تمرُّ مصر الآن بتحولات كبرى تستوجب أن يكون للعلماء والدعاة فيها مشاركة فعالة،
وتوجيه مؤثر، وريادة حقيقية؛ فهي تنتظر الآن كلمة صادقة، وهداية ناصحة في ما نزل
بها من مُلمَّات وخطوب ستؤثر ولا بد في مجريات الأمور، ليس في مصر فحسب، بل في
العالمين (الإسلامي والغربي) على حد سواء.
ولقد كثرت الأحزاب والهيئات بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011م، وأصبحت
الساحة مفتوحة لصاحب الأكثرية؛ كلٌ له أهدافه ووسائله، وعنده من التطلعات الخاصة
والعامة، فضلاً عن الإستراتيجيات الموضوعة لتحقيق تلك الأهداف بأسرع وقت؛ إلا أن
القليل من هذه الأحزاب اتخذت القرآن دستوراً، وانطلقت شرعيتها من شرع الله تعالى.
وفي هذا البحر اللُّجي من الحياة السياسية والحَراك الاجتماعي خرجت الهيئة الشرعية
للحقوق والإصـلاح، منطلقـة في وجـودها من قـوله - تعالى
-: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا
بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
[هود:88]، وتتخذ من قوله - تعالى -
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ}
[النساء:135] شعاراً لها.
لماذا الهيئة؟
يرى فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل (مفتي الديار المصرية الأسبق ورئيس الهيئة
الشرعية للحقوق والإصلاح) أن ميلاد هذه الهيئة قد جاء في ظروف بالغة الدقة
والأهمية؛ حيث تمرُّ أرض الكنانة بتحولات كبرى تستوجب أن يكون للعلماء والحكماء
فيها مشاركة فعالة، وتوجيه مؤثر، وريادة حقيقية.
ويضيف الدكتور واصل: «لقد باتت مصر اليوم تنتظر كلمة صادقة، وهداية ناصحة في ما نزل
بها من ملمَّات وخطوب ستؤثر ولا بد في مجريات الأمور، ليس في مصر فحسب، بل في
العالَمين (الإسلامي والغربي) على حد سواء».
مؤكداً على أنه على الرغم من قيام أهل العلم والدعاة إلى الله بواجبهم كلٌ في
موقعه؛ إلا أن الحاجة أصبحت ماسة اليوم إلى الوحدة والاجتماع، والمشاورة في النوازل
المستجدة بما يكثِّر الخير ويدفع الشر ويحقق المصالح ويدرأ المفاسد، فضلاً عن أن
اجتماع أهل العلم في الأمة على كلمة سواء مطلب شرعي، يحقق مخرجاً من أزمة، ونجاة من
فتنة، وهو بمثابة الوسيلة والمقدمة لإقامة العدل، وصيانة الحرمات والحريات. وقاعدة
الشريعة: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وإذا كانت الدعوات الإسلامية المعاصرة قد قامت بهدف دعوة الناس إلى الله - تعالى -
وإصلاح مجتمعاتهم، فإنها ستخوض غماراً وتركب أخطاراً توجب عليها تنسيقاً وتشاوراً
في المهمات والمسائل العامة.
ومن المنطلقات السابقة جميعها جاءت هذه الهيئة، وجاء نظامها ليكون إطاراً يحقق
مقاصدها ويضبط أعمالها وبرامجها.
ويُرجِع الدكتور مدحت عبد الباري (مقرر اللجنة الإدارية بالهيئة الشرعية) تاريخ
بداية الهيئة إلى بداية الخامس والعشرين من يناير؛ وذلك بعد أن وجد القائمون عليها
أن التيارات الإسلامية المختلفة في مصر لا تجتمع معاً لمناقشة أمور الأمة التي تطرأ
عليها؛ فكلٌّ يعمل وَفْقَ منهج منفرد؛ بل ما جعل الأمر أكثر إلحاحاً لوجود مثل هذه
الهيئة أنك تجد داخل التيار الواحد تيارات وفصائل مختلفة. فكانت الهيئة جهة علمية
مرجعية شاملة يتمثل فيها كل التيار الإسلامي؛ من الأزهر الدكتور نصر فريد وبعض
العلماء المنضمين للهيئة من الأزهر الشريف، أو التيار الإخواني أو السلفي وغيرهم،
دون الرجوع إلى المسميات أو أن هذا يمثل جهة مَّا.
ويؤكد الدكتور عبد الباري أن أهم ما يمثل الهيئة ومدى احتياج الناس إليها هو توحيد
الصف المصري عامة، والإسلامي خاصة؛ فالناظر الآن في كل المستجدات على الساحة
المصرية سيجد أنه قد ينشأ شيء داخل الصف المصري في قضية تصوُّر الشكل الإسلامي لمصر
في الفترة القادمة، والأمر يستوجب إيقاف هذا الأمر قبل بدايته؛ وذلك عن طريق هيئة
مرجعية تمثل الجميع، ولا تنحاز إلى فصيل أو فئة دون غيرها.
ولقد أعرب الشيخ نشأت أحمد الداعية الإسلامي عن رأيه بقوله: «إن الهيئة الشرعية في
هذا الوقت هي ضرورة شرعية؛ لأننا نريد أن نأتلف ولا نختلف، ونلتقي ولا نفترق؛ فنحن
في حاجة شديد الآن إلى تلاقي كلمة العلماء، وإيجاد مرجعية واحدة، ونحمد الله -
تعالى - أن شُكِّلت مثل هذه الهيئة في هذا الوقت؛ وذلك لمجموعة ضروريات منها: ضرورة
توحيد الفتوى، وضرورة مجارة الأحداث ومتابعتها عن كثب، خاصة في ظل تسارع الأحداث
هذه الأيام. ولا شك أن كل حدث يحتاج الناس فيه إلى آراء العلماء وأهل العلم فيه،
فضلاً عن مناقشة المسائل والأحكام في حضور عدد من العلماء الأجلاء، وضرورة أن يكون
للإسلاميين وجود على الساحة قوي، يُحترَم عند الناس، وأن تلقى فتوانا قبولاً عند
المسلمين».
وعن الحضور السياسي للهيئة أكد الشيخ نشأت أحمد على أن الهيئة تُدلي برأيها من خلال
العلماء المشاركين فيها في أي حدث؛ سواء كان سياسياً أو اجتماعياً أو أخلاقياً أو
غير ذلك، ويكون ذلك: إما بالقول أو بنشر الحق بين الناس بأي وسيلة أيّاً كانت، وإن
لم يكن لنا توجُّه سياسي من خلال مشاركات بعينها للهيئة، لكن هذا المشاركات متروكة
لمن أراد المشاركة.
أهداف ووسائل الهيئة:
ويؤكد الدكتور محمد يسري إبراهيم (المستشار بجامعة المدينة العالمية والأمين العام
للهيئة الشرعية) أن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح هي هيئة علمية إسلامية وسطية
مستقلة، تتكون من مجموعة من العلماء والحكماء والخبراء، وتنطلق في وجودها من قوله -
تعالى
-: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا
بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
[هود:88]، وتتخذ من قوله - تعالى -:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ}
[النساء:135] شعاراً لها.
وذكر الدكتور يسري مجموعة من القيم والمبادئ التي تلتزمها الهيئة؛ والتي تمثل
منظومة متكاملة من ضوابط التفكير والسلوك وعوامل التأثير في اتخاذ القرارات، ومن
أبرز تلك القيم: المنهجية الأخلاقية في العلم والعمل، والشمولية في الطرح والتناول
لمختلف القضايا، والشورى في القرارات العلمية والعملية، والتخصصية، والتواصل
والتعاون، وتقدير الآراء والأشخاص دون تقديس، ورعاية الحريات الإنسانية والحقوق
المشروعة، والجمع بين مصادر المعرفة الدينية والدنيوية، وأخيراً الالتزام بالوسطية
الشرعية.
كما يشير الدكتور محمد يسري إلى الأغراض التي من أجلها جاءت الهيئة؛ فهي تتوخى
تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها: البحث في القضايا والمستجدات المعاصرة؛ بما يساعد
على حماية الحريات والحقوق المشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإيجاد مرجعية
راشدة تُحْيِي وظيفة العلماء والحكماء في الأمة؛ لمعاونة أهل الحل والعقد في تدعيم
الحريات وتحقيق الإصلاح، والعمل على وحدة الصف وجمع الكلمة، وتقديم الحلول للمشكلات
المعاصرة وَفْقاً لمنهج الوسطية النابع من عقيدة أهل السُّنة والجماعة، والتنسيق مع
مختلف القوى والمؤسسات الإسلامية والشعبية لتحقيق الأهداف المشتركة، وترسيخ القيم
الإسلامية في الحياة المعاصرة؛ بما يعيد بناء الإنسان وتنميَته لإحداث نهضة حضارية
شاملة، وحماية الحريات الإنسانية، والحقوق الشرعية.
ولقد عدَّد الأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس (نائب رئيس الهيئة) الوسائل التي من
خلالها يجري تحقيق تلك الأهداف التي أشار إليها الدكتور محمد يسري، ومن أهما: تشكيل
لجان متخصصة ذات مهامَّ دائمةٍ أو مؤقتةٍ ويعهد إليها القيام بالأعمال التي تحقق
أغراض الهيئة وأهدافها، بالإضافة إلى عقد الاجتماعات الدورية والطارئة لاتخاذ
المواقف المناسبة وبحث القضايا المهمة أو العاجلة، فضلاً عن عقد الندوات والملتقيات
التي توضِّح رأي الهيئة في القضايا المثارة، وستعمل الهيئة على إصدار البيانات
ومكاتبة ومحاورة الأفراد والجهات والهيئات الرسمية وغير الرسمية، كما ستقوم بإنشاء
موقع إلكتروني على شبكة المعلومات الدولية يتضمن بحوث الهيئة وأنشطتها وأخبارها.
ومما لا شك فيه أن الهيئة ستستعين بالخبراء والمتخصصين؛ وذلك للاستبصار في ما
يُعرَض من قضايا معاصرة ومهمة.
ويضيف الدكتور السالوس أن من أهم تلك الوسائل: هو التفاعل المباشر مع وسائل الإعلام
المرئية والمسموعة والصحافية (الورقية والإلكترونية)، ثم إصدار دورية أو مجلة باسم
الهيئة تتضمن البحوث والمقالات العلمية، وعقد الندوات والدورات العلمية المختلفة،
والبرامج المتخصصة، وأخيراً للهيئة أن تتخذ من الوسائل والأساليب المشروعة ما تراه
محقِّقاً لأهدافها المختلفة.
لجانٌ متعددة:
وتعقيباً على ما سبق من وسائل الهيئة التي منها تشكيل لجان متخصصة ذات مهامَّ دائمة
أو مؤقتة يُعهَد إليها القيام بالأعمال التي تحقق أغراض الهيئة وأهدافها، فقد ضمَّت
الهيئة لجاناً دائمة هي: لجنة البحوث العلمية، ولجنة الحقوق والحريات الإنسانية،
ولجنة الشباب وخدمة المجتمع، ولجنة التقنية والإعلام، واللجنة الإدارية والمالية.
ويؤكد الدكتور مدحت عبد الباري محدداً أربعة محاورَ تقوم اللجنة الإدارية والمالية
على العمل عليها وهي: تنظيم أعمال الهيئة على أنها كيان، ثم البحث عن مصادر تمويل،
والترتيب والتنسيق التعاوني بين مختلف اللجان في الهيئة؛ فاللجنة الإدارية هي حلقة
الوصل بين كل تلك اللجان، كما أنها تشارك بعض اللجان الأخرى في مسؤوليات مختلفة؛
فمثلاً هي مسؤولة عن (الفيد باك) أو رَجْع صدى أعمال الهيئة من مؤتمرات وندوات وورش
العمل التي تعقدها الهيئة، بالإضافة إلى النشاطات المماثلة؛ وذلك بالتعاون مع
اللجنة الإعلامية.
ثم يأتي الشيخ هشام برغش (مقرر لجنة البحوث العلمية) ليبيِّن رؤية الهيئة في اللجنة
العلمية داخل الهيئة، وهي: تكوين مرجعية شرعية راشدة للمسلمين في مصر تُحْيي وظيفة
العلماء في تحقيق نهضة الأمة المصرية، وتوحِّد صفوف عامة المسلمين في مصر على الحق
والهدى، وتزيل أسباب الفرقة بينهم وتهتم بقضاياهم ومشكلاتهم، وتقدِّم الحلول
الشرعية لهم وَفْقَ منهج وعقيدة أهل السُّنة والجماعة.
مؤكداً على أن رسالة هذه اللجنة، هي: تجمُّع علميٌّ منظَّم من علماء المسلمين وطلبة
العلم والدعاة في مصر يساهم في توحيد صفوف المسلمين وجمع كلمتهم، من خلال جمع طاقات
العلماء والدعاة وترشيدها وتوجيهها، وتقديم حلول شرعية للقضايا والنوازل والتحديات
المعاصرة التي تواجه المسلمين في مصر وَفْقَ منهج أهل السُّنة والجماعة؛ وذلك
باعتماد أسس البحث العلمي السليم المؤصَّل، والحوار الجماعي.
وعن أهم أهداف اللجنة العلمية يقول الشيخ هشام برغش: تضع اللجنة العلمية بالهيئة
مجموعة من الأهداف، منها: استنباطُ الأحكام الشرعية للحوادث والنوازل والقضايا
العامة المتعلقة بالشأن المصري، وتحديدُ الموقف منها، وبيانُ ذلك للمسلمين، وإظهار
كمال الشريعة الإسلامية وشمولها ومرونتها، ووفاؤها بحل كل القضايا والنوازل التي
يتعرض لها المسلمون في كل زمان ومكان، والعمل على توحيد الكلمة بين العلماء وطلبة
العلم والدعاة، من مختلف التجمعات والاتجاهات المنتمين لأهل السُّنة في مصر.
وكذلك أيضاً جَمْعُ طاقات العلماء والدعاة والأفراد، والعاملين في الساحة الإسلامية
المصرية وترشيدُها، وتوجيهُها الوجهة المناسبة والنافعة، والنهوضُ بطلبة العلم على
منهج صالح العلماء الأسلاف، وإحياء الأُلفة بينهم من سائر المذاهب، وترتيب الحوار
الهادف، وإرساء معالم أدب الخلاف، ونبذ التقليد والتعصب، وكشف المخططات المعادية
للإسلام والمسلمين مما يتعلق بالشأن المصري، والتصدي لها بشتى الوسائل المشروعة،
وتحذير الأمة المصرية وحمايتُها من المناهج والعقائد المنحرفة والتيارات الهدامة،
مع بيان موقف الإسلام منها. وأخيراً العمل على رد الشبهات التي تثار حول الإسلام
ونبيه صلى الله عليه وسلم وحَمَلَته، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام عند بعض
المسلمين وغير المسلمين.
ويتحدث الدكتور عطية عدلان (المدرس بجامعة المدينة الإسلامية، وهو من علماء اللجنة
العلمية بالهيئة) أن هناك وسائل اتخذتها اللجنة للوصول إلى هذه الأهداف:
وأوَّل هذه الوسائل:
هو إعداد المادة العلمية اللازمة لعقد المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية،
والتنسيق في ذلك مع اللجنة الإعلامية بالهيئة.
وثانيها:
التواصل والتعاون والتنسيق مع المؤسسات العلمية، والاستفادة من المتخصصين، ومن لهم
عناية خاصة بدراسة الفقه المقارن وخدمة الدليل؛ بما يحقق أهداف الهيئة.
وثالثها:
هو إصدار مجموعة من البحوث العلمية القوية غير المسبوقة مما يتعلق بالنوازل
والقضايا الملِحَّة.
ويضيف الدكتور عدلان قائلاً:
إن من الوسائل كذلك:
المشاركة والتنسيق في إصدار مجلة دورية علمية متخصصة تُعنَى بالتأصيل العلمي
والمنهجي للقضايا العامة والمستجدات الملحَّة محلياً وعالمياً، ثم تقديم اقتراحات
وصياغات للبيانات المعبِّرة عن موقف الهيئة تجاه ما يستجد من قضايا وأحداث، والعمل
على نشر المقالات والفتاوى الهامة عبر موقع الهيئة الإلكتروني، والإشراف العلمي على
مادته، والتفاعل مع زواره من خلال منتديات الموقع، وعقد دورات علمية
(عقدية،
وفقهية، وأصولية متخصصة)؛
خاصة في ما يتعلق بالسياسة الشرعية وفقه الأولويات والموازنات، وكذلك فقه الخلاف،
فضلاً عن إقامة المسابقات العلمية، وإعدادِ تقاريرَ عما يستجد من رسائل جامعية ذات
الصلة عقب مناقشتها، وأخيراً التخطيط للمشاريع العلمية.
وعن لجنة الحقوق والحريات يقرر الأستاذ ممدوح إسماعيل
(المحامي
ومقرر اللجنة بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح)
أن ما تم الاتفاق عليه بشأن الهيئة عامةً هو شيء جيد؛ فالإسلاميون تجمعوا في عمل
مؤسسي لخدمة القضايا الإسلامية، هذا شيء عظيم ولا شك، ولكن ما زالت الآليات في طور
الإعداد والتجهيز، كما أن هناك بعض صعوبات تواجه العاملين في هـذا المجـال على
المستوى الإسـلامي؛ ومنها:
أنه لا زالت هناك رواسب من الماضي في التفاعل مع الجديد، وهذه مرحلة طبيعية في نظر
بعضهم، وسنحاول الخروج من هذه الحلقة بأسرع وقت، محاولين سرعة التفاعل الجديد
والجيد مع آليات الحياة في مصر بعد الثورة، والشاهد هنا هو أن لجنة الحقوق والحريات
شيء غاب عن كثير من الإسلاميين الاهتمام به.
وكم عانينا من غياب رؤية واضحة في هذا المجال في الفترة السابقة، ونحمد الله
-
تعالى
-
أن الهيئة انتبهت لهذا الأمر وهو تقدُّم ولا شك؛ بل تستطيع أن تقول:
إن الإسلاميين يحاولون الحصول على بعض ما سُلِب منهم في المدة الماضية نتيجة قَهْر
نظامٍ فاسد، والنصيحة الآن:
أنه علينا البعد عن الآليات الجامدة في التعامل مع القضايا الحقوقية، كم أنه علينا
البعد عن الموروثات السابقة في الرؤية.
ويضيف كذلك أن أهم هدف لهذه اللجنة داخل الهيئة هو التفاعل الواضح مع قضايا الحقوق
الإسلامية التي ضيعت وما تزال في ظل زخم سيطرة العَلمانيين واللبراليين وغيرهم من
المناوئين للفكر الإسلامي الوسيط على الحالة الإعلامية وعلى المشهد السياسي، وفي
الأيام القادمة سنتباحث حول سرعة تفعيل آليات في هذا المجال.
ومن اللجان المهمة داخل الهيئة:
لجنة الشباب وخدمة المجتمع، ورؤيتها حسب ما ذكره الدكتور حسن يونس عبيدو،
(الأستاذ
بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومقرر اللجنة)،
تكمن في أن تمثلَ لجنةُ الشباب وخدمة المجتمع الهيئةَ الشرعيةَ للحقوق والإصلاح في
مجالات توعية الشباب ودعوتهم وتوجيههم، وتوظيف طاقاتهم، والتواصل معهم، والنهوض
بهم، وفي
مجالات خدمة المجتمع؛ بحيث تصير الهيئة مرجعية شرعية للشباب.
ثم يذكر الشيخ محمد عبد الواحد
(نائب
مقرر لجنة الشباب)
أن أهداف هذه اللجنة الشبابية كثيرة، منها:
توعية الشباب بالمسؤولية الاجتماعية الواقعة على أفراد المجتمع وفي مقدمتهم فئة
الشباب، وإعانتهم على القيام بتلك المسؤولية، والمساهمة في بناء عقل الشباب بما
يجعله قادراً على مواجهة التحديات وحل المشكلات، والمساهمة في الارتقاء بأخلاق
الشباب بالشكل الذي يُظهِر الوجه الحقيقي للإسلام، وتغذية الجانب الإيماني في شخصية
الشباب، وربطهم بمرجعية الشريعة الإسلامية.
ويستكمل فضيلة الشيخ عبد الواحد الأهداف قائلاً:
ومنها أيضاً تحصين الشباب ضد الأفكار والتيارات المنحرفة، ووقايتهم من فتن الشبهات
والشهوات، وتأهيل الشباب وجعلهم قادرين على التميُّز في سوق العمل، واستيعاب طاقات
الشباب في مشاريع تخدم المجتمع وترتقي به.
ويعتبَر كسر حاجز العزلة بين الشباب المتدين وعموم الشباب المسلم من أهم أهداف
اللجنة.
ويرجع الدكتور حسن عبيدو ليتحدث عن الوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف سالفة الذكر،
فيذكر إحياء دَوْرِ المساجد في شتى المحافظات والأحياء السكنية المختلفة، وتكوينَ
لجان في المساجد لا سيما الكبيرة منها، تقوم بأدوار مختلفة
(علمية
ودعوية واجتماعية وتربوية...
وغير ذلك)،
والتواصل مع أئمة المساجد ومقرِّري تلك اللجان بصفة دورية لمتابعة أعمالهم، وعقد
ندوات شبابية في المساجد وفي مراكز الشباب والنوادي والجامعات والمدارس وأماكن
تجمعات الشباب، وغير ذلك من كل الوسائل التي تراها اللجنة مشروعة لذلك.
هذا وقد وضعت اللجنة الشبابية بالهيئة الشرعية مجموعة من البرامج التفاعلية
والتنفيذية، من أهما:
تغطية الجمهورية بوكلاء للجنة، بواقع وكيلٍ عامٍّ لكل محافظة، وله أن يتخذ مندوبين
في مناطق المحافظة بحسب الحاجة مع مراجعة اللجنة، وبرنامج تواصل لجمع أكبر قاعدة
بيانات ممكنة من الشباب الإيجابي، ويمكن إنشاء منتدى خاص بذلك، أو موقع على شبكة
الإنترنت، وصفحة في الفيسوك، وبرنامج توعية لعمل أكبر عدد ممكن من الندوات المختلفة
في محافظات مصر كافة، وبرنامج
(تميز)
لتأهيل الشباب من خلال دورات التنمية البشرية والتدريب على احتياجات سوق العمل،
وبرنامج
(قائد)
لعمل معسكرات شبابية يجري فيها صقل الشباب وتدريبهم على روح فريق العمل.
وهناك عدد من اللجان الأخرى التي ضُمَّت في الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، مثل:
لجنة التقنية والإعلام، ولجنة الدعوة والإصلاح، ووضعت لها الهيئة الرؤية والأهداف
والوسائل الموصلة لهذه الأهداف، وبعض البرامج التفاعلية التي تساعد على الفهم
والتطبيق على أرض الواقع بعيداً عن مناخ انفصال الكلام عن العمل.
كما تضم الهيئة الشرعية مجموعة من العلماء والأئمة والحكماء والمتخصصين، من كل
التيارات الإسلامية؛ إلا أنهم خلال وجودهم داخل الهيئة لا يأتون أبداً على ذكر هذه
التيارات، تحقيقاً للوحدة الإيمانية والإسلامية في هيئة واحدة تضم الجميع بعيداً عن
التحزب أو التشرذم.