الجزائر في مواجهة التشيع والخطة الخمسينية
في خطوة مهمة أعلنت السلطات الجزائرية أنها بصدد إنشاء هيئة أمنية لمكافحة ظاهرة التشيع التي استفحلت في مختلف مناطق البلاد، بعد أن اتضح للجميع أن هناك جهات خارجية تعمل بنشاط لنشر سرطان التشيع في المجتمع الجزائري، وقد ظهر ذلك جلياً بعد تصريحات المرجع الشيعي العراقي مقتدى الصدر، الذي دعا المتشيعين الجزائريين للخروج إلى الشارع وكسر حاجز الخوف، ثم جاء تصريح السفير الإيراني في الجزائر رضا عامري – بمناسبة إحياء ذكرى الثورة الإسلامية الإيرانية – الذي مفاده أن إيران تضع الجزائر في صدارة أولوياتها في سياستها الخارجية. ليؤكد ذلك أن الجزائر مستهدفة في عقيدتها وهويتها، خاصة أن السفير قدم وعوداً مغرية بجلب استثمارات ضخمة للجزائر، وهو الأمر الذي تأكد لاحقاً، بعد سيل من الزيارات الرسمية للجزائر من مختلف المسؤولين الإيرانيين، الذين تجولوا في أحياء العاصمة، ووعدوا بتغيير ملامح الحياة في البلد.
حقيقة التشيع في الجزائر وحجمه
ظلت السلطات الجزائرية تقلل من حقيقة حملات التشيع في الجزائر، خاصة مع عدم ظهورها إلى العلن على شكل مجموعات تتخذ من الشارع والملتقيات طريقة للإعلان على نفسها، وتكررت التصريحات التي تبرئ إيران من الوقوف وراء حركة التشيع في البلد، وقد ساهم بعض القائمين على المساجد والدعوة في الجزائر في تغليط الرأي العام عندما حاولوا نفي وجود التشيع كظاهرة في الجزائر بل إن كل ما في الأمر هو تشيع بعض الأفراد؛ الشيء الذي أدى إلى تمدد ظاهرة التشيع مستغلة الفراغ القانوني والدعوي والإعلامي.
غير أن الجديد الذي ظهر على الساحة مؤخراً هو دعوة الرئاسة الجزائرية إلى الوقوف ضد الطائفية، تلاها ارتفاع الأصوات الرسمية المنبهة إلى خطر التمدد الشيعي القادم من وراء البحار، إلى أن جاء تصريح وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى، الذي اعترف صراحة ولأول مرة بأن هناك حركة تشيع خطيرة في الجزائر، ومحدداً في الوقت نفسه حيزها الجغرافي قائلاً: «هناك إرادة أجنبية تريد التشويشَ على الجزائر من خلال سعيها إلى نشر الطائفية وتقوية حركات التشيع، خاصة على مستوى الولايات الحدودية الشرقية والغربية». وأضاف أن هدف حركة التشيع تمزيق المجتمع الجزائري.
رؤوس التشيع في الجزائر وضحاياه
التشيع في الجزائر ظاهرة حقيقية، باعتراف الكثير من فئات الشعب الجزائري، حيث بدأت تتوسع في ربوع الجزائر، بعد تشيُّع المئات من الجزائريين، ويصرح بعض الأئمة والمطلعين على خفايا التشيع أن عدد المتشيعين يصل إلى الآلاف.
أما أبرز الفئات التي تشيعت فهي الطبقة المثقفة، مثل: أساتذة الجامعات، وبعض الطلبة، ما يعني أن الذين يقفون وراء حركة التشيع في الجزائر يريدون بناء نواة جزائرية تكون قادرة على الأخذ بزمام المبادرة والتخطيط والتنفيذ.
أما من الناحية الجغرافية فقد عرفت الولايات الشرقية للجزائر مثل عنابة وباتنة وخنشلة، وبسكرة، والولايات الغربية مثل وهران وعين تموشنت وتلمسان حركة تشيع خطيرة، أسالت الكثير من الحبر في الصحافة الجزائرية، وعجّلت بظهور مواقع مختصة في محاربة التشيع بالجزائر، بعد أن صار للمتشيعين مواقع إلكترونية يقودها شيعة الخارج، بسبب خبرتهم في الطعن والتشويش على عوام السنة.
الخطة الخمسينية الإيرانية في الجزائر
يمكن التأكيد بوضوح أن آثار الخطة الخمسينية الإيرانية – مخطط واقعي يهدف لتهيئة الشعوب العربية لتقبل التشيع من خلال سياسة شراء الذمم والإغراءات – قد بدت واضحة في أرض الجزائر، فالزيارات الرسمية لم تتوقف، ودخول الكثير من المستثمرين الإيرانيين إلى الجزائر - الذين لا يمكن أن يتوجهوا إلى الجزائر دون تزكية من المرجعيات الشيعية الإيرانية، التي تحرص على اختيار الأيادي الخادمة لمشروعها – بات أمراً مألوفاً، وكُتبُ التشيع التي ضبطت في مكتباتِ ومساجدِ الجزائر تأتي بعناوين تبعد عنها أي شبهة، غير أن مضمونها يدعو للتشيع وهي تؤكد وجود هذه الخطة الخطيرة، مع القطع بوجود تمويل سخي لهذه الظاهرة في المغرب العربي – خاصة تونس وليبيا – وحرص على تنفيذ دقيق وحرفي لها، خاصة مع بروز اسم الملحق الثقافي الإيراني أمير موسوي – قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني – كأحد أبرز الوجوه الداعمة الحركة التشيع في الجزائر.
المواجهة الرسمية والشعبية للتشيع في الجزائر
يقول قادة بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر إن السلطات الجزائرية قد تأخرت في مواجهة التمدد الشيعي في الجزائر، بعد أن بُحَّ صوت المحذرين منها، غير أن الوقت لم يفت من أجل محاصرتها ومواجهتها؛ ولهذا فقد ثمّنَ الجميع خطوة إنشاء هيئة لمكافحة التشيع بالتنسيق مع الجهات الأمنية في البلد.
أما على المستوى الشعبي فقد تصدى الكثير من الأئمة لهذه الظاهرة، من خلال إقامة دورات وخطب ودروس؛ لتوعية مختلف فئات الشعب بخطورة التشيع وفساده، كما ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات كثيرة تخصصت في محاربة التشيع بالجزائر، مع وجود جهود كثيرة لتوزيع كتب ومطويات تحذر من التشيع.
أما من الناحية القانونية فإن بعض القضاة طالبوا بالنظر في السبل القانونية للتصدي للظاهرة - التي قد تؤدي إلى عنف في المستقبل، خاصة بعد حادثة تعرض شرطي في مدينة تلمسان - بحسب صحيفة الخبر الجزائرية - إلى تهديدات من أطراف متشيعة بعد أن أزعجتها تحقيقاته حول ظاهرة التشيع.
أما محاولة بعض الأطراف التستر تحت حرية المعتقد، فإن الدستور الجزائري واضح حول هذه القضية، فالإسلام دين الدولة والشعب، وهذا دستور يعبر عن الإسلام الذي استقر في هذه الأرض منذ ١٤ قرناً، فهو يعبر عن الهوية الثقافية والإسلامية للشعب الجزائري، ولا يمكن أن يقبل الشعب الجزائري التشيع، خاصة أن أجداده قد طردوا الدولة الفاطمية الشيعية، على يد المعز بن باديس الصنهاجي، في تعبير واضح لرفض الشعب الجزائري لأي عقيدة مخالفة لعقيدته السنية؛ لذلك يجب الإسراع بسد هذه الثغرة – حرية المعتقد وتمييع مفهومها – من خلال إرساء قوانين تحارب التشيع، وفي هذا الوقت بالذات، بعد أن بدأ المتشيعون محاولة الخروج للعلن، وجس نبض المجتمع الجزائري.
إن الجرائم التي أحدثتها الطائفة الشيعية في العراق وسوريا واليمن تؤكد على أن التصدي الشعبي والرسمي الجزائري لظاهرة التشيع ضرورة قصوى، لا يجب التهاون فيها من أجل حفظ هوية ووحدة الأرض والأمة الجزائرية.
:: مجلة البيان العدد 354 صـفـر 1438هـ، فـبـرايـر 2017م.