البيان/القدس: تعكس عناوين الصحف الأوروبية خيبة الأمل التي يعيشها أكبر تكتل إقتصادي غربي، حيث كتبت صحيفة "الباييس" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف عن ضعف أوروبا من خلال فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية، بلغت 15%، دون مقابل. كما أن الاتحاد الأوروبي أظهر خنوعًا في ملف الدفاع، حيث وافق على رفع نسبة الإنفاق العسكري من 2% إلى 5% تحت ضغط واشنطن، رغم أن ذلك لا يعكس استقلالية حقيقية في السياسات الدفاعية.
وفي الملف الفلسطيني، يظهر ضعف الاتحاد الأوروبي جليًا، حيث لم يتخذ أي إجراء جماعي للضغط على حكومة الاحتلال الصهيوني، رغم الجرائم المستمرة في قطاع غزة، وهو ما يعكس تراجع المبادئ الأخلاقية للاتحاد. كما أن نوايا الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل بريطانيا وفرنسا، تبرز مدى تدهور الموقف الأوروبي، الذي يفتقد إلى رؤية واضحة تجاه التطورات في المنطقة.
أما على الصعيد الأمني، فباتت أوروبا، خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، محدودة الخيارات العسكرية أمام موسكو، بعد أن كانت تتبنى مواقف أكثر تصعيدًا في بداية الحرب الروسية – الأوكرانية. وعلى الرغم من دعمها الاقتصادي لأوكرانيا، إلا أن نفوذها تراجع في المفاوضات الدولية، حيث تم تهميشها في المحادثات بين واشنطن وموسكو، ما يعكس ضعف تأثيرها الجيوسياسي.
وفي سياق الحرب، تسعى أوروبا إلى إقناع كييف بالتخلي عن بعض الأقاليم، مثل شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، من أجل إنهاء النزاع، وهو ما يعكس استسلامها لضغوطات الواقع، وفشلها في فرض مصالحها. كما أن فشلها في مجالات التكنولوجيا، خاصة الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، أضعف قدرتها على المنافسة مع الصين، التي تتقدم بسرعة في هذه القطاعات الحيوية.
ويعاني الاتحاد الأوروبي من غياب زعماء قادرين على توحيد القارة، حيث لم تعد هناك قيادات ذات رؤية واضحة، مثل جاك شيراك وهيلموت كول، مما أدى إلى تراجع البنية القيادية للاتحاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن البيروقراطية القاتلة تعيق الابتكار، وتعيش أوروبا على الماضي أكثر من استشراف المستقبل، مما يهدد مستقبلها كقوة عالمية فاعلة.
وفي النهاية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يواجه خطر فقدان الثقة من قبل شعوبه، مما قد يدفعه نحو التفكك أو التحول إلى اتحاد ضعيف، يسيطر عليه اليمين القومي الذي يدعو إلى العودة إلى الدولة الوطنية. ومع استمرار هذه التحديات، يمكن القول إن أوروبا ستفقد تدريجيًا مكانتها في نادي القوى الكبرى، وتتحول إلى قوة متوسطة أو إقليمية محدودة التأثير.