونحو ذلك.
ومعالجة الظاهرة تحتاج إلى مقاربة شمولية متكاملة مجتمعية تشاركية لا إقصاء فيها
ولا تهميش، ولا إملاء فيها أو إلزام.
سابعاً:
محنة التربية الإسلامية اليوم محنة للمجتمع
كله:
إن تربيتنا الإسلامية اليوم تقف في مواجهة تحديات كبرى لن يضيرها نعيق الناعقين،
ولا مكر المنافقين ولا عقوق السفلة المبهورين بحضارة الغرب وغثائها، المتحلقين حول
فتاتها وعلى أعتاب حياضها، الغارقين في وحلها ووعثائها.
تالله ما حال هؤلاء الشانئين الناعقين الحاقدين وحالها إلا كما قال الشاعر قديماً:
كَناطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً ليِوُهِنَها
فَلَمْ يَضِرها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ
ولله در من قال أيضاً:
يا ناطح الصخرة الصماء توهنها
أشفق على الرأس لا تشفق على الحجر
أو كما قال الآخر:
ما ضر شمس الضحى بالأفق ساطعة
ألا يرى ضوئها الأعمى من الرمد
بل يشدو لسان حالها مع أبي الطيب المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي أني كامل
عجباً لهؤلاء القوم المتسكعين على موائد الغرب اللاهثين خلف سرابهم الذابل،
المتشبعين من ثقافتهم حد الثمالة حتى باتوا لا يميزون بين الخيط الأبيض والخيط
الأسود والغث والسمين والصالح والطالح، فأصبحوا كل يوم يخرجون علينا بفاجعة نكراء
يندى لها الجبين وتخرّ لها الجبال هداً!
ولقد صدق من قال:
إن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة.
وبناء على ذلك، فالنتيجة المستفادة مما تقدم:
أن الأمة الإسلامية باتت تجتاز محنة ما بعدها محنة، برغم ما تملك من ثروة مادية
وثروة بشرية ومساحة أرضية خصبة ومياه متدفقة ومعادن نفيسة ومدخرات وخيرات.
ثامناً:
سبب محنة التربية الإسلامية اليوم ومسلسل
المؤامرة:
إن سبب تلك المحنة:
أننا فرطنا في توجيه وتربية هذا الجيل تربية إسلامية في مدارسنا الابتدائية
والثانوية والجامعية، كما فرطنا في تربية الأطفال الذين لم تتح لهم فرصة الدخول إلى
المدرسة قط بواسطة النوادي والجمعيات ووسائل الإعلام والتثقيف العام ومشاريع
التنمية الذاتية الواسعة والمستمرة.
وبناء على ذلك كله، فإننا نحصد اليوم البذور التي زرعناها، ونحترق بالنار التي
أوقدناها[18].
ومن هنا يمكن أن نقول إن الحرب الفكرية والثقافية اليوم هي الأهم لدى الغرب، وإن
كانت معارك الأسلحة يستخدم فيها العساكر بدبابتهم وأسلحتهم، ففي معركة الفكر يستخدم
المفكرون بأقلامهم، والغريب حقاً أن تجد من أبناء بني جلدتنا وعروبتنا من يُجنِّد
نفسه في صف العدو ليمارس حرباً بالوكالة عن الغرب في تنفيذ مخططاته وإستراتيجياته؟!
كما أننا نخلص إلى أن الإسلام لا يمنع تماماً التجديد والابتكار والتطوير والإبداع،
ولكنْ هناك فرقاً بين التجديد والتطوير في الوسائل والأهداف، وبين التغيير والهدم
في القيم والثوابت والمعتقدات الراسخات.
إن مثل هذه المؤامرة على فلذات أكبادنا
(أجيال
المستقبل)
تستدعي الشجاعة من النخب الصادقة، والموضوعية والإنصاف من المعنيين، كما تتطلب
تكاتف جهود الجميع، وخصوصاً آباء وأولياء التلاميذ من أجل الضغط من خلال العمل
الجمعوي والمنابر الإعلامية الغيورة وغيرها لمواجهة هذا الخطر المستفحل الذي يقود
نحو الهاوية لا قدر الله.
وقبل الختام يجدر بنا أن نتساءل بتمعن وتمهل مع أصحاب هذا الفكر المخالف:
1-
هل كل ما يقع اليوم من حروب واقتتال وسفك للدماء وتهجير وإفقار للشعوب وبطالة
وحرمان سببه التربية الإسلامية، أم أن الأزمة أعمق بكثير مما نتصور؟
2-
هل فعلاً ما يسمى بـ«الإرهاب
والتطرف»
في العالم اليوم هو السبب الأول لتغيير وتشويه تربيتنا الإسلامية من جذورها، أم أن
هناك أسباباً أخرى أكبر مما يقع في الظاهر تسير بمنهجنا التعليمي نحو التقليد
والتبعية، مثل ما يقع في تونس التي يتعلم أبناؤها في منظومة تربوية علمانية لا تعطي
للتربية الإسلامية أهمية؟!
وختاماً أقول:
إن هذا الصراع لن يتوقف ولن ينتهي، ولكن له صولات وجولات، وسيظل كلُّ طرف يدافع عن
اعتقاده ومنهجه، ولكن شتان بين من يدافع عن الحق وهو يعلم تماماً أنه حق محض، لا
ينفك عن كونه واجباً شرعياً، ومطلباً وطنياً، وبين من جنَّد نفسه في صف العدو، يحمل
رايته وينفذ مخططاته:
{فَأَيُّ
الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ}
[الأنعام:
81].
والله يقول الحق، وهو يهدي إلى سواء السبيل.
:: مجلة البيان العدد 353 مـحــرم 1438هـ، أكـتـوبـر 2016م.
[1]
قاله:
أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني
-
رحمه الله
-
في مجمع الأمثال.
[2]
حصوننا مهددة من داخلها، ص13.
[3]
العلمانية:
ترجمة خاطئة لكلمة
Secularism
في الإنجليزية أو
Secularite
بالفرنسية، وتعني:
ابتعد عن الدين، فلا تبالي بالدين ولا الاعتبارات الدينية، وقد ظهرت كمذهب أو مصطلح
يناهض انحرافات الكنيسة في أوربا التي حرمت العلم والعلوم التجريبية كالطب والهندسة
والصناعة وغيرها من العلوم.
[4]
للتوسع في هذا الأمر ينظر:
الأصول الفلسفية للتربية في مصر الحديثة بين الفكر الإسلامي والفكر التغريبي لعلي
خليل مصطفي أبو العينين،
1981،
ومنهج رفاعة الطهطاوي ومدرسته في الإصلاح بين الأصول الإسلامية والأفكار العلمانية،
رسالة دكتوراه لعصام السيد محمود، نشر مكتبة دار الحكمة بمصر،
2009.
[5]
إذا تأملنا على سبيل المثال في المدارس الأجنبية التي انتشرت في مصر فسوف نجد أنها
قد خرجت عدداً من المصريين الذين يتقنون اللغات الأجنبية، وخاصة اللغتين الإنجليزية
والفرنسية، ويجيدون التحدث والكتابة بهما.
ولا شك أن التنوع في التعليم قد يكون مرغوباً فيه، غير أن هذه المدارس كانت تشكل
شباب الأمة تشكيلاً يتسق والنموذج الحضاري بها، مع قطيعة تامة بالموروث الحضاري
الإسلامي، بل والمصري الخاص.
[6]
للتوسع في معرفة حقيقة هذا الفكر التغريبي الدخيل ينظر رسالة علمية جامعة نافعة
بعنوان:
النظريات العلمية الحديثة
-
مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي في التعامل معها لحسن بن محمد الأسمري،
الناشر:
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر، الطبعة:
الأولى
1433هـ.
[7]
ينظر في هذا الباب:
تحقيق نشرته قناة «فوكس نيوز» الأمريكية عبر موقعها الإلكتروني، يوم الإثنين
23
مارس
2015
عن الأوضاع الدينية في موريتانيا.
[8]
تبنت كل من اليونسكو والأليسكو ومؤسسات أخرى غربية قيام هذه المنظمة العالمية
الخبيثة، والتي أطلقوا عليها اسم «الإسلام والغرب»، وقد تخصصت في الدس على المناهج
والمقررات الدراسية في العالم الإسلامي، وبخاصة مادة التاريخ والدين الإسلامي،
وأشرف على رئاستها الدكتور معروف الدواليبي والسيد براون والمدير العام اللورد
كارادون الذي كان له النفوذ الأكبر هو والأمين العام الدكتورة مارسيل بواسار
اليهودية السويسرية.
وقد عقدت أول ندوة استشارية حول التوصل إلى تفاهم أفضل بين الإسلام والغرب عن طريق
تغيير مناهج التاريخ والعقيدة الإسلامية!
وقد تم ذلك بالفعل في فينيسيا
(البندقية)
بإيطاليا في المدة من
16
إلى
20
أكتوبر
1977م.
ينظر:
المؤامرة على التعليم، مؤلف جماعي لحسن جودة وآخرين، ص81-84،
والاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري لمحمود حمدي زقزوق، ص115،
ونظرات في حركة الاستشراق لعبد الحميد مدكور، ص7.
وممن كتب عن هذه المنظمة وتطاولها على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم:
الدكتور محمد السمان في كتابه الشهير «مفتريات اليونسكو على الإسلام».
[9]
للتوسع في الموضوع ينظر كتاب:
أمريكا والتدخل في شئون الدول، وهو في أصله مذكرة لنيل شهادة الماجستير من إعداد
الباحثة:
صفاء خليفة وتقديم:
الدكتور عمرو الشوبكي، الناشر:
دار العين - القاهرة - مصر، الطبعة الأولى
2010.
[10]
للتوسع أكثر في الموضوع من خلال الأمثلة والإحصائيات الخاصة بدول المغرب العربي،
يراجع بحث موسع بعنوان:
المساعدات الخارجية للمغرب:
المحددات والأهداف، للباحثة:
مريم الخياري، منشور على موقع العلوم القانونية، تحت إشراف الدكتور:
نبيل بوحميدي (http://www.marocdroit.com
).
وللاطلاع على صافي المساعدات الإنمائية الرسمية والمعونات الرسمية المتلقاة
(بالأسعار
الجارية للدولار الأمريكي)
وشروط ذلك لكافة دول العالم - والمغرب من بينها طبعاً
-
لسنة
2011 - 2015،
يراجع صفحة البنك الدولي باللغة العربية على موقعه الرسمي من خلال الرابط التالي:
(http://data.albankaldawli.org/indicator/DT.ODA.ALLD.CD
).
[11]
ينظر:
الغزو الفكري لأحمد السايح، ص51.
[12]
نقلاً عن:
شبكة الرد -
9
شعبان
1427هـ
/
2
سبتمبر
2006م.
[13]
للتوسع في الخطة الأمريكية في هذا الموضوع ينظر:
المساعدات الأمريكية للمغرب في مجال التنمية، عزيز المحفوضي، بحث لنيل دبلوم
الدراسات المعمقة، جامعة محمد الخامس - أكدال، السنة الجامعية
2001،
ص60
وما بعدها، ومساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للمغرب، حسناء شيبة، رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس
-
أكدال
2002،
2003،
والسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المغرب:
مرحلة نهاية الحرب الباردة، بويا ماء العينين، رسالة دبلوم الدراسات المعمقة، جامعة
سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية ظهر المهراز
-
فاس، السنة الجامعية
2004 - 2005،
ص103
وما بعدها.
[14]
قدم هذا البحث الأستاذ المغربي عبد الكريم بن جلون في مؤتمر مكة المكرمة العالمي
حول التعليم الإسلامي في العالم العربي والإسلامي، سنة
1977.
وقد بين في بحثه المكائد التي تدبر للتربية الإسلامية وفي مجال التربية والتعليم
بصفة عامة، واختار المغرب أنموذجاً للدراسة والتحليل.
[15]
كما هو معلوم لدى الباحثين والدارسين أن مفهوم التربية الإسلامية، هو أحد فروع علم
التربية الذي يُعنى بتربية الإنسان وإعداده في مختلف جوانب حياته، وفي كافة مراحل
عمره؛ وذلك من منظور الدين الإسلامي الحنيف، وهو مفهوم شمولي ورباني بأدلة ونصوص
كثيرة تؤصل له، وهو مصطلح شائع في عصرنا الحاضر.
أما التربية الدينية:
فاستعمال المفهوم من جهة الإصدار ومن جهة التداول الإعلامي بالشكل الذي رُوج له به،
يفهم منه الدعوة إلى إعادة النظر في البرامج والمناهج والمواد ذات الطابع الديني
التي تدرس بمختلف مسارات ومسالك التربية والتكوين في قطاع التعليم المدرسي، وشعب
الدراسة الإسلامية وأصول الدين بالجامعات، وقطب التعليم الأصيل ومعاهد التعليم
العتيق وما تشرف عليه وزارة الأوقاف، كل ذلك بغاية ترسيخ معاني التسامح والاعتدال
ومحاربة التطرف والكراهية، وهذا إذا كان هو المقصود في الخطاب الإعلامي المعاصر؛
فهو اتجاه يشمل شبهات ومغالطات كثيرة ليس هنا مقام البسط فيها.
[16]
في تقرير صادم لمنظمة الصحة العالمية، صنفت المغرب من بين الدول التي ارتفعت فيها
نسبة الانتحار بشكل مهول للغاية، إذ وصلت النسبة سنة
2012م
إلى
1628
حالة انتحار فعلي، بنسبة
87
في المائة من الرجال، وما بين سنة
2000
و2012
وصلت إلى
97.8
في المائة، وهذا باعتراف وموافقة الجهات المسؤولة في البلد! فمن المسؤول عن تكريس
هذه الوضعية المأساوية لهذه الفئة من المجتمع؟
[17]
ينظر:
دور المدرسة في مقاومة الإرهاب والعنف والتطرف لعبد الله بن عبد العزيز اليوسف، ص13.
[18]
مع محنة التربية الإسلامية..
وجاء وقت الحصاد، مقالة لعبد الحي العمروي، مجلة الهداية، العدد العاشر، صفر
-
ربيع الأول
1405
هـ
-
نوفمبر
1984،
ص57.