لا تقْضِ همّاً فَالسُّنُونَ ثِوَانِي
وَالْخُلْدُ فِي النَّعْمَاءِ مَحْضُ أَمَانِي
إلاَّ الَّذِي يَوْمَ القِيَامَةِ كَائِنٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ بِجَنَّةِ الرِّضْوَانِ
وَاشْهَدْ عَلَيْنَا يَا زَمَانُ فَإنَّـنَا
صِرْنَا عَبِيدَ الْقَهْرِ وَالطُّغْيَانِ
يَلْهُو بِنَا السَّجَّانُ يَغْسِلُ حُوبَهُ
بِدِمَائِنَا وَيَجِدُّ فِي الْبُهْتَانِ
يَرْضَى لَنَا الشِّرْكَ الْـمَقِيتَ وَيَنْحَنِي
لأَئِمَّةِ الطَّاغُوتِ وَالصُّلْبَانِ
وَإذَا رَفَعْنَا الصَّوْتَ بِالشَّكْوَى غَدَا
جَبَلاً عَلَيْنَا ثَائِرَ البُرْكَانِ
لا يَسْتَقِيمُ لَنَا وَإنْ صِرْنَا لَهُ
جُنْداً نَذُودُ عَنِ الْحِمَى الْفَيْنَانِ
يُغْرِيهِ مِنَّا أَنَّ مِنْ أَبْنَائِنَا
رَهْطاً غَدَوْا رَمْزاً لِكُلِّ هَوَانِ
خَلْفَ «الْكَوَالِيسِ» اللَّعِينَةِ أَقْسَمُوا
أَنْ يَقْسِمُوا الأَوْطَانَ بِالْمِيزَانِ:
هَذِي لَكُمْ مِلْكُ الْيَمِينِ، وَحَظُّنَا
مَا شِئتُمُوا مِنْ سَائِرِ الْبُلْدَانِ
إنْ تَمْنَحُونَا الْعَطْفَ نَحْمَدْ رِفْدَكُمْ
وَنَصُـنْ مَقَاصِـدَكُمْ عَـنِ الْعُـدْوَانِ
اِشْهَدْ عَلَيْنَا يَا زَمانُ فَإنَّنَا
هُنَّا عَلَى الأَعْمَاقِ وَالشُّطآنِ
لَمْ يَبْـقَ فِي دُنْيَا الْوُجُودِ مُدَافِعاً
عَنَّا سِوَى مَا كَانَ مِنْ فَنَّانِ
أَمْلَى بِرِيشَتِهِ النَّبِيهَةِ قِصَّةً
أَحْدَاثُهَا مَجْنُونَةُ الْعُنْوَانِ
يَقْتَادُنَا الجِلْوازُ نَحْوَ حُتُوفِنَا
ظُلْماً بِلا ذَنْبٍ وَلا اسْتِئذَانِ
أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ الشِّفَارَ فَحَدَّهَا
حَتَّى أَسَالَ لُعَابَهَا لِطِعَانِ
وَمَضَى بِهَا نَحْوَ الرِّقَابِ يَحُزُّهَا
حَزَّ الْمَغِيظِ الْحَانِقِ الْهَذْيَانِ
لا شَيْءَ يَردَعُهُ إذَا بَاعَ الْحِمَى
لا شَيْءَ يَمْنَعُهُ عَنِ الإثْخَانِ
فَالشَّعْبُ قُيِّدَ وَالْعِمَادُ تَقَوَّضَتْ
والسَّـاحُ أَضْحَـتْ مَـرْتَـعَ الذِّئـبَانِ
كُلُّ الَّذِي يَرْجُوهُ أَنْ يَرْضَى الْعِدَى
عَنْهُ وَيَبْقَى سَالِمَ الأَرْدَانِ
يَمْشِي عَلَى دَمِنَا الْـمُرَاقِ، يَزفُّهُ
جَيْشٌ مِنَ الشُّذَّاذِ والْخِصيَانِ
وَيَحُوطُهُ بَغْيُ الطَّـوَاغِيـتِ الأُلَى
قَصَفُوا زُهُورَ الْخَيْرِ وَالإحْسَـانِ
لَمْ يَـبْـقَ فِي تِلْكَ الرُّبُوعِ ضَرَاغِمٌ
أَوْ جَحْفَلٌ يَحْمِي حِمَى الأَوْطَانِ
وَالرَّافِضُونَ الذُّلَّ بَاتُوا طُعْمَةً
لِلْـقَـهْـرِ وَالتَّـعْـذِيـبِ والسَّـجَّـانِ
يُمْسُونَ لا يَدْرُونَ بِدْءَ مَسَائهم
فَمَسَاؤُهُمْ وَصَبَاحُهُمْ سِيَّانِ
زَعَمَ الطُّغَاةُ الْحَقَّ فِي مِنْهَاجِهِمْ
وَتَشَدَّقُوا بِالْوَهْمِ كَالصِّبْيَانِ
بِئْسَ الرِّجَالُ غَدَاةَ يُنْشَرُ سِفْرُهُمْ
بَيْنَ الْخَلائِقِ وَاضِحاً لِعِيَانِ
فَاشْهَدْ عَلَيْنَا يَا زَمَانُ فَإنَّنَا
بِعْنَا النُّفُوسَ لِرَبِّهَا الدَّيَّانِ
وَدِمَاؤُنَا طَوْعاً لَهُ مَبْذُولَةٌ
حَتَّى يَفِيضَ الْعَدْلُ فِي الأَكْوَانِ
وَتَقُومَ للدِّينِ الْحَنِيفِ عِمَادُهُ
فِي الأَرْضِ بَـيْـنَ أَبَاعِدٍ وَدَوَانِي
وَيُنِيرَ هَذَا الْكَوْنَ قُرْآنُ الْهُدَى
وَيَسُودَهُ عَدْلٌ وَرُوحُ حَنَانِ
وَلَيَبْلُغَنَّ الدِّينُ ما بَلَغَ النَّهَا
رُ بِنُورِهِ، واللَّيْلُ مِنْ دَوَرَانِ
فَاصْبِرْ لِهَمِّكَ وَانْتَظِرْ فَلَقَ الصَّبَا
حِ يَجِيءُ بِالبُشْرَى، وَصَـوْتِ أَذَانِ:
اللَّـهُ أَكْبَرُ يَا رِيَاحَ الْحَـقِّ هُـبِّـي
وَانْشُرِي الْيُسْرى بكل مَكَانِ
قُولِي لِكُلِّ مُعَذَّبٍ مُستَضْعَفٍ:
إنَّ الظَّلامَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِي