البيان/صحف: انتقدت الكاتبة البريطانية نسرين مالك في مقال لها بصحيفة The Guardian مشاركة قادة غربيين في قمة شرم الشيخ، التي انعقدت بدعوى إنهاء الحرب في قطاع غزة ووضع أسس السلام في الشرق الأوسط، معتبرة أن الدول التي دعمت الحرب وساهمت في تمكين "المذبحة"، بحسب تعبيرها، لا يمكن أن تكون ضامناً لمستقبل فلسطيني عادل.
وقالت مالك إن القمة التي جمعت شخصيات مثل دونالد ترامب، وإيمانويل ماكرون، وكير ستارمر، وبيدرو سانشيز، جاءت لتلميع صورة من مكّن الحرب، لا لمحاسبة مرتكبيها. وأضافت أن الحديث عن "بدء عهد جديد من الأمن والاستقرار" يتجاهل الأسباب الجذرية للصراع، وفي مقدمتها استمرار الاحتلال الصهيوني، والإفلات من العقاب.
ولخصت الكاتبة المفارقة بالقول: "ثمة مثل عربي يقول: حاميها حراميها"، في إشارة إلى أن الدول التي سلّحت الدولة العبرية وسكتت عن أفعالها، هي ذاتها التي تزعم الآن السعي لتحقيق السلام في غزة.
وأشارت إلى أن صور غزة بعد وقف إطلاق النار تظهر مدينة مسوّاة بالأرض، حيث اختفى حتى ظل المباني، وتحوّل المشهد إلى صحراء قاحلة بلا مأوى، ولا أمل. وأوضحت أن ما جرى لا يمكن اختزاله في دمار مادي، بل شمل أيضاً محو النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتدمير سلالات عائلية بالكامل.
ونقلت مشاهد مؤلمة من داخل القطاع، منها أب فقد جميع أطفاله وزوجته في غارة واحدة، ولا يزال يتجول وسط الركام "ضائعاً"، على حد وصف أحد السكان.
غزة ليست "مأساة" بل جريمة مستمرة
ورفضت مالك وصف ما حدث في غزة بأنه "مأساة"، بل اعتبرته جريمة ممنهجة مدعومة من قوى دولية، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 10% من سكان غزة قتلوا أو أصيبوا خلال الحرب، وأن هذه الحقائق لا يجب أن تُختزل في "تكاليف حرب"، بل تستدعي مساءلة كاملة للفاعلين المحليين والدوليين.
وتابعت أن العالم يستعد الآن لتلميع ما حدث، حيث بدأ ترامب يتحدث عن "نصره" في صنع السلام، بينما حلفاؤه في الغرب، مثل ستارمر، يشيدون بدوره، دون التوقف عند مسؤوليته السياسية والأخلاقية عن الحرب.
وشددت مالك على أن الحديث عن "إعادة إعمار غزة" و"بداية جديدة" يتجاهل الواقع القائم على استمرار الاحتلال الصهيوني، والتوسع الاستيطاني، والتمييز ضد الفلسطينيين، وإنكار حقهم في تقرير المصير.
وأضافت أن إعادة الإعمار لن تُجدي ما لم تُبْنَ على أساس الاعتراف بالجرائم المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها، محذّرة من "تبييض" المسؤولية الدولية عبر قمم مثل شرم الشيخ، التي لا تختلف – في رأيها – عن محاولة إسكات أصوات الغضب العالمي.
وختمت بالقول إن وقف القتل في غزة "أمر مرحب به"، لكنه لا يعني نهاية الأزمة، مؤكدة أن "السلام لا يُبنى بواسطة من ساهموا في سفك الدماء، بل بتمكين الشعب الفلسطيني نفسه ليقرر مصيره بحرية وعدالة".