حرب الموارد في أفريقيا الوسطى

حرب الموارد في أفريقيا الوسطى


يمارس الإعلام العربي دوره في التغطية على جرائم فرنسا في مالي وإفريقيا الوسطى وكذلك تبرير العدوان الأمريكي على العراق وأفغانستان و الكثير من بلدان العالم الثالث، ليس هذا الأمر غريبا إذا ما نظرنا إليه كجزء من الصفقات التي تدخل في إطار السياسة القذرة التي تتبعها الدول الاستعمارية مع أنظمة الحكم في العالم الثالث.

وللإطلاع على حقيقة التدخل الفرنسي في افريقيا الوسطى يجب أن نذكر بقولة مهمة للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في عام 2008 حيث قال "إن فرنسا بدون أفريقيا ستنزلق إلى دول العالم الثالث".  و تأكيدا لهذه المقولة فقد ذكر فرانسوا ميتران  عام 1957 أن فرنسا بدون افريقيا ليس لها تاريخ في القرن الـحادي و العشرين".  وحينما نتحدث عن تباكي فرنسا لأوروبا و الولايات المتحدة من أجل الحصول على الدعم العسكري لحملتها في افريقيا الوسطى فإن ذلك ليس لأنها ترعى دور الرجل الأبيض في القارة السمراء،  أو تريد فقط المحافظة على استقرار الأوضاع في مستعمراتها السابقة، بل إن أوروبا بأسرها قلقة من النفوذ الصيني و التركي و الكوري في السوق الاقتصادي الأفريقي.  القارة الإفريقية بالنسبة للأوروبيين مورد مهم للمواد الخام، فهي غنية بالزراعة و الأخشاب و النفط و الموارد المعدنية، ولم يغب من ذاكرتنا حرب الماس في سيراليون عام 1991 التي افتعلتها المخابرات الأوروبية وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء.

ومن التجارب الفرنسية في افريقيا أيضا بحسب الباحث في مركز "جلوبل ريسرتش"  انطوان روجيه قيام الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عام2011 بالتدخل في ساحل العاج للإطاحة بلوران غباغبو بالقوة وتثبيت الحسن واتارا، و السبب في ذلك قيام غباغبو بفتح السوق المحلي أمام الشركات الصينية على حساب فرنسا.

ولم يحرك فرنسا فقط دعم المسيحيين ضد حركة السيليكا المسلمة لا سيما بعد أن تسلم ميشيل جوتوديا رئاسة الجمهورية في البلاد و أطاح بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، بل إنها تحركت أيضا لمنع الصين من الحصول على اليورانيوم في افريقيا الوسطى.

فرنسا تقيم علاقات دائمة مع أكثر من 15 دولة افريقية، وتعتبرها حديقتها الخلفية منذ إنهاء الوجود العسكري فيها في القرن المنصرم، فهي تقيم شراكات اقتصادية واسعة معها و اتفاقيات دفاع مشترك و حتى بعض الدول تربط عملاتها المحلية بالعملة الفرنسية.

أسقطت فرنسا الرئيس ميشيال جوتوديا بدعم حركة شعبية مسيحية يقودها ويدعمها الرئيس السابق فرانسوا بوزيزيه وقامت هذه الحركة التي تدعى " أنتي بلاكا" بمهاجمة أماكن تجمع المسلمين و قتلت منهم المئات، و بالرغم من مزاعم فرنسا التي تروج لها بأنها تقف للحيلولة دون وقوع مذبحة تستهدف المسلمين فإن قواتها المنتشرة هناك أقدمت فقط على نزع أسلحة أعضاء حركة " السيليكا" المسلمين وتركت المسيحيين يمارسون جرائمهم دون رادع.

تقول اسبوعية "جون أفريكا"  إن مليشيات " أنتي بلاكي" قتلت أكثر من 600 مسلم في العاصمة بانغي منذ بداية الأحداث، وبالرغم من ذلك لم يعتقل أي مجرم من قبل القوات الفرنسية أو الأفريقية الموجودة، وفي حين تقف القوات التشادية على مسافة قريبة من المسلمين فإن القوات الكونغية و البورندية  التي تشارك في القوة الإفريقية تساند بوضوح المجموعات المسيحية ضد المسلمين، هذا الأمر تصاعد مؤخرا وأدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين.  وبضغوط فرنسية تم نقل القوة الإنشادية إلى شمال البلاد.

تشير الأرقام إلى مقتل 1000 شخص في الأسابيع الأولى من العام 2014 و تقول "يونسيف" إن أطفال قطعت رؤوسهم من أبناء المسلمين، كما نزح منهم 935 ألف شخص في جميع أنحاء البلاد.  كما لجئ 150 ألف شخص من المسلمين إلى منطقة قريبة من المطار الدولي في بانغي.

تريد فرنسا أن تجري انتخابات في قبل نهاية العام الحالي، مع ضمان أن تقوم الحكومة الجديدة بإلغاء جميع عقود التعدين السابقة، ويبقى أن نقول أن حرب الموارد في افريقيا الوسطى هي جزء من الحروب الخفية التي تديرها فرنسا المستعمر السابق للقارة السمراء، و إذا كانت فرنسا حريصة على تنصيب سياسيين مسيحيين لحكم افريقيا الوسطى فهي بالتالي تبحث عن الولاء وليس فقط النفوذ الاقتصادي.

أعلى