البيان/القدس: كشفت تقارير إعلامية وبحثية عن تصاعد نشاط جهاز المخابرات الصهيونية "الشاباك" في الفضاء الرقمي الفلسطيني، عبر حملات نفسية تعتمد على شخصيات كرتونية وحسابات مموّلة على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها شخصيتا "موسى" و"كابتن راضي"، في محاولة للتأثير على الوعي الجمعي الفلسطيني وتطويعه بما يخدم سياسات الاحتلال.
وتظهر شخصية "موسى" في مقاطع فيديو قصيرة ممولة، تُقدَّم بلغة تحذيرية ناعمة تنتهي بعبارة "لا تكن مثل موسى"، في رسالة تهدف إلى التخويف وكسر الحواجز النفسية، بعيداً عن الأساليب الأمنية التقليدية. ويأتي ذلك ضمن تحوّل ملحوظ من "الخشونة الأمنية" إلى "التواصل الرقمي الشخصي"، حيث تُطرح حسابات لضباط مخابرات بصيغة صانعي محتوى أو جهات مساعدة.
ويؤكد مختصون في الإعلام والأمن الرقمي أن هذه الحملات لا تقتصر على النشر، بل تسعى إلى تطبيع التواصل مع ضباط المخابرات، وصناعة رأي عام فلسطيني مضلل، مستخدمةً أدوات بصرية جذابة، وحسابات وهمية و”بوتات” لخلق تفاعل زائف يوحي بوجود إجماع شعبي.
وبحسب باحثين، فإن هذا النشاط الرقمي يشكّل جزءاً من حرب نفسية حديثة تستهدف زعزعة الثوابت الوطنية، والتأثير على المواقف من المقاومة والأسرى، وإضعاف الثقة بالصمود، وصولاً إلى إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني. ويحذّر الخبراء من خطورة هذا المحتوى، خاصة على الفئات العمرية الصغيرة، في ظل غياب التوعية الرقمية المقابلة، مؤكدين أن مواجهة هذا الجهد المنظّم تتطلب استجابة وطنية واعية وممنهجة.
يقول الإعلامي والمختص في الأمان الرقمي سعيد أبو معلا إن "الهدف من هذا الوجود يتجاوز النشر، ليصل إلى كسر الحواجز النفسية مع الجمهور، وتطبيع متابعة ضابط المخابرات أو التواصل معه".
ويشير إلى أن هذا النمط من التواصل الشخصي هو امتداد لما تقوم به صفحة "المنسّق"، في إشارة لحساب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه "قد يفضي إلى ضغط اقتصادي، ومحاولات إسقاط، وصناعة رأي عام فلسطيني مزيف مناهض للمقاومة".ويشير أبو معلا -في حديثه- إلى أن "خطورة هذا المحتوى لا تكمن فيه بحد ذاته، بل في غياب التوعية والتعبئة الوطنية المقابلة، لا سيما لدى الفئات العمرية الصغيرة والمراهقين، الذين قد ينجذبون إلى الرسوم الثلاثية الأبعاد والمؤثرات البصرية، دون إدراك منهم أن الجهات التي تقف خلفها أجهزة أمنية إسرائيلية، تخوض حربا نفسية ضد الفلسطينيين".
ويضيف أن "هذه الصفحات تعتمد على أساليب بصرية بسيطة لكنها مؤثرة، مثل الرسوم ثنائية وثلاثية الأبعاد، لتبسيط الرسائل وتسريع وصولها إلى جمهور واسع".
ويلفت أبو معلا إلى أن تأثير هذا النشاط الرقمي سياسي أكثر منه أمني، "إذ يروّج لرسائل تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني والتأثير على المواقف من المقاومة والأسرى والثوابت الوطنية".
كما تسعى هذه الصفحات -وفق الإعلامي أبو معلا- إلى خلق صورة مزيفة عن الرأي العام الفلسطيني، تُضعف الثقة بالصمود، وتلمّح إلى الهجرة كحل، بما يخدم أهداف الاحتلال في التغيير الديمغرافي والنفسي والسياسي.