البيان/وكالات: تشهد الدولة العبرية أخطر أزمة داخل بنيتها الأمنية منذ سنوات، بعد انفجار الخلاف بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، في نزاع تصاعد من مستوى التباين المهني إلى اتهامات علنية تمسّ جوهر العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري. هذه الأزمة، التي جاءت في لحظة حساسة تتزامن مع العمليات المستمرة في غزة ولبنان والضفة الغربية، كشفت هشاشة غير معهودة في منظومة اتخاذ القرار داخل الدولة العبرية، وأجبرت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التدخل المباشر في محاولة لم ينجح حتى الآن في احتوائها.
تعود جذور الخلاف إلى قرار كاتس تجميد التعيينات العسكرية رفيعة المستوى وإعادة فحص تقرير لجنة تورجمان حول إخفاقات هجوم 7 أكتوبر 2023، وهو ما اعتبره زامير تدخلاً سياسياً في استقلال المؤسسة العسكرية ومحاولة لإعادة توزيع المسؤولية وتحميل الجيش وحده ثمن الفشل. كاتس، من جهته، يرى أن التحقيق ينبغي أن يشمل قيادات أركان سابقة وأن معالجة ما جرى يتطلب محاسبة أوسع من تلك التي أقرها الجيش. أمّا زامير، فاعتبر الخطوة انتهاكاً صريحاً لسلطة الجيش في تقييم أدائه، خاصة بعد أن ألقى خطاباً انتقد فيه غياب “القيادة الحاسمة التي تملك الجرأة على الاعتراف بالفشل وإحداث التغيير”.
وبلغت الأزمة ذروتها عندما رفض كاتس حضور اجتماع ثلاثي كان يفترض أن يضمّ نتنياهو وزامير، ما اضطر رئيس الوزراء الصهيوني إلى عقد اجتماعين منفصلين لكل طرف. ورغم محاولته الدفع باتجاه تهدئة علنية ووقف التلاسن الإعلامي، إلا أن الشرخ بدا أعمق من مجرد خلاف إداري. تسريبات صحفية تحدثت عن استياء نتنياهو من أداء زامير في غزة ولبنان إلى جانب امتعاضه من نزعة كاتس المستقلة، ما جعل ملف الأزمة أكثر تعقيداً وربطها بصراع نفوذ داخل الحكومة الصهيونية نفسها.
محللون يرون أن ما يجري ليس خلافاً مهنياً فقط، بل صراع سياسي يختبئ خلف لافتة "التحقيق العسكري". إذ يحاول كاتس تعزيز نفوذه داخل الليكود عبر تحميل المؤسسة العسكرية جزءاً أكبر من المسؤولية التاريخية، بينما يسعى زامير للحفاظ على استقلال الجيش وتحصينه من التدخلات. هذا التباين انعكس في الإعلام، وفي المؤسسات الأمنية، وعلى صور التنسيق العملياتي في الميدان؛ وهو ما دفع شخصيات أمنية صهيونية بارزة للتحذير من تداعيات مباشرة على جاهزية الاحتلال في جبهات غزة ولبنان حيث تتطلب العمليات تنسيقاً سريعاً وموحداً في القرار.