• - الموافق2025/12/14م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الجنوب السوري.. فراغ النفوذ الإيراني وحسابات الأمن الإقليمي الجديدة

أفاد موقع معهد ألما العبري بأن المشهد الأمني في جنوب سوريا شهد تحوّلًا لافتًا منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل عام، إذ لم يُسجَّل أي وجود يُذكر لإيران أو حزب الله في المنطقة، على خلاف ما كان سائدًا خلال سنوات الحرب.


البيان/متابعات: أفاد موقع معهد ألما العبري بأن المشهد الأمني في جنوب سوريا شهد تحوّلًا لافتًا منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل عام، إذ لم يُسجَّل أي وجود يُذكر لإيران أو حزب الله في المنطقة، على خلاف ما كان سائدًا خلال سنوات الحرب. غير أن هذا الغياب لا يعني انتهاء النفوذ، بل يشير إلى انتقاله من الصيغة العسكرية المباشرة إلى أنماط أكثر مرونة وتعقيدًا، تقوم على تجنيد عناصر محلية عبر شبكات ووكلاء يعملون لصالح ما يُعرف بمحور المقاومة.

في المقابل، يبرز فاعل آخر في هذا الفراغ، يتمثل في خلايا تابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، التي تعمل على ترسيخ وجودها في جنوب سوريا، لا سيما داخل مخيمات اللاجئين في محيط دمشق. وتشير التقديرات إلى أن هذه الخلايا لا تتحرك بمعزل عن الغطاء الرسمي، بل تحظى بدعم من مسؤولين حكوميين في السلطة الجديدة، ما يمنحها هامشًا أوسع لإعادة تنظيم صفوفها وبناء بنى تحتية عسكرية وأمنية مستترة.

في قلب هذا المشهد المتشابك، يضع التقرير الرئيس السوري أحمد الشرع، بوصفه لاعبًا يعتمد سياسة "اللعبة المزدوجة". فمن جهة، يسعى إلى تقديم نفسه كضامن للاستقرار وكشريك محتمل في ترتيبات إقليمية جديدة، ومن جهة أخرى، تشتبه الدولة العبرية بدرجة عالية في معرفته التفصيلية بالبنى التنظيمية التي تنشط في جنوب سوريا، وبصلاته غير المباشرة مع منظمات مسلّحة فاعلة في المنطقة.

وتذهب التقديرات إلى أبعد من ذلك، إذ تتحدث عن دور محتمل لأجهزة استخبارات تابعة للشرع في توظيف أشخاص يروّجون لهجمات داخل سوريا، مع السعي في الوقت نفسه لتنفيذ مخططات تستهدف الدروز في الجنوب، بما يعكس استخدام التهديدات الأمنية كورقة ضغط سياسية وأمنية. كما تطرقت تقارير إلى احتمال تعيين مبعوث خاص من قبل الشرع للتواصل مع قيادة حركة الجهاد الإسلامي وتنسيق العمليات معها، في مؤشر على محاولة ضبط إيقاع الفاعلين المسلحين بدل الدخول في مواجهة مباشرة معهم.

وتُظهر هذه المعطيات، إلى جانب خلفية عملية بيت جن، عمق المعضلة التي تواجهها الدولة العبرية في التعامل مع سوريا ما بعد الأسد. فهناك، من ناحية، فرصة لإعادة تشكيل الواقع الإقليمي في الجنوب السوري مستفيدة من الفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الإيراني المباشر، ومن ناحية أخرى، تبرز تهديدات أمنية مركّبة تواجهها الدولة العبرية لا يمكن تجاهلها، ناتجة عن تعدد الفاعلين، وتداخل الأجندات، وغموض حدود السلطة الفعلية للنظام الجديد.

في المحصلة، يرسم تقرير معهد ألما صورة لجنوب سوريا بوصفه ساحة انتقالية لم تُحسم بعد، منطقة بلا هيمنة واحدة واضحة، لكنها مفتوحة على صراعات نفوذ صامتة، تجعل من أي رهان على الاستقرار السريع مغامرة محفوفة بالمخاطر، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.

 

أعلى